مدخل إلى تار يخ الموسيا المغرسية

تأليف

عبد العزيز عبد الجليل

3 5 5 اح 5 5 3 3 8 2 َ 5

ع [امعونر

سلسلة كتب ثقافية شهرية يسدرها المبلس الوطفيٍ للثقافة والفنون والآداب الكوية

صدرت السلسلة فى يناير 1978 بإشراف أحمد مشارى العدوانى 1923 1990

65 مداخل إلى تار يخ الموسينا المغربسية

تأليف عبد العزيز عبد الجليل الالا7بتبب _بمببْاا77757 ةل

«>

وجو 17 المواد المنشورة في هذه السلسلة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس

المضوع

تمهيد 7 الفصل الأول:

الأصول الاولى 13 الفصل الثاني:

الآثارالاولى للفتح الاسلامي 19 الفصل الثالث:

الموسيقا على عهد الادارسة وحتى قيام دولة المرابطين 2 25 الفصل الرابع:

الموسيقا المغربية على عهد المرابطين والموحدين ‏ 29 القصال القاامسى:

الموسيقا على عهد المرينيين والوطاسيين ا5 لمكتل السك

الموسيقا على عهد السعديين 77 الفصل السابع:

الموسيقا على عهد العلويين 515 المكتنر ا

تدوين الموسيقا الاندلسية 129 الفصل التاسع:

مدارس الموسيقا الاندلسية 167 لمكتل لكان

الوجه الآخر للموسيقا الاندلسية: الطرب الغرناطي 85!

الفصل الحادي مره ان

الفصل الثاني عشر: موقف فقهاء المغرب من السماع مصادر الكتاب

آلات موسيقية مغربية

المؤلف في سطور

]43

17

207

27

تمهيد

إن محاولة التحدث عن تاريخ أي فن من الفنون المغربية ليست في الواقع إلا ملامسة هامشية لجانب من جوانب التاريخ المغربيء وتزداد هذه الملامسة اتصالا بالتاريخ وتعمقا في ثناياه كلما أوغل الدارس لتلك الفنون في الكشف عن أصولها ومواطن نشأتها وازدهارهاء ودواعي هذا الازدهار ومراحله ووجوه تفاعلها مع غيرها من الفنون تأثرا وتأثيرا. وهكذا فإن التحدث عن هذه الموضوعات لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم في معزل عن مواكبة الأحداث التاريخية التى عرفتها البلاد؛ بل كثيرا ماأأكرت الأحزابه وتقلبات الطروف هن واكم الفنون وغيرت من مجراها ومن طبيعتها.

والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصىء فلقد استقبل المغرب في العهد الموحدي فلول عرب بني هلال الوافدين من تونسء فكان لهذا الحادث تأثير بارز على الموسيقى المغربية» إذ بقدومهم ظهر إلى الوجود نوع من أبرز صنوف الطرب المفربيء إلا وهو طرب الحوز الذي يمتاز عن غيره من أصناف الموسيقى المغربية بخصائص ذاتية نستطيع التعرف عليها من خلال النماذج والقوالب الغنائية في ألحانها وإيقاعاتهاء وكذا من خلال أساليب الأداء الصوتي وأنواع الآلات المرافقة له.

وهناك أمثلة أخرى اشدها بيانا واقع الموسيقى الأندلسية في مغرب اليوم: فإن النظر في نمطيها الشائعين ببلادنا-واعني بهما ما يصطلح على

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

تسميته ب«الغرناطي»! بالنسبة للموسيقى الأندلسية الشائعة في كل من وجدة والعدوتين؛ و «الآلة,!*1) المنتشرة في سائر مدن المغرب-ليحمل الدارس الباحث على تقصي الأحداث التي عاشتها الأندلس منذ العهد الأموي بهاء واستعراض دواعي النزوح بدءا من وافعة الربض على عهد الحكم وحتى قرار الطرد الجماعي لمسلمي الأندلس في مستهل القرن السابع عشر للميلاد؛ وما أسفرت عنه هذه الأحداث من إرهاصات وتغييرات في السياسة المغربية التي ما فتثت تتأرجح بين اتساع مناطق النفوذ تارة وتقلصها تارة أخرى. وكذا في البنيات الاجتماعية التي عرفت في ظل هذه الظروف اختلاطا وانصهارا أثر بلا ريب على أنماط التعبير الموسيقي لحنا وإيقاعا وأداءء واسهم بدور فعال في ظهور أصناف من الآلات بسائر أنواعها النقرية والهوائية والوترية.

ولا مراء في أن اتساع رقعة الإمبراطورية المغربية التي بلغت جبال البرانس شمال إسبانيا وحدود برقة شرقا في العهد الموحدي والتي امتدت في عهد السعديين جنوبا حتى نهر السنغال كان من شأنه أن يزيد في غنى الفنون الموسيقية وتشعبها.

على أن ارتباط تطور الفنون المغربية بتطور الأحداث والوقائع التاريخية- كما ألمحنا إليه من قبل-ليس يعني أن تناول موضوع تاريخ الموسيقى المغربية هو من اليسر والسهولة بحيث يتأتى الخوض فيه مثلما يتأتى استعراض الوقائع التاريخية وتحليلها واستخلاص نتائجهاء فإن سبل الكشف عن واقع الموسيقى في مختلف فترات التاريخ المغربي-انطلاقا من العصر البربري ومرورا بفترات الجوار القرطاجي والاحتلال الروماني والبيزنطيء والفتح الإسلامي وحتى عهد الحماية الفرنسية في مطلع القرن العشرين-ما تزال متشعبة وغير معبدة.. كما أن الدراسات المعاصرة التي أنجزت في هذا الموضوع ما تزال نزرة قليلة» وهي بعد ذلك تكاد تكون كلها وقفا على باحثين اجات

ويمكن حمر هذه الدراسات في أربعة أصناف:

(*) الغرناطي: مصطلح يطلق على الموسيقى الأندلسية في الجزائر (المحرر) (1) الآلة: مصطلح يطلق على الموسيقى الأندلسية في المغرب المألوف: كما يطلق مصطاح المألوف على الموسيقى الأندلسية في تونس (المحرر)

تمهيد

أ- الكتب التي ألفها أسبانيون أو فرنسيون على عهد الاحتلالين الإسباني والفرنسي بالمغرب. وقد خصوها بموسيقى الشمال الأآفريقي فجمعوا الطبوع* 0 والأنفام الأندلسية:؛ ودونوا بعض الصنائء9 * و الشو وا الموسيقية. وصنفوا الموسيقى المغربية في جداول لا تخلوا من قيمة فنية؛ وأبرز هؤلاء الأجانب الفرنسيان: البارون رودولف ديرلانجه وألكسيس شوتان؛ والأسبان: بوستيلو. وضون خوليان ريبيراء وباتروسيليو كارسياء وأركاديودي لاريا بالاثنين.

وتمتازدراسات شوتان بأنها كانت أكثر شمولية لأنها تناولت سائر أصناف الموسيقى المغربية بما فيها الموسيقى الأمازيغية وأغاني الحوز والطرب الأندلسيء في حين اختص الآخرون بدراسة الموسيقى الأندلسية؛ وربطها بالرسيقى الآسيانية الفاستكية ذات اللاته العرنية.

ب- ويلي هؤلاء المستشرقون الذين تناولوا بالدراسة تاريخ االؤبيقى العربية ككل. وأبرزهم جول روانيت في دائرة معارفه الموسيقية وفارمر في تاريخه. على أن نصيب الموسيقى المغربية من أبحاثهما كان محدودا جدا إن لم أقل منعدماء ولعل مرد ذلك إلى أنهما لم يتطرقا بكيفية مباشرة إلى الموسيقى المغربية. وإنما جاءت الإشارة إليها عرضا من خلال الحديث عما أسموه العرب في أسبانيا.

ج- وتأتي بعد هؤلاء جماعة أخرى اهتمت بالنظر في الموسيقى العربية الأندلسية؛ وهم باحثون مشارقة أذكر منهم الدكتور عبد الرحمن علي الحجي؛ والاكرر يس الحنفي. والأستاذ سليم الحلو. وقد تناول هؤلاء بالبحث رجالات الموسيقى العربية الذين برزوا في أرض الأندلس كزرياب وأبنائه وتلامذته. ركيم لم يعرجوا على ذكر المغرب إلا حينما يقتضي الأمر تحديد فترة نشاط بعض هؤلاء من المتأخرين خاصة:؛ فيؤرخون لهم بذكر أسماء الملوك المرابطين أو الموحدين: وكأنما لم يكن لارتباط الأندلس

(*2) الطبوع: المفرد (طبع) يطلق هذا المصطلح على المقامات الموسيقية في المغرب العربي. فيقد طبع الراست وطبع الحجاز؛ بمعنى مقام الراست ومقام الحجاز..

(*3) الصنائع: مفردها (صنعة) وهو مصطلح يطلق على لحن يتكون من جملتين موسيقيتين ومن مجموع الصنائع يتكون الميزان (القالب الموسيقي) ومن مجموع الميازين (الموازين) تتكون النوبة (4) النوطة الموسيقية: التدوين الموسيقي (النوته) (المحرر)

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

بالمغرب أي أثر إلا من الوجهة السياسية والعسكرية؛ وكأنما لم يكن هناك أيضا أي تفاعل بين موسيقى المغرب والأندلس في ظل الحكم الموحدي؛ ومن ثم فإن مثل هذه الأبحاث ستبقى في اعتقادنا ناقصة قاصرة عن الإلمام بتاريخ الموسيقى الأندلسية طالما أنها تقيم بين البرين فاصلا مصطنعا ولا تقبل بمبدأ التعامل والتفاعل بين العدوتين.

د-وإلى جانب هذه الأبحاث العاصرة تأتى المقالات والأبحاث التى تنشر على أعمدة الجرائد والمجلات هنا وهناك بأقلام مختلفة المشارب متفاوتة من حيث الاهتمام والثقافة الفنية. وفى مقدمة كتاب هذه المقاللات الدكتور فارمر الذى عود قراء مجلة «المستمع العربى» الصادرة عن هيئة الإذاعة البريطانية في الخمسينات والستينات نشر أبحاث عن الموسيقى العربية المجلة مقالات للدكتور عبد الرحمن على الحجى كانت فيما بعد نواة لكتايه عن تاريخ الموسيقى الأندلسية الذي نشر في مصر سنة 1969.

ولا بد هنا من الإشارة إلى إسهامات الكتاب المغاربة في هذا المضمارء وهي إسهامات بدأت في الظهور بعد انعقاد المؤتمر الأول للموسيقى العربية بالقاهرة لسنة 1932, والذي شارك فيه المغرب بوفد ضم الباحث الدارس كالسيد شوتان الآنف الذكر باعتباره مسؤولا آنذاك عن قطاع التعليم الفني بالمغرب. وضم العازفين والمنشدين المهرة الذين كان من بينهم الفقيه المطيري والمعلم مبيركو ومحمد بن غبريط والمرحوم عمر الجعيديء ويبدو أن مشاركة المغرب في مؤتمر القاهرة حركت اهتمام المشرفين آنذاك على القطاع الذي ضم إلى جانب أقطاب «الآلة الأندلسية» المغربية أجواقا من تونس والجزائرء ومنذ ذلك الحين نشطت حركة الكتابة والبحث تأريخا وتحليلا ونقدا وتوجيها.

وقد كان اهتمام هؤلاء الكتاب نابعا من عوامل عدة؛ تحدوها النزعة الوطنية التي انطلقت من إسارها مع مطلع العقد الثالث من هذا القرن, ويأتي في مقدمتها الرغبة في التعريف بالماضي المجيد لثقافة المغرب, وتصحيح بعض المفاهيم التي روجها المستعمرون عن الفلكلور المغربي الذي طالما سعوا إلى تحريفه واستغلاله في أغراض المجون وتهجين الأخلاق؛

تمهيد

حتى أصبح تعاطي الموسيقى مما تعافه الأذواق ويستهجنه المحافظون من الناس؛ كما كان اهتمام المغاربة بالموسيقى تعبيرا غير مباشر عن الحنين الذي يربط المغاربة بالفردوس المفقود.

هذه هي أهم الدراسات المعاصرة التي أنجزت في موضوع التأريخ للموسيقى المغربية. على أننا إذا ما رجعنا إلى الوراء في محاولة للكشف عن مصادر قديمة لتاريخ الموسيقى المغربية له لم نعدم الوقوف على أسماء بعض الكتب التي تحمل عناوينها ما ينم عن اهتمام بالموسيقى والتي يصل بعضها إلى مستوى التخصصء غير أن أغلب هذه الكتب ما يزال مخطوطات قابعة في الخزانات الخاصة والعامة يشق في كثير من الحالات الاطلاع عليها .

ولقد وجدتني أكثر من مرة أسائل نفسي عن جدوى الاستمرار في بحث تعوزني فيه المصادرء فينتابني التردد والقلقء لولا أن أخن بيدي أساتذة وإخوان أجلاء أخص منهم بالشكر السيد محمد المنوني والدكتور عباس الجراري والسيد محمد العرائشي الذين أمدوني بمراجع لا غنى عنهاء أو أسعفوني بعبارات التشجيع والحث على المثابرة.

وبعدء فإنه لا يسعني إلا أن أعترف من الآن أن دراستي لتاريخ الموسيقى المغربية. سوف لن تستطيع أن تبلغ المدى المرجو لهاء ولا أن تكون في مستوى الطموح الذي حدا بي إلى إنجازها. وعذري في هذا اعتقادي أن العمل الذي أقدمت عليه ما يزال في أولى مراحله؛ وأعني بها مرحلة إلقاء الأضواء على أصناف التراث الموسيقي بالمغرب في محاولة للتعريف بها تقريرا وتحليلا يعتمدان المنهج الوصفي والأسلوب التسجيلي.

وإلى كل الذين ساعدوني أزجي خالص آيات الشكر والثناء؛ وإلى القراء أقدم هذه الدراسة المتواضعة آملا أن أكون بفضلها قد أسهمت في إنارة مسلك من مسالك التاريخ المغربي.

والله الموفق إلى ما فيه الخير

مكناس/عبد العزيز بن عبد الجليل

الأصول الاولى

يبدو أنه كان لتوافد المهاجرين من البلاد العربية في العصور القديمة على بلاد المغرب أثره الواضح في زرع البذور الأولى للحركة الموسيقية البربرية. فلقد حمل المهاجرون فيما حملوا الموسيقى اليمنية وموسيقى الخليج العربي. وما طبعهما من مؤثرات فارسية شقت طريقها إلى هاتين المنطقتين في رفقة القوافل التجارية والحملات العسكرية.

وقد نبه الرحالة الألماني هانز هولفريتز في كتابه «اليمن من الباب الخلفي» إلى وجود تشابه كبير بين الموسيقى البربرية وبين ألحان اليمن ضفي الجنوب الغربي من شبه الجزيرة العربية. مستندا في تدعيم رأيه إلى تسجيلات موسيقية في هذا االوطنوة!"" وسيقها تدوك آئه كان للعرت القحطانيين من أهل اليمن خلال العصور الموغلة في القدم دولة ترتبط بعلاقات سياسية وتجارية مع بلاد الهند وشواطي أفريقيا الشمالية؛ وأن السفن اليمتية كانت تحمل إلى شواطخ أفريقيا الشمالية بضائع الهند2). حينا ندرك هذه الحقائق

135-1314 تعريب خيري حماد-ص‎ )١( قبائل المغرب؛ عبد الوهاب بن منصور سنة 1388 - 1968؛ المطبعة‎ )2( 253 الملكية صن‎

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

التاريخية فسندرك معها كيف وصلت إلى المغرب تقاليد موسيقى اليمن؛ وكيف كانت هذه البلاد عينها حلقة الوصل بين المغرب وبين الشرق الأقصى. وما تزال بعض الملامح الفنية التي تمت بصلات وثيقة إلى موسيقى الشرق الأقصى كالهند والصين ماثلة في البنية المقامية لموسيقى سوس بالمغرب؛ وموسيقى جزيرتي قرقنة وجربة بتونس وأقصد بذلك المقام الخماسي المعروف باسم السلم البانتاتوني عناونده2غصةط كما لا يزال كنبري سوس يقوم شاهدا على التأثير الصيني في موسيقى بلادنا.

ولعل مما يؤكد وجود تأثير مبكر لموسيقى الشرق الأقصى في موسيقى المنطقة الجنوبية من بلاد المغرب-وأعني بها منطقة سوس-تواجد عناصر فارسية بها. كانت قد التجأت إليها بعد إخلائها للمستعمرات التى كانت لها على ساحل طرابلس. ويظهر بعض ذلك التأثير-بصرف النظر عن المعالم المجوسية والأسماء الجغرافية والمفردات اللغوية المشتركة-«فيما يستعملون في موسيقى سوس من أدوات وفي طريقة عزفهم للصنج تجعل الملاحظ في تساؤل مطرد. ص إليه آنفا في كل من بلاد اليمن والحبشة والسودان. وأن أحدث ما ظهر في

(3) محمد بن تأويء مجلة المناهل ع 5. س 13963 , 1976 ص 180

14

الأصول الأولى

هذا المجال بحث ميداني أنجزه الدكتور مصطفى محمود عن واحة (دامس) الواقعة في قلب صحراء ليبيا قرب الحدود التونسية الجزائرية على خط عرض 30 شمالا. ومما يقول الباحث «للطوارق الطوارق ويعني بهم سكان الواحة أشعار وأغان ومنشورات باللغة التارجية... وهم يغنون أشعارهم على الميزاد (الربابة) والطبول. والسلم الموسيقي خماسي مثل الموسيقى السودانية»". ولقد سقت هذا لأضع بين يدي القارئ احتمالا ثانياء وهو أن تكون المؤثرات الموسيقية الشرقية الأولى قد شقت طريقها إلى المغرب عبر العمق الصحراوي؛ فضلا عن السواحل الممتدة عبر البحر الأبيض المتوسط.

وقد كان لموجات الهجرة التي توالت على المغرب منذ أن استقر به الكيان البربري آثار بينة على الموسيقى القائمة آنذاك زادت في إثرائها وإمدادها بإمكانيات تعبيرية جديدة: كما كان لهذه الموجات تأثير متفاوت تخثلق حدتة حمنب مناظق التفوذ والاستقرار تللمجموعات المهاجرة والأجناس الغازية. وقد كان الفينيقيون والرومان أكثر هؤلاء القادمين تأثيرا في البلاد؛ وذلك لطبيعة العلاقة التي قامت بينهم وبين المواطنين ولامتداد الفترة الزمانية التي عايشوهم فيهاء فقد قامت بين المغاربة وبين الفينيقيين منذ مطلع القرن الثاني عشر قبل الميلاد صلات تجارية أساسها تبادل المحاصيل والمصنوعات والمعارف ولعل من بين هذه المعارف الموسيقى الشرقية المتأثرة بموسيقى الآشوريين وموسيقى قدماء المصريين: بينما كان لاستقرار الروم الإيطاليين (146 ق م-435 ب م) ثم البيزنطيين من بعدهم (698-543م) وللمدارس الموسيقية التي أسسوها في كل من شرشال بالجزائر وجامعة قرطاجة بتونس بالإضافة إلى المسارح ومراكز السماع. 00602 التي شيدوها بالمدن نتائج إيجابية لعلها أن تكون قد ساهمت في تطوير التراث الموسيقي البربري وطعمته بعناصر ومقومات فنية جديدة. وينبغي أن نالاحظ هنا أن السلم الموسيقي السباعي وهو السلم الطبيعي عقيل 8و1 نزو قد يشل أبرز عنصر موسيقي أخذه البربر عن الرومان الذين استمدوا بدورهم ليناته الينيوية من السلالم الإغريقية (و6ع03100) كالسلم الأيوني والدورياني والفيريجي والميكسوليديء ثم بعد ذلك من السلم السباعي الذي نسب المؤرخون اليونانيون المتأخرون استكماله إلى فيثاغورس وشاع بفضله

4( مغامرات في الصحراء. دار العودة بيروت

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

استخدامه في الموسيقى الأوربية» غير أن استعماله ظل مقصورا على المناطق الشمالية للمغربء ولم يقو على مواجهة المقام الخماسي الذي عرفه الجنوب منازع؛ وحتى عصرنا الحاضر" على أن سعة استعمال السلم السباعي فرض احتمالات أخرى عن مصادر هذا السلم وظروف تسربه إلى الموسيقى المغربية القديمة. ولعل أبرز هذه الاحتمالات وأقواها أن يكون السلم السباعي قد شق طريقه إلى المغرب مباشرة من الشرق العربي وبالذات من شمال العراق حيث سكن الحوريون الذين كانوا يعتبرون الموسيقى جزءا هاما من حضارتهم التي شيدوها منذ 1500 سنة قبل الميلادء وأن يكون الفينيقيون جيران الحوريين هم أنفسهم الذين نقلوا إلى المغرب المقام السباعي فيما نقلوه من تراث شرقي. ومما يعزز هذا الاحتمال ويقويه الاكتشاف العظيم الذي تم على يد مجموعة من علماء الآثار الفرنسيين في هذا المنطقة في مطلع الخمسينات من هذا القرنء: فقد عثر على ألواح سميكة من الطين غرب سورياء وحسب العلماء أول الأمر أن ما عليها من رموز يشكل نماذج الواقع سوى مجموعة رموز موسيقية تنسج الخيوط اللحنية لأقدم أغنية مدونة في العالم يرجع تاريخها إلى عام ١400‏ ق. م ويقول ريتشارد كروكر أستاذ تاريخ الموسيقى في جامعة بيركلي بكاليفورنيا: «لقد كنا نعلم دائما أنه كانت هناك موسيقى في أول عهد الحضارة الآشورية البابلية. ولكن حتى ظهور الاكتشافات الأخيرة لم نكن نعرف أنه كان لها السلم الدياتوني نفسه؛ السباعي اللحن: الذي هو من مميزات الموسيقى الغربية المعاصرة والموسيقى اليونانية فى الألف الأول قبل الميلاد»© .

وهكذا يقوى احتمال أن يكون البربر أنفسهم قد حملوا إلى المغرب السلم السباعي مثلما حملوا السلم الخماسي أو أن يكون الفينيقيون قد تقلوه لدى هجراتهم البحرية المعروقة.

)5( (تصحيح) يقول كوتبي في «عصور المغرب الغامضة» ص 289 أن الإميراطورية الرومانية لم تستطع قط المساس بهذه الكتلة البربرية الضخمة في المغرب الجنوبي. (6) مجلة المجال الأمريكية العدد 6١‏ ص-67-66 السنة1975

106

الأصول الأولى

ويبدو أن بعض الآلات الموسيقية قد تواجدت في المغرب على عهد الفينيقيين والرومان كآلة التانبانون أو ما يشبه البندير المستعمل في أحواش, وكالناي المزدوج.

وعلى كل حال؛ فقد تأثر بعض البرابرة مما لا شك فيه بالفنون الموسيقية التي حملها الغزاة والمهاجرون إلى المغرب, مثلما كان الشأن بالنسبة لأحد الأعراة البرابرة الموالين لروما وهوهيوبا الثاني» المتوضى سنة 22 م» والذي نسب إليه كتاب في التمثيل والموسيقى7

.... غير أن هذا التأثير ما كان أبدا ليستطيع أن يتغلغل في أعماق التقاليد الموسيقية البربرية وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالتأثير الروماني والبيزنطي. ففيما كانت الكنيسة في القرون المسيحية الأولى تحظر الموسيقى الدنيوية حظرا تاماء وفيما كان رئيسها القديس جيروم (حوالي 425-342 م) يقرر أن «الفتاة المسيحية يجب ألا تعرف ما هو اللير أو الناي»2, كانت سهول المغرب وجباله تردد أصداء الناي ولا ترى خطرا في الأنغام الشجية المنطلقة من أفواه النافخين فيه. وفيما كانت الكاتدرائية هي وحدها أهم معامل إنتاج الموسيقى في أورباء وفيما كان رؤساء الجوقات الغنائية المجددون يكافحون هناك ضد الروح الدينية الشديدة المحافظة2, كانت الموسيقى

(7) الأغانى التونسية. الصادق الرزقى ص 36 الدار التونسية للنشر 1967

(8) معالم تاريخ الإسائية: هع :ولز. تريب عيين العزيز جاويد القاهرة المجلد الثالث ص 585 الطبعة الأولى 1950

(9) نفس المرجع ص 737

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

المغربية بحق موسيقى الشعب بكامل فئاته. تنطلق من البيت ومن الخيمة وتنطلق من العامل في حقله. والصانع في منسجه. والراعي في مرعاء. ووقف الرومان المتشددون في مسيحيتهم أمام هذه الظاهرة الشعبية فدوفيق, الأن الذى يحدونا إلى القول يان الكري يخقق كيانا مرسديقيا منذ العهد البربري. وهو كيان تنبني أسسه على أصالة في الفن وعبقرية في الإبداع.

الأثار الولى للفتح الإسلامي: الاه).

ثم جاء الإسلام فاتحا وهاديا إلى الحق والمساواة ينشر الإيمان في ربوع المغرب الواسع الأرجاء؛ ويطارد الوثنية الجهلاء. ويبث تعاليم الديانة السمحاء التي تدعو إلى نبذ الإشراك بالله وتضع القرآن الكريم بين الناس حكما عدلا وقانونا فاصلا.

وقد حملت القبائل العربية الفاتحة فيما حملت معارفها الموسيقية من ألحان وإيقاعات وآلات, وطرق للغناء والعزف فكان ذلك بحق فتحا حضاريا يسير في ركاب الفتح الإسلامي.

ونقف قليلا في محاولة استعراض لوجوه الثقافة الموسيقية التى الخدها البرير عن العرب في العهود الأولى لعملية الفتح الإسلامي. فنجد على رأسها هذه الأصناف:

-١‏ ترتيل القرآن الكريم: وإذا ما علمنا أن المغاريبة سباقون منذ كانوا إلى استظهار القرآن فلا داعي إلى أن يأخذنا العجب إذا قررنا هنا أنهم لجأوا إلى ترتيله منذ السنوات الأولى للفتح الإسلامي وحتى قبل أن يتم تعريب البلاد بكيفية

ناا

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

شاملة؛ وأن يكن ذلك الترتيل في أبسط صوره وأقرب إلى الإلقاء منه إلى التغني والتجويد . وما يزال المغاربة حتى يومنا هذا مولعين بترتيل كلام الله تعالى. ولهم في ذلك أساليب ومذاهب تختلف حسب الأقاليم وأصناف الموسيقى السائدة فيها. مما سنعود إلى تفصيله بحول الله عند الحديث عن موسيقى المراسم الدينية.

2- الآذان: وكان الآذان بدوره من بين أولى النماذج الغنائية التي تلقاها البربر عن الفاتحين؛ وقد اقتضت ظروف الفتح الإسلامي وكذا مراسيم العبادة انتشار الأذان في المناطق المفتوحة؛ فحيثما كانت تقام الصلاة كان للآذان صوت مسموع. ولا أخال الآذان في أول الفتح الإسلامي إلا مزيجا من الأنغام البربرية والعربية» ولا أخاله أيضا إلا أقرب إلى الإلقاء منه إلى الآذان الملحن.

3-الحداء: أخن البرير عن الفاتحين الحداء بطريقة تكاد تكون عفوية وتلقائية. فقد كانوا مثلهم رعاة يسيمون الماشية في المراعي ويركبون الجمال في أسفارهم وتنقلاتهم: فجاء الحداء ليلبي حاجاتهم إلى استشعار الراحة والأنس في السفر وليحث مطاياهم على مضاعفة سيرها. وما تزال بعض القبائل وبخاصة في الصحراء المغربية تستخدم الحداء حتى يومنا هذا .

وبالإضافة إلى الترتيل والحداء والآذان والتى شكلت التراث الفنى البسيطء أخن الريو خرو اهرب يفك اللاك وروي ذاك الأضل الغارييى كالعود المعروف باسم البربطء والذي لا يستبعد أن يكون قد حمله إلى المغرب بعض موالي الفرس المنخرطين في سلك الجنود الفاتحين. ويجدر أن نستعرض الآلات التي توافرت آنذاك في المغرب والأندلس فنجد أنها بلغت من العدد ما يدهش الباحثين: فمن الآلات الوترية عرف العود بأوتاره الأربعة. والكنبري والقانون والرباب؛ ومن آلات النفخ استخدم المزمار والناي والشبابة واليراع والزمارة والقصبة؛ والبوق والنفير النحاسيان. ومن آلات النقر عرف الدف والبندير والصنوج والقضيب والطبل وغير ذلك

ولما كانت وجهات الفتوحات الأولى تستهدف الجزء الشمالي من المغرب, طالما أنه كان يشكل المعقل الحصين لمعتنقي المسيحية وحلفاء الرومان؛ ثم تمهيدا لفتح الأندلس عن طريق البوغاز وركوبا للمسالك المنبسطة الممتدة

الآثار الأولى للفتح الإاسلامى

عود أربعة أوتار

ممر تازة الطبيعي وما يعقب هذا المجاز من سهول! فقد استقرت على طول هذا الخط قبائل عربية واستقرت معها معارفها العلمية والمهنية والفنية ومن ثم فغير بعيد أن تكون الموسيقى الشرقية قد شاعت بين سكان المناطق الشمالية للمغرب ببعض ظواهرها اللحنية والإيقاعية والآلية. وظل الجنوب

الشاسعة ناهجا المسلك الطبيعي بين الهضاب وممر تازة». ويقول هائري تيراس في تاريخ المغرب ١‏ ص 6) «إن كل من قدم من الشرق من فتوحات وهجرات وبضائع وحضارات ورجال وأفكار كان يسلك هذا الممر نفسه».

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

المغربي-وبخاصة سهول سوس القابعة وراء سلسلة الأطلس الصغير-في منأى عن أن تؤثر فيه تلك الظواهر وإن أدركت الجيوش العربية هذه المناطق وهي تبسط سلطانها على المرتفعات وصحراء الجنوب. وشيئًا فشيئًا بدأت الموسيقى العربية الشرقية فيما يبدو تفرض نفسها في المغرب, وتبث أنماطها ومقاماتها وإيقاعاتها الحنية مما زاداقي إغتاء القرات الوسيفي بالمشرب: وأقام إلى جانب الموسيقى البربرية الأصيلة أصنافا موسيقية 0000 استطاعت فيما بعد أن تجمع إلى طابعها العربي خصائص مستمدة من التراث القديم: وهي ما تزال حتى يومنا هذا تقيم الدليل تلو الدليل على وحدة الأصل الشرقي بما تتيحه من إمكانيات التعامل والتكامل دونما مسخ أو تشويه لهذا الفن أو لذاك.

وقد استمرت عملية نقل التراث الموسيقي الشرقي إلى المغرب بعد أن استتب للعرب الحكم في الأندلسء غير أنها في هذه المرحلة اكتست طابعا خاصاء إذ لم يكن المغرب في أحيان كثيرة أكثر من مجاز يعبره الموسيقيون العرب. وهم في طريقهم من الشرق العربي إلى الحواضر الأندلسية مثلما فعل زرياب تلميذ إسحاق الموصلي على عهد الخليفة العباسي الرشيد.

وكانت القيروان في تونس وبعدها سبتة بالمغرب محط رحال بعض هؤلاء الفنانين المهاجرين بفنهمء تطول إقامتهم فيهما أحيانا وتقصر أخرى حسب ظروفهم المادية وتبعا للأحداث السياسية بالبلادء ولتأكيد هذا الاستنتاج أسوق فيما يلي قول البحاثة المغربي المعاصر الأستاذ عبد الله كنون في كتابه «النبوغ المغربي» إذ يقول: (ثمة عامل آخر إلى جانب انعدام الاستقرار واضطراب الأمن. كان له أسوأ الأثر في عدم استفادة المغاربة مبكرا من علوم العرب وآدابها وبطء نهضتهم وظهور المثقفين فيهم. ذلك هو أن المغرب لبعده عن مواطن العرب الأصلية أو التي توطنوها بعد الفتح الإسلاميء لم يتخذه العرب مقرا لهم ومسكناء وإنما كانوا يحلون في أفريقيا وعاصمتها القيروان؛ التي كانوا هم المنشئين لها والملمصرينء أو يجتازونه إلى الأندلس حيث يجدون أنفسهم في بلاد شبه مستقلة عن قاعدة الخلافة طائلة السلطان: ولذلك ما لبث الجناحان المغربيان الشرقي والغربيء أن نهضا وحلقاء فتكونت في أغريقية الأغلبية وفي الأندلس الأموية حركات فكرية وأوساط علمية وأدبية راقية. بخلاف المغرب الذي لم يكن يستقر

الآثار الأولى للفتح الإاسلامى

فيه إلا أغراد قلائل من الولاة العرب: أو بعض الجنود من جفاة الأعراب الذين ليسوا في قبيل ولا دبير من شؤون الفكر وحياة العلم والأدب...20. وريما أوحى هذا بما يفهم أن موسيقى المغرب لم يتح لها خلال فترات الفتح الإسلامي الطويلة وما أعقبها من قيام حكم الولاة بالأندلس وتنازع سياسي ومذهبي بالمغرب كان الخوارج زناده أن تحتك بموسيقى الشرق العربي احتكاكا مبااقرا هن شائه أن هيخ لها أسبباب التمامل والغبادل وأثها لم تستفد إلا بقدر محدود وضئيل من خبرات الموسيقيين العرب القادمين. وذلك لعاملين أثنين: أولهما انعدام الوحدة السياسية بالبلاد وبالتالي تفاقم الاضطراب نتيجة توقف الحملات الأموية المنظمة؛ وثانيهما مكوث أغلب أولئك الموسيقيين بالقيروان عاصمة الأغالبة أو لجوئهم إلى ركوب البحر قصد العبور إلى الأندلس وبخاصة أثر قيام الحكم الأموي فيها (139 ه) وما أشاعه هذا الحكم حوله من مظاهر الحفاوة بالعرب الوافدين من الشرق وفي مقدمتهم العلماء والشعراء والمغنون.

ومع ذلك؛ فليس من المستبعد أن يكون هؤلاء الموسيقيون-بالرغم من طبيعة إقامتهم الموقوتة بالمغفرب-قد خلفوا آثارا تتجلى في الآلحان الشرقية التى ساد استخدامها آنذاك وإن كانت تعوزنا النصوص المدونة لتأكيد هذه الحقيقة التاريخية.

(2) النبوغ المغربي ج ا؛ ص 36 الطبعة 2

الموسيقى على عهد الادارسة وحدى قيام دولة المرابطين حنشيف

ستقرت أحوال المغرب السياسية؛ وتوحدت كلمة الآمة تحت لواء الدولة الإدريسية (305-172 ه) وقد ساعد على هذا الاستقرار بناء مدينة فاس التي أصبحت عاصمة للمغرب كما أصبحت تنافس مدينة سبتة التي كانت-بالرغم من دورها في نشر العلوم-كثيرا ما تغري الوافدين عليها بالتحول نحو الأندلس.

وقد أصبحت فاس وخاصة بعد بناء مسجد القرويين سنة 245 ه محط رحال العلماء والأدباء. ومركزا مرموقا من مراكز الثقافة في العالم الإسلامي. بفضل مسجدها العظيم الذي سرعان ما تحول إلى جامعة تشيع فنون المعرفة. ويلتقي في رحابها عباقرة المفكرين وأعلام رجال الدين والأدب القادمين من الأندلس والقيروان: فكان ذلك مبداً الارتكاز للحياة الفكرية والفنية في البلاد. ومما زاد في حظوة فاس الفنية أن تتوطن بها إلى جاتب العتاصر الوافدة من القيروان يعض الأسنر

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

القرطبية التي هاجرت إليها من الآندلس نتيجة حركة الريفيين الذين ثاروا في ربض قرطبة؛ فقد كان لهؤلاء جميعا بلا ريب أثر مبكر في توجيه الحركة الفكرية والفنية بحاضرة المغرب الأولى. ساهم في خلق تراث موسيقى تطبعه السمات الشرقية والأندلسية فى صورها الأولى منذ العقد الخانى عن الفرن الثالث للهجرة. ١‏

ولعل من السابق لأوانه أن ندعي نشوء موسيقى البلاطات في هذه التعقية للبكزة موكارية الاستظرار السياسى والافنة فى اقرب خاضة ونحن نعلم أن الدولة الإدريسية دأبت على نشر أولوية السلام والاطمئنان وترتيب الأئمة والفقهاء لتعليم المغاربة مبادئ الدين الحنيفء الأمر الذي أهاب بالمغاربة أن يقبلوا على الدرس وشد الرحال إلى الديار الشرقية, فنبغ فيهم أعلام في الفقه والحديث وبرعوا في الفتيا والقضاء كان من أوائتلهم دراس بن إسماعيل وأبو جيدة اليزنسي وأبو عمران الفاسي.

ولا يفوتني أن أسجل إنه قبل أن تلفظ الدولة الإدريسية أنفاسها الآخيرة بالمغرب لينتقل الحكم إلى المغراويين وبني يفرنء كانت تونس-وبخاصة عاصمتها القيروان-قد عرفت نشاطا قنيا ملحوظا فأمها المغنون والموسيقيون من كل حدب وصوبء وضمت بلاطات الملوك الأغالبة (296-184 ه/900- 9 م) حاشية من الجواري المغنيات ومن الموسيقيين الملحنين.

وهذا سبق فني بلا شك ساعد على تحقيقه ما عرفته القيروان آنذاك من استقرار نسبي في الحكم طالما شجع رواد فن الموسيقى على أمها وارتياد قصورها وملاهيها. كسلاف جارية زيادة الله آخر ملوك الأغالبة.

وقد كان طبيعيا أن تؤتي هذه الحركة أكلها بعد انقراض دولة الأغالبة, وعلى الرغم من القلاقل التي اجتاحت العاصمة التونسية؛ فما أن استتب الحكم لدولة صنهاجة (555-361 ه/972- ١160‏ م) حتى لمعت في الأفق أسماء بارزة (مثل أبي إسحاق إبراهيم بن القاسم الكاتب القيرواني الرقيق المتوفى سنة 418 ه الذي ألف كتابا في الأغاني نحا فيه نحوا مدنا لم يسبق إليه»(". والمعز بن باديس الذي كان من أعلم الناس بالنغم والتوقيعات: وحاجبه

)1( الأغاني التونسية ص 40

20

الموسيقا على عهد الادارسه

عبد الوهاب بن حسين بن جعفر الذي كان واحد عصره في الغناء الرائق(2) «وكان أعلم الناس بضرب العود واختلاف طرائقه وصنعة اللحون, كثيرا ما يقول المعاني اللطيفة في الأبيات الحسنة. ويصوغ عليها الآلحان المطربة البديعة المعجبة اختراعا منه وحذقا!ة)

وما زالت تونس تستقبل موسيقى الشرق على يد الفنانين الوافدين من بغداد حتى «جاء أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الأندلسي الداني المتوفى سنة 529هء فلحن الأغاني الأفريقية وألف كتابا في التلحين») وبذلك وضع اللبنات الأولى لصرح الموسيقى التونسية الذي تتعانق فيه المدرسة المشرقية بالمدرسة الأندلسية.

ونعود إلى المغرب لنجد أنه لما قامت دولة مغراوة وبني يفرن-وهي أول دولة بربرية صرفة-تعطلت أو كادت تتعطل حركة استعراب البريرء وعاد الصراع هذه المرة ليحتدم بين شقي المغرب. الأندلس حيث الدولة الأموية وتونس حيث الدولة الفاطمية. وعاش المغرب فترة غير قصيرة من الزمن يتأرجح بينهما وهو يحاول إثبات ذاته وفرض كيانه. وهكذا حالت الظروف السياسية دوق أن تستهيم أسباب النهضة الفكرية وبالأحرى الفنية في بلن تتنازعه الأطماع وتتوزعه الأهواء.

على أن هذا ليس يعني أن الأصوات كفت عن الإنشاد في سائر ربوع المغرب الفسيحة وجباله الشاهقة وصحراته المترامية الأطراف. ولكن الذي نود إثباته هو أن حركة التبادل الفني بين الموسيقى العربية وبين أصناف الموسيقى البربرية لم تتهياً لها بعد الظروف المناسبة لتخلق فنا موسيقيا مغربيا يجمع إلى الأصالة الطرافة؛ ويحمل من الخصائص الفنية ما يعكس ببخلاء العقاصين للها لقالاد والوجتاء معطياتها ومظوماتها القنية

ولعل أولى ثمرات ذلك التمازج وهذا الانسجام ما سنلحظه في المستقبل من انفتاح آفاق التعامل بين الموسيقى العربية وموسيقى جبالة في أقصى شمال المغرب. وهي المنطقة الغربية من سلسلة جبال الريف البربرية؛ هذا التعامل الذي سيظل مواكبا للأحداث التاريخية الكبرى التي تعاقبت على (2) نفس المرجع ص 4١‏

(3)نفح الطيب للمقري ج ص 180 طبعة مصر 1949 4( الأغاني التونسية ص 42

27

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

المغرب. وسيتجلى في قابلية موسيقى هذا الإقليم للتعامل والتمازج مع شووب المزسيقى العربية الواردة عليها عالوسيقى الألدكسية اللتجورة كي أعقاب الزحف المسيحي الأسباني. فلقد أدى التمازج الحاصل بينهما إلى استحداث صور وقوالب موسيقية مبتكرة قوامها الإيقاعي بربري النزعة وخيطها اللحني أندلسي السمة وبنيتها اللغوية عربية عامية.

وفعلاء فقد كان لاستيلاء عبد الرحمن الناصر الأموي على بعض ثغور الساحل الشمالي للمغرب أثر قوي في خلق أسباب التفاعل بين العدوتين منن العهد الإدريسي. فقد أدى ذلك إلى تنشيط حركة

الهجرة؛ وأصبحت مدن سبتة وطنجة ومليلة منذ العقد الرابع من القرن الثاني تستقبل جموعا غفيرة من أبناء الأندلس الذين استوطنوها وأصبحوا يشكلون فيها جاليات مهمة كان لها-بلا ريب-دور كبير في زرع البذور الأولى للتبادل الثقافي والفني؛ وأن تكن كفة الأخن والاقتباس يومئذ أرجح من كفة القاقين والغطاء.

وحينما نستفسر التاريخ عن الأسباب الأولى لإعداد هذا الجو من التمامل في معقل من معاقل البربرية وضي حقبة كان المغرب خلالها يتخبط في تيارات الصراع السياسي والاضطراب الاجتماعي نجد أن الفضل يرجع ركراب ناكل عام التكلقة بحص رديت البرورية حاف اوف لديا الاداوسة أثر خروجهم من فاس وأسسوا بها دولتهم الثانية (375-305 ه). كما يرجع الفضل لوقوع هذه المنطقة بين مدن سبتة وطنجة وأصيلا والبصرة: وكلها

كانت مراكز أدبية نشيطة مما يقوي بواعث هذا الاستعراب»0©.

(5) عبد الله كنون: النبوغ المغربي ج | ص 53 الطبعة 2

الملوسيقى المغربية على حفد المابطين والموحدين- 477- 37-0

إن اتساع الرقعة الجغرافية التي كان يسودها النفوذ المرابطي ليغرينا باعتبار الأندلس العربية جزءا من المملكة المغربية منذ أن قضي يوسف بن تاشفين على ملوك الطوائف وضم الأندلس إلى المغرب. وتحت هذا المفهوم الجديد للمغرب الكبير تتغير نظرتنا إلى العلوم والفنون ويتخذ بحثنا هذا مسارا جديدا . فقد أصبح علماء الآندلس وأدباؤها يمارسون عملهم في ظل دولتي المرابطين والموحدين. ومن ثم لم ير الدكتور رينو أي حرج في أن يقول: «أن للمغرب الحق في أن يتبنى ابن باجة وابن طفيل وابن رشد»!'' كما لم يجد من قبله مالك بن المرحل أي حرج في الإعلان عن وحدة العدوتين عندما قال عن الأندلس وهو يخاطب أهل المغرب: ماهي إلا قطعة من أرضكم وأهلها منكم وأنتم منهم. وما أحسبني أبتكر جديدا أن أنا أعطيت لمغرب المرابطين والموحدين هذا المفهم الواسع؛ إن مؤرخي

20

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

الأندلس تعودوا انطلاقا من المراكشى فى معجبه أن يربطوا أحداث الأندلس بالمغرب. لا يشك في هذا أحد ولا يجادل: غير أن الحركة الفنية أو بعبارة أدق الحركة الموسيقية بالأندلس قلما لقيت من الباحثين من يربطها بحركة هذا الفن في المغرب؛ وكأنما هناك حائل يحول دون تتلاقي الفنون وتعاملها. على حين تتلاقى المباحث الفقهية والعلمية وعلى حين تتجاوب-إلى حد-

وقد ظل النظر إلى التراث الموسيقى بالأندلس نظرة مستقلة عن التراث المغربى أمرا قائما ومستمراء وسيطر على الدراسات والأبحاث التى أنجزها- على قلتها-المهتمون بتاريخ الموسيقى العربية. وإنها لنظرة خاطئة بلا ريب. بعد زوال الحواجز الجغرافية والسياسية والاقتصادية أن تصنف كلها ضمن الموسيقى المغربية. وعندما ترد الأمور إلى نصابها ويعطي لقيصر ما هو لقيصر فسوف لا نجد حرجا فى اعتبار الموسيقى الأندلسية بعد الوحدة السياسية ضربا من التراث الموسيقى المغريى» وليس فحسب تراثا فنيا ورثه المغرب من بلد تقوض سلطانه وانهدت أركانه؛ ويومئذ نستطيع القول بأن الموسيقى المغربية بهذا المفهوم الواسع بلغت من التقدم مبلغا عظيماء وإن المغرب الكبير قد أنجب في عصر المرابطين والموحدين موسيقيين أفذاذا طارت شهرتهم في الآفاق: ناهيك من أنهم تلاميذ مدرسة زرياب», ورواد فن التوشيح المبتكر أمثال الأعمى التطيلي؛ ويحيى بن بقيء وأبي بكر الأبيضء والفيلسوف الأديب والموسيقار المبدع أبي بكر بن باجة المعروف بابن الصائغ. ولعل من المفيد أن نستوقف القارئ لحظة عند شخصية ابن باجة الأندلسى فلقد تضافرت شهادات المعاصرين والتابعين لتجعل منه شخصية فذة وعبقرية موسيقية متفتحة. ولد بسرقسطة أواخر القرن الخامس للهجرة ونشأ فيها يعب من مناهل المعرفة. ولما اشتهر أمره بها أصبح منقطها إلى أميرها المرابطي أبي بكر إبراهيم بن تافلويت: فكان شاعره ووزيره ثم رحل إلى عدوة المغرب عبر بلنسية وإشبيلية وغرناطة واستقر بفاس حتى أدركته الوفاة في العقد الثالث من القرن السادس للهجرةلة .

وقد ألف ابن باجة أكثر من عشرين كتابا تناول فيها مختلف معارف

الموسيقا المغربيه على عهد المرابطين والموحدين

عصره من طب وفلسفة وعلوم طبيعية ورياضية. ضاع أكثرها وما يزال بعضها قابعا في خزانات أوربا.

وكا اليمانن اهتمامه بالعلوم وانشغاله بمهام الإدارة التي اضطلع بها خلال إقامته بمدن الأندلس والمغرب يقوم بتعليم الموسيقى وتلقين الغناء, حتى نعته المؤرخون بأنه «صاحب التلاحين المعروفة» © لتداول استعمالهاء وإنه «كان متقنا لصناعة الموسيقى جيد اللعب بالعود7: وإنه «أقام سوق الموسيقى»!"' وإنه «فيلسوف المغرب وإمامها في الألحان»9© .

وكان بعد ذلك كله خبيرا بالوسيقى النظرحة لهقيها وسالة تمتنر مفقودة: ولكنها عند أهل الغرب توازي من حيث قيمتها وأهميتها الرسالة التي ألفها الفارابي في الشرق”7/ وله ضمن مؤلفاته الفلسفية فصول عقدها حول الستماع وحول الألحان: كمااكان صناحب هدرسنة خريجت موسيقيين لامعين أمثال أبي الحسن علي بن الحمارة الغرناطي الذي «برع في علم الألحان»!8) وشكلت مذهبا فنيا متميزا نستطيع التعرف على بعض خصائصه من خلال ما ذكره أحمد التيفاشي (651-580 ه) في كتابه «متعة الأسماع في علم السماع» حيث قال:... اعتكف مدة سنين مع جوار محسنات؛ فهذب الاستهلال والعمل ومزج غناء النصارى بغناء المشرق واقترح طريقة لا توجد إلا بالأندلس مال إليها طبع أهلها فرخضوا ما سواها».

وتدل الأخبار القليلة المتبقية عن ابن باجة على طول باعه في مجال الموسيقى. وفيما يلي نموذجان اثنان من هذه الأخبار أسوقهما للتدئيل على كفاءته في مضماري الممارسة والتنظير.

أول الخبرين إنه كان يلقن قينة الأمير إبراهيم بن تافلويت موشحته التي مطلعها :

جرر الذي لايع اجر

وطتسق تكسي تاك ونا سفت سن فلما طرق سمع الأمير قول الشاعر: عقدداللهرايةالنصر الأفستيسر التفسلا أت يسكتسر طرب وصاح: واطرباه؛ ثم أجاز الشاعر والملحن. وثاني الخبرين نادرة تحكي عنه في صدد اهتمامه بالفلك والهيئة: فقد

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

توقع أن يحدث كسوف القمرء وأراد أن يضبط ذلك بصناعة التعديل فعمد إلى نظم بيتين من الشعر يذكر فيهما مصابه في عزيز عليه؛ فلحنهماء ومكث يترقب لحظة الكسوفء حف إذا أوشكت أخن يتغنى بالبيتين مخاطبا القمر في عتاب إنكاري. شقيقك غيب في لحده وتشرق يا بدر من بعده! فهلا كسفت فكان الكسوف حدادا لبست على فقده! فكسف القمرفي الحال وعدت عامة الناس ذلك من خوارق ابن باجة9". ولحل فى هذه العصهان صحكهها يدل على عظيم ولعه بالوسيقئ حتى نزعت نفسه إلى المزج بينها وبين البحث العلمي الجادء مما يبرر انتقاد بعض معاصريه له ووصمه بما يمس من سمعته العلمية في علم الألحانت(!2, لقد كان أبو بكر بن باجة بحق أول من أدخل التلاحين الأندلسية إلى المغرب؛ وقد مكنه طول استقراره به من نشرها وتعليمها في ظل تشجيع الدولة الحكمة ورؤسائها الذين لم يستنكفوا قط من أن يجمع ابن باجة بين الوزارة وبين ممارسة الموسيقى. ولم يكن لينقص من اهتمام الأمراء المرابطين بالفن الموسيقي ما عرف به هؤلاء من سلوك مناهج الجد وركوب سبل التوقر. فإذا قيل إن ابن أرقم الوزير مدح الأمير المرابطي عبد الله بن مزدلي بقوله: إذا كنوك تيا فى مكاج هم مستحسنون بهاءالحلي والحلل إذا صريرلم داري هزهم طرب ألهاك عنه صريرالبيض والأسل كمضهناالعيدمنلاهبهغزل وأننت تنشدأهلاللهووالفغزل فيالخيلوالخافقات لي شفل قيس الحمياية والتضهياء عن شعي إذا قيل ذلك فالجواب أن الشاعر لم ينف حب ممدوحه للإنشاد؛ ولكنه

الموسيقا المغربيه على عهد المرابطين والموحدين

وصفه بالنفور من التطريب الذي يقعد بالهم ويميت النفوسء فهو في حالة تأهب لمحاربة الروم (الأسبان) والموقف ادعى لموسيقى تحرك تلك الهمم الخائرة وتحيي تلك النفوس الميتة. فليس أنسب لهذا الموقف من نشيد حماسيء وإذن فالشاعر يتمثل الأمير وكأنه يلقي على أهل اللهو والغزل نشيده الموقع مرددا:

في الخيل والخافقات البيض لي شغل

ليس الصبابة والصهباء من شغلي

ونستطيع أن نستخلص من حادثة تكسير طلبة المهدي بن تومرت لآلات الطرب المعروضة في متاجر فاس أن الآلات الموسيقية كانت أواخر العهد المرابطي موفورة حتى أصبح لها مكان من بين مبيعات التجار لا تعدم زبناء لها.

فإذا علمنا بعد هذا أن الأمير علي بن يوسف أمر بعزل عبد الحق بن معيشة الغرناطي قاضي فاس. لأنه لم يدن طلبة المهدي على ما أحدثوه من فوضى عندما اشتكى إليه التجار المغترمون تأكد لدينا أن أمراء المرابطين لم يكونوا يرون في المتاجرة بآلات الموسيقى ما يمس بالأخلاق العامة.

ومما لا ريب كيذ أن أمراء الدولة المرابطية المقيمين بالأندلس خاصة تأثروا بالبيئة الأندلسية: فسلكوا-إلى حد ما-مسلك أمراء الطواكف الذين لم يمض على رحيلهم عن الديار الأندلسية غير زمن قصيرء وهكذا أصبحت قصورهم تستقبل إلى جانب الفقهاء الأدباء والشعراءء الآمر الذي حمل بعض المؤرخين على القول بأنهم أصبحوا ورثة ملوك الطوائف, وإنهم زهدوا فيما أبدعه الفكر الأندلسي في مجال العلوم الدينية؛ بينما كانوا أكثر إعجابا بمظاهر الثقافة الأندلسية الأخرى:2)2.

وإلى جانب أعلام العصر المرابطي-ممن ذكرت آنفا-فلقد لمع في سماء الدولة الموحدية أعلام آخرون. وعاش هؤلاء وأولئتك في كنف الدولتين العظيمتين وفي حمى من أعداء الإسلام الذين كانوا يتريبصون شرا بالأندلس. وفي ظل هذا الكنف الأمين تفتقت عبقريتهم عن أنماط شعرية مبتكرة جاءت بوحي من الحاسة الفنية لتخدم الموسيقى والغناء وأعني بها الموشحات والآزجال.

ولم يكد الملك يستقر في أيدي الموحدين حتى ولي عبد المؤمن وجهه

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

شطر الشمال الأفريقي: وكانت دولة الصنهاجيين المعروفين ببني حماد تسيطر على القسم الشرقي بما فيه من ولايات جزائرية وتونسية؛ ولكن الضعف سرعان ما دب في عضد الدولة؛ وتألبت عليها أسباب الخور, فتطاول عليها عرب بني هلال الذين أقامهم الفاطميون شوكة في حلق بني حمادء وعاثت جيوش النورمان فسادا في البلاد؛ وقد توجه عبد المؤمن نحو الشرق وكانت له معارك حاسمة مع الإفرنج عاد بعدها منتصرا ليعلن عن نشوء وحدة المغرب العربي التي تمتد من ليبيا شرقا حتى حدود قشتالة غربا.

كان طبيعيا أن تؤتى هذه الوحدة ثمارهاء لا في الحقل العسكري والسياسي فحسب-حيث أصبحت كلمة المغرب العربي موحدة: وباتت قوته قادرة على مواجهة أطماع النورمانيين في صقلية واتحاد الممالك النصرانية في الأندلس-بل وحتى في الميادين العلمية والفنية والعمرانية. ويهمنا هنا أن نضع أيدينا على ما جد من جديد في دنيا الموسيقى.

يرى الأستاذ عثمان الكعاك؛ وهو من ألمع مؤرخي تونس في العصر الحاضر أن الشمال الأفريقي على عهد الموحدين كان تحت تأثير ثلاث حوادث فنية أساسية غيرت وجه الفن الموسيقي وبخاصة في تونس.

أولى هذه الحوادث أن تكاثر البربر في تونس جعل الطغيان للموسيقى البربرية؛ وثانيها انتشار غناء عرب بني هلال؛ وهو غناء يقوم على الألحان البدوية الموزونة التي منها الملزومة والقسيم والمسدس والعرف. مصحوبة بالشبابة والرباب والدف. وثالثة هذه الحوادث الموشحات والأزجال الأندلسية ألف حملها إلى تونس أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الأشبيلي9".

إن هذه الأحداث الفنية لتدل دلالة قاطعة على مدى ما وصلت إليه الموسيقى المغربية على عهد الموحدين من تقدم وما اكتسبته من مرونة جعلتها-على حد تعبير الأستاذ الكماك-تطفى في أفريقية وتنافس الأنماط الموسيقية المتداولة منذ عهد الأغالبة. وما من شك في أن آثار هذه السيطرة الفنية ستبقى قائمة بتونس تواكب الأحداث وتغالب الزمن حتى تدرك عصرنا الحاضرء فما نعجب اليوم إذ نرى إقبال إخواننا هنالك على الإنتاج الموسيقي المغربي إلا حين يخامرنا العجب حينما نصغي في شوق ونشوة إلى المطربات والمطربين التونسيين.

5“

الموسيقا المغربيه على عهد المرابطين والموحدين

ولم يكن حظ المغرب من موسيقى الهلاليين بأقل من حظ تونسء فإنها. وإن تكن قد فقدت مصطلحاتها على أرض المغرب اه وذوبائها في الصطلتحات الأتراسرة وقبرهاء كد اعد :سيقن السريرية عبهفا ومفرسييدى متطفةع القرد والصول الصدوطياء بحيت كنوه دو المنصور الموحدي بعد أن نقلهم من صحراء تونس. وهكذا أسهم الهلاليون في عملية تعريب هاتين المنطقتين وما اتصل بهما من مواطن البربرء كما ساهموا في إغناء التراث الموسيقي المغربي بما جلبوه من مقامات لحنية وموازين وآلات وترية ونقرية وهوائية. وأحسب أننا نلتقي هنا مع الملاحظة التي سجلها البحاثة محمد المنوني إذ قال «وكان هناك نوع آخر من الطرب عرفه المغرب في العهد الموحدي-فيما يظهر-وهو غناء العرب الداخلين للمغرب حينئن بأشعارهم وملاحمهم2".

وسيبقى باب البحث مفتوحا لإظهار ما قد يكون للهلاليين من أثر ضفي موسيقى الحوز بما فيها العيطة7) والعروبي وكذا في أسلوب الغناء نظما وأداء.

ونعود مرة أخرى إلى فن التوشيح فنجد أنه لقي على يد الموحدين تشجيعا يثير الإعجاب حقا حينما تحفظ الأدباء إزاء هذا الفن الجديد., حتى لنوشك أن نزعم أن الموشح ما كان له أن ينهض لو لم تحتضنه قصور الخلفاء ومجالس الأمراء بالمغرب والأندلس على السواء. فقد كان الوزير أبو بكر بن زهر منقطعا إلى يعقوب المنصور مثلما كان ابن باجة من قبل منقطعا إلى إبراهيم بن تافلويت المرابطي. وشاعت في أوساط الناس موشحات القاضي أبي حفص بن عمر بفضل ألحانهاء ودخل سلا أبو الحسين علي بن الحمارة الغرناطي تلميذ ابن بافي في القريض والموسيقى؛ فنزل بمنزل القاضى ابي العياس بن العاسم عن عشرة وفيهة ودرا" .بل إن أحد أمراء هذه الدولة المتأخرين-وهو أبو الحسن علي بن عمر بن عبد المؤمن-يصبح «من أهل الأدب والطرب» ويظهر ولعا كبيرا بالموسيقى فيفتح لروادها بيته كما جاء في رسالة السرخسي؟". على أن استحداث فن التوشيح رافقه ابتكار فن آخر هو الزجل كدري أو غناء «لكريحة» كما

(*) العيطة: من ألوان الغناء الشعبي المغربي المحرر

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

اصطاحوا على تسميته في ذلك العهد . ونسجل هنا أن هذا الفن لم يكن يختلف عن الموشح في البداية إلا من حيث عدم التزام ناظميه بقواعد الأعراب. وإن يكن المتأخرون قد نوعوه وأثروه ليصلوا به إلى ما نصطلح على تسميته بطرب الملحون!*".

وقد لقي هذا الفن بدوره من طرف ملوك وأمراء الدولة الحاكمة بالمغرب والأندلس آنذاك تشجيعا كبيراء حتى ليوشك بعض المؤرخين لنشأته أن يقول بأنه نشأ في ديوان عبد المؤمن الموحديء وإنه كان لهذا الخليفة-بعد ابن قزمان-يد طولى في ابتكار أصوله وترفيل أوزانه.

ففي هذا العصر ظهرت بالمغرب مقطعات وآزجال أبي الحسن الششتري الأندلسي فاستحسنها المغاربة خاصة؛ وراح بعض شعراء الزجل المغارية ينسجون على منوالها. وكمثال على هذا التقليد ما صنعه أحد المغاربة ضفي عهد متآخر وهو محمد الشرقي المتوفى سنة 1010 ه بقصيدة زجلية يقول

أنامالي فياش آش عليامني

نقنط من رزقي لاش والخالق يرزقني

وإنه لمن جميل الأحداث الفنية أن تستعيد هذه القصيدة جدتها على يد الجوق الأندلسي لمدينة الرباط؛ الذي لم يطمس طابعها كقصيدة زجلية بما أضفاه عليها من أداء يعكس طبيعة الملحون المغربى.

وفكذا الفرى مقرب الشير سوحن الأقطار العريية الأتخرس وان فنين جديدين هما الزجل والتوشيح. «وذاع الفنان في الوطن العربي كله؛ بل أن أثرهما تجاوز الوطن العربي إلى الآداب الأوربية في القرون الوسطى فكان لهما فضل-يعترف به التددملن تلك الآداب)27,

ويبدو أن ابتكار فن الزجل إنما جاء ليعكس رغبة رواده الأوائل في الغناء: مما حمل يعضن الباحثين على اعتقاد أن ابن فزمِان أحدث الزجل بدافع «غطري للغناء والطرب على الطريقة الشعبية»؟') ومن ثم أصبح هذا الفن بحق مطية الباحث الراغب في دراسة الجوانب الغنائية والموسيقية من تراث الشعب العربيء منذ أن ابتكره بالأندلس ابن قزمان في مطلع

(*1) الملحون: من ألوان الغناء الشعبي. المحرر

56

الموسيقا المغربيه على عهد المرابطين والموحدين

القرن السادسء. حتى لكان الزجل وضع للغناء والتطريب أو حتى لكان حاجات الموسيقى اقتضت أن تخترع الزجلء كما اقتضت اختراع الموشح قبل ذلك العهد بقليل.

ويبدو أن عصر الموحدين كان عصر إبداع وابتكار. فبالإضافة إلى فني التوشيح والزجلء. استحدث بالمغرب فن جديد هو التغني بالمولودية حسب التعبير المصطلح عليه في عصرنا الحاضرء وهو إنشاد بعض فصول السيرة النبوية التي تتعلق خاصة بظروف ولادة النبي (ص). ويرجع أصل ذلك إلى ما رواه الأستاذ عبد الله كنون في كتاب النبوغ المغربي إذ يقولء «استحدثت أسرة العزفيين التي كان رجالها من أعلام سبتة ورؤسائها عادة الاحتفال بالمولد النبوي على عهد الموحدين:؛ وقد ألف كبيرهم العلامة أبو العباس أحمد بن محمد المتوفى سنة 639 على عهد المرتضى «كتاب الدر المنظم في مولد النبي المعظم» الذي أكمله فيما بعد ولده الركيس أبو القاسم فجاء في مجلد كبير. وفي مقدمة الكتاب يشير أبو العباس إلى سبب إحداثهم لذلك, ويقارن بين احتفال النصارى بعيد الميلاد المسيحي ومشاركة المسلمين لهم في ذلك وإهمالهم لمولد النبي (ص). وهو مع إقراره بأن هذا العمل بدعة لم تكن على عهد السلف الصالح رضوان الله عليهم. فإنه يجعله من البدع لم177

ويحملنا شعور المؤلف بأن أسرته تستحدث بدعة لم يعرفها السلف الصالح على القول بأن القوم لم يغالوا في إعطاء الاحتفال كل المظاهر التي نعرفها اليوم في مناسبة المولد النبوي كما لم يبلغ الإنشاد مبلغه على عهد المرينيين بله العهد الحاضر.

وإلى فن التغني بالمديح النبوي يلمح صاحب الاستقصا إذ يقول: «إنه ظهر على عهد الموحدين نوع جديد من الغناء بالسماعء شاع أواخر هذا العهد. وتولع به الخلفاء مثل المرتضى من أواخرهه9 .

كما ورد ذكر هذا «السماع» في شعر ابن المحلي السبتي لما قال:

إذا هزأربابالسماعتواجد

فحظي منه زفرة وصيا !2

ولعل تبني أعلام سبتة العزفيين للاحتفال بالمولد النبوي أن يكون نابعا

من طبيعة المغارية الذين شبوا على اعتناق المالكية والتعلق بالحضرة النبوية,

537

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

وأن يكون مؤشرا لرفض الآراء المذهبية التي ابتدعها ملوك الموحدين الأوائل وسادت في ظلها النزعة المهدوية التي كانت تزعم العصمة لغير الأنبياء.

وشبيه بموقف العزفيين هذا موقف القاضي أبي الفضل عياض المتوفضى سنة 544 ه 49!! م؛ الذي ألف في وقت سابق كتابه «الشفا بتعريف حقوق المصطفى». وهو كتاب ينم موصوعه عن معارضة ترمي إلى تعميق الوعي بالمقام النبوي ورد الاعتبار إليه في مجتمع كانت تهدده سيادة العقائد المذهبية وفي مقدمتها عصمة الإمام المهدي.

ومهما يكن فقد ساعد انفراج أزمة المذهب المالكي في عهد الخليفة المأمون بن يعقوب المنصور 629 ه) الذي ألغى مهدوية ابن و02 وأبطل الآذان باللهجة البربرية؛ ثم عهد الخليفة عمر المرتضى 665) الذي أصبح «يقوم بليلة المولد خير مقام ويفيض فيها الخير والإنعا,23) على توطيد الأسس لإقرار ما ابتدعه العزفيون من الاحتفال بالمولد النبوي الكريم: وتهيأت أسباب ازدهار هذا الاحتفال ليصبح في ظل الدولة المرينية الوشيكة القيام أحكم نظاماء ويصبح معها فن التغني بالأمداح النبوية من

ومن المناسب للمقام أن أشير على سبيل المثال إلى أحد شعراء المولديات في هذا العصر وهو أحمد بن الصباغ الجذامي الأندلسي الذي عاصر الخليفة الموحدي عمر المرتضى.

فقد كان شاعرا مجيداء أنشد في مناسبة المولد النبوي قصائد رائعة منها السينية التي ما يزال أحد أبياتها حتى اليوم بمثابة لازمة يرجعها المسمعون في أمداحهم. وهو قوله:

وقوفا علو الأقدام في حق سيد

تعظمهالأملاك والجن والإنس

وعادة ما ينشد المسمعون هذا البيت بعد الانتهاء من سرد قصة المولد النبويء ثم تتلوه الصلاة على النبي العربي. ومن القصيدة المذكورة قول الشاعر ابن الصباغ:

ففيذكرهالعيش المهنأوالأتنس

أيا شاديايتثدو بأمنداح أأحمد

الموسيقا المغربيه على عهد المرابطين والموحدين

فكرررهاكاللهذكرمحمد فقد لت الأرواح وارتاحتالنفس وطاب نعيمالعيش واتصل المنى وأققبلت الأفراح وارتفعاللبس لهجمعاللهالمعاتي بأسرها فظاهرمهنوروباطنه قدس فكللهعرس يذكر حبيبه ونحن بذكرالهاشثشهمي لناعرس وإن لنا عودة إلى هذا الموضوع من التفصيل والتحليل في الكتاب الخاص بالموسيقى الدينية. وإلى جانب هذه المسيرة الموفقة في دروب الإبداع الموسيقي على العهد الموحديء اهتمت الأوساط العلمية في كل من الأندلس والمغرب بالموسيقى كفرع من فروع الفلسفة؛ وخاض في ذلك الفلاسفة وعلى رأسهم أبو الوليد محمد بن رشد (520- 595 ه/ 1198-1126 م) ومحمد بن طفيل المتوفى عام |58 ه-85!! م. فقد كان ابن رشد يرى أن غرس الفضائل في النفوس ضرورة أكيدة: وإن السبيل إلى ذلك في وسيلتين هما الرياضة والموسيقى. وإذا كانت الرياضة عنده تعني بغرس الفضائل الجسدية ويخشن بها عود الإنسان. فإن الموسيقى (تعني بتثقيف النفس وتمريسها على الفضائل الخلقية.. وتلطف من خشونة الطبع.. ولذلك فهو يصر على ضرورة عدم الإسراف في طلبهاء لأن الخروج عن قاعدة الاعتدال في الاستماع إلى الموسيقى يؤدي لا محالة إلى نقيض ما يراد بهاء وعندها تدعو الحاجة إلى صناعة القضاء) .05 وتعني الموسيقى في نظر ابن رشد «الأقاويل الحكيمة ذات اللحن؛ وهي خاضعة لصناعة الشعرء إذ لا يتغنى إلا بالشعرء وهو يؤثر في الصبية والآحداث أكثر من الخطابة والبرهان»غير أنه يرفض أغاني الشكوى والرعبء وكل تقليد حرفي للأشياء التي لا تعقل ولا تشرف الإنسان كصيحات الحيوانات وأصوات الطبيعة؛ وذلك لسوء تأثيرها في المستمع. وضي رأيه أن الهدف الأساسي للموسيقى أخلاقي محضء وهو حث المرء على الشجاعة والاعتدال»/*”. ويبدو ابن رشد في موقفه هذا متأثرا بمذهب أفلاطون في

)24)

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

«أخذه على موسيقيي عصره إقبالهم على تأليف الألحان الباكية والنائحة لأنيا ميهاة إلى السيكن :والتفيل والاتحالايه واعيا إلى شيدها وإن فون بها ألحان نقية تعكس مشاعر الألم والسعادة والحكمة والشجاعة,27. ومن ثم يخيل إلينا أن نظريات ابن رشد حول الموسيقى لم تكن نابعة من واقع هذا الفن بالمغرب والأندلس. وإنما كانت انعكاسا شاحبا لأعمال الترجمة التي أنجزها لنظريات أفلاطون في جمهوريته؛ وأرسطو في كتابه «فن الشعر». ومن ثم فهو يرى أن الفن عموما مرتبط بالتزام الفنان وخضوع إنتاجه لتقويم أخلاق المجتمع؛ الأمر الذي يثبت قيام قطيعة بين الموسيقيين الممارسين وبين كثير من النظريين وخاصة الفلاسفة منهم.؛ ويؤدي بنا هذا إلى عدم الاحتكام إلى آراء ابن رشد في الموسيقى لمعرفة واقعها بالمغرب والأندلس على عهده. على أننا نستثتنى من بين هؤلاء الفلاسفة أبا بكر بن باجة الصائغ المتوفى سنة 523 ه. والذيتك تخية كي العهد المرابطي وكان فيلسوفا مشبعا بالنظريات الموسيقية التي أودعها رسالته المفقودة. وهو إلى ذلك موسيقي مارس النظم والتلحين والعزف وتلقين الأغاني: بل وأسهم في تطوير الموشح الأندلسي وشاعت ألحانه في البلاد المغربية شيوعا واسعاء وله في العروض تصنيف مزج فيه بين الألحان الموسيقية والآراء الخليلية.20 وما أحسب ابن باجة إلا أكثر فلاسفة الإسلام اطمئنانا إلى النظريات اليونانية وإلى التوفيق بينها وبين ما كان عليه أصحاب صناعة الغناء في المغرب والأندلسء؛ وهو اطمئنان كان مبعثه خلو الطبوع الأندلسية من أرباع النغمة مثلها كمثل السلم الفيثاغوري. وبالتالي سيادة ألوان موسيقية في الأندلس ارتاحت لها أذواق المتساكنين جميعا بمن فيهم العرب والبربر والمستعربون واليهود . ولعل من أوثق علماء أواخر العهد الموحدي وأوائل العهد المريني صلة بالموسيقى وأكثرهم اهتماما بالغناء تنظيرا وممارسة المتصوف أبا الحسن علي النميري المعروف بالششتري المتوفى قرب دمياط عام (668 هر 1169م) 29)

فلقد قدم هذا الصوفي الشهير والوشاح الأندلسي إلى المغرب. أواسط القرن السابع فلقي ابن سبعين وأراد أن يتتلمذ عليه؛ فاشترط عليه شروطاء كان من بينها أن يأخذن بنديرا ويدخل السوق. وبالفعل فقد امتثل الششتري لتوجيهات أستاذه وراح يتجول في أسواق المدن المغربية: قبل أن يشد الرحال

420

الموسيقا المغربيه على عهد المرابطين والموحدين

إلى الديار المشرقية. وكان خلال تجواله فى الأسواق ينشد أزجال أستاذه وأزجالا أخرى نظمها بنفسه. ومما يدل على تحلية هذه الأشعار بالألحان الموسيقية قوله في مطلع أحد أزجاله:

شغلويخمننٍ رض مكناس

وسطالأسواق _ يفني آش عل يام نالناس وآش أغلى التثاساس مئتلي

ولا أدل على سعة شيوع أناشيده من كون بعض أزجاله ما زال يرددها فقراء درقاوة حتى اليوه0**: وء ومن كون إحدى مقطوعاته ما تزال أيضا د فى أذكار الصوفية: وهى التى اتخذ لها بمثابة لازمة العبارة التالية «ألف قبل لامين: وهاء قرة العين» ويعنى بها اسم الجلالة «الله».

ولقد بلغ من ولع الناس بأناشيد الششتري ما حمل بعضهم على القول بأن أزجاله كانت تنشد فى منطقة تمتد من جزيرة بادس المقابلة للحسيمة وحتى شرق مصرء كما بلغ من سعة انتشارها بين المتصوفة ما حملهم على أن ينحتوا من اسمه كلمة «الششتارة» التى أطلقوها على التلاميذ الذين تتكون منهم حلقة المنشدين, وأن يطلقوا بتونس على شيخ العمل الذي يتولى في الحضرة نقر الطار أو ضرب النغرات لقب «شيخ الششتري»!2©, كما بلغ من سمو ألحانه وبليغ وقعها في النفوس ما جعل ابن عباد الرندي المتوفى سنة 790 يقول «وأما مقطعات الششترى وأزجاله فلى فيها شهوة وإليها اشتياق. وأما تحليتها بالنغم والصوت الحسن فلا تسل. فإن قدرتم أن تقيدوا متها ما واجدتموه:ضافعلوا ذنك» !33

إن مجموعة الحايك حافلة بأشعار الحسن الششترى التى لا تخلو منها أية نوبة7”* من النوبات الإحدى عشرة.

لذلك لا نعجب إذ نرى في أوساط المادحين بالمغرب من يطلق عليه لقب

(2) النوبة: لون من الغناء ينتمي إلى التراث الغنائي الأندلسي. ويمارس في كل دول المغرب. وتتكون النوبة من مجموعة من القوالب الغنائية تتوالى بترتيب معين يختلف من بلد لبلد. وضي المغرب تتكون النوبة من خمسة أقسام يسمى كل قسم منها ميزانا وهي: )١(‏ البسيط/ ولإيقاعه شكلان الشكل الأول بطىّ ويسمى الموسع: ويدون بميزان والشكل الثاني سريع ويسمى الانصراف: ويدون بميزان و يتوسطهما شكل يسمى القنطرة يدون بميزان ,

اك

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

42 0

ايقاع البسيط (الموسع) 27-2 0 ل

ايقاع البسيط (القنطرة) 2

4.0 بقاع البسيط الانصراف) ‏ #ككيوبج هه

(2) (القائم ونصف) ولا يقاقه شكلان الكشل الاول بطيء ويسمى الموسع ويدون بميزان ؟ والشكل الثاني سريع ويسمى الانصراف ويدون بميزان ‏ ويدور بينهما ايقاع يسمى القنطرة ويدون بميزان ب

ايقاع/القائم ونصف (الموسع) لجع ججح 777 3 6 لى القائم ونصف (القنطرة)

4 152:- 2

بقاع القائم ونصف (الانصراف) ]قب تخوص 3 25273

م 8 ويدون بميزان 8

6 ولى

به اليس الى ص جب بجبجكع

1 على

بقاع البطايحي (الانصراف) .ووو كته

(4) الدرج: وايقاعه يدون بميزان ,

4 ايقاع الدرج ب 7آج 2772 2-2-2277

412

الموسيقا المغربيه على عهد المرابطين والموحدين

بميزان ع وبينهما ايقاع يسمى القنطرة يدون بميزان ‏

/1 0

ايقاع القدام (القنطرة) 2 ول ايقاع القدام (الانصراف) ا 0 إمام المسمعين».(*06 42 م6 8 ٠.)‏

ونحن إذا استثنينا صنائع نوبة الاستهلال التي نعلم أن واضع ألحانها هو الفنان المغربي الحاج علال البطلة؛ فلن نستبعد-في انتظار أن يقوم البرهان البين-أن تكون ألحان بعض منظومات الششتري التي تحفل بها النوبات العشرة الباقية من تلحينه هو بنفسه . وقد أحصيت عدد المنظومات التي نسبت إليه من هذه النوبات فوجدت من التواشيح”*" ما يربو على الثلاثين ومن الصنائع الموزونة ما يناهز العشرة.

ولما كان من صلة التلمذة بين الششتري وبين شيخه أبي محمد عبد العؤرين إبراهيه اكعروف وامن سيق (489 آق669) من حمق ولآثه كان ينشد أزجاله خلال تجواله في المدن المغربية من جهة ثانية فقد وهم بعض الناس أن ابن سبعين هذا كان ممن لهم ضلع في الموسيقى ونظرياتهاء ومن ثم فقد نسبوا إليه كتابا عنوانه كتاب «الأدوار» المنسوب إلى ابن سبعين, وزعموا أن نسخته الوحيدة توجد في مكتبة أحمد تيمور باشا.!* ومن عجب أن يتسرب هذا الوهم الذي علق بفارمر إلى أكثر من باحث. حتى لنرى إسكندر شلفون في حاشية تعريبه لدائرة المعارف الموسيقية يردد

(*3) المسمعين: المنشدين

4253

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

مقولة فارمر, ثم يورد دورا ذكر أنه نقله من الكتاب المذكور ليدلل في الموسيقية تعتمد على الحروف الأبجدية العربية 660

والواقع أن النظر في هذا الدور-وهو كما أسماه: طريقة في نوروزذ- ضرب الرمل-ينتهي بالدارس المتمعن إلى إرجاعه لصفي الدين عبد المؤمن الأرموي البغدادي المتوفى عام 693 صاحب «كتاب الأدوار,.07

وفى صدد الحديث عن الكتب المنسوبة خطأ إلى ابن سبعين علق الدكتور كتابه «تاريخ الموسيقى العربية» إن ابن سبعين ألف كتابا في الموسيقى عنوانه «الأدوار المنسوب» (كذا). وذكر أن له نسخة خطية وحيدة فى مكتبة أحمد 5 2 5 8 5 5 5 38 5 تيمور باشاء وتابع فارمر في هذا كل من بروكلمان وسارتين./**) ولكن غارمر أظهر أنه لصفي الدين عبد الموّمن الأرموي... كما وجدنا أن تيمور نفسه قن اثبة غلى خط نسنته إلى ان ستعية 09

ومجمل القولء فلقد بلغ الفن الموسيقي بالمغرب على عهد الموحدين شأوا بعيدا فاق ما كان عليه أيام المرابطين. وعرف سوق الغناء رواجا واسعاء فكان المغنون يقبلون على موشحات الشعراء أمثال محمد بن حجاج ويتغنون بها في مجالس الطرب. بل إن بعض هذه الموشحات تجاوز حدود المغرب والأندلس إلى سائر أنحاء العالم العربي.

ولم يكن تحفظ الدعوة الموحدية التي وضع أسسها المهدي بن تومرت ليحول دون تطور الموسيقى والسماع؛ فإن الملوك الموحدين منذن عبد المؤمن الكومى سرعان ما تخلوا عن سلبيات تلك الدعوة وانساقوا وراء التيارات الفنية التي حملها إلى المغرب التأثير المصري والعراقي عن طريق الأندلس العربية من جهة؛ وكذا انفتاح المغرب على أقطار الشمال الأفريقي من جهة أخرىء وأصبحنا نرى أمراء الدولة الحاكمة يعقدون مجالس للسمر والطرب بقصورهم,ء فهذا علي بن عمر حفيد عبد المؤمن يفتح بيته ببجاية لحاشيته الفنية مرة كل أسبوع.

441

الموسيقا المغربيه على عهد المرابطين والموحدين

وإذ يتعرض للوم على انهماكه في ملاذه/”) فهو يمسك عن هذه العادة. مغر:

اليوميومالجمعةيوم سوورودعه

وشملئنامفترق فهل ترى أن نجمعه؟! ويبادر الأمير بالإجابة قائلا في استفهام يستدعي الجواب بالنفي فيقول: اليوميوم جمعهوربئا قد رفعه والشرب فيه بدعه فهل ترى أن ندعه ؟!(!4)

ولتّن رد على هذا القول بما آثر عن المهدي بن تومرت من أنه كان يأمر

أصحابه بكسر آلات الطربء؛ حتى قال الفيلسوف والموسيقى أبو بكر محمد : 5000 5 300000 : 42

فالجواب على ذلك أن المهدي كان متأثرا بما قامت عليه دولته من تمسك بالدين ومقاومة للمناكر. ومن بينها في عرفه آلات اللهو.

فإن قيل بعد هذا «أن يعقوب المنصور أمر بقطع الملهين والقبض على من شهر من المغنين؛ فثقف من وجد منهم بكل مكان؛ فغيروا هيئاتهم وتفرقوا في الأوطان وبارت سوق القيان؛ وزهد كل الزهد في هذا الشأن»!) فالجواب أيضا أن يعقوب المنصور أراد بتصرفه وضع حد للمتاجرة بالقيان اللواتي يبعن فى الأسواق لحذقهن الغناء أو العزف فجاءت إجراءاته عنيفة وقوية كقوة هذه الظاهرة الاستعبادية. وإن الشدة فى مقاومة مظاهر من هذا القبيل لم تكن بدافع من الرغبة في مقاومة المنكر لذاته. بقدر ما كانت بدافع من الرغبة في مناهضة أعداته المرابطين. ولكن ما أسرع ما ينسى الناس تلك الإجراءات ويعودون إلى المتاجرة المحظورة؛ ويقبل الموسرون منهم عل شراء الجارية الواحدة بآلف دينار مغربية: فإن تكن مصحوبة بالجواري اللواتي يطبلن عليها ويزمرن بلغ ثمنها عشرة آلاف ذهباء حسبما ذكره أحمد التيفاشي (651-580 ه) في كتابه «متعة الإسماع في علم اماع01

بقي علينا قبل أن نودع فترة المرابطين والموحدين أن نتساءل عن الآلات الموسيقية التى عرفها المغرب آنذاكء. وتوافينا المصادر التاريخية على قلتها بالجواب أحيانا نادرة فى فصول خاصة:؛ وأغلب الأحايين فى استطرادات

425

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

عابرة؛ ونلم شعث تلك الأجوبة فنجد أنفسنا أمام أجواق منتظمة آناء واستعراضات شعبية آناء وقد أمسكت بالآلات التالية:

- الشبابة والرباب والدف. وهي آلات رأينا قبل هذا بقليل أنها كانت تصاحب الألحان البدوية الموزونة التي منها الملزومة والقسيم والمسدس والعرق حسبما استقصاه واستنتجه المؤرخ التونسي المعاصر عثمان الكعاك.

- أكوال؛ والليراء وأبو قرون؛ ودبدبة السودان؛ وحماقى البريرء والخيال؛ والكريح. والعود. والروطة, والبوق» والقانون؛ والزلاميء والمؤنسء والكيرة, والفنارء والشقرة؛ والنورة:-وهاتان الأخيرتان مزماران الواحد غليظ الصوت والآخر رقيقه-. وهذه الآلات ذكرها الشقندي أبو الوليد إسماعيل بن محمد المتوضى سنة 629 ه-1232 م في رسالة0 أنشأها في معرض ال مناظرة الشهيرة التي وقعت بينه وبين أبي يحيى بن المعلم الطنجي في سبتة بمحضر أميرها من لدن الموحدين أبي يحيى بن زكريا .

وبالرجوع إلى رسالة الشقندي هذه نلاحظ أنه لم ينسب إلى المغاربة سوى الدف وأكوال والليرا وأبي قرون ودبدبة السودان وحماقي البربر. أما الآلات الهوائية والوترية الأخري ف«ليس في بر العدوة مقها بشتىء إلا ما جلب إليه من الأندلس».0) ولا عبرة-في رأينا-بما ذكره الشقنديء وذلك لاعتبارات عدة؛ منها أن العدوتين كانتا معا على العهد الموحدي منضويتين تحت إدارة سياسية واحدة مقرها يومئن بمراكشء ومنها أنه ذكر ذلك وهو في موقف يستدعي المبالغة التي كثيرا ما تفضي إلى تعمية الحقيقة تحت تأثير الاندفاع والتعصب وبوحي من النزعة الأندلسية المعروفة. وهل من تعصب اكثر إفراطا من مقولة يستعظم فيها أندلسي على المغاربة أن يكونوا قد عرفوا أو استعملوا من الآلات ما كان للنقر والإيقاع؟!

- المزهر: وهو حسب القاضي عياض دف مربع بوجهين.0-الطبول: ويذكر التاريخ أنها احتلت الدرجة الأولى في الموسيقى العسكرية على عهد المرابطين؛ وإنها كانت مثار فزع رهيب دب في نفوس الأسبان في موقعة الزلاقة. «ثم زادت الطبول في عهد الموحدين كبرا وضخامة حتى ليخيل لسامعها إذا ضربت أن الأرض من تحته تهتز ويحس بقلبه يكاد يتصدع من شدة دويها».7 ويبدو أن الطبول على عهد المرابطين والموحدين كانت تكتسي إلى جانب الخصائص الموسيقية الصرفة طابعا عسكريا وحربياء

410

فهي تعلن عن رحيل الجيشء وتبث الذعر في نفوس الأعداء, وتخلق الشعور بالتفاني وبذل الأرواح وتبشر بالنصر على الأعداء. حتى لقد أصبح استعمالها مقصورا على السلطان ومحظورا على من سواه من العمال7”' كما أصبحت لها فرقة خاصة جعلت في جماعة منعزلة مع حاملي اللواء سميت «الساقة» أي المقدمة”؛ وكانت «باب الطبول»-وهي إحدى أبواب مراكش الشهيرة- مجمعا يلتقي فيه أصحاب الطبول من هذه الساقة.

417

ليهو امش

(!) الطب القديم بالمغرب-نشرة معهد الدراسات العليا ع |: ص 72

(2) اختلف في تاريخ وفاته فقيل سنة 523 وقيل سنة 525 وقيل غيرهما .

(3) المقدمة. ص 584 ط. المكتبة التجارية.

(4) ابن أبي أصيبعة عيون الأنباء في طبقات الأطباء.

(5) ابن خاقان في قلائده.

(6) ابن سعيد. المغرب في حلى المغرب ج 2. ص ١١9‏ . ط. دار المعارف بمصر 1953

(7) أنور الرفاعي. الإنسان العربي والحضارة. دار الفكر ص 350.

(8) ابن سعيد. المغرب في حلى المغرب. ج 2 ص: ١20‏

(9) عن مجلة الأبحاث م .2١‏ إعداد 2- 3- 4- دجنبر ١1968‏ صء -١١4‏ 115.

)١10(‏ تنسب هذه القصة أيضا لغير ابن باجة.

!20 المغرب لابن سعيد. ج 2- ص‎ )1١١(

(12) تيراس تاريخ المغرب ص 252 الجزء .١‏

(13) مجلة المعرفة. العدد الثاني عشر. شباط 1963

(14) الآداب والعلوم والفنون على عهد الموحدين ص-238

(15) نفح الطيب الجزء 2 ص 413 المطبعة الأزهرية المصرية 1302 ه وينسب له ابتكار نوع خاص من العيدان.

(16) نفح الطيب للمقري الجزء الثاني ص. 102 المطبعة الأزهرية المصرية 1302..

(17) عبد العزيز الأهواني. تصدير كتاب القصيدة للدكتور عباس الجراري ص. ز مطبعة الأمنية الرباط.

(18) عبد الرحمن الحجي. الغناء والموسيقى الأندلسية-ابن قزمان-مجلة المستمع العربي نوفمير 6.

(19) عبد الله كنون. النبوغ المغربي. ج١-‏ ص. 132 الطبعة الثانية.

(20) الجزء الأول. ص. 208 مطبعة مصر.

(21) الأعلام. ج3- ص.اذا.

(22) الاستقصا. ج 2. ص .238 ط. دار الكتاب.

(23) كتاب الدر المنظم ج 3- ص.452. معهد مولاي الحسن.

(24) ديوان ابن الصباغ الجذامي. مخطوط. خ ع وقد نسب أبو عبد الله محمد العايد بن عبد الله الفاشي في كتابه «روض الأمنية والأماني في مطلوبية القيام عند ذكر ولادة الملصطفى صلعم للتعظيم والتهاني» نقلا عن سيدي عمد بن عبد السلام بناني شارح «الأكتفا» بيت (وقوفا على الأقدام..) إلى ابن رشد البغدادي المتوفى سنة 663.

(25) ابن رشد-سميح الزين. ص 130- 132.

(26) شارل أندري جوليان. تاريخ أفريقيا الشمالية. ج 2 ص125.

48

الموسيقا المغربيه على عهد المرابطين والموحدين

(27) أنظر جمهورية أغلاطون.

(28) النفح للمقري. ج 4. ص 205. المطبعة الأزهرية بمصر 1302 ه.

(29) الزركلي. الأعلام. ج.5- ص ١120.‏ .

(30) الدكتور عباس الجراري. القصيدة ص.١55.‏

(31)الأغاني التونسية-الصادق الرزقي ص. ١١0‏

(32) نفس المرجع.

(33) الرسائل الكبرى ص.197.

(34) يراد بالتوشيح في المصطلح الموسيقي ما كان شعره بعامية الأندلس.

(35) ه. فارمر. تاريخ الموسيقى العربية ص.266.

(36) دائرة المعارف الموسيقية-تاريخ الموسيقى العربية. ج١‏ حول رووانيت. ط رمسيس مصر صن 10.

(37) شرح وتحقيق الحاج هائم الرجب. العراق 1980 . ص. 164 .

(38) مدخل إلى تاريخ الموسيقى والعلم. المجلد الثاني. الجزء الثاني ص.598 (39) ص 145 من كتاب «ابن سبعين وفلسفته الصوضفية».

(40) النفح. ج 2- ص .102 .

(41) ثفسن المصدو.

(42) البيان المغرب لابن عذارى. ج3 قسم الموحدين ص.45! مطبعة تطوان.

(43) البيان المغرب لابن عذارى ج: 3 قسم الموحدين

(44) ورقات الحضارة العربية لأفريقيا التونسية حسن حسني عبد الوهاب ج.2 ص.231- 232. (45) نفح الطيب الجزء الثاني ص 15٠.‏ المطبعة الأزهرية المصرية

(46) نفس المصدر.

(47) بغية الرائد ص ١١4.‏ .

(48) محمد المنونى مجلة البحث العلمى. العدد 4! و5١‏ سنة 1969.

(49) مقدمة ابن خلدون. مطبعة المكتبة التجارية يبمصر ص 209.

(50) ه. ج فارمر. تاريخ الموسيقى العربية. ص 246 نقلا عن مقدمة ابن خلدون.

49

الموسيقى على عهد اللمرينيسين والو طاسيين ؟839-571- 61١‏ ه)

رأينا أن المغاربة ابتكروا فن الزجل المفربي. ومهما تكن بواعث هذا الابتكار وضروب الفنون الآدبية والموسيقية التي أثرت في نشآته الآولى فقد تهياً له فيما بعد أن يسير في درب التطورء وأن يكتسب شيئًا فشيئًا الخصائص والمميزات التي تجعل منه فنا مغربيا أصيلا. وبالفعل» فقد دخلت القصيدة الزجلية على عهد المرينيين ثم الوطاسيين من بعدهم مرحلة حاسمة في طريق تطورها. وبرزت ملامح هذا التطور خاصة في الشكل والمضمون مما أضفى عليها طابع الاستقلال.

وإذا كانت النصوص الشعرية التي انحدرت إلينا تثبت بلا شك تلك الملامح وهذا الاستقلال: فإن الذي يعوزنا اليوم هو الوقوف على الملامح الفنية التي تثشبت حصول تطور في البنية اللحنية والايقاعيه اقنسيدة الزجلية. يكرن شوافيا للقطور الحاصل في الشكل والمضمون.

على أننا لا نستطيع أن نتصور حدوث تطور في

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

لون من ألوان التراث الشعبي يمس جانب النظم دون جانب النغم. وللتدليل على هذا أرى أن استحداث الحربة في أوائل القرن العاشر من طرف الزجال حماد الحمري-وهي عبارة عن لازمة تعاد بعد كل قسم من أقسام القصيدة-ليس إلا صورة من صور التطور الموسيقى الحاصل في القصيدة, ذلك أن العادة عند تلحين قطعة ما تتضمن اللازمة تقتضي أن تصاغ: هذه الأخيرة في لحن مغاير للحن المقاطع المتعاقبة, الأمر الذي يبرزهاء ويمد القصيدة بنفس موسيقي جديد.

ومن مظاهر تطور الموسيقى الزجلية في الثلاثينات من القرن العاشر استحداث قصائد خفيفة للغناء قوامها أوزان قصيرة لا أتصور للحن فيها إلا منسكبا انسكابا ليناء وقواف ممدودة لا نحسب النغم معها إلا منسابا ومتوسدا . وقد زاد من نجاح هذه الأغاني وانتشارها في صحراء تافيلالت التي كانت بحق مرتعا خصبا للزجل في مراحل تطوره وفي غيرها من أقاليم المغرب أن أصبح منشدو هذه الآغاني من بين الشباب والنساء بعد أن كان إنشادها مقصورا على طائفة من الرجال. وبذلك أتيح للقصائد الزجلية أن تغني على طبقات صوتية جديدة هي أميل إلى الحدة وأبلغ في طرق الثقمات الصادحة:

«والجدير بالملاحظة أن مثل هذه الأغنيات خرجت فيما بعد من نطاق مجالس النساء والشبابء ودخلت مجال الإنشاد حيث اتخذها المنشدون لخفتها مقدمات للقصائد الكبيرة. يضبطون بها إيقاع النغم واللحن. وقد تطورت هذه المقدمات إلى ما عرف قيما بعد بالسرابات.0)

ومن جهة أخرى عرف عصر المرينيين حدثا فنيا خطيرا كان له أكبر الأثر في إغناء التراث الموسيقي ونشر المعارف الموسيقية بالمغرب وضي سائر أوساطه: فقد هاجرت إلى العدوة المغربية جموع غفيرة من مسلمي بلنسية؛ وكانت مدن المغرب وبخاصة فاس الوجهة الأولى لهؤلاء المهاجرين؛ فنشأ عن ذلك أن تلقى المغرب أسلوب التأليف البلنسي.

وقد ظل الأسلوب البلنسي سيد الموقف بقية القرن السابع وطيلة القرن الثامن والتاسع للهجرة؛ فلما كانت سنة 893 ه استقبل المفرب-وبخاصة مدينتي تطوان وشفشاون-جموعا غفيرة من الموريسكوس الذين رحلوا عن الأندلس بعد سقوط غرناطة أيام حكم الوطاسيين. وأصبحت المدينتان

الموسيقا على عهد المرينيين والوطاسيين

مؤهلتين لتخوضا-قيما بعد-معركة التناقس مع قاس على منصب الزعامة في مضمار الآلة الأندلسية.

وقد وقع على أرض المغرب تمازج فني كامل بين الأسلوبين البلنسي والغرناطي الحديث. وهو تمازج نشأ عنه أسلوب خاص في التأليف الموسيقي بالمغرب ظل يطبع الموسيقى الأندلسية حتى اليوم.

وهكذا نخلص إلى أن المغرب تبنى أسلوبا جديدا هو حصيلة امتزاج الأسلوب البلنسى بالأسلوب الغرناطى الحديث. على حين تلقت الجزائر الأسلوب الغرناطي في صورته البسيطة؛ وأخذت تونس بالأسلوب الإشبيلي الأصيل. وأن تنوع هذه المشارب لهو الذي يفسر الاختلاف القائم بين الآلة المغربية وبين غرناطي الجزائر «و مالوف تونس». علما بأن المالوف في وضعه الحالي يحمل في غالبيته من الوجهة اللحنية والمقامية ملامح تسيطر عليها القوالب الموسيقية الشرقية تحت عوامل التأثير العثماني الذي ساد في تونس منذ القرن السايع عشر.

وقد كان من نتائج انتشار الموسيقى الأندلسية بالمغرب أن كثر المشتغلون والمولعون بهاء لدرجة حدت بطائفة من العلماء إلى رفع أصواتهم مدافعين عنهاء وهي التي طاما نعتها المحافظون بما ينافي الخلق الجميل والذوق السليم؛ وبكونها لا تعدو أن تكون ضربا من ضروب الملاهي: التي تضل الناس وتحبب إليهم المعاصي.

كما كان من نتائج انتشار هذه الموسيقى في العهد المريني أن بدأ الأطباء يستعملونها في معالجة المرضى والمجانين؛ فكانت لهؤلاء حلقات يأنسون فيها إلى سماع الموسيقى في المستشفيات كمستشفى سيدي فرج بفاس الذي حبست عليه أحباس يصرف ريعها في تأجير الجوق الأندلسي.

ولم يكن عجيبا أن تؤتي هذه الحركة المباركة ثمارهاء فكان أن أصبحت الموسيقى مادة تلقن ببعض المساجد وظهر من بين المقتركين أساتذة للغناء أمثال أبي العباس الغماري الذي كان في آن واحد يعلم القراءة وصناعة الغناء بمكناس أيام بني مرين؛ وكان من بين تلاميذه من يحسن الصناعتين معا. وكان أن ظهر بمكناس عالم يدرس علم القراءات ويعلم الموسيقى وألحانها وأنغامها .(6)

ويهمنا أن نستوقف القارئ قليلا لنستعرض وإياه بعضا من آراء العلماء

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

الذين نصبوا أنفسهم وجردوا أقلامهم منافحين عن الموسيقى ومدافعين عن مشروعيتهاء تحدوهم الروح العلمية المجردة والنزعة النقدية النزيهة في مجتمع محافظ لم يكن يقر بالفضل إلا للفقهاء. أما غيرهم من الشعراء والمطربين فكانوا أبعد عن أن ينالوا لفتة تقدير إلا ما كان نادراء وحسبنا أن نتصفح كتابين ألفا في عصر ابن مرين: أولهما طبقت شهرته الآفاق وهو مقديفة اين خلدون لكتاب العين وكانيهها ما'تزال تسخكه الخطية توجد بالخزانة الوطنية بمدريد» وهو كتاب الإمتاع والانتفاع في مسألة سماع السماع لمحمد بن الدراج السبتي المتوفى سنة 693 ه/ 1293 م.

أما العلامة الكبير عبد الرحمن بن خلدون فقد صنف الصنائع وجعلها ثلاثة أنواع: ما هو ضروري في العمران: وما هو شريف بالموضع؛ وما هو تابع وممتهن في الغالب؛: ورتب الغناء ضمن الصنائع الشريفة إلى جانب التوليد والكتابة والوراقة والطب. ثم لكأنه يريد أن يعيد إلى الذاكرة ما كانت عليه الموسيقى من مجد في عهد المرينيين أو ما ينبغي أن يحظى به ممارسوها من تقديرء فيقول في ختام الفصل الخاص بصناعة الغناء «وكل هذه الصنائع الثلاث (أي الطب والكتابة والغناء) داع إلى مخالطة الملوك الأعاظم في خلواتهم ومجالس أنسهم,؛ فلها بذلك شرف ليس لغيرها .(4)

ويشية موف إن خلدوة هذا من الغناء:موققى اخر لعاصره لسنان الدين بن الخطيب الذي جعل طائفة المغنين من ضرورات الملك في كتابه (بستان ادو !5 ا

وأما محمد بن الدراج فنجد أنه نشأ في سبتة تحت رعاية الأمير أبي القاسم بن أبي العباس اللخمي العزفي؛ فدرس العلوم على يد شيوخ هذه المدينة» ثم انتقل إلى فاس فكان يحضر بانتظام دروس أساتذتها وبذلك اجتمع له من المعارف والعلوم ما أهله ليصبح مدرسا بفاس ثم قاضيا على مدينة سلا وأحد جلساء السلطان أبي يعقوب بن أبي يوسف بن عبد الحق المويني.

يقول عنه الدكتور محمد بنشقرون: «الواقع أن ابن الدارج كما يبدو من كتابه. عالم كبيرء ومتعمق يتمتع بثقافة واسعة عميقة. فلقد تعلم وحفظ كثيرا فجاءت المعلومات التي يعرضها لتبرهن على تكوين نظري متين وروح

نقدية متمردة ,6

5/1

الموسيقا على عهد المرينيين والوطاسيين

ويبدو من خلال فقرات العنوان الطويل للكتاب الذي نتحدث عنه-وهو كما يلي: «كتاب الإمتاع والانتفاع في مسألة سماع السماع لاستتئثاره بالكفاية والغناء في إحكام أحكام الغناء والرد على من نغص على المسلمين بتحريم ما أبيح لهم منه في مظان المسرة والهناء أو في حال اجتماع أرياب الفهم بالسماع؛ ليتبعوا أحسنه أحسن الأتباع وأولى الاعتناء».-إن ابن الدراج وضع هذا الكتاب باسم أمير المسلمين أبي يعقوب بن أبي يوسف بن عبد الحق المريني عندما سأله بعض تلامذته عن حكم الشرع في إعطاء الأجرة على السماع. وقد نصب المؤلف نفسه للدفاع عن الموسيقى والغناء ورد الاعتبار إلى من كانوا يمارسون السماع في عصره. وفي سبيل هذا وذاك فهو يسبر غور كتب فقهاء الإسلام ورواة الحديث, يستفتيهم؛ ليؤكد موقفه في الرد على من حرم السماع بفكر مجتهد بعيد عن التقليد الأعمى وحريص في نفس الوقت على احترام التعاليم الدينية؛ وبأسلوب علمي ومقنع يحسم النزاع «ويضع حدا للنقاش كما يعيد إلى النفوس الشعور بالرضى والاطمئنان إلى قيمة السماع ما دام إنه لا يمس بالقيم الإسلامية».9)

ويذكر العباس بن إبراهيم السملالي صاحب كتاب «الإعلام. بمن حل بمراكش واغمات من الأعلام»!" إنه وقف بالمكتبة الوطنية بمدريد على النسخة الخطية والوحيدة من كتاب الإمتاع والانتفاع فوجد ورقته الآولى مبتورة» وبعد تصفحه والاطلاع عليه وجده مقسما إلى مقدمة وثلاثة أبواب.

المقدمة: مهد بها لكتابه. وقد أسهب فيها القول: فكان مما تحدث عنه دواعي السماع؛ فإبان أن ميل الناس إلى الموسيقى والغناء مرتبط بشيوع عوامل المسرة في مجتمعاتهم. ذلك إنه كلما أطرد السرورء وساد اليسر والرخاء امتلأت النفوس بالآمال العذاب. وطمحت لاتخاذ الأهل وكسب الأولاد. وحن الناس إلى إقامة الولائم والأعراس فانتظمتهم المواسم المزدانة بألوان الطرب.

الباب الأول: في حقيقة الغناء وشرح آلاته. وهو فصلان: يتضمن ثانيهما ذكر اثنتين وثلاثين آلة موسيقية مما كان شائع الاستعمال على عهد المؤلف.

الباب الثاني: في حكم الآلات المتخذة للتحريك على موازنة نفماته. وهو فصلان: الأول في حكم الغناء مجردا عن العوارض اللاحقة به. والثاني في حكم الغناء مع ما يقارن عمله من عارض في المسمع أو عارض في

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

المستمع. وقد أثبت ضمن هذا الفصل رسالة في السماع للقشيري في

الباب الثالث: في حكم الأجرة على ذلك على اختلاف أنواعه وصفاته.

ولا حاجة بنا إلى الفوص في الآراء والنظريات التى ساقها المؤلف لدعم رأيه فيما يخص حكم الشرع في السماع كظاهرة فنية وكعمل يستحق إيجابيا من محترفي السماع الجائزء يسانده اقتناعه كفقيه بمشروعية هذا الغماري, وأبي الحسين بن أبي الربيع, وسراج الدين أبي يكر ين عيد الله

ود كاال دع يقي كغيول لقنا بنييقن المجعاكض ايان

-١‏ إن ابن الدراج ألف كتابه هذا فى الرد على أناس أنكروا عليه إجابته لبعض الطلبة بجواز إعطاء الأجرة على الغناء وراحوا يؤلبون عليه بعض أشياخه. ويصدون طلبته عن حضور مجلس درسه.

2- إن فقهاء فاس وصلحاءها على عهد المؤلف كانوا لا يجدون أي حرج والغربال: فإن ذلك مما «كان يصنع على عادة بلادنا» على حد تعبيره. وي ذلك يقول: «سأل بعضهم جملة من فقهاء المغرب بالمدينة المذكورة (يعني ويحضرون فيه ولا ينكره أحد من علماتهم».

3- إن أكثر ما كان يتغنى به في فاس تتصل موضوعاته بمدح الرسول وتشويق النفوس إلى زيارة البيت الحرام وموافعه والمدينة المنورة ومعالمها. أويما كان في التسيب الؤول والخريات السوفية: او بالعرهيد شي الدنيا والترغيب في الآخرة: أو بالوعظ أو بالغزل المباح. وفي هذا يقول أيضا: «لعل أكثر ما يتغنى به الآن ليس على طريق أهل الموسيقى وصنعة أرباب الغناء. ومعظمه إما مدح المصطفى وإما مشوقات إلى البيت والخطيم والركن ومقام إبراهيم, وتقبيل الحجر. وإما استشارة لمشاهدة تلك الآثار الشريفة:؛ والمشاهد المنيرة المنيفة, ونيل الأمل والسولء من بلوغ مدينة الرسول

56

الموسيقا على عهد المرينيين والوطاسيين

لزيارة روضته والصلاة في مسجده. وإما زهديات تزهد في الدنيا ومتاعهاء وترغب في الآخرة؛ وإما وعظات تذكر العبد بذنبه وتستدعيه إلى الإنابة إلى ربه؛ وأن تخلل ذلك بشيء من الغزل المباح. ومما يلحق بالمقصود الأول ما كان من النسيب المؤول؛ والخمريات التي هي على ما خامر العقل من شراب المحبة يتأول.

ألا كلىعق للا تخامرهالهذشمر

فمغناهمن معنى إشارتهم قفر

4- يطلعنا في مقولاته المتعددة على بعض ما أسهم به علماء المغرب والأندلس في مجال البحث في الموسيقى والسماعء؛ مما يمكننا بحق اعتباره مصدرا ثريا قيما لمن يريد التوسع في هذا الباب. ومن بين أولئك العلماء: القاضي عياضء وابن حزم علي بهن سعيد المتوفى عام 456 ه في «كتاب رسالة في الغناء الملهى أمباح هو أم محظور»؛ وابن زرقون محمد بن سعيد بن أحمد بن سعيد الآنصاري المتوفى عام 586 ه في كتابه «الآنوار في الجمع بين المنتقى والاستذكار» وأبو الحسن علي بن القطان الفاسي 8) في كتابه «النظر في أحكام النظر» وأبو العباس العزفي في كتابه «الدر المنظم»

بقي أن أشير بعد هذا إلى أن مؤلف «تاريخ الموسيقى العربية« من كتاب «داكرة المعارف الموسيقية».29) ذكر من بين مؤلفات القرن الثامن للهجرة كتابا أسماه «السرور والفائدة» ونسبه إلى شخص يدعى كمال الدين أبا الفضل جعفر بن ثعلب الاذفوي. ونحن نشاطر معرب الكتاب شكه في صحة هذا الاسم الذي عربه عن: «0416تم ع1 اء ءزه[ 18آ» وأعتقد أن العنوان الفرنسي يقابل كتاب «الإمتاع والانتفاع» لابن الدراج وأن المؤلف أخطأ ضي اسم مؤلفه.

أما الأذفوي هذا فهو صاحب كتاب «الإمتاع في أحكام السماع» الذي ألفه بمصر في النصف الأول من القرن الثامن. وقد توفي سنة 748 ه.!(١")‏ وهناك إشكال آخر حول اسم مؤلف كتاب الإمتاع هذاء مصدره البتر الواقع في ورقته الأول: فقد نسبه كاسيري7" وروبليس”" إلى شخص يدعى «الشلحي«؛ وشاعت هذه النسبة في كتب غير قليلة. وفي رأينا أن هذه التسمية ليست إلا تحريفا للشلافي محمد بن إبراهيم (بحرف ضاء))

57

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

الذي هو ناسخ المخطوطة الموجودة بمكتبة مدريد الوطنية؛ وليس مؤلف الكتاب.

ولتأكيد ذلك يمكن الرجوع إلى ما أورده المراكشي صاحب الأعلام في ذيل ترجمته لأحمد بن العربي الحضري!؟' حيث قال على لسان ناسخه: «كمل الكتاب بمن الله... على يد العبد الفقير إلى رحمة ربه محمد بن إبراهيم الشلافي. وذلك في النصف لشهر شعبان المكرم عام أحد وسبعماثة».

وإذن: فالشلافي ليس إلا ناسخا لمخطوطة مدريد. أما ابن الدراج السبتي فلم يعد هناك ما يدعو إلى الارتياب في نسبة الكتاب إليه. وهي نسبة أكدها تلميذه أبو القاسم التجيبي (730-666) في «البرنامج)! 6( وعلي الخزاعي في «تخريج الدلالات السمعية« يما لا يدع أي منفذ للشك.

فإذا أضفنا إلى ما سبق أن شعراء الدولة المرينية المبرزين ساهموا بدورهم في الميدان الموسيقي وقدموا إنتاجهم الأدبي للمغنين والمطربين تأكد لدينا مرة أخرى المكانة التي حظيت بها الموسيقى في هذا العهد, ناهيك من أنه كان على رأس هؤلاء الشعراء شاعر المغرب مالك بن المرحل الذي كان شعره «رأس مال المسمعين والمغنين»27. ومن جهة أخرى فقّد أصبح مغرب المرينيين والوطاسيين يحتفل بال مولد النبوي بصفة رسمية:؛ وأصبح الملوك أنفسهم يرأسون مهرجانات المولد» وإلى جانبهم وزراء الدولة وكبار موظفيها. وكلهم يشجعون العامة على الاقتداء بهم: فقد أصدر السلطان الناصر لدين الله أبو يعقوب يوسف المريني سنة 96١‏ أمرا بوجوب إحياء ليلة المولد النبوي واعتبارها عيدا رسميا كعيدي الفطر والأضحىء وأحياها بنفسه بمدينة فاس في حفل عظيم: كما انتقلت عادة الاحتفال هذه إلى الأندلس؛ فأصبح ملوكها يحتفلون «في الصنيع والدعوة وإنشاد الشعر اقتداء بملوك المغرب»!*') وفي معرض التنويه بما فعله ملوك بني مرين أنشأ أبو القاسم محمد بن الأمير أبي عمر يحيى آخر أمراء العزفيين على سبتة المتوفى بفاس عام 768 قصيدة أشاد فيها باحتفال المستعين بالله إبراهيم بن أبي الحسن المريني المتوفى عام .76١‏ ومما جاء في هذه القصيدة:

بمولدهفي زمانالربيع

ربيعاتاناي جرالديولا

الموسيقا على عهد المرينيين والوطاسيين

قحح أ هححصالا تخحة: الآن مححكن (اتتحكن أتانابفضل يفوقالفضولا وقاهالإعهامبهاملرتضى فنال تواباوأجرا جزيلا

هوا لملستعين أبو سالم

ولقد لقيت هذه الدعوة بالفعل قبولا حسنا في أوساط الشعب المغربي فكانت حفلات مولد النبي تقام في سائر الزوايا والمعاهد. بل وحتى في منازل بعض الخواص. وللتدليل على ذلك أسوق هنا ما ذكره أبو علي الحسن الوزان الفاسي في كتابه «وصف أفريقيا» حين تحدث عن مدارس الصغار (آخر دولة بني وطاس وأول دولة السعديين). قال: «ويقيم التلاميذ أيضا احتفالا بمولد النبي... ويأتي المعلم بمنشدين يتغنون بالأمداح النبوية طول الليل»7' ومثل ذلك ما ذكره عن الشعراء أصحاب الملحون وعوائدهم ليلة المولد النبوي بقاعة سيدي فرج (بفاس) من إنشاد الأمداح النبوية تمجل مخصضوص ناك 30

ووقف الفقهاء موقف تأييد وتحبيذ يشاركون بقصائدهم إلى جانب الأدباء والشعراء ويساهمون بدورهم في إغناء أدب المولد النبوي خاصة, ويكتبون الرسائل ويؤلفون الكتب لدعوة المسلمين إلى تخليد ذكرى المولد النبوي. وخير مثال على هؤلاء الفقهاء الرئيس أبو القاسم محمد العزضي الذي أكمل كتاب الدر المنظم في مولد النبي المعظم الذي بدأه والده أبو العباس أحمد العزضي أيام الموحدين. فلقد عرف هذا الفقيه الجليل بفضله في هذا المجال. ونحن مدينون له إذ لولاه لظل هذا الكتاب مجرد مشروع أو مقومة تجتضرزهنا عضن الكراشانت.

وقد يطول بنا المقام هنا لو حاولنا تقصي أسماء الشعراء المغاربة الذين ظهروا في العهد المريني وكانت لهم جولات في أدب النبويات. على أننا نحيل القارئّ على الأبحاث المطولة التى نشرها الأستاذ محمد المنونى فى هذا الموضوع إذا ما أراد اند من االعرفة بسن القرويات هن غ13 العو اذا

وليس بعيدا أن تكون هذه النهضة التي عرفها أدب المديح قد واكبتها نهضة موسيقية, وأن تكون هذه الطفرة الفنية قد لقيت آذانا صاغية ونفوسا

590

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

راضية. ولعل مما يعزز هذا الرأي تلك المعركة الصاخبة التي قامت بين الفقهاء حول السماع؛ ما بين مناوئ متشدد في المعارضة ومؤيد مخلص في الدفاع؛ والتي كان من نتائجها كتاب الإمتاع والانتفاع في مسألة سماع السماع لمحمد بن الدراج السبتي الذي ألمحنا إليه سابقا.

ثم لعل مما يعزز هذا الرأي مرة أخرى ما عرفته قصيدتا شرف الدين البوصيري (1295-1213 م) وأعني بهما البردة والهمزية وما كان لهما من سعة الذكر بربوع المغرب, الأمر الذي أهلهما للحظوة بأروع الألحان وأبعدها أثرا في نفوس المستمعين.

وهكذا سار فن المديح في طريق التطور والازدهار. وقامت بالمفرب وخاصة جزأه الشمالي فرق المسمعين يعقدون حلقات السماع في المناسبات الدينية. وكان عيد المولد النبوي قمة هذه المناسبات.!22 ولقد كان طبيعيا أن يؤدي الافتمام بالكوسيقى والمنافعة غنها إلى تحفيق نهضة في مجال النظريات الموسيقية. ولا غرو فقد اعتبر ابن خلدون الموسيقى في مقدمته ثالثة العلوم الناظرة في المقادير بعد علم الهندسة وعلم الارتماطيقي؛ ومن ثم فقد أصبحنا نرى النظريات الموسيقية تبحث في موضوعات شائكة بلغت درجة قصوى من الاكتمال والتعقيد.

وسأعرض فيما يلي لطائفة من هذه النظريات معتمدا على بعض ما ذكره ابن خلدون ومعاصره لسان الدين بن الخطيب. منبها إلى أنهما وإن لم يكونا من أعلام الموسيقى المغربية فلقد حفلت كتبهما باستعراض أهم الآثار والمستحدثات الموسيقية التي كانت سائدة على عهد بني مرين؛ وهو عهد نشكات شه الشركة الرسيف ف إنواها وسظيرا: ا

تطرق ابن خلدون في حديثه عن صناعة الغناء إلى العناصر التي تقوم عليها اللغة الموسيقية؛ فجعلها ثلاثة هي: التناسب البسيط؛ والتناسب الذي يحدث بالتركيب, والتقدير بالعدد. وقد تصدى لشرح هذه العناصر فقال عن الأول: «ومن التناسب ما يكون بسيطا ويكون الكثير من الناس مطبوعا عليه لا يحتاجون فيه إلى تعلم ولا صناعة/*» ويعني ابن خلدون بالتناسب البسيط اللحن الموسيقي/' المنفرد الذي تتعاقب عبره النغمات المنفردة في

(*) اللحن الموسيقي المنفرد: الذي يتكون من جمل موسيقية ذات لحن واحد

00

الموسيقا على عهد المرينيين والوطاسيين

انتظام واتساق 06و3101001. ثم قال عن العنصر الثاني: «ومن هذا التناسب ما يحدث بالتركيب, وليس كل الناس يستوي في معرفته:؛ ولا كل الطباع توافق صاحبها في العمل به إذا علم: وهذا هو التلحين الذي يتكفل به علم الموسيقى1" ويقصيد ابن يخلدون بالتناسب الحادث بالتركيب نظام الهارموني!*') أو تركيب الألحان وتأديتها في آن واحد . انه سو (25) أما العنصر الثالث فقد ألمح إليه في صدد تعريفه للموسيقى عندما قال:

«وتقديرنا بالعدد»29 وهو بذلك يعني الإيقاع ويشبه قول ابن خلدون هذا ما قاله فانسان داندي (1851/ 1931): «الإيقاع يعبر عنه بالأعداد وهو يتصل بعلم الارتماطيقي .77)

وفي إمكاننا أن نخرج من كلام ابن خلدون بالاستنتاجين التاليين:

اد إثة هذل عن اغتناز الكلماف غتصيرا من عناص الوسيقى: متتكبا وجهة نظر أغلاطون 2 (347-429 ق م) وبذلك فهو يشكل حلقة تطور في تحليل اللغة الموسيقية باعتبارها أثرا فنيا مستقلا بذاته. ولا غرو فقد جاءت نظريات الغربيين فيما بعد لتؤيد ما ذهب إليه ابن خلدون.

2- إنه اهتدى إلى الحديث عن الهارموني وجعلها أحد عناصر الموسيقى الأساسية. ولعله أن يكون قد تأثر بنظريات ابن سينا في سبقه إلى الكشف عن هذا الموضوع, منطلقا فيما يبدو من ظاهرة تعدد الأصوات واختلاف طبقاتها لدى المنشدين والعازفين بعيدا عن أن يكون قد تأثر بأبحات الأوربيين من أمثال كي داريتزو.

ولم يفت ابن خلدون أن يقر بحقيقتين اثنتين: أولاهما أن نسبة قليلة من المتخصصين في علم الموسيقى هم الذين يبحثون في موضوع الهارموني؛ والثانية إن التعامل مع هذا الموضوع ينحصر في المجال النظري؛ أما على مستوى التطبيق والممارسة فإن أذواق العامة على عهده لم تكن تستسيغ الألحان المركبة ولا تقيم لها اعتبارا.

وإلى جانب عناية ابن خلدون بتحديد عناصر الموسيقى فلقد عني أيضا بالجمال الموسيقي وحدد مقاييسه حينما ربطها بتناسب الأصوات وطرق الأداء الصوتي والآلي من همس وجهر ورخاوة وشدة وقلقلة وضغط وغيرها مما نصطلح اليوم على تسميته بمحسنات الأداء (وععصقتام وعآ) .

(*1) نظام الهارموني: مجموعة من الألحان من الجمل الموسيقية تؤدى في آن واحد. المحرر

اك

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

ونعود إلى لسان الدين بن الخطيب (776-715 ه) فنسجل في البداية أن المؤرخين نسبوا له رسالة في الموسيقى تعتبر في عداد المؤلفات التي ضاعت ولم تعثر عليها يد البحث والتنقيب.

وبعيدا عن هذه الرسالة وضي غمرة مؤلفاته التي كتب لها البقاء تطالعنا بين الحين والآخر فقر وعبارات تطبعها السطحية آنا فتتخذ صور المشاهدات التي عني بتسجيلها في رحلاته عبر بلاد الأندلس والمغربء وتتسم آنا آخر بعمق النظرة فتكشف عن حظ وافر من الثقافة الموسيقية يحمل على التحسر لفقدان رسالته في الموسيقى.

ولعل من جميل الحظ أن يقف القاريٌ على مقالة لابن الخطيب تحدث فيها عن «المناسبة بين الألحان الموسيقية وبين النفوس».!*7)

وهي مقالة يجدر القول (قبل عرضها) بأنها تمتاز بطول النفس وعمق النظرة كما لا تخلو من بعض الغموض.

وسأقدم هذه المقالة فيما يلي مخللا فقراتها بشروح وتعليقات لا أطمع في أن تبلغ ما أطمح إليه من الكشف عن أسرارهاء ولكن حسبها أن تلقي بعض الضوء على ما غمض من مصطاحاتها:

قال ابن الخطيب: «المناسبة بين الألحان الموسيقية وبين النفوس ذات ارتياض السمع؛ فيؤثر فيها عشقا ونفرة: بحيث تحار الأذهان في علته» .

مثلما يحصل التناسب بين شيء وآخر. وبين شخص وشخص غيره.؛ تكولات يعمل التتاسديديين الالنحان اللوسيفية ويوق التفوس القن لها بحل وافر من تذوق السماع. وقد يكون تأثرها بتلك الألحان إيجابيا فيحدث فيها عشقا وتعلقاء كما يكون سلبياء فيخلق فيها نفورا . وذلك أمر تحار فيه الأذهان وتعجز عن تعليله.

دوقن علل ذلك الحكماء يمتاسبات عدذية ما أخرجوا نسبة انلصوت إلى الصوت. أو الوتر إلى الوترء أو النقرة إلى النقرة في الخرق والحدة أو الثقل؛ أو في الفصل بين الأوتار والدساتين؛ ليوجدوا أن كل ما وقع من النسب في الأصوات الملذوذة يرجع إلى أبعادها».

وقد أرجع الحكماء حصول ذلك التأثير إلى التناسب العددي القائم بين نغمة موسيقية حادة ونغمة أخرى غليظة:؛ أو بين وتر وآخر يختلف وضعهما على دستان الآلة الموسيقية: أو بين نقرة وأخرى يختلف موقع إحداثهما من

02

الموسيقا على عهد المرينيين والوطاسيين

الأوتار. فوجدوا أن استساغة النفوس للنغمات راجع إلى طبيعة الأبعاد الفاصلة بينهما.

«والبعد: ما بين النغمتين الحادات والثقيلات وكلها في نسبة ذي الأضعاف أو في نسبة الجزء أو في نسبة الأجزاء. أعني أن التفاضل الواقع بين النغمتين أما في الزمان-فإن النغم الأطول يكون في زمن أطولء والنغم الأقصر يكون في زمان أقصر أو في المكان-إذ المكان الذي ينغم به إما نغم أثقل أو نغم أحد-., أو في غير ذلك من الكيفيات: وهي المعبر عنها عندهم باللحون-لا بد أن يكون في إحدى هذه النسب».

والبعد في الاصطلاح الموسيقي هو المسافة الصوتية الفاصلة بين نغمة حادة وأخرى غليظة. وتنتمي سائر الأبعاد إلى أحد أنواع ثلاثة: نسبة الجزء؛ ونسبة ذي الأضعافء ونسبة الأجزاء. ويعني هذا إن التفاضل الواقع بين نغمة وأخرى لا بد أن يكون في إحدى هذه النسب الثلاث. أما أوجه ذلك التفاضل فتكمن إما في زمان النغمة أو مكانهاء أو غيرهما من كيفيات النغمات. ويقصد بزمان النغمة: المدى الزمني الذي يستغرقه أداؤهاء وبمكاتها: الطبقة الصوتية التي تنشد عليها. وكل ذلك يعبر عنه لدى الموسيقيين باللحون.

«أما نسبة الجزء: فنسبة عدد إلى عدد بعده» كاثنين إلى ثمانية فهى بعدهاء وإذا ضربت في أربعة كانت ثمانية. وأما نسبة ذي الأصياف «قكين هذه النسبة. كنسبة ستة عشر إلى أربعة؛ فإنها ربعهاء وأربعة أضعافها. وأما نسبة الأجزاء: فهي كنسبة ستة إلى ثلاثة عشرء وأربعة إلى أحد عشر. فإنها ليست بجزتها ولا بعدها».

نسبة الجزء هي: نسبة عدد إلى عدد بعدهء كنسبة اثنين إلى ثمانية: فثمانية تأتي في المرتبة العددية بعد اثنين. وهي من حيث القيمة العددية أكبر منه. وبينها وبين اثنين تناسب الجن لآنها حاصل ضربه في أربعة؛

لعوات كا عله وعد سد صو حرد ود الصيدية وذلك لأن وأما 50 الاعف حكقة فتتخد وضعا مفاكيا لسابقتها. .وهي نسبة

عدد إلى عدد قبله كنسبة ستة عشر إلى أريعة. فأربعة تأتى فى المرتبة العددية قبل ستة عشر وهي من حيث القيمة العددية أصغر منهاء وبينها

05

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

وبين عدد ستة عشرء تناسب بالأضعافء لأنها حاصل قسمته على أربعة أي إنها بمثابة جذره التربيعي لأنها تساوي أربعة أضعافه.

وأما نسبة الأجزاء فهي كنسبة ستة إلى ثلاثة عشرء أو كنسبه أريعة إلى أحد عشرء وهي نسبة مختلفة لا يستقيم بناؤهاء وذلك لأن العدد الأول ليس جزءا للعدد الثاني, ولآن العدد الثاني بدوره ليس بعدا سليما للعدد الأول.

«فجميع ما وقع من النسب اللحنية في نسبة الجزء أو في نسبة في الأضعاف كان ملائما عذبا يقبله السمع وتحن له القوة الناطقة وتألفه الطباع؛ ويتفاضل في العذب والأعذب ما وقع في هاتين النسبتين».

وكل الأبعاد الموسيقية الواقعة في حدود نسبة الجزء أو نسبة ذي الأضعاف. من شأنها أن تلائم الأذواق» وتستسيغها الأسماع. فتميل إليها الفطرة الإنسانية والغريزة الحيوانية وتألفها الطباع. وكل تفاضل يحدث بين الأبعاد المستساغة لا يخرج عن هاتين النسبتين.

وبعد ذلك ينتقل ابن الخطيب إلى استعراض الأبعاد المستلذة في السمع فيقول:

فمنها:

- البعد المسمى ب(الذي بالأربع) وهو من نسبة الجزء. وهو كل وثلث الكل كالأربعة إلى الثلاثة. فإنها من الثلاثة كل وثلث كل. وفيه نغم ينتقل عليها هذا اللحن. ويتركب فيها هذا البعد. وهي طنينان وبقية. وكان الذي بالأربع جنسا لها. والطنين من نسبة الجزء وهو كل (ونصف كلء وكل) وثمن كل نسبة ثمانية إلى تسعة. ويسمى بعد الانفصال».

فمن الأبعاد الواقعة في نسبة الجزء البعد المسمى بالذي بالأربع. ومداه الصوتي كل وثلث كل. وبيان ذلك في نسبة أربعة إلى الثلاثة. فإن الأربعة تحتضن عدد ثلاثة بأكمله-وهو الكل-بإضافة ثلث ثلاثة-وهو ثلث كل-(أنظر النموذج رقم .)١‏ ثانية

نموذج رقم(1) كل

عبرها... وهو يتركب من طنينين وبقية. ويعني بالتعبير الاصطلاحي الحديث

الموسيقا على عهد المرينيين والوطاسيين

أن الرابعة تحتوي على أربع نغمات, وإنها تتكون من درجتين ونصف درجة. (أنظر النموذج رقم 2).

نصف درجة

وجي

مس ربب

نموذج رقم(2) 0

ويعتبر البعد الذي بالأربع-أي الرابعة عدندسن 2]-الجنس الرباعي الأسفل للسلم. والطنين بدوره بعد واقع في نسبة الجزء. ويسمى بعد الانفصال.

ولعل هذه التسمية آتية من كونه يفصل بين النغمات التي يتألف منها السلم الموسيقي.

أما مداه الصوتي؛ فلم اهتد إلى بيانه؛ نظرا لما يكتسي الشرح من غموض من جهة ونظرا لاختلاف صيغ المخطوطات المعتمدة في تحقيق الكتاب من جهة أخرىء؛ كما يبدو من وضع بعض الكلمات بين هلالين

ومهما يكن: فإن الطنين يتجاوز في مفهومه الصحيح درجة واحدة كاملة كما تبين في العبارة الأولى: وكما يتبين في عبارة قادمة.

- «ويتلو (الذي بالأربع) البعد (الذي بالخمس). وهو نسبة الجزء. وهو كل ونصف كل. ونسبته نسبة اثنين إلى ثلاثة. وإذا زيد على البعد (الذي بالأربع) طنين كان منها البعد الذي بالخمس. وهو جنس أعلى. ثم إذا أضيف البعد الذي بالأربع إلى البعد الذي بالخمس كان من ذلك البعد المسمى (بالذي بالكل)؛ وهو أعظم الأبعاد والجموع والاتفاقات اللحنية. وهو من نسبة ذي الأضعاف وهي نسبة كل؛ ومثل كل. كنسبة ستة إلى اثني عشر».

ويتلو البعد (الذي بالأربع)-أي الرابعة-بعد آخر يسمى بالبعد (الذي بالخمس) (16«ذناو) وهو بدوره واقع في نسبة الجزء. ومداه الصوتي خامسة بالمصطلح الحديث. ويحصل هذا البعد بزيادة طنين واحد على الرابعة.

وتحتمل عبارة ابن الخطيب تأويلا آخر مؤّداه أنه إذا أضيف إلى الرابعة طنين واحد بلغنا من السلم الدرجة التي ينطلق منها الجنس الرباعي الأعلى (706معقتاء) 204) ولعل مما يعزز هذا التأويل أن المؤلف ختم هذه الفقرة

05

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

بقوله: إذا أضيف البعد (الذي بالأريع) إلى البعد (الذي بالخمس) كان من ذلك البعد المسمى ب(الذي بالكل). وهو يعني أنه إذا التأم الجنس الرباعي الأسفل مع الجنس الرباعي الأعلى حصل من ذلك الالتئام اليعد المسمى بالذي بالكل وهو الثامنة (»00187 :.) (أنظر رقم 3) الجنس الأعلى الجنسن الأسفل نموذج رقم(3)

ِو

ويعتبر هذا البعد أعظم الأبعاد الصوتية وأحسن المجموع والاتفاقات اللحنية. وهو من نسبة ذي الأضعاف أي من الأبعاد المركبة.

«ثم بعده البعد المشتمل على الأبعاد كلها: فمبدؤه الطنين ويسمى هذا المبدأ (المفروضة).؛ وهو أثقل النغم. وآخر جواب لها أحدهاء ونسبته نسبة الجزءء ثم يتلوه مبدأ الذي بالأربع ويسمى (رئيسة الرئيسات) ويتلوه نهاية الذي بالأربع ويضاف إليها الطنين فيكون نهاية الذي بالخمس ويسمى (رئيسة الأوساط). ثم يضاف إلى ذلك بعد (الذي بالأربع) ثانية؛ فيكون نهاية (الذي بالكل الآول). وتسمى هذه النغمة (الوسطى).؛ لأنها مفروضة بتوسط فتكون نهاية (الذي بالكل الأول)؛ ومبداً الكل (الذي بالكل الثاني) ثم يجعلون هذه (الوسطى) مفروضة أولى عند اتخاذ الآألحان؛ وينسقون بعدها الأبعاد فتليها في منزل (رئيسة الرئيسات الحادات)»: ثم (حادة المفترقات). ثم نهاية الحادات وبها يتم الذي بالكل مرتين. فما زاد عليها في الإفراط أو على المفروضة الأولى في التفريط فخارج عن مدركات السمع المستلذة في الجنسينء إذ لكل شيء مقادر يخصه. وجميع ما وفع في هاتين النسبتين ملذوذ».

يقدم ابن الخطيب في هذه العبارات صورة كاملة لكيفية بناء السلالم عن طريق تتابع الأبعاد. مبتدئا بأثقل نغمة وأغلظهاء وهي التي أسماها النغمة المفروضة ثم منتقلا منها إلى جوابها الأول-وهو ما أسماه رئيسة الرئيسات-فجوابها الثاني-وهو ما أسماه النغمة الوسطى-فنهاية الأجوبة- وهي النغمة التي أسماها نهاية الحادات. وبذلك يقيم بناء ثلاثة سلالم (أو كثافات) كاملة.

ك4

الموسيقا على عهد المرينيين والوطاسيين

وبعد ذلك ينبه المؤلف إلى أن ما زاد على نهاية الحادات في العلو أو نزل عن المفروضة الأولى في الغلظة كان خارجا عن مدركات السمع المستلذة, وإن الأنغام والألحان الواقعة في حدود هاتين النغمتين مستلذة ومستطابة في السمع.

ويمكن من خلال الجدول التالي التعرف على وضع السلالم الثلاثة ومصطلحاتها كما أوردها ابن الخطيب:

نهاية الحادات . خهاية الحاذاي الذي بالكل الاول المفروضة

الذى بالكل الثانى

ا اسح سبيت حب 6 حادة المفترقات نهاية الذي بالاربع 2 رئيسة الرئيسات الحادات الذي بالاربع الثاني ِ نهاية الذي اليس الحو رارج الول (رئيسة الاوساط)

«وكل اصطلاح في الغناء وطبقاته بحسب البلاد والعباد فراجع إلى هذه الأجناس وبحسب هذه المفروضات».

ومهما تختلف الأمم والشعوب في تسمية الأبعاد الصوتية ووضع مصطلحاتها فإنها جميعا ترجع إلى هذه الأجناس وتخضع لهذه المقاييس ذاتها.

«وأما نسبة الأجزاء فهي نسبة عدد إلى عدد ليس بجزئه ولا بعده, كنسبة ستة إلى ثلاثة عشرء وأربعة إلى أحد عشرء وما أشبه ذلك. ووجد كل ما وقع في نسبة الأجزاء تنافره القوة الناطقة. وتشمئز منه. فظهر أن هذا التعشق سببه المناسبة في الملذوذ الذي بين العددين من التداخل والتناسب والاندراج في عالم النفسء وعالم الانتظام والإبداع والإتقان؛ وإن النفرة يسببها ضد ذلك من النشيج وعدم التناسب. حكمة من الله قدرهاء

07

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

وعادة في الوجود عودها».

ويعود ابن الخطيب مرة أخرى لبيان النوع الثالث من أنواع النسبة؛ وهو ما أسماه نسبة الأجزاء؛ فذكر أن كل ما يقع فيها من أبعاد تنافره القوة الناطقة وتعافه الأذواق ولا تقبله الأسماع.

ثم ختم مقالته بما يفيد أن تعشق النفوس للألحان الموسيقية أو النفرة منها يرجع إلى طبيعة الأبعاد الصوتية التي تتركب منها تلك الألحان؛ فما كان منها متناسب الأنغام منسجم التأليف متداخل التركيب؛ جميل الانتظام صادق الإبداع كامل الإتقان استراحت إليه النفس واستلذته الأسماع. وما كان من الألحان على عكس ذلك ناشز الأصوات متنافر الأبعاد نفرت منه النفس واشمأزت منه الأسماع.

وتلك حكمة إلهية قدرها الله تعالى فأحسن تقديرهاء وعادة عودها فى مخلوقاته الناطقة. ا

هذه هي مقالة ابن الخطيب التي ساقها في كتابه روضة التعريف بالحب الشريف في معرض حديثه عن المناسبة بين الألحان الموسيقية وبين النفوس. وإنها إلى جانب بلورتها للمستوى العلمي والنظري الذي كانت علية الموسيقى المغربية على عهد بني مرين: لتكشف عن سعة ثقافة ابن الخطيب ومدى إلمامه بقواعد الفن الموسيقي بل لعلها أن تدلنا على بعض مما قد تكون رسالته الضائعة تضمنته من أبحاث في هذا الفن.

وما أحسب هذا الرجل المتضلع في العلوم إلا أنه قد ألم بعلم الموسيقى ودرس قواعدهاء فلم يكن مجرد حافظ ينقل من هنا وهناك ولا يردد أقوال الآخرين: ولكنه كان يملك حسا موسيقيا مرهفا ودراية بأسرار الأنغام ومواطن حسنها ونشازهاء ومعرفة لمواقع الأوتار من الآلات. ولأصناف الإيقاعات والموازين: وأساليب تنويع الأنغام وتغيير المقامات. استمع إليه وهو يشيد بقلم كاتب سلطان تونس في صور رائعة استعارها بذكاء من عالم الفن الموسيقي فيقول: «وقد أسرج ابن سريج والجم؛ وأفصح الغريض بعدما جمجم. وأعرب الناي الأعجم.: ووقع معبد بالقضيب... وكأن الأنامل فوق مثالث العود ومثانيه. وعند إغراء الثقيل بثانيه. وإجابة صدى الغناء ب يد نا

ثم استمع إليه وهو يمتح من خياله الدافق وصفا لأحد مجالس الرشيد

08

الموسيقا على عهد المرينيين والوطاسيين

وقد أنصث فيه الخليفة إلئ شيخ «استدعى عودا فأصلحه حثى حمده. وأبعد في اختباره أمدة: ثم حرك يمه وأطال الجس ثمه ثم تغنى بصوت يستدعي الإنصات ويصدع الحصاة ويستفز الحليم عن وقاره. ويستوقف الطير ورزق بنيه في منقاره... ثم أحال اللحن إلى لون التنويم» فخاط عيون القوم بخيوط النوم...(01)

أقلا يكون ابن الخطيب بعد هذا قد عب من مناهل الفن الموسيقي وهو القائل في كتابه الإحاطة عند ترجمة مشيحته: «وأخذت الطب والتعاليم والمنطق وصناعة التعديل عن الإمام أبي زكريا بن زهره؟ وناهيك من فحل من فحول الأندلس وعلم من أعلامها يأخذ عنه ابن الخطيب التعاليم ‏ ومن ضمنها علم الموسيقى-وهو أبو زكريا بن زهر.

ولعلنا إذا ما حاولنا الوقوف على أنواع المقامات الموسيقية التي شاع استعمالها بالمغرب على عهد المرينيين وبني وطاس أن نجزم بأنها هي ذاتها التي كانت سائدة بالأندلسء طاما أن المغاربة تبنوا في تلحين سائر فنونهم الموسيقية المستحدثة-وأعني بها التوشيح والزجل والمديح-نغمات الموسيقى الأندلسية. وهي أنغام «يبدو أن نظامها في الأندلس وأفريقية الشمالية كتابه الملمح إليه إذ يقول عن هذا النظام: «وليس لدينا أخبار تيسر لنا تكوين رأي عن أصله ولكن إذا أمكن للمصطلحات المعاصرة والممارسة التطواني في كتابه الشهير الذي سيؤلفه على عهد السلطان محمد بن عبد الله العلوي؛ ومن هنا لا نستطيع إلا أن نجزم بأن فارمر لم يقف على كناش الحايك؛ ولذلك نراه يقول: لا نستطيع إلا أن ندعي إنهم (أي الموسيقيين في الأندلس وشمال أفريقيا) احتفظوا بالسلم القديم (يعني السلم المسمى «الطنبور الخراسائى») .(32)

وهكذا فإنا نجد أن فناني المغرب أصبحوا-وبالأخص في عهد بني وطاس- عالة على الأندلس في صوغ الألحانء وذلك باستثناء الأغاني البربرية التي ظلت محافظة على مقاماتها اللحنية بالرغم من ضروب التأثير التي عرفتها

09

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

وعلى نقيض هذا التأثير الواضح بالسلم الأندلسي فقد ظل الموسيقيون المغارية متشبثين بالإيقاعات المحلية التي تمتاز بغناها وثرائها وجنوحها إلى التنوع الستمروالهفة الرحة. ‏ -

آلات الموسيقى في هذا العهد: وقبل أن نودع عصر المرينيين وبني وطاس» يليق بنا أن نجمل القول في الآلات الموسيقية التي عرفها المغرب آنذاك؛ فقد تحدث محمد بن الدراتج في الباب الأول قن كار «الإمتاع» عن آلات الموسيقى المستعملة في عصره وما قبل عصره فوصفها الواحدة تلو الأخرى, وتحدث عن طريقة وظروف استعمالها كما رفع عددها إلى ما قدره إحدى وثلاثون آلة.

أما ابن خلدون فقد ذكر في مقدمته أن آلات الموسيقى كانت تقوم بدور المصاحبة للغناء. وذلك موضوع قوله: «وقد يساوق ذلك التلحين في النغمات الغناتية بتقطيع أصوات أخرى من الجمادات».02)

وتحتضن الأسرة الآلية حسب ابن خلدون وابن الدراج السبتي(*© ثلاثة فروع هي: آلات النفخ, وذوات الأوتار, وآلات القرع.

-١‏ آلات النفخ: الشبابة: وصفها ابن خلدون فقال: هي قصبة جوفاء بأبخاش في جوانبها معدودة؛ ينفخ فيها فتصوت, فتخرج الصوت من جوفها على سدادة من تلك الأبخاش. ويقطع الصوت بوضع الأصابع من اليدين جميعا على تلك الأبخاش وضعا متعارفا. وقد أضاف ابن الدراج: إنها آلة محدثة مركب أولها على الصفارة الجوفاء التي يصفر فيها الغلام.

المزمار: وصفه ابن خلدون فقال: ويسمى الزلامي. وهو شكل القصبة: منحوتة الجانبين؛ جوفاء من غير تدوير لأجل ائتلافها من قطعتين منفردتين كذلك بأبخاش معدودة. ينفخ فيها بقصبة صغيرة توصلء فينفن النفخ بواسطتها إليها وتصوت بنغمة حادة يجري فيها من تقطيع الأصوات من تلك الأبخاش بالأصابع مثل ما يجري في الشبابة. أما ابن الدراج فقال عنه: هو الناي محدت, أو هو القصابة.

البوق: قال عنه ابن الدراج: هو منقاب ينفخ فيه. وشرحه ابن خلدون فقال «هو بوق من كاس أجوف. في مقدار الذراع؛ يتسع إلى أن يكون انفراج مخرجه في مقدار دون الكف في شكل بري القلم, وينفخ فيه بقصبة صغيرة تؤدي الريح من الفم إليه. فيخرج الصوت ثخينا دويا. وفيه أبخاش أيضا

70

الموسيقا على عهد المرينيين والوطاسيين

معدودة؛ وتقطع نغمة منها كذلك بالأصابع»2” ويعتبر البوق من شارات الملك فى العهد المرينى.

القروق»«وشدكل غاننا في عداد شارات الملك .037

2- ذوات الأوتار: جوفاء كلهاء ومنها:

الكران: يقول عنه ابن الدراجء إنه العود الذي يضرب بالأوتار ببضعة في الصدر تسمى الكران.

المربط: وأعتقد أنه يقصد البربط؛ وهو العودء فوقع تحريف في النقل؛ وذكر ابن الدراج من أسماته المزهر والعرطبة.

الكيتار: انفرد بذكره ابن الدراج وجعله مربع الشكل2" وقال: هو اسم ١‏ مولد ولعله ما أسماه ابن بطوطة بالقنابر إذ قال: المغنون وبأيديهم القنابر 89©, وقد شرحه دوزي فقال: إنها القيثارة ذات الوترين.

الرباب: وكل من البربط والرباب على شكل قطعة من الكرة.

الطنبور: انفرد بذكره ابن الدراج وقال: هو من ذوات الأوتار. والمعزف ضرب منه.

القانون: وهو على شكل مربع؛ انفرد بذكره ابن خلدون فقال: وطريقة العزف عليها أن تقرع بعود أو وتر مشدود بين طرفي قوس يمر عليها بعد أن يطلي بالشمع والكندرء واليد اليسرى مع ذلك في جميع آلات الوتر توقع بأصابعها على أطراف الأوتار فيما يقرع أو يحك بالوتر.(40)

3- آلات القرع: ومنها الطسوت والأعواد وتقرع بالقضبان على توقيع متاسيت.

ومن آلات النقر أيضا الطبول «التى تدق خلف ساقه السلطان وهى من كما تصه لبس الأحت عور النات أن محدونت نايلة قري !افا لاني قاقد مو شعار السلطان التي بلغت في موكب أبي الحسن المريني مائة طبل!) ومن أنواعه: الكوس والعيد والكوبة والسفاقس والشيزان والكبارات: ولعل الصواب الكنازات والكبر والأصف» غير أن هتاك طبولاً قتفرد. يخصائض ذافية: فالكبر له وجه واحد والكوبة يضيق في وسطه ويتسع في طرفيه وهو يضرب من الناحيتين جميعا مثل السفاقس التي تعتبر من شعار المخنثين.

ويبدو أن عادة قرع الطبول ساوقت قيام الدولة المرينية منذ عهد ما قبل التأسيس الرسمي أي منذ إمارة الأغدر العسكري الذي قتله عبد المؤمن

7

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

الموحدي بالقرب من تلمسان سنة 540: وكان من بين ما غنمه طبوله !43) وقد انفرد ابن الدراج في كتابه الإمتاع بذكر آلات أخرى وهي:

-١‏ الصنج؛ عرفه فقال: هو آلة رومية وعرفة الفيروز أبادي في القاموس المجيهل! .فقال:شىء تكن مخ صفر يضدرب احذهما على الآخرء والة بأوتار يضرب بهاء معرب. والصنج بمفهومه الأول من آلات القرع: وهو إذن قطعتان نحاسيتان أشبه ما يكون بما ندعوه اليوم باسم 16ه0م97© بينما هو في مفهومه الثاني ضرب من ذوات الأوتار.

2- العزف. وقد أمسك عن تعريفه.

3- الشاهين. واكتفى بوصفه أنه مولد.

4- الصفارة؛ ولعلها من آلات النفخ.

5- الدف والغريال والمصافق والقضيب.

وقد أغفل ابن خلدون وابن الدراج كلاهما ذكر آلات موسيقية أخرى في المغرب على عهدهما وقبله ومنها:

- التربال» وهو«طبل كبيرء إذا وضع السلطان رجله في الركاب ضرب عليه ثلاث ضربات إشعارا بركوبه (05)

- السطاعةف وهي آلة يصرب بها وأصلها من السودان.

وقد انتهى ابن خلدون من خلال تقصيه العلمى إلى الحقيقة التالية, وهي أن العرب كانوا منذ أن انتقلت خلافتهم ملكا يتخذون قرع الطبول والنفخ في الأبواق في مواطن حروبهم ومظاهر أبهتهم. على حين كان العجم يتخذون في حروبهم الغناء ويستعملون في مواكبهم الآلات الموسيقية لا طبلا ولا بوقا”. فيقرعون الأوتار وينفخون الغيطات يذهبون فيها مذهب الغناء9 على أنه يعود فيسجل فى إحدى مشاهداته بالمغرب أن الشاعر الزناتي كان يتقدم الصفوف ويتغنى فيحرك بغنائه الجبال الرواسي, ويبعث على الاستماتة من لا يظن بها.”* ويسمى هذا الغناء عند زناته «تاصوكايت».

ولعل مما يدل على علو شأن الموسيقى في العهد المريني ظهور البوادر الأولى لما يمكن أن نسميه بالموسيقى العسكرية؛ فقد أفرد الرحالة شيخ كتاب أبي عنان إبراهيم بن عبد الله النميري المعروف بابن الحاج المتوضى عام 713 موسيقى الجيش العناني بنفصل خاص من رحلته الموسومة ب«فيض

)46(

12

الموسيقا على عهد المرينيين والوطاسيين

العباب وإفاضة مداح الآداب من الحركة السعيدة إلى قسنطينة والزاب»«. ومما جاء في هذه الرحلة وصف لناورة حربية قام بها أسطول أبي عنان إذ يقول:... فما شوهد أبدع من تلك الأجفان وقد صدحت موسيقاها فقرعت الطبول وعلت أصوات البوقات والأنفار 62

ومن جهة أخرى فقد كان قادة الأعزاز-وهم أتراك مصريون تحولوا في العصر الموحدي إلى شمال أفريقيا واستخدمهم يعقوب المنصور في جيشه- يختصون بضرب الطبول ونفخ المزامير نظير عادة الملوك المصريين.

فلما كان عهد بني وطاس تطور النظام الموسيقي الذي يرافق موكب السلطان إذ التحقت به فرقتان موسيقيتان: إحداهما للطبولء والثانية «فرقة الأبواق التي ينفخ فيها وقت أكل الملك وعند التمرينات العسكرية وساعة الحرب» أما الفرقة الأولى فيحمل كل واحد منها على فرسه طبلا نحاسيا على هيئّة الصحنء أعلاه واسع وأسفله ضيق... تضرب عليه يد قوية متمرنة ويسمع دويه من مسافة بعيدة!!”) ونستنتج من هذا الوصف الذي أورده الوزان الفاسي المعروف بليون الأفريقي أن الموكب السلطاني كان يجمع بين التقليد والتجديد. فهو من جهة يتمسك بجوقة الطبول التي تعتبر من ألوية السلطان منذ عهد الموحدينء بيد إنه قد ضم إليها الجوق العسكري الذي ينفخ في الأبواق أنغاما شجية في وقت الراحة. حماسية في ساعة الحرب.

13

الهو امش

(1) الزجل في المغرب-القصيدة الدكتور عباس الجراري؛ ص .578 طبعة ١‏ مارس 1970 .

(2) كتاب الروض الهتون في أخبار مكناسة الزيتون. أبو عبد الله محمد بن أحمد المعروف بابن غازي المكناسي المتوضى سنة 9 ه/15!3 م مطبعة الأمنية ١1952‏ ص.21.

(3) إدريس بنجلون مجلة الفنون سنة | عدد 7 و8 ماي وينيوه 1974: ص .150 .

(4) المقدمة الباب الخامسء الفصل الثالث والعشرون. طبعة المكتبة التجارية بمصر ص .405 (5) أنظر فصل. شجرة ما يضطر باب الملك إليه-نقلا عن نفح الطيب للمقري. ج:4.

(6) الحياة الفكرية المغربية على عهد المرينيين والوطاسيين«محمد بنشقرون: الرياط» ١974‏ مط. م الخامس فاس ص .127 .

(7) نفس المرجع. ص.132

(8) الجزء الثاني ص 396 عند ترجمته لأحمد بن العربي الحضري.

(9) دعوة الحق. محمد إبراهيم الكناني جا س 10 ص 89-84

(10) للأستاذ بول رووانت. تعريب الأستاذ إسكندر شلفون القسم الأول طبعة 927اص. 22. )1١(‏ معجم سركيس: ج 3. ص 417-416

)١2(‏ مخطوطات المكتبة الوطنية يمدريد.

(13) لائحة المخطوطات العربية الموجودة بالمكتبة الوطنية بمدريد .1889

(14) أو بحرف الجيم حسب الأستاذ محمد إبراهيم الكتاني دعوة الحق ع | س ١0‏ ص 89-84 (15) الأعلام ج 2. ص 396

(16) مخطوطة بالاسكوريال رقم 142 نقلا عن محمد بنشقرون الحياة الفكرية المغربية على عهد المرينيين والوطاسيين ص 127.

(17) مختصر الإحاطة في أخبار غرناطة لليفرني لوحة 190.

(18) ابن خلدون-التعريف بابن خلدون. تصحيح محمد بن تاويت الطجي صن .85

(19) حياة الوزان الفاسي وآثاره. محمد المهدي الحجوي. المطبعة الاقتصادية بالرباط 1304 ه/ ص .88

(20) نفس المرجعء ص 80

(21) مجلة الثقافة المغربية العدد 4 سنة ١97١(‏ ص 102-87/ دعوة الحق عدد 7 سنة 2!. ص 62 - 65)

(22) أنظر تقريرا لمشاهد أجنبى نشر فى مجلة تطوان العدد 9 سنة 1964. ص 142.

(23) المقدمة الباب الخامس الفصل الثاني والثلاثون. طبعة المكتبة التجارية بمصر ص .425 (24) نفس المرجع ص .425 المحرر

(25) تحدث ابن خلدون عن رابع علوم الفلسفة والحكمة وهو العلم الناظر في المقادير؛ فذكر أنه اشتمل على أربعة علوم؛ تسمى التعاليم: أولها علم الهندسة وثانيها علم الارتماطيقيء وثالثها علم الموسيقى وهو معرفة نسب الأصوات والغم بعضها من بعض وتقديرها بالعدد وثمرته معرفة

1 4

الموسيقا على عهد المرينيين والوطاسيين

تلاحين الغناء؛ ورابعها علم الهيئة.. 479) وقد عاد-تبعا لسياق البحث-ليتناول هذه العلوم في فصول مستقلة. فخص علم الارتماطيقي بالشرح والتحليل في الفصل الرابع عشرء وخص العلوم الهندسية بمثل ذلك في الفصل السادس عشر. ولكنه لم يفعل بعلم الموسيقى وهو ثالث العلوم الناظرة في المقادير-ما فعله بالعلوم الآخرى؛ الآمر الذي يدعو إلى الحيرة ويحمل على التساؤّل عن دواعي إمساك ابن خلدون عن شرحه بالرغم من انعقاد عزمه على ذلك كما ذكر في الفصل الذي عقده عن الغناء فقال معقبا على التناسب الذي يحدث بالتركيب: «وهذا هو التلحين الذي يتكفل به علم الموسيقى كما نشرحه بعد عند ذكر العلوم» (صفحة425)

(26) نفس المرجع الباب السادس. الفصل الثالث عشر. ص 479

)27( دروس في التأليف الموسيقي. فانسان دندي الكتاب الآول ١912 , ١1912‏ نم00 ./رلسآبل غمععصذما عالنآ 1 وعلوعذ5ن8 كممةزوممحدمء عل 1912

(28) المقدمة ص425

(29) روضة التعريف بالحب الشريف. تحقيق د . محمد الكتاني. دار الثقافة. البيضاء ج ا من 7 إلى 390.

(30) التعريف بابن خلدون. عبد الرحمن بن خلدون. تحقيق ابن تاويت الطنجي. القاهرة ١95ام-‏ 0اه. ص 167-166.

(31) نفح الطيب. المقري. الجزء 4.

(32) نفس المرجع ص 241

(33) الحياة الفكرية المغربية على عهد المرينيين والوطاسيين «محمد بنشقرون» ص. 32ا

(34) لمقدمة؛ الباب الخامس. الفصل الثاني والثشلاثون ص.423.

(35) نقلا عن مشاهدات صاحب الأعلام. الجزء الثاني. ص 397-396 المطبعة الملكية بالرباط 1974 (36) المقدمة صن 423.

(37) نفس المرجع ص 658

(38) تاريخ الموسيقى العربية. فارمر نقلا عن مخطوط مدريد رقم 603 ص 248.

(39) الجزء الثانى ص 190

(40) المقدمة ص 424.

(41) سميح الأعشى الجزء الخامس ص 308 المؤسسة المصرية العامة

(42) المقدمة ص 260

(43) يسميه ابن أبي زرع في «الذخيرة السنية» المخضب بن عسكر.

(44) الجزء الآول ص ١97‏ طبعة مصر.

(45) صبح الأآعشى الجزء الخامس ص.203 المؤسسة المصرية العامة.

(46) ابن بطوطة الجزء الرابع ص405 طبعة باريس.

(47) المقدمة ضص: 260

(48) نفس المرجع ص: 260

(49) نفس المرجع ص: 258

(50) مخطوطة محفوظة بالخزانة الملكية تحت رقم 3267

.95-94. حياة الوزان الفاسي وآثاره المطبعة الاقتصادية بالرباط ص‎ )5١(

15

الموسيقى على غهد السعديين ,١09-507(‏ ه/ --1104ام)

كان لازدهار الحركة الاقتصادية في عهد السهد ببق انعا باه اطبية شن الباذين النقية والأدبية, فقد ساعدت على ازدهار الفن المعماري الذق نا كرا اخارمحاقتة عن كلتيا لخدي سه ذوق- النثاة والمهتدسيق: كما ساغدة على ازدهان فو |الرسيق وبخاسة اق البجرة الكبرى اناس الأندنس. على أن مما ينبغي الإشارة إليه هاهنا أن بعضن ظناتي الغرب آتذاك بلغوا من المستوى الغني ها أهليم لابتياع يعكن ابناليب الثاليف الوسيقي: ناهيك من نوبة للاستهلال وميزان الدرج.

اما ترية الانبقيلال فق خاء ايتكارها على كد الفنان الحاج علال البطلة وزير عبد الله محمد بن الشيخ. وهو بلا ريب فتح جديد في الموسيقى الأندلسية أضاف إتى النويات اللقداوقة اتذاك إمكانيات أخرى في التعبير الفني وفتح آفاقا جديدة لاايتكار افكت هرا اللزلفين وأمدثها يتقين

حديد.

717

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

هذا ويرى الأستاذ محمد المنوني إن فناني العصر السعدي ذهبوا إلى أبعد من ابتكار طبع الاستهلال: ذلك أن الوجدي الذي يغلب على ظنه إنه هو محمد بن علي الوجدي ثم الفاسي الملقب بالغماد المتوفى سنة ١033‏ ه. أضاف إلى منظومة عبد الواحد بن أحمد الونشريسي المتوفى عام 955 ه. التي استعرض في أبياتها سبعة عشر طبعا أبياتا أخرى استدرك فيها ستة طبوع هي : الاستهلال. والمشرقي الصغيرء وعراق العجم, والمجنب. وحمدان؛ وانقلاب الرمل. وقد عقب الأستاذ المنوني على هذا الاستدراك بقوله: «لا يبعد أن تكون الطبوع الستة مما أضافه المغاربة لهذه الموسيقى في عصر السعديين سيما وقد ذكر بينها طبع الاستهلال وحمدان وقد علمنا أن طبع الاستهلال اخترع بفاس أيام السلطان السعدي محمد الشيخ: كما علمنا أن طبع حمدان استخرجه مغربي من سوس”2": على إنه إذا لم يكن هناك ما يحمل على الشك في نسبة اختراع الاستهلال إلى موسيقي مغربي هو الحاج علال البطلة فإن من الباحثين من يرجع أصل طبع حمدان إلى سوس من بلاد إيران. الآمر الذي يدعو إلى الارتياب في صحة ما ذكره البحاثة الأستاذ محمد المنوني. ا

وإذا جاز لنا أن نعتبر ابتكار نوية الاستهلال فتحا جديدا في دنيا اللحن والمقامات: فلقد جاء ابتكار الدرج ليكلل تاج الإبداع بما أضفاه على الموسيقى الأندلسية من حلل في دنيا الإيقاع؛ ذلك أن الموازين الأندلسية التي كانت شائعة لم تكن تعدو الأربعة. هي البسيط والقائم ونصف. والبطايحي. والقدام. فأصبحت خمسة بعد ابتكار ميزان الدرج الذي يظهر أنه اشتق اسمه هذا من كونه درج في ميزان البطايحي. ويعتبر هذا الابتكار مغربيا صرفاء إذ لا وجود بتاتا لميزان الدرج في المالوف التونسي ولا في الغرناطي الجزائري.

وقد كان من نتائج هذا الابتكار أيضا إغناء الموسيقى المغربية بألحان وموازين جديدة زادت في إنماء التراث المغربي.

وإلى جانب هذا اكتملت على العهد السعدي. قفأصبحت تضم ضروبا من النظم الشعري من صنعات فصيحة وأزجال وموشحات. وبراول مغربية تمتاز بشعبيتها وخفة ألحانها.

ومن جهة أخرى فإنه ما إن أطل عصر السعديين حتى ظهرت في مجال

718

الموسيقا على عهد السعديين

الوسيقي والتفاء اوزان جديدة شى اللحون سح الخبيت وجكسو لعشا والمشتت والسوسيء وهي بحور سنعود إلى تفصيل الحديث عنها في الفصل الخاص باللحوق.

على أن ما امتاز به هذا العصر هو استحداث ظاهرة الصروف في عالم الزجلء ويرجع الفضل في ذلك لعميدي الزجل المغربي في ذلك العصرء وهما عبد العزيز المغراوي 10 وا١)‏ والمصمودي من بعده (أوائل ق .)١١‏ فقد رأيا بما أوتيا من رهافة ذوق وواسع خبرة بالملحون أن الزجل كان يخلو من أية قواعد أو ركائز يعتمد عليها في نظم القصائدء وإنما كانت العادة أن يقيس الناظم على قصائد غيره: فاتخذا الصروف مقياسا لوزن الأبيات. والصروف نوعان:

-١‏ الدندنة: وهي قائمة على «دان دان» وهو مقياس موسيقي صرف انتكرن الكراوق» وسح الأأركلة على قنابيفيا قرام بالنسبة للبييث الخالى مضخ شمعة ابن علي:

ايلا باكيا بسقامك سوقي سقام حالي

من قيس وأرثوآفناه أغرام حب ليلى أدان دان داتني داتني ياداندان داتني

أدان دان دا اتن يدان يااندانداتني وكذا قولهم بالنسبة لحرية «المزيان» للعلمي: حن واشفق واعطف برضاك يالمزيان

لااسماها يهان اقاعة نا توناجيزر دان دائني يا داني دان دان يادان

دان دائني يا دئنتي دان دان داني

2- مالي ومالي: هي صروف ابتدعها المصمودي. ومن الأمثلة عليها قولهم عن «وردة ابن سليمان».

لا تلوموني في ذا الحال جيت نشهد وانودي

ياعدولي فال موت أسبابي خد فوردا للايامولاتي للاويا مالي مالي

للايامولاتي للا ويا مالي مالي إل تفاع الستووظ متوهيها الشد رده «ينقترد |9 نا لشفو زليه التستعوابة

70

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

الأوزان السالفة الذكر-طفرة جديدة وحدثا هاما في تاريخ تطور الموسيقى الشعبية المغربية عموما والملحون خصوصا.ء وهو يرتبط كما نرى بالإيقاع الموسيقي الذي يعتبر من أبرز العناصر التي تقوم عليها اللغة الموسيقية, وكان الغرض من وضع هذه الوسائل أن تساعد كلا من الناظم والمنشد على ضبط الإيقاع الموسيقي.

وأحسب إنه لو قدر لهذه الصروف أن تتبلور وتستغل كامل الاستغلال من طرف الموسيقيين لتحولت في النهاية إلى رموز ومصطلحات موسيقية صرفة؛ نستطيع اليوم أن نسلكها في عداد الأوزان الموسيقية البسيطة والمركبة بأنواعها الثنائية والثلاثية والرباعية» ولكن المنشدين آثروا ركوب سبيل التقليد والمحاكاة وساروا في إنشادهم على هدى من القصائد التي كانوا يتخذونها مقياسا لهم ومعيارا.

ولا بد من وقفة قصيرة نستعيد فيها ذكرى أمام الزجالين بالآندلس أبي بكر. محمد بن قزمان (555-480) وهو يقول في أحد أزجاله:

ونجوم الس عد تلعطعلع

ونوارااليلمنتفتح وف ا الطه سسا ودن دن دن ولع بوك حكحكح”

فإن صدى بيته هذا ما فتىّ يرن في الآاذان حتى اقتبس منه المغراوي دندلته.

ويخيل إلينا إن هجرة الموسيقى الآندلسية التي شهدها المغرب على عهد المرينيين والسعديين كانت ذات أثر سلبي على حركة تطور فن الملحون الذي تبنى أنغام الآلة منذ نشأته الأولى؛ فجاءت الهجرة الفنية لتشجع شيوخ الملحون ومنشديه على تبني أوزان الآلة مثلما تبنوا مقاماتهاء ومن ثم فلا عجب أن نرى المصمودي الآنف الذكر يثور على الدندنة ويقترح أن يستبدل بها مالي قائلا: زولوا علينا داني داني. فات وقتها. واعملوا لنا مالي مالي «ثم لا عجب بعد ذلك أن يلمس من بعده من الشيوخ أن الصروف لا تكفي لضبط الإيقاع فيضطر الوزان أن يضيف إليها بعض الكلمات التي يشد بها الميزان مثل الراداءسيدنا-للامولاتي...».(4)

ومهما يكن من أمر فإن رواد الملحون إذا كانوا قد أجمعوا على الأخذ

الموسيقا على عهد السعديين

بأنغام الموسيقى الأندلسية وأشاعوا استعمالها في قصائدهم فلقد وقف بعضهم من أوزانها غير هذا الموقف. وراحوا يبتكرون أصنافا من الإيقاعات والموازين.

وإلى جانب ما عرفته الموسيقى الأندلسية وطرب الملحون من ازدهار في العهد السعديء فلقد سار فن المديح بدوره في طريق التقدم؛ وذلك بفضل المنصور السعدي الذي «جعل من المولد النبوي أكبر احتفال رسمي للدولة والأمة. فكان يقيم في قصره الحفلات الفخمة التي تزدان بالشموع الموقدة وعزف الأجواق الموسيقية وإنشاد القصائد المولديات» وترنم المسمعين بأشعار وموشحات رجال الصوفية القدماء».(5)

ولقد أشاد أكثر من واحد بصنيع المنصور في ليلة المولد النبوي. فهذا أبو الحسن التمجروتى المتوفى سنة ١003‏ فى رحلته المسماة «النفحة المسكية في البتقارة التركيه يستف امعتانه ميز افق عاخ 998 فيقول في هذا الصدد: «وأنشدوا القصائد ومقطعات في مدح النبي المكرم وفضل مولده العظيم؛ ونظموا في ذلك الدر المنظوم, وبالغوا في ذلك وأطنبواء وتخلصوا منه إلى ذكر أمير المؤمنين وتفننوا في مفاخره العلمية؛ وانبسطوا بألسنة فصاح ونغمات ملاح وطرائق حسنة؛ وفنون من الأوزان المستحسنة؛ فأصفت الآذان عند ذلك بحسن الاستماع إلى محاسن السماع». وهذا أحمد بن القاضي المكناسي في الباب الرابع من كتابه «المنتقى المقصور على محاسن الخليفة المنصور» ينوه بما كان يولي لهذه المناسبة العظيمة من حفاوة وتقدير. أما الفشتالي فقد ترك لنا وصفا كاملا ودقيقا لبرنامج الاحتفالات التي كانت تقام بهذه المناسبة نستخلص منه ما يمس الجانب الموسيقي دون غيره. قال: والرسم الذي جرى به العمل... إنه إذا اطلعت طلائع ربيع الأول... توجهت العناية الشريفة إلى الاحتفال له بما يربي على الوصف... فيصير الرقاع إلى الفقراء أرباب الذكر على رسم الصوفية من المؤذنين النعارين في السحر بالآذان... حتى إذا كانت ليلة الميلاد الكريم... تلاحقت الوفود من مشايخ الذكر والإنشاد... وحضرت الآلة الملوكية... فارتفعت أصوات الآلة وقرعت الطبول؛ وضج الناس بالتهليل والتكبير والصلاة على النبي الكريم... وتقدم أهل الذكر والإنشاد يقدمهم مشايخهم... واندفع القوم لترجيع الآصوات بمنظومات على أساليب مخصوصة في مدائح النبي

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

الكريم صلى الله عليه وسلم؛. يخصها اصطلاح العزف بالمولديات نسبة إلى المولد النبوي الكريم؛ قد لحنوها بألحان تخلب النفوس والأرواح؛ وترق لها الطباع؛ وتبعث في الصدور الخشوع؛ وتقشعر لها جلود الذين يخشون ربهم؛ يتفننون في ألحانها على حسب تفننها في النظم. فإذا أخذت النفوس حظها من الاستمتاع بألحان المولديات الكريمة تقدمت أهل الذكر المزمزمون بالرقيق من كلام الشيخ أبي الحسن الششتري رضي الله عنه وكلام القوم من المتصوفة أهل الرقائق. كل ذلك تتخلله نوبات المنشدين للبيتين من نفس الشعر... «ومما يدل على رقة طبع المنصور وولعه بالآلحان العذبة ما رواه الفشتالي من أن «الشأن في الإنشاد أن يقف الشاعر بازاء المسمع مستنيبا إياه في إنشاد ما حبرى

وغير بعيد عن المحافل الرسمية بالبلاد. كانت الزاوية الدلائية بدورها ملتقى للمنشدين بمناسبة المولد النبوي, يجتمعون فيها فينشدون القصائد والموشحات والأزجال في مدح الرسول الكريم. ولقد بلغ الذوق الموسيقي في هذه الزاوية درجة رفيعة أصبح معها الشيخ محمد بن أبي بكر الدلائي نفسه-وهو ابن مؤّسس الزاوية-رقيق الطبع ميالا إلى السماع شديد التآثر به. فبلغ ذلك شيخه أحمد بن القاضي فكتب إليه يقول:

عهدتك ماتصبووفيك شبيبة

فمالك بعدالشيب أصبحت صابيا فأجابه الدلائي بقوله: نعم لاح برق الحسن فاختطف الحشا فنك حيتحةه من فك ما كان آحنتا

على أننا لا يسعنا أن نودع عصر الأشراف السعديين دون أن نعرج على البوادر المبكرة للتأثير الأجنبي في الموسيقى المغربية. فلقد أصبح المغرب آنذاك محط أطماع دول الجزيرة الأيبرية التي تهاجمه من الشمال والغرب. على حين قامت تواجهه في خط الحدود الشرفية جيوش الإمبراطورية التركية التي أقامت بالجزائر حكم الدايات منذ القرن السادس عشر الميلادي.

ولقد أمكن لبعض الأنظمة الأجنبية أن تتسرب إلى المغرب على تلك الأيام؛ فتأثر المغرب ببروتوكول البلاط العثماني في تقاليده وملابسه ونظام

الموسيقا على عهد السعديين

مقابره وتزين ملوكه بزي الأتراك وجروا مجراهم في كثير من شؤونهم «واتخذوا لأنفسهم الألقاب السلطانية». كما تأثر المغرب بالهندسة المعمارية الأوربية؛ فأقام حصونه على شاكلة الحصون البرتغالية والأسبانية واستفاد من خبرة أوربا البحرية في تنظيم المواني والمراسي. يقول المؤرخ البرتغالي دياما دوكوا في هذا الصدد : «وكان بها (أي أزمور) عدد كثير من البرتغاليين الذين أخن عنهم ا السكان طريقة البناء وأنماط العيش».

وما من شك في أن استقرار الجاليات الأجنبية بالمواني والحصون المغربية المحتلة. وممارسة هذه الجاليات لحياتها اليومية وطقوسها الدينية وأعرافها الاجتماعية استلزم أن تشاد الكنائس وتقام الصلوات ويتلى القداس؛ كما استلزم أن تتخذ الحاميات العسكرية فرقا موسيقية لا غنى عنها سواء في أيام السلم أو الحرب.

ولعل أبرز هذا التأثير المبكر أن يكون الموكب الملكي قد تبنى نظام الجوقة العسكرية النحاسية؛ هذا النظام الذي أثبت المؤرخون وجوده بكيفية لا تقبل الجدال أو الشك في استعراضات الجيوش أو لدى تنقل المواكب الملكية: وأن يكون المغرب أيضا قد تلقى أولى تركيبات الموشح الشرقي مع الوفادات التركية التي انطلقت من أرض الجزائر أو وجدت لها مستقرا بين الجنود المغربية النظامية أو بين قراصنة المغرب في سلا وغيرها .(8)

وعلى الرغم من ضحالة المصادر التاريخية التي من شأنها أن تمدنا بما يساند ما انتهينا إليه ويرفع عنه مظهر الاستنتاج الخاصء فإن التقصي في البحث والنظر في بعض الزوايا المظلمة من تاريخنا كثيرا ما يقفان بالباحث على بعض الوقائع التي تؤيد ما نذهب إليه. من ذلك ما ورد في تقرير الطبيب اليهودي الذي كان يرافق المولى عبد الملك السعدي والذي بعث به إلى أخيه من مدينة فاس في ١6‏ أغسطس 578 . فقد ذكر أن المنصور السعدي أمر بدفن أخيه المولى عبد الملك في حفل عظيم كان فيه «القوم يقرعون الطبول ويزمرون بالمزامير .»!*)

وفي اعتقادي أن إيراد لفظ المزامير في صيغة الجمع ليس من قبيل تعدد الآلة في صورتها الواحدة؛ ولكنه إشارة إلى تنوع آلات النفخ مما يدل على وجود جوقة نحاسية بمفهومها الجديد.

وتأتي وثيقة تاريخية أخرى لتسعفنا بما يزيد عن تأكيد التأثير الأجنبي

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

في الموسيقى المغربية خلال العهد السعديء. وذلك من خلال ما حكاه أبو العباس أحمد المنجور فى فهرسه عن معاصره الفقيه عبد الواحد بن أحمد الونشريسي 955 ه) وهو في أحد مجالسه العلمية يدرس فرعي ابن الحاجب. حيث قال عنه: «وكان يهتز عند سماع الألحان وآلاات الطرب لاعتدال مزاجه وقوام طبعه. ومن رقته وذكاته أنه كان يدرس يوما فرعي مصحوبة من الزمارة المسماة عند العامة بالغيطة؟؟ والأطبال والبوقات فأخرج رأسه من الطاق قأصغى لذلك وقال: ما تأتى هذا لأصحاب العمارية حتى أنفقوا فيه مالا معتبرا؛ ونحن نسمعه مجانا فكيف لا نفعل)»9" فإن هذه الحكاية-بالإضافة إلى كونها تكشف عن اهتمام الفقيه عبد الواحد الونشريسي بالموسيقى وولعه بسماعها-لتدل بشكل واضح على تسرب البوقات إلى العمارية: وهى أحد الأنماط الموسيقية الشعبية التى تشبه إلى ترافق العروس المحمولة إلى بيت زوجها داخل هودج مكسو بأثواب حريرية.

على أننا نجد فى كتاب «أغانى السقا ومغانى الموسيقي*"» الذى ألفه إبراهيم بن محمد التادلي الرباطي في العقد الأول من القرن الرابع عشر للهجرة ما يؤكد هذا الاستنتاج؛ ذلك إنه ذكر من بين النغمات الموسيقية الشائعة في عصره أي قبل 883ام-طبوعا أربعة وهي: بشراف,. وتركي؛ وتركي مغلوق. وتركي بالزوايد'!'' وهي طبوع لأمراء في نسبتها إلى تركياء أصلاء لا اقتباسا بل إن أولهاء وهو البشرف بعد حذف حرف المد يتجاوز مفهوم الطبع ليرقى إلى مفهوم أوسع وهو«إحدى حركات النوبة التركية التى تعنى الاستهلال على الآلات» 212

وقد أدرج صاحب الكتاب الموماً إليه هذه الطبوع الأربعة تحت صنف من النغمات المغربية أسماه ألحان أجواق الطبول والمزامير». وهي إشارة ترتبط بمشاهدة الطبيب اليهودي وتؤكد ما ذهبت إليه من تسرب الآلات والمصطلحات الموسيقية التركية إلى المغرب فى القرن السادس عشر من الميلاد. (*) الغيطة: آلة موسيقية شعبية مغربية (من آلات النفخ) المحرر (*1) ذكر العنوان في كثير من المصادر (أغاني السبقا وأغاني الموسيقى) المحرر

84

الموسيقا على عهد السعديين

ولعل مما يزيد في تأكيد الاستنتاج الذي انتهيت إليه رواية أخرى حول ظروف ابتكار طبع الاستهلال: ساقها أحمد بن محمد الحضري في مجموعه حين قال: (فرع من الذيل؛ استخرجه الحاج علال من مدينة فاس. وكان من وزراء الأمير عبد الحق المريني... . وكانت له قدم راسخة في علم الموسيقى. فلما قطع الأمير عبد الحق إلى الجزيرة الخضراء برسم الجهاد. جاز معه الحاج علال ليستفيد من أهلها ما يستفاد؛ فلما قدمها سمع بخبره أهل فنه... فتلقوه وطلبوا ضيافته للسلطان ومشوا به إلى دار الزعفران....

الغيطة

فنا اتكم الشمل وكمل الت وحكسس ]هل الآنة واريات الكناب تكليك الأنغام الموسيقية وجاوبها أهل اللطافة والرقة بأنغام الديل الشجية:؛ ثم اسشفيطة لاع مال مرح تنيت هن" اليم وصيست إلى مكالن مرتشع وهلان يه على رلرنى الحعف لهذا بسي ب الانيتي اال امتحييةة اهل الجرورة غاية الاستحسان... فلم يخرج علال من الجزيرة حتى أخرج معه الطبوع

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

كلها ... وهو أول من أتى بالآلة إلى المغرب».(13)

وبالرغم ا من الشك الذي يخامرنا في صحة كثير من المعلومات التي يسوقها الحضري في روايته هذه عن الظروف التاريخية التي تم فيها ابتكار طبع الاستهلال وعن شخص الحاج علال (البطلة) الذي تكاد المصادر التاريخية تجمع على أنه عاش في العصر السعدي وليس في العهد المريني. وكذا عن تنقله إلى الجزيرة الخضراء صحبة السلطان واحتفاء أوساطها الفنية بمقدمه على النحو المذكور. ثم عما زعمه من أن الحاج علال هو الذي نقل الطبوع كلها من الأندلس إلى المغرب. بل هو الذي نقل الآلة الأندلسية, وكأنما كانت وسائل التواصل المعرفي بين العدوتين مقطوعة من قبل وحتى في فترات الوحدة التي جمعت بينهما عبر فرون... بالرغم من كل ذلك فإن رواية الحضري تنطوي على ما من شأنه أن يشير إلى استلهام طبع الاستهلال من الموسيقى الأسبانية التي لا نحسب إلا أنها استطاعت أن تكتسح معاقل الإسلام في ربوع الآندلس رفقة الجيوش المسيحية وجحافل النصارى الذين كان دأبهم يومئذ-وبوحي من تعاليم محاكم التفتيش-مطاردة كل معالم الثقافة العربية والإسلامية وبالتالي إرغام المسلمين المدجنين على الظهور بمظهر النصارى كالتخاطب بلغتهم والتزيي بزيهم وترتيل صلواتهم الكنسية وأناشيدهم الشعبية.

وهكذا تأتي رواية الحضري-بالرغم مما يعتورها من اضطراب-لتدلنا على وجه من وجوه التأثير المبكر للموسيقى الأوربية في الموسيقى المغربية: مقاه”** ضو من الديوان الكبير والذي تحمل ألحان نوبته في طريقة بنائها وتركيبها كثيرا من الخصائص والسمات التي تطبع أسلوب التلحين في الموسيقى الأوربية الكلاسيكية.

ويزيد في تأكيد هذا الاستنتاج ما ذكره مؤرخ وشاهد عيان شغل وزارة القلم عند المنصور الذهبي,» وهو أبو فارس عيد العزيز محمد الفشتالي المتوفى سنة (03! ه إذ قال فى وصف موكب المنصور «وأمامه الطبل العظيم الذي دوى صوته على البعد؛ ومن خلفه الطبول الأخرى التي تقرع مع المزامير المعروفة بالغيطات (واحدتها غيطة) يتولى النفخ فيها قوم من

)22# مقام ضو: مقام دو 260 المحرر

كن

الموسيقا على عهد السعديين

العجم أساتيذ يتعلمونها .. ومزامير أخرى؛ وجعاب طوال صفرية على مقدار النفير تسمى الطرنبات06*0 5 مما أحدته أمير المؤمنين أيضا فى دولته وزادت به دولته على غيرها فخما وضحامة.14)

ولكم هي ذكية وعميقة تلك الملاحظة الفنية التي أبداها الفشتالي الوم إلية متك كلل عندما :قال وهو ينبت الألحاق التي تصدر عن اللؤامير التي يتولى النفخ فيها قوم من العجم: «تنبعث منها أصوات وتلاحين لا تحرك الطبع ولا تبعثه على شيء سوى الحرب فإنها تشجع الخيل وتقوي جأش الخائف حكمة فيلسوفية» !”2 فلكأنه يحكي عدم تجاوب الشعب مع هذه الألحان ذات السمة الأجنبية التي لا تحرك الطبع ولا تهز المشاعر الرقيقة وإنما تستفز المحارب ليشرع السلاح وينطلق به إلى ساحة القتال؛ أو لكأنه يسبق المرحوم عباس محمود العقاد إذ يقول: «إن موسيقى الحس والقلب أقرب إلينا-نحن الشرقيين-من موسيقى الخيال والدماغ».4")

ثم لكم هي مفيدة أيضا هذه الانطباعات التي نقلها إلينا الفشتالي؛ فإنها لتوقفنا بإلحاح لنقرر الحقائق التاريخية التالية:

- أحدث أحمد المنصور السعدي نظام الجوقة العسكرية ليزيد من فخامة دولته وضخامتها.

- كان العازفون المنخرطون في الجوقة أجانب وكانت الألحان التي يرددونها أجنبية أيضاء وهي من قبيل ما نصطلح على تسميته اليوم بالموسيقى

(*3) الطرنيات: الترمبيتات المفرد ترمبيت اءم0:ن:1 المحرر

6867

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

العسكرية ولذلك فقد 000 عن الطبع المألوف لدى الشعب المغربي.

- كانت الآلات الموسيقية المستعملة نحاسية؛ وهي بالذات الآلات التي تحتضنها أسرة النفخ الكبيرة بمافيها التروميا وعناءمصدء] والكورنيت داعم ه60 والكاسات المعدنية 07262165 والبوق +00 والتروميون 65ههه1*0 لقد نتج

آلة الترومبون

عن هذه المؤثرات ظهور آلات موسيقية بالمغرب وخاصة منها آلات النفخ النحاسية؛: على أن ظهور هذه الآلات لم يغير-فيما يبدو-من نظام المقامات الموسيقية المعروفة بالمغرب. كما لم يؤثر في طريقة العزف المتوارثة. فلقد حافظت المقامات الأندلسية والشعبية على طابعها الأصيلء وظل الآذان المغربي وطرق ترتيل القرآن-بله الأغاني البربرية-في حمى من تأثير الألحان التركية التي يظهر أنها غيرت بشكل بارز المجرى الأصيل للخطوط اللحنية

الموسيقا على عهد السعديين

في كل من موسيقى الجزائر وتونس. وإن من أوضح سمات هذا التغيير أن يتسرب ربع النغمة إلى الطبوع الآندلسية المنحدرة إلى تونسء على حين تبقى أخواتها بالمغرب قائمة على درجات السلم الطبيعي.

وإنا لنجد في حديث ابن خلدون عن صناعة الغناء ما يكشف عن سر تحفظ المغاربة في تلحين القرآن لدى ترتيله؛ فلقد تمسكوا بمذهب الإمام مالك الذي أنكر القراءة بالتلحين: وما زال تمسكهم بهذا الرأي ديدنهم على الرغم من عوامل التأثير التي عرفها المغرب وخاصة من طرف العثمانيين بالجزائر على عهد الوطاسيين والسعديين. ولذلك حافظ فن التجويد على تقاليد الأداء المغربي القديم «ولم يخرج عن حدود الأداء المعتبر في القرآن الذي يهتدي إليه صاحب القابلية أو المضمار»على حد تعبير ابن خلدون .(7')

تلك كانت البوادر المبكرة للتأثير الأجنبي في الموسيقى المغربية على عهد الدولة السعدية. وهي مؤثرات شقت طريقها إلى بلادنا عبر الحدود الشرفية تتحييل إلينا بميضا من ملاس الوسيقى التركية أو اتعدريث إلينا من دول الجزيرة الأيبرية عبر الحملات العسكرية ومن وراء الأسلاك الشائكة والأسوار السامقة التى تحضن معسكرات الغزاة المحتلين: وإذا كانت كل تلك الؤخرات لم جمدكهما سبق أن أكدنا-مجال الآلات الموسيقية فإن فتوحات المنصور الذهبي في الجنوب-على النقيض من ذلك-حملت إلى المفرب إمكانيات جديدة للتعبير اللحني والإيقاعي استطاعت أن تتغلفل في أعماق المجتمع المغربي وأن ترسم على الينام اللحني والإيقاعي الطلياها بيكا ما يزال يؤكد وجوده في بعض أغاني الجنوب كأغاني كشناوة التي جلبها المنصور السعدي على أثر حملاته العسكرية الموفقة في أرض السنغال ومالي.

وأحسب أن انطباع الموسيقى المغربية بهذه السمات الأفريقية جاء ليؤكد مرة أخرى الصلة القائمة بين موسيقى المغرب وموسيقى الشعوب الأفريقية: هذه الصلة التي ما فتثت الأحداث تطعمها على مر التاريخ المشترك.

ذلك أن حملات المنصور الذهبي هذه لم تكن هي أولى أسباب الاتصال بين المغرب المسلم وبين السودانء فإن التاريخ يؤكد أن التعامل بين الجارين يعود إلى ما قبل قيام دولة السعديين بقرونء, أي منن أن استطاع الفاتحون الأولون والتجار المغاربة من بعدهم ارتياد إقليم السنغال ومالي عبر الصحراء

690

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

المغربية الجنوبية. وما من شك في أن تلك الاتصالات البكرة قد أتت أكلها وفتحت باب التعامل على مصراعيه سواء في المجال التجاري والعلمي أو الفني: ولتأكيد ظاهرة التبادل الفني في ميدان الموسيقى نسوق هنا ما ذكره المؤرخ المغربي ابن غازي المكناسي في كتابه «الروض الهتون في أخبار مكناسة الزيتون» قال في صدد الحديث عن أحد علماء هذه المدينة أيام الموحدين:

«واقتصر على الفلاحة ببلدة تاورا (حارة بمكناس تقع على ضفتي وادي فلفل المعروف اليوم بوادي بوفكران) فخرج للقاته أهل تاورا أوفر ما كانوا عددا وثروة. ومعهم السودان المسمون هنالك عبيد الحرمة؛ رجال السودان يلعبون الثقاف بالحديد؛ ويرقصون: ونساؤهم يضرين آلة اللعب ويغنين, والزامر يزمر عليهم بأبي قرون».!19)

على أن العهد السعدي بلغ في توطيد أواصر اللقاء بين الجارين الكبيرين شأوا بعيداء وفتح باب التعامل بينهما بأوسع مما كان عليه من قبلء؛ نظرا للاهتمام الخاص الذي أولاه أحمد المنصور للمناطق الجنوبية المتاخمة لحدود المغرب. فنحن نعلم أن القائد محمود ما كاد يستشعر لذة النصر والفتح حتى أوفد إلى المنصور السعدي هدية عظيمة كان فيها من الذخائر مالا يحصىء ومن أحمال التبر وسروج الذهب الخالص ما لا يقاس؛ غير أن الذخيرة البشرية لم تكن بأقل من كل ذلك شأناء فلقد ضمت الهدية ألفا ومائتين من الجواري والغلمان؛ ثم تلتها وفود أخرى ضمت رجال الدولة وعلماءها من أمثال أبي العباس أحمد بابا السوداني الذي استوطن مراكش زهاء اثني عشر عاما (014-1002اه) وأشاع في أرجاتها من علمه الدافق ما جعله قبلة لطلاب العلم والمعرفة.

وإلى جانب هذه العوامل الخارجية التي طبعت الموسيقى المغربية بمؤثرات تتفاوت حدتها كما رأيناء فقد استقبل المغرب السعدي مسلمي الأندلس الذين طردهم يليب الثالث سنة 1019ه-1610 م؛ وهم المعروفون بالموريسكوس أو المدجنين. واستوطنت أهم جالياتهم الرباط وسلا.

وما من ريب في أن هؤلاء الموريسكوس قد حملوا معهم إلى المغرب أغاني وأناشيد الأندلس التي كانت تحمل خليطا من الأنفام الأسبانية, والألحان العربية الغرناطية التي استقرت في أعماق الذاكرة العربية. وهي

00

الموسيقا على عهد السعديين

تقاوم في يأس حملات التتصير والتعجيم. ناهيك من أن هؤلاء كانوا يحدذقون اللغة الأسبانية حذقا تاماء بل ويكاد كثير منهم لا يعرف لغة سواها. ولقد نجوا فى الغناء منحى الطرب الغرناطىء. وظل هذا الفن قائما بالرياط زهاء ثلاثة قرون». حتى قيض الله لهذه المدينة علما من أعلامها الأجلاء هو إبراهيم التادلي المتوفقى عام ١3١١‏ الذي نشر الموسيقى الأندلسية علن مذهب أهل فاسء ممهدا السبيل للمرحومين سيدي عمر الجعيدي وأمبيركو الدكالى. ومجمل القولء فلقد يلغت الموسيقى بالمغرب على العهد السعدي شأوا بعيدا لا عهد لها به من قبلء وأصبح ممارسوها يلقون من الاحترام والتمحيوها يعن على إحوانيم .في المهزد'السايقة أن يلشوف يل وما يغار منه رجال العلم والقضاء. وكفانا دليلا على هذا ما رواه الناصري صاحب كتاب «الاستقصاء» فى مجال حديثه عن بعض أخبار السلطان أبى هيد الوانحد العنيدى مو كانس إلى شراكقن) على التضيوق في يعض | توانسم وأصحاب الأغانى من أهل فقاس» وقد كانوا وفدوا على المنصور على سبيل العادة فأخرج بعضصهم شباية من الإبريز مرصعة أعطاه إياها المنصور, وبعضهم قال: أعطاني كذاء وقال الآخر: أجازني بكذا مما لم يعط للقاضي وشيعته من الفقهاء. فقال القاضى: لبّن بلغت فاسا لاردن أولادي إلى صنعة الموسيقىء فإن العلم صنعة كاسدة:؛ ولولا أن الموسيقى هي العلم العزيز ما رجعنا مخفقين ورجع المغني بشبابة الإبريز.19)

وتذكرنا كلمات الحميدي هذه التى لا تخلو من حنق شديد على أرياب الموسيقى بالأبيات التي أنشدها أحد فقهاء الأندلس أيام عبد الرحمن الأوسطء وهو عبد الملك بن حبيب المتوفى سنة 238 ه فقد قال:

صلاح أمري والنذنيأبتغي

العنق :تسن اللحظكتفصسر: وأقت اهل تحوت]

لعالمأريي على بغنيته

20(( . . 0 ١

9

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

فإن البيت الأخير لينم عن حقد شديد كان يملأ نفس الفقيه المالكي على زرياب لما كان يحظى به في محافل الملك من منح سنية وهبات واسعة.

ثم كفانا دليلا ثانيا على تأكيد ما كان للموسيقى من سامي المكانة في عهد المنصور خاصة أن نرى من بين الأعلام الذين انتظموا في عقد دولته الزاهي رجلا جمع إلى معرفته بالفقه والبيان وإحاطته بالأصلين والفرائض إلماما واسعا بفن الموسيقى تنظيرا وعزفا «تعلم تلاحين العود. فكان يحرك هذا الرجل هو أبو العباس أحمد بن علي المنجور (995-926 ه) مؤلف «حاشية على عقيدة السنوسي الكبرى»» و اراق المجد في آيات السعد». وصاحب «الفهرست» الذائع الصيت.

ويحفل فهرس ال منجور باستطرادات نثرية وشعرية تكشف عن روح خفيفة ميالة إلى حب الموسيقى والغناء. وتنفض الغبار عن أخبار فنية مهمة. من ذلك:

- قصة الشيخ علي بن موسى بن هارون ا95) مع أستاذ عود الغناء أبي عبد الله الفاروز الذي أنشده وهو نشوان قول الشاعر:

ل 1 تا مححن اأفتححىئ الحورىق

مفسب تي تس زا سنا لتتفسرجع الخهسدسم در عدي ذهب أكاتالهبا ل تق ١ا‏ ص22

- امتداحه شيخه عبد الواحد الونشريسي 955) برقة الطبع وسوقة أخبارا تؤكد ذلك!23)

- تعقيبه على القصص التي يرويها بمثل قوله هذا عن الونشريسي «كان آدميا ممن يفهم لا كالحيوان الأعجم. ففهم الموسيقى عند المنجور مما يتميز به الإنسان الناطق عن الحيوان الأعجم.29)

ولعل من المفيد بعد هذا أن نلمح إلى المنظومة الرجزية التي ألفها الفقيه عبد الله بن محمد الهبطي المتوفى سنة 963: والتي أسماهاء»الآلفية السنية في تنبيه العامة والخاصة على ما أوقعوا من التغيير في الملة الإسلامية». فلقد انتقد في كثير من أبياتها أحوال مجتمعه بجبال غمارة الريفية» ورد على ما أحدثه الناس من بدع غيرت عقائد الدين الإسلامي وغيرت مفاهيمها الأصلية. ومن خلال الأبيات التي ينتقد فيها الناظم

بجسهك أوتاره أفئدة العاشقين».

02

الموسيقا على عهد السعديين

ظاهرة اختلاط الجنسين وحفلات الأعراس وأعمالء الرّفان29”: نستطيع أن نتبين ما كان عليه سكان الشمال في «مقدمة الريف» من حفاوة بالموسيقى والغناء. فهو يشير إلى اجتماع الشبان في الأعراس مثلا للغناء والرقص والطرب بالأكف والمزاهرا* طيلة أسبوع كامل. وضي ذلك يقول منتقدا: فلورأيت ما لهم فو الأعراس منكل حالةتعين الأنجماس على فسدالدينولايمان كرقصهمإذن معالنسوان قدجروزواالكفوفولمزاهر والشطح والفناإذن جهار !25 كما يشير إلى ولع سكان منطقة الريف بالغناء والرقصء حتى لا يكاد يتخلف عن محفل الزفان-وهو الاسم الذي يطلقه الريفيون على رائد حلبة الرقص الريفي-أحد أهل القرية التي يحل بها وبينما تتنهمك. النساء في لكر الم الزفان وهو ينشد الأشعار الغزلية في أزجال وبراول شعبية دارجة. 7

(*4) الزفان: الرقص. الرّفان-الراقص. المحرر (*5) المزاهر: آلات إيقاعية المفرد: مزهر. المحرر

ان

الهو امش

. 155 -104. ص‎ ١969 ود5ا سنة‎ ١4 مجلة البحث العلمي. العدد‎ )١(

(2) الزجل في المغرب-القصيدة. دكتور عباس الجراري. طبعة ١‏ مارس 1970 ص ١34.‏

(3) المغرب في حلي المغرب. تحقيق دكتور شوقي ضيف. طبعة دار المعارف بمصر الجزء الأول ص. 170.

(4) الزجل في المغرب-القصيدة. دكتور عباس الجراري ص.592

(5) الحركة الفكرية بالمغرب في عهد السعديين-دكتور محمد حجي ج -١‏ ص.23!

(6) المناهل تحقيق د . كريم. ص. 236- 237- 238

7) نزهةالحادي لليفراني ص 65.

(8) عبد العزيز بن عبد الله البحرية المغربية والقرصنة؛ مجلة تطوان عدد 3 و4 سنة 1958 - 1959 ص 70.

(9) محمد بن تاويت. مجلة تطوان عدد 9 سنة ١964‏ ص. المحرر

(10) فهرس المنجور ص .54

)1١(‏ من الباب الثاني في موضوع علم الموسيقى

(12) فارمر. المستمع العربي. سنة 10. عدد 17- 1950

(13) مجموع الحضري ص .148

(14) مناهل الصفافي أخبار الملوك الشرفاء. النص المختصر الذي حققه الأستاذ عبد الله كنون ص. 166 نزهة الحادي ص. 98- 99- المناهل تحقيق د . كريم ص 204

(15) نزهة الحادي لليفرني-ص. 98- 99

(16) من مقالة للعقاد فى مجلة الكتاب-أكتوبر 1949

(17) المقدمة الباب الخامس الفصل 23 مطبعة المكتية التجارية بمصر ص 426.

(18) الروض الهتون؛ مطبعة الأمنية سنة |197 ه 1952 م ص. 13- جاء في النفح 2 ص. 144) إنه بوق ضحم بالأندلسء؛ وذكر محمد الصغير في تذكرة النسيان (ص45) إنه يشبه البوق الكبير الموجود بالسودان.

(19) الجزء الخامس. ص. 189, 190 طبعة دار الكتاب 1955

(20) القاضي عياض. ترتيب المدارك ج: 4 ص: 139

(21) الإتحاف لعبد الرحمن بن زيدان ج: -١‏ ص: 319

(22) فهرس المنجور ص 470

(23) نفس المرجع ص 540

(24) نفس المصدر السابق

(25) مخطوط في ملك الأستاذ محمد المنوني

(26) الحركة الفكرية بالمغرب في عهد السعديين: ج -١‏ ص.219 محمد حجي.

9

الموسيقى على عهقد العلويين 9 هم 105ام

إنه ليشق على الباحث الراغب في إعطاء صورة كاملة ومستوفية لمظاهر الموسيقى في العهد العلوي أن يلم شتات هذا الموضوع. ويخلص إلى نتيجة تطمئن لها نفسه ويرضى عنها القارئ الجاد؟ ذلك أن عوائق كثيرة وصعوبات شتى تعترض سبيل البحث الذي يركبه وتغريه بالعدول عنه ما لم يتسلح بالصبر والمكابدة. وأهم هذه العوائق ما يلي:

- الاضطراب السياسي الذي عرفه المغرب في فترات متعددة من تاريخ الدولة العلوية والذي كثيرا ما حال دون اهتمام الدولة بالنشاط الفني لانهماكها في مواجهة رؤوس الفتنة من طرقيين ومتمردين ودعاة للاستعمار.

- انشغال ملوك الدولة العلوية-وخاصة في عهدها الأول-بمحاربة الاحتلال الأجنبي وهو أمر كاد وحده يستنفن الطاقة المفكرة والخلاقة للشعب المغربي. كما كاد يستبد باهتمامه على حساب القضايا الفكرية والفنية الأخرق:

- تعرض كثير من التراث المغربي للضياع:؛ وخاصة في الموسيقى الأندلسية؛ الأمر الذي أدى

95

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

إلى اختصار المعارف وتقليص ظلالها التي كانت على العهد السعدي وارفة وزاخرة.

- عدم توفر المراجع الموسيقية بين أيدي الباحثين بالقدر الذي يفي بحاجات البحثء وذلك لأن أغلب هذه المراجع ما يزال قابعا بين أكداس المخطوطات المغربية. حتى إذا توافرت لدى الباحث بعض تلك المراجع ألفاها بدورها وقد اعتمدت أسلوب السرد المجرد البعيد عن المنهجية العلمية. ناهيك من أن بعض هذه التآليف جاء على صورة منظومات رجزية. ورغم هذه العراقيل: فما ينبغي أن نتوهم أن النشاط الموسيقي توقف على امتداد العهد العلويء ولكنا نؤكد أن ما أصابه من ركود كان بسبب الأحداث الخطيرة التى عرفها المغرب خلال فترات تأسيس الدولة العلوية. من مقاومة للاحتلال الأوربي الذي كان يسيطر على المدن الساحلية. وحيلولة دون أي توسع تركي في الأقاليم الشرقية والصحراوية: وكذا في الفترة التي سبقت فرض نظام الحماية؛ والتي عرفت فيها البلاد سلسلة من المؤامرات الدولية والتآمر على مقدساتها وحرياتها. وفيما دون هذا وذلك فلقد أسهم العلويون فى تنشيط الحركة الموسيقية بالبلاد» وسنحاول فى الصفحات التالية أن نلقى بعض الأضواء الكاشفة على مظاهر هذا النشاط على أثنا نقف عند إعلان الحماية» مرجئين الحديث عما بعد سنة 19/2 إلى الباب الخاص بالموسيقى المغريية العصرية.

الآلة الأندلسية: ويقدر ما كان المغارية حريصين منن أواخر عهد السعديين وحتى نهاية عهد المولى إسماعيل على استرجاع ما فقدوه من ثغور وحصونء تحدوهم الرغبة الملحاحة في استعادة وحدة البلاد؛ فركبوا سبيل الحرب والمقاومة: مسترخصس كل غال ونفيسن: فمكذلك كان شأن المهتمين بالتراث الموسيقي-وخاصة منه الأندلسي-قلقد أقبلوا على لم شعث هذا التراث الذي عصفت به الرياح وركبوا في سبيل ذلك كل طريق فاتسم نشاطهم الموسيقي بمظهر الجمع؛ بما ألفوا من مجموعات ومنظومات رجزية يستعرضون في أبياتها ذات الوقع الرتيب أسماء الأنغام والألحان والطبوع, ويتهافتون على سردهاء وكأنما يسابقون الزمن أو يخشون عبثه بالتراث؛ أو كأنما يشفقون من ضعف ذاكرته التى تناست غير قليل من أصول الثقافة الموسيقية بعد أن عبثت بها وبغيرها من أصناف المعرفة الإسلامية يد

9

الموسيقا على عهد العلويين

الأسبان في رحاب الفردوس المفقود .

لقد كانت النوبات الآندلسية التي انحدرت إلى المغرب بعد سقوط غرناطة بمثابة سنفونية موسيقية متسقة الحركات؛ ثم أصابها من إرهاصات الزمن وتقلبات الأحداث ما أفقد حركاتها ذلك التناسق؛ فإذا هي ألحان مبعثرة يشق تأليفها على النحو الذي كانت عليه؛ ثم إذا هي حركات ناقصة أو مبتورة» يشق الربط بين أوائلها وأواخرهاء حتى إذا نفض القوم عن أكتافهم عبء حروب التحرير والوحدة, وآبوا إلى تلك السنفونية ألفوها ممزقة شر ممزق قانكبوا على أجزائهاء يلمون شعثها ويجمعون شتاتها وهم لا يحكمون في عملهم إلا ما يقره الذوق الفني المرهف وتمليه الذاكرة المتعبة.

ولقد كان الرجل إذا عثر على صنعة من تلك الصنائع أضافها إلى إحدى نوبات الموسيقى الأندلسية فيعجب الهواة بعمله؛ ويحسبون ذلك مما ابتكره وأحدثه. كما بلغ الإشفاق على الألحان من أن تتيه في دروب التناسي مبلغا عظيماء فلجاً بعض الفنانين إلى إلباس بعضها لبوسا يحميها من الضياعء؛ وذلك بأن أفرغوها في كلمات منظومة تيسر حفظها وتؤمن افيكيزارهاا:

كذلك كان الشأن بالنسبة لكثير من أعمال محمد البوعصامى التى لنها الداض ايتهان)!"؟ وفذلك كان الشآن بالنسية كا قاميه سيدى حمدون بن الحاج من تعمير توشيه” غريبة الحسين بشعر مناسب؛ بعدما كانت تؤدى صامتة دون كلام: ولأن أداءها بدون كلام عرضها لخطر |الطنياء. 8

من هذا المنطلق نجد أنفسنا مقبلين على الخوض في هذا الموضوع., ومن هذا المنطلق أيضا نجد أنفسنا وقد حددنا مفهوما آخر لنشاط الموسيقيين في العصر العلوي منن عهد التأسيس إلى إعلان عهد الحماية. ذلك أن الأعمال الموسيقية في هذه الفترة كانت تتسم بظاهرة الجمع والترتيب والإلحاق؛ في محاولة جادة لإيقاف موجة الضياع التي أخذت تجتاح التراث الأندلسي منذ الهجرات الأخيرة للأندلسيين. ومن ثم فقد وصفت بعض أعمال الفنانين خطا بأنها كانت إحداثاء في حين أنها لم تعد أن تكون تداركا لما تمليه الذاكرة فى فجواتها العابرة؛ وأن يكن هذا التدارك أحيانا قد اتخذ صورة الإبداع والابتكار.

(*) توشيه: معزوفة موسيقية على إيقاع 3 تسبق غناء النوبة. المحرر

97

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

ولعل مما يدعم هذا المفهوم أن نعلم أنه انعقد أيام السلطان العلوي محمد المتوفى سنة ١290‏ مؤتمر ضم نخبة من كبار الفنانين المغارية بقصد إعادة النظر في ترتيب النغفمات الذي اعتمده محمد بن الحسين الحايك في مجموعته. وإذ كان هؤلاء غير راضين عن طريقته التي لاحظوا عليها الخلط خرجوا من جمعهم بترتيب جديد لصنائع كل ميزان من موازين النوبات المتداولة يومذاكء. وهو الترتيب الذي نقح فيما بعد باقتراح من وزير السلطان الحسن الأول محمد بن العربي الجامعي عام ١203‏ ه/885١-‏ 6 م ثم وضع على أساسه «مختصر مجموعة الحايك» الذي أصبح اليوم عمدة الموسيقيين ومرجعهم./3)

وقبل أن نبدأ في استعراض الترتيبات الفنية نجد أنفسنا بادئّ ذي بدء مندفعين إلى الأعراف بأن أغلب الأشخاص الذين أنجزوها كانوا بحق من كبار الفنانين المغاربة الذين إن يكن قد فاتهم أن يبدعوا في مجال الألحان فما فاتهم أن يبدعوا في مجالات فنية أخرىء. ذلك أنهم كانوا يجمعون إلى ثقافتهم الموسيقية النظرية العامة إلماما واسعا بالتراث الأندلسي الذي يرجع إليهم فضل استمراره إلى عهدنا الحاضرء ودراية بطرق العزف على الآلات الموسيقية كالعود والرباب وموهبة فذة في الغناء. واستعدادا طيبا لنظم القريص وبكلمة موجزة فلقد بلغ هؤلاء درجة مثلى من رهافة الذوق ورقة الحاشية وسعة الثقافة.

وعندما يتاح للقارئ أن يتصفح ما نظمه بعض هؤلاء الفنانين من الشعر من خلال الدواوين الشعرية أو المراجع الأدبية المتفرقة فسيلاحظ أنهم قلما نظموا موشحة أو زجلا أو قصيدة في الوصف أو الغزل إلا وانعكست في بعض أبياتها تلك الروح الموسيقية التي حملوها بين ضلوعهم من خلال الصور الرائعة التي بثوها في منظوماتهم. فمن طائر يشدو. وتحت الشجرة ظبي يستلهم الأوتار لحنا جميلا كقول محمد بن الطيب العلمي من توشيح عارض به توشيح (يا ليلة الوصل):

وأنشلدالقمري حوالديار

واستنط ةالأوتار تح تالورق قاموأهمدى للعيون الأرق!4)

598

الموسيقا على عهد العلويين

تفا د أزهار روض السبعود وغتنت الأطسيسار قفي كسل غنود فباكرال لات في روضة صطايين زمر ودف وعود إلى ظيون ا لخرى فنا زل الأدواعبالحانيا إذ يعون كين الشاهر فى فسن مديد يبين عن شخصية مرحة وثقافة غنية: اتسنا لسحصسوق امسر يس م كان راحص د تت «هالأرواح واالدسطيرر ب الالح ان يلف ازاز الأدواح قفي الورق كلاارئل وح فقطنفف على لأكي اس واسبددستغ نط ق الأوتار وهذا الشاعر الموسيقي محمد بن قاسم بن زاكور ينبض قلبه على نغمات الموسيقىء فهو إذا أشجاه العود رأيته يقول: يارع ىالل هليالقد خلت ل همولا غم سوى رمنةالع ود وككاسات تيار

ثم إن هو سمع شدو الطائر طلب المدام: عللانى فلقد جاءالصباح يب سس ب .للا فال راح السقياني فلقد غنى وصاح طاتع رم لاص باح فإذا أقبل الربيع أقبلت معه مواكب الأفراح؛ وقامت الحمائم على الأغصان تملا الدنيا بأناشيدها التي تزري بحنين الأوتار: والوورق ف ,يوالأغقصان

99

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

يعلط رب الألحطان سنك الصباح المي فر

اا أشواقي بصوتها المبري السسقم

قلاه _ على ساق إذ عنتسبر الل يل ب سم

. اله أ اق تشلدود 7 بودطليبا : سس ال سس اسه

وما تزال قصائد هذين الشاعرين وغيرهما ترفل في مثل هذه الحلل الرائعة والصور الفنية الراقصة التي لا أتصور إلا أنها كانت أغاني تصدح بها أصوات المطريين على نغمات الموسيقى الأندلسية.

وحتق يكون العرضن المقيل يدااع :الخلطل وكداتخل الاتكساضنات: فلقد رأينا أن نرتب الفنانين في مجموعات أربعة بحسب الخبرات الفنية التي غلبت على إنتاجهم: وكذا الأعمال التي طبعت نشاطهم بكيفية أكثر ظهورا وبروزاء وهذه المجموعات هي:

-١‏ مجموعة الموسيقيين النظريين.

2- مجموعة المؤلفين المترجمين.

وك مجموقة الكغراء الوسيفيين:

4-.مجموعة المحترفيق والمعلمين.

ونكرر مرة أخرى أن إدراج قنان ما في إحدى هذه المجموعات ليس يعني أنه انقطع كلية لجانب من النشاط الموسيقي دون غيره؛ فلقد كان المثقف المغربي مشاركا بما يشبه موسوعة علمية, ولم تكن ظاهرة التخصص قد برزت بعد بالدرجة التي نعرفها اليوم؛ ولكننا نقصد من وراء هذا التقسيم أن نركز على الجانب الغالب من نشاط الفنان: فإن الفنان الموسيقي مهما اتسعت مداركه وتشعبت معارفه غلب عليه التفوق في جانب ما على حساب الحواتب الناقية: ١‏

-١‏ الموسيقيون النظريون: نقصد بهذه المجموعة أصحاب الترتيبات الموسيقية الذين عنوا بضبط قواعدها ونوباتها وموازينها وطبوعها وصنائعها.

الموسيقا على عهد العلويين

هذا ونظرا للأهمية التاريخية والفنية التي تنطوي عليها الترتيبات الموسيقية, فلقد رأيت من المناسب أن أعود في تقصي البعض منها إلى أواخر العهد الوطاسي. وذلك افقبار) لكوتها تشكل ستل لةمرفيظة اللحلغايف. إذ كثيرا هنا كانت أعمال النظريين اللاحقين تقوم على أساس أعمال السابقين؛ الأمر الذي يؤّكد جدوى النظر إليها كوحدة متلاحمة الأجزاء.

-١‏ عبد الواحد بن أحمد الونشريسيء ثم الفاسي: ينتمي إلى أسرة مغربية معروفة بالعلم وقد عاش أيام الدولة الوطاسية ولفظ نفسه الأخير والدولة الحكمة تحتضر. مارس الفتيا والقضاء والتعليم بفاسء وتلقى العلم على يده كثير من علماء مكناس وفاس. ومات قتيلا سنة955 ه/549١‏ م عن عمر بلغ السبعين؛ ويمكن الرجوع إلى كتاب «سلوة الأنفاس» لمحمد بن جعفر الكتاني المتوفى عام 1345ه-1926 م لمن يرغب في المزيد من التعرف على حياته وأعماله. ويهمنا هنا أن نتحدث عن مجموعته الموسيقية؛ وهي عبارة عن منظومة رجزية أوردها محمد بن الحسين الحايك في مجموعته الموسيقية: كما أوردها مؤلف مجهول في مجموعة له ألفها برسم الأمير العلوي المولى عبد السلام بن السلطان محمد الثالث. ولعل هذه الأرجوزة هي ذاتها المعروفة باسم «رسالة في الطبائع والطبوع والأصول».(©)

وتتناول منظومة الونشريسي المحتوية على أحد عشر بيتا موضوعين موسيقيين. من الوجهة النظرية.

أولهما: مقارنة طبوع موسيقى الآلة المغربية بالطبوع الأربعة. وهي السوداء» والبلغم: والدم: والصفراء. وتحتل الأبيات الأربعة الأولى من المنظومة وهي:

صطبائعمافويالكونأريع

ففي مثلها أضرب للطبوع لذي الحلا فأولهاالسوداءء والأرض طبعها

وبالبرد ثماليبس قد خصمهاللملا ويبلغم: طبعلماء رطب وبارد

وطبعالهوى والحر: للدم قد تلا وصفراء: طبع الناري حرق حره

لمافيهمنيبس بتدبيرذيالعلا

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

ويلاحظ أن في صدر البيت الأول نقصاء وهو يستقيم بمثل كلمة (عندي) هكذا: طبائع ما في الكون عندي أربع. وثانيهما: حصر النغمات الموسيقية التي كانت متداولة في أواخر أيام بني وطاس. وقد عدها الونشريسي يومئن فكانت سبعة عشر طبعا. وهي: الذيل: عراق العرب: رمل الذيل: رصد الذيلء الزيدان: الأصبهان: الحجاز الكبير. الحصارء الزوركند» العشاقء الماية. الرصدء رمل الماية؛ الحسين: المزموم. غريبة الحسينء الغربية المحررة. وقد تضمنتها الأبيات التالية: فنغمة صوت الذيل ثم فروعه يحرك للسوواء خذها مرتلا عراق ورم لالذيل فأصغ للحنه ورصصد له فأرصدهإن كنتذاعتلا وللبلغمالزيدان ثكمأصبهاته حجان حصان زور كند كماالجلا وعشاقه قد فاق واختص بالفنا فهن فروع خمسة بعد بالولا وماية حسن حركت لذويالدما برصد ورمل والحسين إذا حلا وصفراء للمزموم فانسب فروعه غريبالحسين للطبوع مكملا وزد له من طبع غريب محرر وأصل بلا فرع فلا تك مهملا 2- محمد بن على الوجلي ثم الفاسى الملقب بالغماد: عاصر فترة الإمارات لش اماك واكدوب ما من دياية النارنة لسعدية وقيام الدولة العلوية» ومات سنة 1033ه. وقد ترك محمد بن علي منظومة قوامها أربعة أبيات ألحقها بمنظومة عبد الواحد الونشريسي؛ وضمنها ستة طبوع من موسيقى الآلة, وبذلك رفع عدد النغمات التي يبدو أنها كانت متداولة على عهده إلى ثلاثة وعشرين طبعاء أما الطبوع التي أضافها فهي: الاستهلال؛ والمشرق الصغيرء وعراق العجم. والمجنب. وحمدان:ء وانقلاب الرملء وقد أورد الحايك هذه الأبيات الأربعة خطأ ضمن أرجوزة الونشريسيء وهي التي يقول فيها

الموسيقا على عهد العلويين

الوجدي: وزد طبع الاستهلال والملشغرقي مع وطبع عراق العجم للذيل فانجلا ولا تنس في وقتالصباح مجنبا وحمدان للمزموملا تك مهملا كذاك انقلابالرمل من طبع ماية يهيجأشوق المحب وقد سلا وصل وسلم فيابتداتك _ ولا وختماعلى من للخلائق أرسلا وغير بعيد أن تكون هذه الطبوع الستة مما استحدثه فنانو ذلك العصرء فنحن نعلم أن طبع الاستهلال أحدثه الفنان علال البطلة على عهد السلطان السعدي عبد الله الغالب بن محمد الشيخ المهدي. وهو طبع خلت منه شجرة النغمات الأصولء وكذا الطبوع المتفرعة عنهاء وإن يكن غالبا عليه أن يتفرع عن الذيل كما أثبت ذلك كتاب الحايك فيما بعد.

3- أبوزيد عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي: عالم مشارك متفنن» ولد بفاس عام 040اه توفي عام 069اه. نشأ في وسط علمي فتعاطى العلم منذ سنيه الأولى ولم يلبث أن نبغ في العلوم العقلية والنقلية التي كانت تلقن بالقرويين. ففضلا عن إلمامه بعلوم اللغة والأدب. كانت له مشاركة في علوم الطبيعة والفلسفة والرياضة.

وقد ألف في هذه العلوم كتبا منثورة ومنظومة؛ كما ألف كتابه المسمى (الأقنوم في مبادئّ العلوم) الذي يعتبر دائرة معارف عصره.؛ وضمنه مؤلفاته المنظومة خاصة:؛ وقد تحدث فيه عن مائة وخمسين علما. كان من بينها علم الموسيقى: وعلم طب الألحان ضمن كل ذلك موسوعته الرجزية ألف قفكمل على 89 نينا ؛

وقد ألف في نفس الموضوع أرجوزة أخرى فرغ من نظمها عام 060اه وعنونها كما يلي: «المجموع في علم الموسيقى والطبوع» وقوامها 105 أبيات, والموضوع الذي تتناوله الأرجوزتان واحد, غير أن الثانية تزيد ببحث الأنغام وطبائعها. ومجمل الطبوع عنده واحد وعشرون هي على التوالي وحسب نسبتها للطباع البشرية كما يلي:

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

الذيل وفروعه: رصد الذيلء الرمل؛ الاستهلال؛ المشرقي الصغيرء عراق العرب؛ عراق العجم والماية وفروعها: الرصدء الحسين. رمل الماية» انقلاب الرمل» والمزموم؛ ويتفرع عنه غريبة الحسينء. حمدان. والزيدان وفروعه: الحجاز الكبير؛ الحجاز المشرقي؛ الحصارء الأصبهان:؛ العشاق.

وتوفي سنة 1096ه-684! عن سن لا تبلغ الستين. ويعتبره البحاثة الأستاذ محمد المنوني في عداد الشعراء الموسيقيين الذين كان المغنون ينشدون أشعارهم ملحنة(١6):‏ وهو في ذلك يعتمد على كتاب «الروضة الغناء» الذي أورد له بعض الموشحات كالتي يقول فيها :7)

قم انظر الغصون ترقص في البساتين

والطيورغنت في غصون الرياحين ما أبدع ذلك الزهو والمحاسن حفظاللهزماتاللوصال جمعالشمل,أرى في حسن حال أما محمد الصغير اليفراني فقد نسب إليه أنه استنبط صنعة على رصن" الذنر 8)

4- السلطان محمد بن عبد الله: ولد عام 134اه وتوفي سنة 204اه- 8ام. قال التادلي في أغاني السيقا: «إنه يحسن هذه الموسيقى وله ولوع بها (عن اختصار التذكرة الأنطاكية) ويقول البحاثة محمد المنوني: هناك كلمة عن النسب الواقعة بين طبوع الطرب الأندلسي يظن أنها له. وهي مثبتة في ذيل «ترويح القلوب» المخطوط بالمكتبة الملكية بالرباط تحت رقم 6 .

وإلى أن تسعفنا المراجع التاريخية والفنية المغربية بالنصوص التي كتبها السلطان محمد بن عبد الله عن الوضع الموسيقي وعن عدد الطبوع الأندلسية التي كانت سائدة بالمغرب على عهده؛ فإننا لا نجد محيدا عن أن نلجأ إلى ما كتبة يغضن مغاصريه من المؤرخين لغلنا أن نقف غلى ما يثير أمامتا السبيل ويهدينا إلى واقع الموسيقى الأآندلسية خلال القرن الثاني عشر للوجرة:

ولعل من الصدف الجميلة أن نقف في كتاب «المسلك السهل على شرح توشيح ابن سهل» الذي ألفه العلامة الأديب سيدي محمد الصغير الأفراني

104

الموسيقا على عهد العلويين

المتوفى في منتصف القرن الثاني عشر للهجرة على نص ذكر فيه الطبوع الأندلسية وأسماءها عند أرياب هذه الصناعة؛ معتمدا على ما أخبره به بعض أهل الفن:؛ وإنما يسأل عن كل فن أربابه على حد تعبيره. قال اليفراني «ذكروا أن سائر التلاحين: والنغمات على اختلافها وتباين أشكالها راجع إلى خمسة أصولء منها تتفرع الطبوع الأربعة والعشرون الدائرة اليوم بين أهل الموسيقى.

فأما الأصول: غالذيل والزيدان والماية والمزموم والغريبة المحررة: فتتفرع عن الذيل ستة وهي: رمل الذيل؛ وعراق العجم. وعراق عرب. ومجنب الذيل» ورصد الذيلء واستهلال الذيل؛ وعن الزيدان ستة. وهي: الحجاز الكبيرء والحجاز المشرقيء. والعشاق؛ والحصارء وأصبهان:ء والزوركند . وعن المزموم ثلاثة وهي: غريبة الحسينء والمشرقيء. وحمدان.

فهذه تسعة عشر. وتصير بزيادة الأصول الأربعة ثلاثا وعشرين. فإذا أضيف لها الأصل الخامس قالوا :-ولا يتفرع عنه شيء-بلغ العدد أربعا وعشرين.(9")

ملاحظة: ورد نقص في هذه الطبعة حيث لم يرد ذكر فروع الماية الأربعة التي تبلغ بها الطبوع العدد المذكور. قبيل اليفراني بسنوات قليلة كتب محمد بن الطيب العلمي في حدود سنة 05!! كتابه «الآئيس المطرب فيمن لقيته من أدباء المغرب» وأتى فيه بذكر الطبوع الأندلسية التي كانت شائعة على عهده؛ فجعلها أربعة وعشرين. طبعا.

الذيل. وتتفرع عنه ستة طبوع: رمل الذيل؛ وعراق العرب. وعراق العجم. ومجنب الذيل؛ ورصد الذيل؛ واستهلال الذيل.

الزيدان» وتتفرع عنه ستة طبوع: الحجاز الكبيرء والحجاز المشرقي. والعشاقء والحصارء والأصبهان: والزوركند, والماية؛ وتتفرع عنها أربعة طبوع: رمل الماية» وانقلاب الرملء والحسينء والرصد . المزموم وتتفرع عنها ثلاثة طبوع: غريبة الحسينء والمشرقي. وحمدان «الغريبة المحررة. ولم يتفرع عنها شيء.

هذه هي الطبوع التي شاعت في أوائل القرن الثاني عشر للهجرة. وهي نفسها التي كانت شائعة في القرن الحادي عشر على عهد محمد البوعصاميء كما نقلها عنه تلميذه العلمي صاحب الأنيس المطرب. وإلى أن

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

تسعفنا المراجع التاريخية والفنية بالنصوص الفنية التي كتبها السلطان محمد الثالث فستظل عمدتنا الرئيسية في التعرف على وضعية الموسيقى الأندلسية على عهده.

5- أبو العباس أحمد بن محمد بن العربي الحضري: الأندلسي الأصلء. ثم المراكشي. عاش حتى أواخر القرن الثالث عشرء وأخذ علم الموسيقى عن رجال مبرزين في هذا الفن كان من بينهم سيدي عبد الله تكدصت-وهو من رجال القرن الثاني عشر.-والعربي ابن محمد الغواشي والفنان الشهير محمد البوعصامى.

وكان محة كد اكحة فوانا بالطرب والغناء. وخاصة منه ما اتصل موضوع شعره بالمديح النبويء فلما تهياً له من الحصيلة الفنية والشعرية القدر الكثير أقبل على تأليف مجموعته «ديوان الأمداح النبوية وذكر النغمات والطبوع وبيان تعليقها بالطبائع الأربعة» ويحتوي الكتاب على قسمين: مقدمة وقصائد.

فأما المقدمة: وهي التي ترتبط بموضوع هذا الكتاب-فقد بسط فيها تفسيرات مطولة للموسيقى على عصره. ثم توجها برسم شجرة الطبوع ونسبتها إلى الطبائع والفصول. كما ذكر اسم من استنبط كل نوبة وفي أي محل'''' ويبدو في ترتيبه للطبوع الأندلسية إنه كان يأخذ بمذهب شيخه وأستاذه محمد البوعصامي ويعمل بالتعديلات التي أحدثها في ترتيب الطبوع. ويقوم جذع هذه الشجرة على النظام التالي:

. طبع الماية؛ ويتفرع عنها: رمل الماية-انقلاب الرمل-الحسين-الرصد‎ ونسبتها للدم ولفصل الربيع.‎

2- طبع الزيدان: ويتفرع عنه: الحجاز الكبير الحجاز المشرقي؛ العشاق, الحصارء الزوركند؛ الأصبهان. ونسبتها للبلغم ولفصل الشتاء.

3- طبع المزموم. وفروعه: غريبة الحسين؛ المشرقي الصغيرء حمدان. ونسبها للصفراء وفصل الصيف.

4- طبع الذيل؛ وفروعه: عراق العجم. مجنب الذيل؛ رصد الذيل؛ الاستهلال: الرملء؛ ونسبها للسوداء وفصل الخريف.

5- طبع الغريبة المحررة» وهي تميل لسائر الطبوع؛ وهي أصل بلا فروع.

وأما القصائد فقد جمع منها في ديوانه ما كان له صلة بالمولديات

006

الموسيقا على عهد العلويين

بالخصوص. وأكثرها من الموزون والموشحات,. ثم رتب هذه القصائد وصنفها بحسب نفماتها في ثلاثة عشر طبعاء وقدم لكل منها بيتين للإنشاد كنموذج مختص رما يناسيها من الألحان. وهكذا جاءت القصائد مرتبة فى مجموعات متتالية بحسب الطبوع التالية: ش

طبع الأصبهان-الحجاز الكبير-الحجاز المشرقي-العشاق-رمل الماية- الرصد-غريبة الحسين-المشرقي الصغير-رصد الذيل-عراق العجم- الاستهلال-الصيكة .!*')

ولا يفوتني أن أسجل ملاحظتين: أولاهما أن الحضري هذا أدخل طبع الصيكة لأول مرة في عداد الطبوع الموسيقية المتداولة على عهده أي في القرن الثالث عشرء وهو في ذلك ينقل عن محمد البوعصامي الذي أظهر هذا الطبع واستعمله وركب له تواشيه واستنبط جيشه. وهي نغمة مولدة بين الماية وغريبة الحسين. وثانيهما: إن كثيرا من النوبات أصابها تفكك بحيث فقدت وحدتها الموسيقية» ومن ثم لم تندرج في الترتيب الذي وضعه الحضري للقصائد التي احتواها ديوانه.

6- وهذا مؤلف مجهول الاسم: وضع بدوره مجموعة ضمنها أشعار الموسيقى الآندلسية وترتيب طبوعها التي كانت متداولة على عهده. وبالرغم من جهلنا لاسم صاحب المجموعة: فإن هناك قرائن واضحة تدلنا على العهد الذي عاش فيه. من بين هذه القرائن إشارته في مقدمة المجموعة إلى أنه وضعها باقتراح من الأمير العلوي المولى عبد السلام بن السلطان محمد بن عبد الله. ومنها إشارته في خاتمة الكتاب إلى تاريخ الفراغ من جمع مادته وهو عام ١203‏ ه. وهكذا يكون المؤلف قد أنجز مجموعته على عهد السلطان محمد بن عبد الله وأتمها قبل وفاته بعامين.

ومهما يكن من أمر فإن المؤلف يمنحنا فرصة أخرى لنلقي الضوء الكاشف على نظام النوبات لغاية عهد السلطان محمد الثالث. فعلى الرغم مما لحق بهذه المجموعة من بتر متكرر'" نستطيع أن نستخلص الحقائق التالية:

-١‏ معاصرة هذه المجموعة لديوان الأمداح النبوية الذي جمعه الحضري؛ وذلك لأنهما معا اتفقا على ذكر طبع الصيكة التي أصبحت شائعة الاستعمال

(*1) الصيكة: السيكاء المحرر

107

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

2- صمود بعض النوبات واستمرار العمل بهاء ويتعلق الآأمر بطبع الاستهلال. وعراق العربء والماية» والحسينء ورمل الماية: والأصبهان؛ والرصد. ورصد الذيل. وهذه الطبوع نفسها توجد اليوم من بين النوبات التي امتد بها العمل منذ أن أقرها محمد بن الحسين الحايك؛ باستثناء عراق العرب ورمل الماية.

3- تفكك بعض النوبات وقلة العمل بهاء ويتعلق الأمر بطبع المزموم, والزوركند. والحصارء وحمدانء والزيدان. ومجنب الذيل. ويدل على هذا التفكك أن القوم أصبحوا «ينشدونها أبياتا» كما جاء في خاتمة المجموعة (3")

4 يدل سياق الحديث في استعراض الطبوع المستعملة من جهة؛ والنص الصريح في خاتمة المجموعة على أسماء الطبوع التي قل استعمالها من جهة أخرىء على أن الطبوع التي أصاب ذكرها البتر الواقع في المجموعة كانت في الأرجح من بين الطبوع التي ما تزال مستعملة. وهي: طبع غريبة الحسينء والحجازي الكبير. والحجاز الشرقيء. والعشاقء وعراق العجم. وبها تكتمل مجموعة النوبات الإحدى عشرة التي سيقرها محمد بن الحسين الحايك في كتابه سنة 1214 أي بعد اثنتي فشر سقة نخد استثناء طبعي عراق العرب ورمل الماية كما أسلفنا.

5- الانحسار الذي أصاب بعض النوبات بحيث تقلص عددها من أربعة وعشرين إلى ما يربو على النصف بقليل.

7- وهذا كتاب آخر: نجهل اسم مؤلفه أيضا كسابقه؛ ولكنا نعرف جيدا عنوانه. ونجده أكثر من مرة كمرجع أدبي وفني وهو كتاب «الروضة الغناء في أصول الغناء» وتوجد نسخة منه في المكتبة الوطنية بمدريد مسجلة 57 عدد 5307: وأخرى في اللشواقة العامة بالرياظ تست هد 0355 وقف عليها العباس بن إبراهيم السملالي ونص على ذكرها في كتابه «الإعلام بمن حل بمراكش واغمات من الإعلام»/”'' ووجد عليها زيادات بغير خط المؤلف ولا ناسخه؛ وعلى الرغم من قلة المعلومات التي يوافينا بها صاحب «الأعلام» فإنا نستطيع أن نسجل ما يلي:

أولا: إن عدد الطبوع الأندلسية التي عرفت على عهد المؤلف يبلغ تسعة عشر طبعاء وهي: الحسين. الماية. الصيكة؛ الاستهلال؛ عراق العرب؛ الرصد, الحصارء الزيدان: الزوركندء المزموم؛ غريبة الحسين؛ عراق العجم: العشاق؛

الموسيقا على عهد العلويين

الذيل؛ المشرقي. مجنب الذيل: الحجاز الكبير. حجاز المشرقي؛ الأصبهان.

ثانيا: لقد ورد ذكر طبع الصيكة من بين الطبوع المستعرضة؛ وفي ذلك ما يدل بوضوح على أن الكتاب ألف بعد مجموعة الحضري الآنف الذكر وبعد المجموعة التي أشرنا سابقا إلى أن مؤلفها مجهول. ومن المرجح أن يكون صاحبه قد تأثر أيضا بمذهب البوعصامي ومعاصريه .!4")

ثالثا: يذكر المؤلف الذين استخرجوا الطبوع التسعة عشر التي ذكرهاء وفي ذلك ما قد يكشف عن الأسباب ووجوه التسمية المطلقة.

رابعا: نسجل مرة أخرى ظاهرة الانحسار والتقلص في عدد الطبوع, كما نسجل استمرار تواجد النوبات الإحدى عشرة التي أقرها الحايك في مجموعته:؛ باستثناء رصد الذيل الذي لم يرد ذكره فيما نقله «الأعلام» عن «روضة الغناء».

ولا بق لنا تعد تسجيل هذه الاستنتاجات أن نعيد هنا ما لأحظه البحاثة السيد محمد المنوني حيث قال: وقد تحدث مؤلف «الأعلام بمن حل بمراكش واغمات من الأعلام» عن مخطوط في هذه الموسيقى وقف عليه بالمكتبة الوطنية بمدريد. وحسب المقتبسات التي أثبتها من هذا المخطوط فإنه يشبه أن يكون نسخة ثانية من هذه المجموعة (يعني الموضوعة باقتراح من الآمير المولى عيد السلام بن السلطان محمد بن عبد الله) .017

8- أبو الربيع سليمان بن محمد الحوات الحسني:

عاش في النصف الثاني عشر وردحا من القرن الموالي. وتوضي سنة 13١‏ ه. وكان عالما وأديبا من أبرز أعلام مدينة فاس على عهد السلطان محمد بن عبد الله. وهو إلى ذلك فقد كان فنانا رقيق الحاشية والطبع, خبيرا بالموسيقى وطبوعهاء وبالآلات الموسيقية وطبائعهاء ألف أكثر من كتاب في تراجم مشاهير عصره.؛ ونظم أرجوزة في الموسيقى قوامها واحد وثلاثون بيتا باقتراح من أحد معاصريه؛ء وهو كما كناه ابن سعيد الذي يرجح الأستاذ المنوني أن يكون نفسه الموسيقي الذي أورد اسمه هذا في مستهل أرجوزته حيث (يحكيه بغريض العصر ومعبده؛ ويذكر له الباع الطويل في هذا الفن»./2'؟ وقد سمى الحوات أرجوزته هذه «كشف القناع عن وجه تأثير الطبوع والطباع» وتحدث فيها عن علاقة طبوع الموسيقى الأندلسية بالطبائع البشرية على غرار ما فعل عبد الواحد الونشريسي وغيره. ثم عد

1١09

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

الطبوع المتداولة على عهده فكانت خمسة وعشرين بعد إضافة طبع الصيكة, وسار في ترتيبها على مذهب موسيقيي فاس؛ فجاءت على النحو التالي:

العشاق: الذيل؛ رمل الذيل. رصد الذيلء عراق العجم: عراق العرب, الاستهلال؛ الماية. الصيكة. غريبة الحسينء الغريبة المحررة. الحجاز المشرقي. حمدان: الزيدان: الرصدء الحصارء الزوركندء المزموم؛ الحجاز الكبير. مجنب الذيل؛ المشرقي الصغيرء الأصبهان: رمل الماية؛ انقلاب الرمل؛ الحسين. ١‏

9 أبو عبد الله محمد بن الحسين الحايك التطوانى الأندلسء؛ نسبه إبراهيم العاداى هبا بحب كتا نو الننعا و إلى كائن. ولوف أنيكرن حول ذلك لنزوله بها. عاش في القرن الثالث عشر على عهد السلطان محمد بن عبد الله. وقد آلف مجموعة موسيقية عرفت فيما بعد باسم «مجموعة الحايك»وانتهى من جمعها عام ١214‏ ه 1799 م 800ام. وسبب تأليفها «أن بعض إخوانه سأله أن يجمع له ما حصل حفظه عنده من فن الموسيقى زجل وتوشيح وأن يوضحه له توضيحا مبينا ليكون له ذلك للتعليم.”') وكما يبدو من هذه العبارة ققد كان الغرض من وضع الكتاب تعليميا في وقت يظهر أنه كان للموسيقى النظرية نصيب غير قليل من اهتمام طلبة العلم. فلقد تحدث سيدي أحمد الشريف في ترجمته لجده سيدي محمد بن علي التطوسي »سن الظروفقة السكوصية الكوكى ينه 1791 عن مشياغته يمديلة فاس فقال: «ومنهم العلامة... . سيدي أبو بكر بن زيان الإدريسي. حضرته في علوم كثيرة. وقرأت عليه الفرائض والحساب. والأربعين وصناعتهما والإسطرلابين وصناعتهماء والعلوم الأربعة: الرياضة والهندسة والطبيعة والإرتماطيقي وأصول قواعد الموسيقى,.!”) ويظهر أن الحايك وفق إلى ما أرادء فلقد أصبح الكتاب فيما بعد عمدة الموسيقيين ومرجعهم وحكمهم. وعلى الرغم من مراجعة الترتيب الموسيقي الذي اعتمده وما لحقه من تنقيح في مستهل القرن الرابع عشر فما يزال بحق المرجع الفصل لكل من أراد الوقوف على أصول الموسيقى الأندلسية.

ولعل في دعوة الحايك إلى وضع مجموعته ما يؤكد مرة أخرى اتجاه نزعة إصلاح الوضع التعليمي بالمغرب آنذاك إلى العناية بالجمع ولم الشتات, على حساب المنهج الذي يمس أسلوب التلقين. وذلك هو ما يفسر كون كثير

الموسيقا على عهد العلويين

من مضامين هذه المجموعة مشوية بالخلط الذى افقتضته طبيعة عمل من هذا القبيل» الأمر الذي استلزم-فيما بعد-إعادة النظر فى المجموعة بهدف تنظيمها وتنسيق الصنائع التي تحتضنها وتبسيط منهج تعلمها وتعليمها. وبالفعل فقد ارتفعت الدعوة إلى مراجعة كناش الحايك فى عهد المولى عبد الرحمنء وهي فترة عرفت تحولا مهما في التعليم اتسمت بالبحث عن الوسائل الكفيلة بتحسين مردودية التعليم الذي كان يعانى من قلة التحصيل وسبوء المنهج التربوي» ويقال أن السلطان محمد بن عيد الله أنشاً جوقة بالآلات النحاسية وأطلق عليها اسم جوق الخمسة والحمسين 1

ويبدو أن تأسيسها الذي تم أيام وضع كتاب الحايك إنما وقع لتكون هذه الجوفقة حقلا تجريبيا لما تضمنه التصنيف الجديد الذي أقره الحايك. ول السوطويق متحتوى الكقا ب سيقي للدارن ليتع او مصرق مان الحالة التي كانت عليها الموسيقى الأندلسية حين أقبل الحايك على وضع مجموعته. فلقد وجد المؤلف أن موسيقى الآلة في عصره لم تعد تستعمل صرق إخدى عر نون

أما بافي النوبات فقد ضاعت أغلب صنائعها.ء وما تبقى من تلك الصنائع الصنائع المتناثرة ما انتهى إلى علمه؛. ويلحقها يما شكلها من الأنفام, وهو في ذلك لا يحكم سوى الذوق الموسيقي السائد في عصره. ومن ثم فقد اتسم عمله بروح الاجتهاد وجرأة المبادرة, وإن كان في نفس الوقت لا يخلو من الخلط والتشتيت.

وتوجد لكتاب الحايك عدة نسخ, وطبع غير ما مرة فجاءت الطبعات فقسم كتابه إلى ثلاثة أقسام على النحو التالي:

ا|- مقدمة الكتاب» وهي تحتوي على ثلاثة فصول: (*2) جوق الخمسة والخمسين: سميت هذه الفرقة الموسيقية بهذا الاسم لأن عدد النويات التي حصرها الحايك في كراسه إحدى عشرة نوبة وبما أن كل نوبة تحتوي على خمسة (ميازين)

فيعملية حسابية بسيطة يظهر سر هذه التسمية: ١‏ مضروبة في 5 تساوي 55. وبذلك سميت هذه الفرقة وموسيقاها بالخمسة والخمسين. المحرر

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

الفصل الأول في جواز السماع واستحكامه!*6

الفصل الثاني في منافع السماع وأحكامه

الفصل الثالث في أصل السماع وأحكامه

2- كلمة موجزة عن الموسيقى وعن آلة العود.

3- الطبوع الموسيقية بالمغرب على عهد المؤلف.

ونعود إلى هذه الأبواب لتناولها بشيء من التحليل:

أما المقدمة فقد ساق في فصلها الأول مجموعة من الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن علماء الإسلام وفقهائه وخلفائه تؤكد كلها جواز السماع وتبيح الغناء. ومن هنا يبدو الحايك وقد اتخذ موقف المدافع والمنافح عن الموسيقى.

وتحدث في الفصل الثاني عن فوائد السماع والتي تعود على الجسم والروح؛ فذكر أن في كل لذة ما يتعب الجسد إلا الغناء؛ ففيه راحة له؛ لأنه- وهنا يردد ما قاله ابن عبد ربه في العقد الفريد-مرتع النفس وربيع القلب وسلوان الكئيب وأنس الوحيد وزاد الراكب «ومن هنا قلا يجوز لأحد أن يعيب على السامع إعجابه بالصوت الحسنء» «لأن ذلك من رقة النفس واعتدال المزاج»» «ولا أن يناهض السماع لأن الألحان تبعث على مكارم الأخلاق» وقد ختم هذا الفصل بقوله: «إن السماع راح تشريه الأرواح بكؤوس الله تعالى على نغمة الألحان؛ ولكل امرئّ ما نوى: ماء زمزم لما شرب له؛ وهذا لما سمع له» وأحسب أن هذا ما قاله بعض أصحاب الطرق وذلك للمسحة الصوفية التي تطبعه.

أما الفصل الثالث فقد تحدث؛ فيه عن أصول الغناء العربي التي ترعرعت في أمهات القرى من بلاد العرب. وارجع هذه الأصول إلى الأنواع الثلاثة التالية: وهي غناء الركبان؛ والترجيع الكثير النغمات والغناء الخفيف.

وعندما ننتقل إلى الباب الثاني من الكتاب نجد المؤلف وقد تناول الموسيقى من حيث موضوعهاء فساق لها بإيجاز التعريف التالي: «الموسيقى: علم الآلحان:؛ أي صناعة الطرب والصوت, وهو الغناء». ثم تحدث عن العود وأورد ما يحكي عن أصوله الأولى. وهنا نستوقف القارئ قليلاء لنذكر أن تعريف الحايك للموسيقى-بالرغم من الاختصار الذي يطبعه-فهو قد استوفى

(*23) السماع: الموسيقى

الموسيقا على عهد العلويين

أواقادماخن الداضر الى نموم كابيا ألظة المفيقية يل إنششرنه الأول تكاد تقابل التعريف الذي تبنته كتب التعليم المتداولة في المعاهد الموسيقية على عهدناء هذا التعريف الذي يقول: الموسيقى هي علم الأنفام.

ونخلص بعد ذلك إلى الياب الثالث من الكتاب. وهو بيت القصيد فى هذا البحثء. فنجد الحايك يتحدث عن الطبوع الموسيقية المتداولة بالمغرب على عهده. وبعد إشارة سريعة إلى أن عدد الطبوع أربعة وعشرون يضاف إليها طبع الصيكة؛ يعود فيقرر أن أهل زمانه اقتصروا على استعمال إحدى عشرة نوية؛. أورد الحايك ذكرها فرتبها على النحو التالى: -١‏ الحسين-

2- الأصبهان-3- الماية-4- رصد الذيل-5- الاستهلال-6- الرصد-7- غريبة الحسين-8- الحجاز الكبير-9- الحجاز المشرقي-0١-‏ عراق العجم-١١-‏ العشاق.

فم قزر أن أأهلزنانه كانوا ضيفو إلي كل ثوية اما يناسيها من الأنقام ويدذلك أصبحت أكثر النوبات مركبة من صنائع عديدة يجمعها اسم واحد هو اسم النوبة» وقد قدم بيانا مفصلا عن النوبات التي ألحقت بها بعض الصنائع فجاء ذلك كما يلى:

- الحق بطبع الحسين رمل الماية وانقلاب الرمل وحمدان وصار الكل يسمى باسم رمل الماية.

- الحق ما تبقى من صنائع الزوركند بنوبة الأصبهان.

+ أضيف ما فقى من صناكع غراق العرب إلى ثرية الاتيلال:

- الحق ما تبقى من صنائع الزيدان والحصار والمزموم بنوبة الرصد.

- الحق ما تبقى من صنائع الغريبة المحررة بنوية غريبة الحسين.

+ التحق مضع من صنائع اللقتركى لصفي ومجني لديل رتوية السجاة الكبير.

- الحق بالعشاق ما تبقى من صنائع الذيل ورمل الذيل.

أما نوبات الماية ورصد الذيل والحجاز المشرقي | وعراق العجم فلم يلحق بها الحايك أية صنعة من الصنائع الضائعة. ومن مجموع هذه الأرقام يتبين أن الطبوع التي تداولها الموسيقيون عل عهد الحايك بلغت أربعا وعشرين طبعا أخرغت كلها في [حدى عشرة نوية:

وقطا وسيم السحايات جتدولة مما شر تاها لترتيي اقم طبع الوسنياتى» فجاء هذا الجدول ليعكس النوبات الإحدى عشرة وكذا موازينها الأربعة

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

التالية. وهي: البسيطء وقائم ونصفء والبطايحيء والقدام؛ غافلا عن ذكر ميزان الدرج الذي كان بلا شك شائع الاستعمال بالمغرب منذ العصر السعدي, ونحسب أن هذا الجدول مما ألحقه بالكتاب بعض النساخ اعتمادا على نصوص مغربية قديمة.

ونجد بعد هذا الجدول رسما لجدول آخر أسماه الحايك «شجرة الطبوع». وقد أدرج الطبوع تحت أربعة أصول تتصل بطبائع الإنسان الأربعة: وهي كما يلي:

-١‏ أصل الذيل الذي يهيج السوداءء؛ وتندرج تحته نوبات: رصد الذيل- استهلال الذيل-عراق العجم-عراق العرب-المشرقي-مجنب الذيل.

2- أصل الزيدان الذي يهيج البلغم . وفروعه المندرجة تحته هي: الأصبهان- العشاق الحجاذ الحصار:

3- أصل الماية الذي يهيج الدم. وفروعه: رمل الماية-انقلاب الرمل- الحسين-الحجاز المشرقي-الرصد-الزوركند .

4- أصل المزموم الذي يهيج الصفراء. ويندرج تحته غريبة الحسين وحمدان.

ومن جهة أخرى فقد خلا جدول الموازين من ميزان القائم ونصف بالنسبة لنوبتي الرصد””* والحجاز المشرقي؛ وفي ذلك ما يدل على ضياع هذين الميزانين بكامل صنائعهما على عهده.

وبعد ذلك أورد أسماء الموازين الأربعة المذكورة في كل من المغرب وتونس ومصرء ثم ضبط نقراتها .(31)

الرصد وقود أأن تقنت ظلياة عند بعدية الجاياف: هن «الطبوع الغقيرة الك لم (*4) الرصد: مقام موسيقي خماسي يستقر على مقام 86 الدوكاه ويخلو من الصوت الثالث (فا)

ويتكون من ري-فا-صل-لا-سي ويفضل التونسيون تدوين اسمه (رصد) بالصاد تمييزا له عن مقام (الراست) السباعي المعروف. المحرر

1 14

الموسيقا على عهد العلويين

سمع المغاربة بلا شك بالطبوع العربية الشرقية التي حملها العثمانيون لدى إقامتهم المديدة بتونس والجزائر. كما سمعوا بلا ريب بالمؤلفات والمنظومات العربية التي تحدثت عن تلك الطبوع كأرجوزة الشيخ عبد الرحمن الحباك العودي. وكشأن المغاربة في الترحيب بكل ما يصدر عن الشرق العربي»؛ فلقد استقبلوا هذه الطبوع وأفسحوا لها المجال كي تستقر بين أخواتها المغربية. ولكن طبيعة اللحن تأبى على كثير منها أن تنصهر فيما بينها لعوامل مقامية معروفة يقتضيها اختلاف التركيب النغمي للسلم الشرقي الذي يحتضن في ثناياه أرباع النغمة. ومرة أخرى يتبنى المغرب المصطلحات الموسيقية الشرقية بألفاظها وإن كان لا يسعه دوما أن يتبنى مدلولاتها العلمية. وقد أورد الحايك أسماء الطبوع الشرقية التي ذكر أنها لم تناسب مجموع النوبات الأندلسية: وهي كما أسماها: الجركة: والرهاوىء والجناوي, ودوبيت. والغريب. والسراج والمسروق. والراسات؛ والدوكة؛ والعراق» والكردانية-وتسمى الماهور؛ وأبو سلين؛ وزوركند؛ والصباء والمحنية: والركب. والبياتي» والنيرزء والسنهارء وأوج الصيكة؛ وأوج العراق» والزنكلمة» وعشيران العم /2نا وهذه الطبوع في نفسها بعض ما احتوته أرجوزة الشيخ عبد الرحمن الحباك مع فوارق بسيطة في الشكل اقتضاها النقل المجرد عن الاستعمال؛ على نحو ما يتجلى في الأبيات التي نقدمها فيما بعد كنموذج لهذه الأرجوزة التي لا تختلف في طبيعة نظمها عن أرجوزتي الونشريسي والوجدي: فصل:أصون أربع للنفم أوضحتها في ذا ا مقال فأفهم: أعلم بأنالرسدت أصل مستقل جميعهناالعلممنهينتقل وبعدهالع رق أصل تثكاني والزوركند ثالثالمباني والأضت هفههحاق راشع اقح سحت سوست فسسة أصصسول قسس اسه تمشقفسقد منت تلرست فرعان بيالاتفاق الزنكلاوتفمةالعشاق

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

كناالعراق خص بال مايات والبوسليك بعدها سياتي

والسؤو ته با تبط زر سيل ويس صنهة الرمفوف ا بزل

0- وتأتي مجموعات ثلاث لا تعرف أسماء مؤلفيها وإن يكن يغلب على الظن أنهم ينتمون إلى القرن الثالث عشر للهجرة: وإنهم من معاصري محمد بن الحسين الحايك؛ وذلك لآن أحدهم صنف مجموعة من قصائد المديح النبوي في إحدى عشرة نوبة» بينما صنف الآخران مجموعتيهما في اثنتى عشرة نوية2” وفيما يلى أسماء هذه المجموغات التى لا كزال متكهاو لات محفوظة بخؤاكن نخاصضة ا

المجموعة الأولى: البستان البهيج الرائق؛ في أمداح أشرف الخلائق؛ صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه.

المجموعة الثانية: مجموع الأنوار ومنابع الأسرار في مدح النبي المختار.(ص)

المجموعة الثالثة: بستان الأنوار. ونفحة الأزهار. في مدح النبي المختار.

وقد عمد مؤلفو هذه المجموعات إلى تصنيف قصائد المديح النبوي حسب النوبات الموسيقية المتداولة في عصرهم.

-١١‏ الحاج محمد بن العربي الدلائي الرباطي: أقام بالدار البيضاء وبها مكث حتى أدركته الوفاة سنة 285 اه. وترجع شهرة الدلائي هذا إلى مجموعة الأمداح النبوية التي ألفها وضمنها كتابا عنوانه «فتح الأنوار. في بيان ما يعين على مدح النبي المختار» وهو ما يزال مخطوطا قابعا في الخزانة العامة.

وعلى الرغم من أن الكتاب يعد من المؤلفات التي تصنف عادة ضمن المجموعات الشعرية الخاصة بالمديح النبوي فإنه-كباقي المؤلفات الموماً إليها سابقا-يعني بتعداد النوبات الموسيقية المتداولة بالمغرب. ومن ثم يصح اعتماده كمرجع فني عني بالموسيقى الأندلسية من الوجهة العلمية النظرية. والكتاب يحتوي على مقدمة وفصلين:

المقدمة: وضح الدلائي فيها دواعي تأليف الكتاب. وهي بيان ما يستعمل من الطبوع الأندلسية في الأشعار التي ينشدها المسمعون في مجالس المدح

16

الموسيقا على عهد العلويين

النبوي أو في محافل الذكر؛ وكذا مساعدة المادحين على تعاطي هذا الفن, ثم تحدث في إسهاب عن عناصر الغناء الثلاثة. وهي: الكلمات- وأسماها: الشعر المتغنى به واللحن-وعبر عنه بالطبع المترنم بلحنه-والإيقاع-وقد دعاه: الوزن المفرغ ذلك الترنم في قالبه-ويبدو الدلائي من خلال هذا التقسيم عالما واسع الإلمام بالموسيقى وقواعدها وأصولهاء فهو يحلل اللغة الموسيقية إلى عناصرها الرئيسية وبذلك يرقى كتابه إلى مصاف الكتب الموسيقية النظرية المعثيرة.

القسم الأول: تحدث فيه عن الطبوع الأندلسية التي يستخدمها المسمعون في إنشاد الأمداح النبوية معتمدا على النغمات التي تنشد بها قصائد البردة والهمزية والبغدادية. ونستنتج من تقصيه لتلك القصائد أن الطبوع المعروفة على عهده بلغت من العدد واحدا وعشرين طبعا هي: الأصبهان, الحجاز المشرقيء الحجاز الكبير. الرصدء رصد الذيلء الاستهلال: الماية, غريبة الحسينء العشاقء. عراق العجم., رمل الماية. المزموم. عراق العرب, المشبرقئ الصغين :ومل الذيل: الذيل: الحصار: حمدان: الصيكة: اتقلات الضكة, ادكه ها

ولا بد قبل الانتقال إلى القسم الثاني من الكتاب أن نسجل على هامش تصنيف الدلائي للطبوع الأندلسية الملاحظات التالية:

-١‏ إنه أورد النويات الإحدى عشرة التي أقرها محمد بن الحسين الحايك, ولم يستثن منها غير نوبة الحسين التي أدمجها في رمل الماية.

2- إنه ذكر رمل الماية؛ والمزموم؛ وعراق العرب. والمشرقي الصغيرء ورمل الذيلء والذيل. والحصارء. وحمدانء: من بين النويات المستعملة على عهده. مما يوهم بأنها كانت ما تزال مكتملة لصنائعها. على حين نعلم من كناش الحايك إنه لم يبق منها إلا صنائع قلائل أدرجت في النوبات الإحدى عشرة الباقية.

3- أدخل في الحساب نوبة الصيكة؛ وهي حسب الحايك طبع حلو رائق الألحان: ولكنها مع ذلك لا تدخل في عداد النوبات الإحدى عشرة.

4 أدخل فى حساب النوبات المستعملة انقلاب الصيكة والجركة؛ على حين اغضرهها الحايك من النغمات التي لم تناسب المجموعة الأندلسية. (*5) الجركة: الجهاركاه المحرر

117

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

هذه بعض الملاحظات التي لا بد من إبدائها على هامش تصنيف الطبوع التي أورد ذكرها محمد بن العربي الدلائي في مجموعته؛ وإذا كنا لا نقبل أن يقال أن الدلائي كان يقوم بعمله هذا في غيبة عما يجري حوله. وضي غفلة عن مجموعة الحايك. فإن الذي يبدو اقرب إلى المعقول أن يقال: إن الدلائي أجرى الطبع مجرى الصنعة؛ فجعل اللفظين يدلان على شيء واحد .

القسم الثاني: خص الدلائي القسم الثاني الذي ختم به كتابه بالتحدث عن ألحان الأشعار التي تستعمل في حفلات الذكر. وسنعود إلى الحديث عنها في الفصل الخاص بموسيقى المراسيم الدينية بحول الله.

2- السلطان محمد بن عبد الرحمن: تولى الملك فى سنة 276اه. وفك مريها نظلى صركن اللماقة حكن وظاحه سام 390 هد

وقد ذكر العلامة والمؤرخ عبد الرحمن بن زيدان أنه «كان له ولوع بالطرب والنفمات الموسيقية» ومن خلال العبارة التي ساقها نفس المؤرخ يتبين أن المولى عبد الرحمن عني بدراسة الموسيقى باعتبارها أحد العلوم العقلية كالحساب والتوقيت والتنجيم والهندسة والهيئة. حتى أصبح له فيها باع طويل وقدم راسخ. وقد حمله اهتمامه بالموسيقى واقتناعه بجدواها على إدراجها ضمن المواد العلمية الملقنة بمدرسة المهندسين التي أحدثها على عهد والده المولى عبد الرحمن في نفس المدرسة المرينية بفاس الجديدة, يلقن فيها جماعة من الإماء صناعة الموسيقى على يد المعلم الساوري أمهر أربابها في عصره.

وإذا كانت المصادر تعوزنا للتعرف على شخصية هذا الفنان فإن عبارة ابن زيدان تؤكد إنه استطاع أن يخرج موسيقيات بارعات تعرف المؤلف نفسه على بعضهن./05)

3- أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد القادر التادلي الرباطي: من كبار علماء المغرب المشاركين في العلوم اللغوية والدينية والعقلية. عاش أيام السلطان المولى عبد الرحمن وولده محمد الرابع ثم السلطان الحسن الأول وتوفي بالرباط عام ١31١‏ ه/ 894ام عن عمر يقارب السبعين.

رحل إلى فاس وهو في ريعان الشباب فلازم أساتذتها طوال خمس عشرة سنة؛ درس فيها سائر العلوم والفنون التي كانت تلقن بجامعتها وبغيرهاء ثم تحول إلى مكناس فمكث بها دهرا ينهل من معارف علمائها . ثم

الموسيقا على عهد العلويين

حنت نفسه التواقة إلى العلم إلى الرحلة نحو البلاد العربية الشرقية؛ فشد الرحال إليها. وهناك درس ققه المذاهب وعلم التفسير وزاول التدريس في بعض المحاضل العلمية. فأدهش علماء الشرق بسعة علمه وقوة عارضته.

ولم يكد يعود إلى بلده حتى نهض للرحلة العلمية من جديد فتوجه إلى أسبانيا وأخن يتعلم اللغات الأوربية.

ثم عاد إلى مسقط رأسه؛ وأكب على التأليف فوضع أزيد من مائة وعشرين تأليفا في مختلف العلوم النقلية والعقلية واللفوية ضاع أكثرها بسبب الإهمال. وحفظ أقلهاء وهو كاف ليقيم الأدلة على ما بلغه من علم واسع وفكر مدقق وحافظة مثلى.

وقد قدم التادلي خدمات جلى في ميادين العلوم؛ فألف في الفقه والتصوف شروحا ضافية؛ وألف في المنطق والكلام والأصول كتبا عدة من بينها: القول المسلم في نظم السلم: وترك في النحو واللغة والبيان أكثر من كتاب؛. ووضع كتبا علمية في الحساب والتوقيت والطبء. كما ألف في الموسيقى كتابا أسماه «أغاني السقا ومغاني الموسيقى».

ويذكر المؤرخون الذين عنوا بترجمة حياته وسرد أعماله أنه تأثر بالثقافة الغربية وأن ذلك ظهر في عدد من مؤلفاته ومنها.29:

-١‏ تأليف في تفسير بعض اللفات مثل لغة الفرسء والتركء والفرنسية, بالاتجليزية: والمريرية.

2- رسالة في علم الجغرافيا.

3- رسالة في البوصلة التي تكون في السقف.

4 زينة النحر بعلوم البحر.

وقد أهله اطلاعه الواسع ليكون بحق جديرا بالتحلية التي حلاه بها المؤرخ الكبير عبد الرحمن بن زيدان إذ يقول: فخر الرباط وشيخ الجماعة: وخاتمة المحققين ذو الباع الطويل في سائر الفنون والعارضة العريضة.(77)

ونعود الآن إلى حياته الفنية خاصة؛ فنجد أنه رحل إلى فاس للدراسة بهاء وكان يسترق الفرص وأيام العطل فيتفرغ لدراسة علوم الفلسفة بما فيها الموسيقى الأندلسية على يد نخبة من أساتذة هذا الفن: أمثال الحاج حدو بنجلون الفاسيء ورشيد الجمل الفاسي: ومحمد الصبان الفاسي. والمكي المحروش الفاسي. وما عتم أن بلغ شأوا بعيدا في الموسيقى الأندلسية

110

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

فراح يلقن أصولها وتخرج على يده طائفة من أغذاذ هذا الفن. وهكذا تعلم التادلي ثم علم.

وقد ترك التادلي في هذا الميدان كتابين:

أولهما (التذكار لما في التذكرة من الطب مع الاختصار) وقد ساقه الاستطراد فيه إلى الحديث عن حياته الفنية بفاس. فاستعرض أسماء أساتذته وتلامذته في الموسيقى الأندلسية.

وثانيهما: (أغاني السقا في مغاني الموسيقى).

رتب التادلي مؤلفه هذا على مقدمة وأربعة عشر باباء وخاتمة:

المقدمة: تحدث فيها بإسهاب عن تقاسيم علم الموسيقى؛ ثم استعرض فنونه؛ وذكر بعض ال مؤلفات الموضوعة فيه وبعد ذلك انتقل إلى الحديث عن الموسيقى الأندلسية؛ فذكر أصلهاء وتحدث عن مراكزها بالمغرب؛ وفصل القول في طابعها.

الباب الآول: خصه بالكلام عن حقيقة علم الموسيقى.

الباب الثاني: خصه بالكلام في موضوع علم الموسيقى وتقاسيمه؛ وقد استعرض في ثنايا هذا الباب أصناف الموسيقى المغربية؛ وطبوع الموسيقى الأندلئسية وموازينها كما أشار إلى الطبوع الدخيلة على الموسيقى المغربية.

الباب الثالث: خصه بالكلام في واضع علم الموسيقى.

الأبواب الباقية: خصها بالنوبات الإحدى عشرة.

الخاتمة: تشتمل على أحد عشر فصلا حول الغناء والمغنين وآلات الطرب وآراء الفقهاء في الموضوع. وبالإضافة إلى كل ذلك فالكتاب يتضمن فصولا إضافية واستطرادات تكشف عن جوانب من حياة المؤلف في كل من المغرب والديار الشرقية والبلاد التركية.

ويهمنا في موضوع الترتيبات الموسيقية أن نالاحظ أن التادلي يقر النوبات الإحدى عشرة التى حصرها محمد بن الحسين الحايكء ولا أحسب إلا أنه كان على علوما ازمر الونديتي الذي انعقد سنة 1303 ه-1885- 886 ام تحت إشراف الوزير محمد الجامعي وعلى بينة بالتعديل الجديد الذي أدخل على ترتيب صنائع الموازين: إن لم نقل أنه كان أحد أعضاء هذا المؤتمر واحد الواضعين للتنقيح الذي يجري به العمل حتى اليوم.

وإن مما يؤكد هذا الرأي أن نعلم أن التادلي فرغ من تأليف كتابه سنة

الموسيقا على عهد العلويين

98 أي بعد أربع سنوات من انعقاد المؤتمر المذكورء وأن يكون أبو جندار في كتابه «الاغتباط» قد نسب له وضع مختصر للحايك.

4- أبو عبد الله محمد الغالى بن المكى بن سليمان الأندلسى الفاسى: فال عند حي غري ادرف بمنة 296 اهار (في فواصل الجمان في أنباء وزراء وكتاب الزمان) يشار إليه بالأصابع؛ عجيبة من عجائب المصنوع وغريبة تطابق منها المنظور والمسموع. كاتب ذو بلاغة ومجون. وتعقل يشبه الجنون: وتعلق بالأوهام والظنون؛ ولسان كالعضب الجرازء وكلام كله مجاز (شقي بفضلة دهاته..)... حتى كاد يرمي لكثرة بحثه عن علل المكونات وانتقاده بضعف اعتقاده؛ وكان جسورا على لذاته؛ لاهيا عن معرة المقال وإذاته. ولا يرى مركب لهو إلا امتطى متنه. وكانت له ملكة في الفنون الآديية: بخصئوصنا الموسيقى والعرنية 20 ا

وقد تقلد مناصب حكومية في الخارجية والداخلية؛ إلى أن توفي عام 8اه. نظم الشعرء فكان جل ما قاله في الغزل الرقيق والهزل الخفيف. وأرسل النثر فأجاد القول وأحسن الوصف. له عدة مؤلفات من بينها:

- شرح على قصيدة المالقي المسماة بأنجم السياسة:؛ لم يتمه.

- مؤلف صغير في أمثال العامة.

- بادرة الاستعجال في مناقب (السبعة رجال). ألفه في رحلته إلى مراكش سنة 294اه/ 77م وهو في رفقة السلطان الحسن الأول

- بدائع الاقتباس في مناقب أبي العباس. ترجم فيه لأبي العباس السبتي دفين مراكش سنة 601 ه/ 00.1204

وله في الميدان الموسيقي كتاب (الجواهر الحسان في نغم الألحان) وقد تناول فيه الموسيقى الأندلسية وخاصة ما يتداول منها بفاس. ويغلب على الظن أن يكون ابن سلمان قد فرغ من كتابه قبل سنة 298اه. وهي السنة التي توفي فيها مؤلف «فواصل الجمان» الذي أشار إلى ملكته الموسيقية.

5- مختصر مجموعة الحايك: انعقد أيام السلطان محمد بن عبد الرحمن مؤتمر موسيقي ضم نخبة من رواد الموسيقى الأندلسية معلمين وهواة؛ كان الغرض منه مراجعة مجموعة محمد بن الحسين الحايك التطواني وإعادة النظر من جديد في الطريقة التي اعتمدها في ترتيبه للنوبات والضنعات اليثيمة الملحقة يها .وبالفعل فلقد عمد المؤثمرونننا كاثوا

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

يلاحظونه من خلط في ترتيبها-إلى اعتماد ترتيب جديد للنوبات والصنائع.

ولم يلبث هذا التعديل إلا سنوات قليلة حتى عادت تلامسه يد المراجعة من جديد؛ فقد دعا السيد محمد بن العربي الجامعي وزير السلطان المولى الحسن الأول سنة 1303 ه/ 886-1885ام لجنة من شيو الطرب الأندلسي لتنكب عليه تحت إشرافه وعنايته. بالتنقيح» وكانت النتيجة أن طلعت اللجنة ب (مختصر مجموعة الحايك). في صورته الجديدة.

وقد واكب هذا العمل إحداث المدرسة الموسيقية على يد السلطان المذكور, ويبدو أنه تم بقصد تيسير حفظ النوبات الإحدى عشرة على المنخرطين فيها. ومن ثم أصبح المختصر بمثابة البرنامج النهائي والقار لمادة الموسيقى في المعاهد الموسيقية المبثوثة في فاس ومراكش ومكناس, ثم أصبح العمل بمقتضاه فيما بعد تقليدا يتوارثه أساتذة الموسيقى الأندلسية بسائر المدن المغربية» بالرغم من أصناف التحريف التي لحقت بعض نسخه المخطوطة. يقول السيد إدريس بنجلون رئيس جمعية هواة الموسيقى الأندلسية: «وقد عملت على تصحيحه ورده إلى أصله وإبدال المكرر منه على حسب المناسبات مع علامات فنية تفيد العارفين لهذا الفن وتوحد بينهم كما تسهل الطريق على الام 0

6- أبو عبد الله محمد العابد بن أحمد بن سودة العربى الفاسى: توضى إغالين كام 359 اهار ممولي له كناب «اشكتزال الريحمات بإنشاة يردة المديم بالنفمات». وهو مخطوط فرغ من تأليفه عام 325اه/ 02/..1907

مهد للكتاب بمقدمة مسهبة تحدث فيها عن الموسيقى عموما والآندلسية خصوصاء ثم صنف طبوعهاء وبعد ذلك تحدث المؤلف عن طريقة أصحاب السماع بفاس في إنشاد الردة والهمزية للإمام البوصيريء فقسم القصيدتين إلى ثلاثة عشر قسما بعدد الطبوع الموسيقية المستعملة في موسيقى السماع: وهي: الحجاز المشرفيء, الصيكة؛ الاستهلال, الماية. الرصدء غريبة الحسين, الغريبة المحررة؛ رمل الماية: الأصبهان. الحجاز الكبير. رصد الذيلء؛ العشاق؛ عراق العجه !003

وقد اقتصر المؤلف على هذه الطبوع دون غيرهاء وذلك لأنه كان يريد من كتابه-كما يبدو من العنوان الذي اختاره له-أن يكون معينا لرواد المديح النبوي على إنشاد البردة والهمزية؛ ومن ثم قسم كلا منهما إلى ثلاثة عشر

الموسيقا على عهد العلويين

قسما حسب الطبوع الموسيقية المذكورة.

وتكمن أهمية الكتاب هن الوجهة النظرية البحتة يما تكمنته مقدمته من تعريف بالموسيقى الأندلسية وتصنيف لطبوعها وذكر مبتكريهاء فضلا عن إفاداته التاريخية كذكره لفترات انتقالها لعدوة المغرب. واهتمامه بشرح المصطلحات الموسيقية.

مجمل القول في النوبات الأند لسية:

ونجمل القول في النوبات الأندلسية فنلاحظ:

-١‏ إن عددها قد انحسر وتقلص: فبعد أن كانت النوبات تفوق العشرين قبيل قيام الدولة العلوية في أوائل عهدها أصبحت لا تتجاوز إحدى عشرة نوية على عهد محمد بن عبد الله.

2- إن الصنائع الضائعة تنتسب إلى الطبوع التالية: الذيل؛ وعراق العرب, ورمل الذيلء والزيدان» والحصارء والزوركند. والحسينء والمزمومء والغريبة المحررة, والمشرقي الصغيرء والمجنب. وحمدان. وانقلاب الرمل. والصيكة.

3- إن ما تبقى من صنائع هذه الطبوع الحق بالنوبات الإحدى عشرة التي أقرها محمد بن الحسين الحايك؛ كل مع ما يناسبه في النغمة.

4- إن طبع الاستهلال الذي ابتكره الحاج علال البطلة أيام محمد الشيخ السعدي ظل قائما إلى جانب النغمات الأصول بالرغم من حداثته؛ على حين ضاعت من النوبات المستحدثة أغلب صنائع المشرقي الصغير. ومجنب الذيل» وحمدان.

ولقد يكون لصمود نوبة الاستهلال بكامل صنائعها أمام الأحدات المتقلبة من جهة؛ واختفاء أغلب صنائع النوبات المستحدتة المذكورة من جهة أخرى أسباب ومبررات. فأما عن الاستهلال فأعتقد أن من دواعي بقائه أنه نشأ بمدينة فاسء وهي يومئذ تشكل بيئة ممتازة للفن الموسيقي الأندلسي: وأن نشوءه كان بوحي صادق من الحاجة إلى تعبيرات فنية جديدة اقتضتها ظروف المغرب آنذاك: فلقد كان المغرب مفكك القوى تتقاسم الدول الأجنبية شواطته الشمالية والغربية: بينما يعيث حكم البايات العثمانيين فسادا في مناطقه الشرقية والجنوبية الشرقية؛ وكانت أصوات الاستشهاد تتعالى بمدينة فاس منادية بالجهاد ومعبئة للنفوسء ولم يكن من العجب في شىّ

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

أن تواكب الموسيقى هذه الأحداث فتصاغ القصائد في ألحان حماسية تستحث القرائح وتستنهض الهمم. وضي هذا الجو المفعم بالحماس والمشاعر الوطنية تتفتح عبقرية الفنان علال البطلة وتتفتق عن طبع جديد هو طبع الاستهلال.

ويبدو أن هذه النغمة أصبحت ملازمة للقصائد الوطنية؛ فهي «تذكي حماسا وفعت فيا زوخ المزة: ولذ| ‏ تجد اككرالأتاشيد الوطنية اللحماسية لدى سائر الأمم لا تخرج عن نغمة الاستهلال أو ما يقاربها,. 04

هذه هي الأسباب التي ساعدت على صمود نوبة الاستهلال واستمرار وجودها إلى جانب النوبات الإحدى عشرة؛ وأما الطبوع الثلاثة الأخرى, ونعني بها المشرفي الصغيرء والمجنب. وحمدانء فقد يكون من دواعي اختفاء بعض صنائعها إنها جاءت وليدة ظروف عابرة ترجع إلى عوامل التأثير التركي المؤقت. وما أحسب إلا أنها وقفت برهة من الزمن على هامش النوبات الأصيلة تحاول التكيف معهاء فلما لم تجد إلى ذلك سبيلا تلاشت واندثرت..

1 4

ل لاسي ل 0 رصعي “كا روسب و مسيم لوعت رتل6 3 اريم معرب جك جره إل الست سرس ا

ومسب ين كب يم م بعتو وم : يوضم 9 لا أ م كروب 606 2

1

01

كيم مج يخسومو] | ف كنم جا تي مامد

المو

على عهد العلويين

1 6

ملتسي ون كي 6 بوم لم ممتي ولتصممم وعم كل

وبي تمصا ج كم م كنم لجر م عمط

مدخل إلى تاريخ

الموسيقا المغربيه

الهو امش

153 ص.‎ ١1969 محمد المنونى. مجلة البحث العلمى. العدد 4! و5!,‎ )١(

(2) محمد الفاسن» مجلة تطوان. العدد 7, 1962 ص .5ا

(3) مقدمة لمجموعة أشعار موسيقية أندلسية في المديح النبوي خ. ع-د 1031

(4) الأنيس المطرب. ص 24:

(5) قاموس الموسيقى العربية. د. حسين علي محفوظ.1975١‏ ص. 427

(6) مجلة البحث العلمى عدد ١4‏ و5ا ص 158

(7) الروضة الغناء لؤلف مجهول ص 199

(8) المسلك السهل على شرح توشيح ابن سهل الملزمة السادسة ص 4

(9) عن اختصار التذكرة الأنطاكية.

(10) الملزمة السادسة ص 4

206١ دليل مؤرخ المغرب الأقصى. رقم‎ )1١١(

)١2(‏ محمد المنونى. مجلة البحث العلمى. عدد ١4‏ و5ا ص .155 و56ا

(13). تفن اللترجع صن 56

(14) دليل مؤرخ المغرب الأقصى رقم 2137

(15) الجزء الثاني ص 395 المطبعة الملكية الرباط 1973

(16) دليل مؤرخ المغرب رقم 2/38.

(17) مجلة البحث العلمي عدد ١4‏ وا السنة السادسة. يناير/ ديسمبر ١1969‏ ص . 00١-أنظر‏ دليل مؤرخ المغرب الأقصى رقم 2062 و2063.

.160 نفس المرجع ص.159-‎ )١8(

(19) فى مقدمة الكتاب.

(20) حاضر العالم الإسلامي ج١-‏ ص 279 ط 1343 ه وانظر أيضا الموسوعة المغربية للأستاذ عبد العزيز بن عبد الله. ج: -١‏ ص.7١١.‏

(21) اعتمدت في هذا التلخيص على الطبعة المصورة سنة 1972 عن نسخة بخط الفنان المرحوم أحمد زويتن نشر مكتبة الرشاد.

(22) أنظر أيضا الباب الثاني من كتاب أغاني السقا للتادلي.

(23) الموسيقى والغناء عند الخرت: كين تيمور بك. دار الاتحاد للطباعة والنشر. القاهرة. طبعة أولى 1963- ص 152.

(24) محمد المنونى. مجلة البحث العلمى. عدد ١4‏ و5١‏ السنة السادسة ص 167.

(25) الإتحافيج. ص.367- 00

(26) مظاهر يقظة المغرب الجزء الأول ص.253

(27) الإتحاف. الجزء الرابع. ص.263

(28) ص 105 , 208. المطبعة الجديدة بفاس. الطبعة الأولى 1346

127

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

(29) دليل مؤّرخ المغرب الأقصى الجزء الأول عدد 248

(30) نفس المرجع. عدد 693

(31) مجلة الفنون سنة ١ا.‏ عدد 6 و7 مايو ويونيو 1974 .

(32) دليل مؤرخي المغرب. رقم 2536. ج 2 ص. 441

(33) عن الأستاذ محمد المنوني. مج البحث العلمي. ع ١4‏ و5ا, ١969‏ ص. 169

(34) كتاب الدروس الأولية في فن الموسيقى الأندلسية. جمع الحاج إدريس بن جلون طبعة 60اص. 4.

8 تقدوين الموسيقى الأندلسية

ونود في ختام هذا الفصل ألا تفوتنا الفرصة دون أن نثير موضوعا حيويا يتصل بالمجموعات المؤلفة على مختلف العصور والمراحل؛ وهو موضوع تدوين التراث اللحني الأندلسي. ذلك أن المجموعاتكما رأينا-عنيت بالنصوص الشعرية التي جعلت مضمارا للطبوع الآندلسية؛ فجمعتها ورتبتها حسبما كان الموسيقيون يتغنون به من الأنغام: كما عنيت بذكر الطبوع وأسمائها وبيان عددها الذي ظل يتأرجح بين زيادة ونقصان إلى أن استقر على إحدى عشرة نوبة كاملة وعدد من الصنائع اليتيمة احتضنتها تلك النوبات.

غير أن هذه المعلومات التي توافينا بها المجموعات المذكورة-على الرغم مما تنطوي عليه من فوائد فنية-لا تتعدى جانب السرد والاستعراض والتقصيء وهي تخلو بالمرة من كل محاولة لتدوين الخطوط اللحنية للموسيقى الأندلسية. وهذه ظاهرة مؤسفة, لا تخص التراث الأندلسي بالمغرب وحده بل تعم سائر أصناف التراث الموسيقيء؛ بما فيه الأندلسي والشعبي العامي والبريري ولا نكاد نستثني سوى بعض المقطوعات الموسيقية التي يؤلفها الموسيقيون المعاصرون مما يدخل فيما

120

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

نسميه بالموسيقى العصرية.

ومن هنا نستطيع أن نهتدي إلى أهم أسباب الضياع الذي ما فت يلاحق الألحان الأندلسية خاصة:؛ وقد تنبه القوم بالفعل منذ أواخر العهد الوطاسي إلى خطر هذه الموجة العارمة التي تهدد الألحان الأندلسية وتعرضها للضياع: فعمدوا إلى صبها في أبيات شعرية تيسر حفظها وتوحد طريقة أدائها على غرار ما صنعه العالم الكبير الحاج حمدون بن الحاج. وإن مما يثير العجب حقا أن يظل رواد الموسيقى المغربية وعلماؤها لاهين عن أية محاولة لتدوينها. خاصة أننا نعلم أنه كان من بينهم من نهل من الثقافة الأجنبية وحذق اللغات الأوربية أمثال أبى إسحاق التادلى صاحب ككاببوالنمغا وكات الوسيى»الذى كان متاخو بالتقاقة الغردية كسمه هذا من إقامته ببعض جهات أوربا المجاورة للمغرب. ومن جولاته الواسعة برا وبحرا في الشرق الإسلامي: الحجاز. ومصرء وفلسطين. ولبنان» وسورياء وتركياء ومن اطلاعه على بعض العلوم والكتب الحديثة ووقوفه على كثير من المخترعات التي درس بعضها دراسة دقيقة».!'' على أن مما قد يبدد هذا العجب أن نعلم أن علماء المغرب منذ القرن التاسع عشر للميلاد وجهوا كامل عنايتهم للميادين العلمية الرياضية كالحساب والهندسة والفلك؛ وعنوا بدراسة الفنون العسكريةء وذلك هو ما يعلل كون البعثات المغريية الموفدة إلى المشرق أو إلى أوريا على عهد محمد الرابع والحسن الأول من بعده إنما أرسلت بدافع الرغبة في تلقي علوم من هذا القبيل كالطب والهندسة والحساب والتوقيت. وخطط الحرب وفنون الدفاع البري والبحريء إلى جانب الصناعات الآلية الحديثة.

فإذا أضفنا إلى ذلك أن فن التدوين الموسيقي يستلزم تواضع القوم على علامات ورموز وأشكال خاصة:؛ ويقتضي شيوع هذه المصطلحات في أوساط ممارسي العزف والسماع:-وهي أمور لم تكن آنذاك متوفرة-سهل علينا إدراك تغاضي علماء المغرب عن الخوض في هذا الميدان.

وسنورد فيما يلي نصا كاملا لمحمد بن المفضل بن كيران الفاسي الذي ورد اسمه في بعثة محمد الرابع إلى مصر" ما بين 270اه و 1280 ه والذي نسب إليه اختراع ثمن الدائرة. ساقه في معرض كتاب «شرح مقدمة في الهندسة المساحية لداود الإنطاكي».! وهو نص علمي يحفل كما سنرى

تدوين الموسيقا الاند لسيه

بمصطلحات موسيقية شحبت معانيها ومفاهيمها أكثر من مرة في لجة الوصف الذي أورده لآلة هندسية ما لعلها الساعة المترنمة بالألحان.

وهو إلى ذلك نص يكشف عن معلومات موسيقية لا تخلو من أهمية قصوى سواء من الوجهة التاريخية أو الفنية. وبالرغم من الشحوب الذي يسم المصطلحات الموسيقية التي حفل بها النص فإنها تبدو وكأنما هي محاولة من المزلف أن سد التق الذي كانت تعانيه اللغة الوسيفية العلمية بالمغرب على عهده في مجال التدوين. ولقيمتها هذه بات من المفيد-فيما نرى-أن نحلل فقراتها تباعا بالشرح أحيانا وبالتأويل أحيانا أخرى.

قال ابن كيران: وكذلك من معضل الصناعة-أيضا-تطابق الألحان والنغمات العربية بالموسيقات الرومية الحادثة في هذا الزمن. فما كان منها على لسانهم العجمي فهو في غاية الحسن والإتقان: وما كان على لساننا العربي فهو في غاية الإجحاف.

ولعله يعني بالمطابقة هنا جنوح الأوروبيين في عصره إلى المقارنة العلمية بين موسيقاهم وبين الموسيقى المغربية» وهي مقارنة تنتهي بهم إلى تفضيل موسيقاهم على موسيقى المغرب. ولذلك قر في خلدهم أن ما كان منها يغنى على لسانهم العجمي فهو في غاية الحسن والإتقان: وبالتالي فما كان يغنى على لساننا العربي فهو في غاية الإجحاف.

ويذهب ابن كيران في تعليل هذا الحكم إلى أن الأوربيين كانوا يتلقون تراثنا الموسيقي والغنائي عن غير أهله؛ فيقول: «لكونهم أخذوه عن غير أهله وهم اليهود الذين لم يخف على ذي لب أن الغالب عليهم اللحن والركاكة, فلذلك لم تتقن ولم يكمل حسنها».

ونعرف من خلال هذا التعليل أن عادة التغني بالعربية كانت منتشرة أيام المؤلف في أوساط اليهود .

قال ابن كيران: «وانظر كيف وقع تساوي النغمات وترتيبها بالمشط, وهي على خطة واحدة سوى ما كان في نغمة الذيل والطبل والبوق من الندفات: فاستثقلوه بثا قول ليتم أمره ويتقن».

وعلى الرغم من الغموض الذي تشيعه هذه الفقرة حتى يصبح الفصل بين المعارف الموسيقية وبين المعارف الهندسية شاقا وصعباء فإن من الواضح أن ابن كيران يشير إلى تدوين النغمات على المدرج الموسيقي الذي ترتب

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

عليه النغمات في اتساق.

قال أبن كيران ووانظر يطعيف توضع الوشتحاك بها وما وافتظل به الشخص يوضع في البسيطء حتى ينتهي دورا واحدا على أسطر بحروفه. أينما استقرت نفمته علم ووسم بنقطة. حتى يكمل الدور بكمال التوشيح.

ولعلنا أن نزيد هذا الوصف وضوحا إن نحن صغناه في العبارة التالية: أنظر-أيضا كيف تدون المقطوعات الغنائية على المدرج الموسيقي؛ فأما الكلمات فتكتب مقاطعها على الخط المنبسط الذي يوجد أسفل المدرج, وأما الألحان فتدون على خطوط المدرج وذلك بوضع النوطة المناسبة للنفمة في الخط المناسبء ويسير الأمر هكذا حتى يتم تدوين المقطوعة الغنائية.

قال اين كيران »لثم يوخن في ين طبعه كذلك: إن كان العمل على أريعة من الطبوع أو ستة إلى غير ذلك» ونظنه يقصد بالطبوع هنا فقرات المقطوعة, فإن تدوينها على المذرج الموسيقى يتم الواحدة تلو الأخرى مهما كان عددها في كل حركة من حركاتها.

قال ابن كيران «ثم يلف البسيط على المسمى بالقنوط-اصطلاحا-منها».

مرة أخرى نلاقى في هذه الفقرة شيئًا من الفموضء ولعله أن يخف إذا كانا إلى عمليقن: أولاهها أن شتحبدل كامة القنوظ كلمة اللقوظ: وى جمع نقطة التي سلف ذكرها في شرح ابن كيران. وثانيهما أن نتكلف بعض القاريل قن شرح دوو قرله: باه السيظ على لضن باللقوفة:

وحينئذ نخلص إلى التأويل التالي: إن الكلمات المسجلة على الخط المنبسط تنشد في آن واحد مع الأنغام المدونة مقابلها على المدرج.

قال ابن كيران: «وضي كل نقطة تجعل شوكة هي الرافعة لأسنان المشطء أو بمطرقة الطاسات مع القابل والدافع لتبديل الطبع».

زهذا كلام أقرب إلى الهندسة وأوثق ضلة بهاء بالرقم من الإيتخاغات الباهتة التي تنم عنها عبارة النقطة وعبارة الطبع الواردة عند نهاية الفقرة, فإذا نحن غضضنا الطرف عن المصطاحات الواردة في الفقرة (الشوكة, أسنان المشطء ومطرقة الطاسات) وتجاوزنا دلالاتها الهندسية فقد نصل إلى أن اين كيران وشين إلى سلامات التحريل الك تلبت بجاتب النوطات ترك مردانها الصبونة او مضي وسناه ابضا مان بيرط الك

هذا هو النص الذي ساقه ابن كيران في «شرح مقدمة في الهندسة

تدوين الموسيقا الاند لسيه

المساحية» والذي ختمه بقوله: «وهذا من معضل الصناعة وألطفها وأصل هذه الأشياء كلها: العلم الهندسي». سقناه ها هنا لنبرهن بوضوح على خلو الميدان العلمي الموسيقي بالمغفرب من المصطلحات الخاصة بالتدوين؛ ثم لعله يدل بعد هذا على وعي المؤلف وشعوره بهذا النقصء فراح يستعير من الهندسة بعض مصطلحاتها ليطلقها على المفاهيم الموسيقية على النحو التالى:

المشط - المدرج الموسيقي ما يلتفظ به الشخص - الكلمات البسيط - الخط المنبسط اسفل

المدرج الخاص بالكلمات النقطة - النوطة النقوط - النوطات جمع نقطة

شوكة - علامة التحويل القابل - علامة الخفض الدافع - علامة الرفع تبديل الطبع - تحويل المقام

وقبل ابن كيران هذا بنحو قرنين ظهر على مسرح الموسيقى المغربية علم من أعلامها المبرزين هو الأديب محمد البوعصامي الذي عاش في أوائل القرن الثانى عشر للهجرة على عهد المولى إسماعيل (1139-1056) ويظلكا الأذدين الجاع وسعيه بن الظبب العلبى حى قتاه والأنرسن المخارب فيمن لقيته من أدباء المغرب»7) على طريقة البوعصامي في استخراج لحن الرمل من أوتار العود. فيقول على لسانه:

ابجدجأباجدجآبب أب ج دجأ ب ج دج بآ[

هذا هو البيت الأول بتمامه. وفي البيت الثاني مخالفة ما في جزتئه الأول والآخر. وصورته أيضا هكذا :

هوهأبجدجأبب أب جدجأبجدجأآبب

فعروضه وضربه متفقان في الأخذ على هذا العمل فقس».

ونحن نتعرف من خلال الحروف الأبجدية الثمانية التي اصطلحها البوعصامي كرموز موسيقية تقوم مقام ما نسميه اليوم بالنوطات على نغمات المقاطع الكلامية؛ ومن ثم نهتدي بسهولة إلى النسيج اللحني للبيتين. وهكذا فإذا انطلقنا من نغمة أ التي هي نغمة الذين «أقرب النغمات وأخفضهاء! حسب البوعصامي وافترضنا أنها كانت على عهده تقابل نوطة لاء أمكننا أن ندون اللحنين على النحو التالي:

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

غير أننا لا نستطيع إقامة هيكل النسيج اللحني لأن البوعصامي لم يقدم لنا أي رمز من شأنه أن يدل على المدة الزمنية التي يستفرقها كل حرف من الحروف. بالرغم من كونه أشار في النص السالف إلى استخراج اللحن «كامل الوزن والنغمات».©)

وك..” ال م ظربق مرو رو مما 0 لج ركزوراط خم « سيفوا وزو ضراعي تدا عام - اد ناخاء ل و الرة وذكا.. ين ٠‏ نيضاء لين » لنت +جنيا

0 ا 5 0 ولدطْق' ٠‏ .نؤماء تنوه تر تدراءه ١خ‏ يخ ات ولالشلمو:. بالطرددء ذا تن م ..

2 0 # ل ا .عاد ران» يلواائي4 ٠‏ سس .مف موا .. 6 لخر اس 7# 0202

صورة الصوت بالرموز التي كتبها صفي الدين في كتابه «الأدوار»

1 4

تدوين الموسيقا الاند لسيه

وهكذا تبقى محاولة التدوين غير تامة إذ ينقصها الإيقاع الذي يحدد أزمنة مقاطع البيتين على أنه يبقى هناك احتمال واحدء وهو أن يكون محمد بن الطيب العلمي قد اكتفى بإيراد بعض دروس أستاذه دون البعض وأن يكون الدرس المتعلق بالإيقاع مما زهد فيه أو غفل عنه.

ويبدو البوعصامي في استعماله للحروف الآبجدية متأثرا بطريقة عتيقة عرفها العرب في تدوينهم للألحان الشرقية وانتشرت في البلاد الشرقية وفي تركيا بصفة خاصة ومن المحتمل أيضا أن تكون قد عرفت في الأندلس والمغرب مثلما عرفت في المشرق من خلال كتاب الآدوار لصفي الدين عبد المؤمق البخدازيى ا" نشحافين الاللحاوو و رفت الالتجان والعبن الغادوهة غيبي؟'. ولعل البوعصامي تلقى ذلك في مصر خلال إقامته بها.

على أن طريقة هؤلاء الشرقيين القدامى كانت أكمل لأنها ترشد فى آن واخم إتى التفيوظ النستية المقكل هات ربكا إلى الله الزمفة لكل تفيل وبذلك فهي تفوق طريقة البوعصامي التي نقلها إلينا العلمي في «الأنيس المطرزب).

ولا بأس أن نسوق للتدوين العربي القديم نموذجا ننقله عن كتاب الأدوار للارموي البغدادي ونقابل رموزه وحروفه بالمصطلحات الفارسية التي كانت متعارفة في مصر في العقد الثالث من هذا القرن حسبما فعل الباحث الموسيقي المصري إسكندر شلفون.!8)

طريقة من نوروز (في ضرب الرمل) الصوت على صبكميا حاكمين ترفقوا ومن وصلكم يوما عليه تصدقوا

ولاتتلقوهيالص دود فاإنته يحاذر أن ب يشكوإليكم فتث فقوا الكلمات على صبكم| ياحا | كمين | تر ف | قوا | ومن وصلكم| يوما | عليه | تص د قوا العلامات العربية يه يعي يي يب جَ يه يبا يي يب ح الازمنة بالنقرات 18 6 6 6 2 121 18 6 6 6 2 | 12 العلامات الفارسية نوا جهاركاة| سيكاة | جهاركاة| سيكاه | دوكاه نوا جهاركاة| سيكاه | جهاركاه| سيكاة| دوكاه

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

وإتماما للفائدة نعود فنترجم العلامات الفارسية والأزمنة المرقومة بالرموز الأوربية المتعارفة على يومناء وبذلك يبرز اللحن على الشكل التالي: (مقام بياتي نوروز على الدوكاه أو مقام عشيران مع اختلاف الطبقة) 9')

ومجمل القول فإن المجموعات الموسيقية المؤلفة لم تغير من الوضع شيئًاء فقد استمر التلقين الشفوي والنقل السمعي ديدن الموسيقيين العازفين والمغنين؛ ولم يحاول أحدهم أبدا أن يدون الألحان بالرموز العلمية المتعارف عليها (النوطة). ومع اقتناع كثير من هؤلاء الموسيقيين النظريين بضرورة تكامل العناصر الثلاتة من كلمات ولحن وإيقاع في المقطوعة الغنائية فلقد ظل تدوين الكلمات عمدتهم الوحيدة لحفظ التراث الأندلسي على مر العصور. في حين أهملوا تدوين اللحن والإيقاع: واكتفوا بالإشارة إليهما من

(*) في هذا التدوين الموسيقي لصوت (على صبكم) من كتاب الأدوار لصفي الدين عبد المؤمن الأرموي نجد أن المؤلف قد حذف وحدتين إيقاعيتين من ح (ري) التي تنغم (قوا) من كلمة ترفقوا وذلك كي يضبط إعداد الإيقاع 2 ومع أنه دون عدد ح2! إلا إنه عندما دونها موسيقيا وجدناها 0! فقط. وقبله اضطر الأستاذ الحاج هاشم الرجب الذي حقق كتاب (الأدوار) السابق ذكره إلى إلغاء عددي (ي) المنغمة لحرف (ف) من كلمة (ترفقوا) السابقين ل2١‏ ح حتى يضبط الإيقاع أيضا. وأرى أن الأسلم أن يدون هذا الصوت دون تحديد حقول على هذا النحو:

كما أني أعتقد أن تدوين هذا الصوت مع تحديد حقول الإيقاع يحتاج إلى تخيل أوسع: فمما لا شك فيه أن الآلحان تتكون من أنغام ومن سكتات تتخلل تلك النغمات ولا يعقل أن يكون هذا الصوت على هذا النحو من الرتابة واستمرار النغم دون أي سكتة أو راحة؛ أقول هذا لأن هذا القالب (الرمل) لا يزال يستعمل عندنا في الموسيقى الكويتية تحت اصطلاح (الفن النجدي) والاستماع إلى لحن من ألحان هذا القالب كفيل بأن يوجه محقق صوت (صفي الدين) إلى طريق أكثر توفيقا .. (المحرر)

36

تدوين الموسيقا الاند لسيه

الوجهة النظرية الصرفة؛ غير أن الكلمات ما كانت لتقوم وحدها بالهيكل الكامل للمقطوعة الموسيقية؛ وإلا لما فقد العالم العربي ألحان المائة الصوت التي كانت تملا رحاب قصور خلفاء العباسيين والتي نصوصها إلى اليوم تملأ صفحات كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني.

ولعلنا نخلص بعد هذا إلى النتيجة الحتمية التالية. وهي أن يعمد رواد الطرب الأتدلسي إلى كدوين القوبات الإحدى مشرة بكامل سشاكمها وموازينهاء على إننا نعتقد أن عملا كهذا ينبغي أن يتم حسب خطة مرسومة ومحدودة المعالم» وأن تنهض بأعباته فئّة من شباب المغرب الذي يجمع إلى ثقافته الفنية دراية واسعة بطرق التدوين وأذنا واعية لانعراجات وزخرفات الأداغ الأتدلسى. وقلبا مفعما بحب هذا التراث:وروحا مؤمثة باهميته الفنية والشاريحية:

مدي هنا معنب عبالة نو قي هنا سف الى شوظاح فى تقرف وكداء الأرواج شن قر يلد الالتشورس 111 عنعن عدي هيديا لجناقي الإنسجامي لدرجة انطفأت معها إشراقة اللحن الأصيل الذي غاص في زحمة التركيبات اللحنية والتقمات التوافقية. ا

كما يعني هذا ألا يكون عملنا من قبيل ما صنعه السيد أركاد يودي لاريا بلاتين في قدويته لتوبة الأصبهان .فإنه بالرغع من تحريه في تدوين الصتعات وضيظة الواز حتلم يردق الروضم الاتجان فى اإلقاء الأندلسى التانينت (طبع الأصبهان على ري دون أية علامة رفع أو نزول في السلم) كما لم يوفق إلى إفراغها في أوزان تلائم طبيعة نظام الأدوار المتعارف عليه في ضبط أجزاء الصنعة من جهة؛ وتلائم نظام توالي الصنائع داخل الميزان من حية ألخرى: وفويك ذلك كله عمل يخلو من أية إشتارة إلى الميع الرخرفية التي تطبع الأداء الصوتي خاصة: والذي يعتبر بحق من أهم ما يميز الموسيقى الآندلكبية من بين ساكس الفتون الوسيقية المقربية:

2- مجموعة المؤلفين المترجمين

يندرج تحت هذه المجموعة المؤلفون المغاربة الذين عنوا بسرد تراجم الموسيقيين فاستعرضوا إنتاج النظريين وتحدثوا عن مجالس وحلقات التدوريس.

]7

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

وسنكتفي هنا بعرض أعمال مؤرخين اثنين هما : محمد اليفراني المعروف بالصغير ومحمد بن الطيب العلمي.

-١‏ محمد اليفراني: أبو عبد الله محمد المدعو بالصغير بن محمد بن عبد الله اليفراني» نسبة ليفرنء وهي قبيلة بني يفرن الشهيرة أيام مغراوة. ترجم له سيان الحوات, كما أثبتت ترجمته في نهاية كتاب نزهة الحادي نخظل تاسخف:

ولد بمدينة مراكش قرابة العقد الثامن بعد آلاف وبعدما تلقى علومه بها رحل إلى فاس. حيث جالس كبار العلماء وقد أصبح بفضل عصاميته المثالية عالما مشاركا في فنون شتىء واشتغل بالتقييد» وأثرى الخزانة الأدبية والتاريخية بعدة كتب نذكر من بينها:

-١‏ الإفادات والإشادات وهو كما يقول: تأليف لأكفاء له فى الحسن.

2- نزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي. وهو كتاب تاريقى حافل شان الدولة السعدية ومترف مق الذولة العاورة ويدييةا كه بوم ريات قيمة عن الوضع الموسيقي على عهد الإشراف السعديينء؛ فهو يشير إلى استعمال الأجواق النحاسية في الموكب الملكيء وينقل إلينا أصداء الموسيقى العسكرية الأجنبية في الوسظل المغربي, كما يكحدت عن احتفال المنصور بالمولد النبوي.

3- درة الحجال في مناقب سبعة رجال. وقد تضمن بعض أخبار السماع وشغف الققهاء بالغتاء.

4 صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر. فرغ من تأليفه عام 1137.

5- نشر المثاني.

ويتضمن الكتابان الأخيران تراجم لمجموعة من علماء المغرب وصلحاته وأدبائه في النظم والنثر. ومن بين هؤلاء من اشتغل بالموسيقى تأليفا أو تدريسا أو احترافا كأبي زيد عبد الرحمن الفاسيء ومحمد بن علي الوجدي؛ وحمدون بن الحاج: وأبي العباس المنجور.

6 المسلك السهل على شرح موشح ابن سهل. وبعد حياة حافلة بالعمل الدائب أسلم روحه لبارئه في منتصف القرن الثاني عشر للهجرة ١140(‏ أو 025

تدوين الموسيقا الاند لسيه

ونعود الآن إلى كتاب المسلك السهلء؛ فنجد أن مؤلفه عقد فيه فصلا خاصا بالموسيقى وضعه تحت العنوان التالي: «نفحة الريحان في ذكر الطبوع والألحان» ويشغل هذا الفصل ست صفحات من الملزمة السادسة ابتداء من ص: 2 وحتى ص: 7.

وقد تضمن هذا الفصل النظر في الأمور التالية:

-١‏ أقوال في تأثير الغناء على النفوسء. وعذوبة القريض إذا ما كساه اللحن الموسيقي.

ب- ذكر النغمات الأصول وما تفرع منها من الطبوع. وهو يطلعنا هنا على أن موشح بن سهل كان يغنى-حسبما أخبره به أهل الفن-على نفمة الحسين.

ج- ذكر العلاقة القائمة بين الطبوع الموسيقية والطبائع الإنسانية الأربعة.

د- «لطيفة» وهي ملاحظة فنية يسجلها المؤلف على هامش العلاقة التي بين الطبوع والطباع. وقد تحدث فيها عن أوتار العود الأربعة وصبغتها بالأصفر والأحمر والأبيض والأسود إشارة إلى الصفراء والدم والبلفم والسوداء.

ه- تحدث بعد هذا عن زرياب وعن سعة حفظه وما قيل فيه. وعن تلامذته؛ ثم ختم هذا الباب باستطرادات حول ما قيل في الغناء والمغنين والعازفين على آلة العود.

وتبدو أهمية هذا الكتاب في كونه يعرفنا على نظام النوبات الذي درج عليه أصحاب الموسيقى الأندلسية خلال النصف الثاني من القرن الحادي عشر والنصف الأول من القرن الثاني عشر.

2- محمد العلمي: هو أبو عبد الله محمد بن الطيب الشريف العلمي اليونسي. ولد بفاس في النصف الثاني من القرن الحادي عشرء ونشأ بها ودرس على أعلامها فتلقى علوم العربية والآدب على ابن زاكورء وملك زمام النثر والشعرء وفتن الناس بموشحاته خاصة كما تلقى فن الموسيقى على يد علمها البارز آنذاك محمد البوعصاميء وبذلك اجتمع له من مرح الشخصية وخفة الروح ومتانة العلم ما أهله ليؤلف كتابه الجامع «الأنيس المطرب فيمن لقيته من أدباء المغرب».

وفي سنة 1133ه-1721 م توفي بمصر وهو في طريقة إلى الديار المقدسة

36

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

لأداء فريضة الحج.

وقد ترجم العلمي في كتابه لاثتني عشر رجلا من أعلام عصره فيهم الفقيه المفتي. والشاعر النابه. والكاتب المبدع وفيهم الفنان والموسيقي. فجاء كتابه ديوانا أدبيا وحلقة سمر ومجلس علم.

على أن الذي يهمنا في هذا البحث أن نتناول الكتاب من وجهة خاصة هي الوجهة الفنية الموسيقية. وتتجلى أهمية هذا الجانب في كونه يقدم إلى القارئّ شخصية موسيقية فذة لمعت في سماء الفن بالمغرب على عهد المولى إسماعيل. هي شخصية محمد البوعصامي الذي سنعود إلى تفصيل القول عنه ضمن مجموعة المحترفين والمعلمين. ومن خلال ترجمة البوعصامي يقدم إلينا مجموعة قيمة من المعلومات الفنية نستطيع الاعتماد عليها في استجلاء ما غمض من جوانب تقنية نظرية وتطبيقية في الموسيقى الآندلسية»؛ ويطلعنا على محاولة أولية لتدوين مقطوعة غنائية بواسطة الحروف الأبجدية.

وهو يتحفنا بنصوص تشكل نماذج حية وناطقة لدروس نظرية في الموسيقى كمعرفة نغمات المقام الثمانية؛ وتحديد الأبعاد التي تفصل النغمات عن بعضهاء ودروس أخرى تطبيقية كطريقة ترتيب المقام الطبيعي وكيفية استخراج نغمات السلم من آلة العود. وطريقة تسوية هذه الآلة. كل ذلك بالإضافة إلى استطرادات فنية أخرى استعرض فيها أصول الأنغام الأندلسية وذكر الطبوع المتعارفة على عهده؛ وكما تلقاها عن أستاذه البوعصامي. وقارن الطبوع بالطبائع البشرية؛ وأتى على ذكر بعض الآلات التي اتخذت لمصاحبة الغناء وأهمية آلة العودء وأثر الغناء وما يشترط فى ال مغنى.

يفل هود | لللرما هت بطيوا كس سل ككانه مو لأنيين الطب 11

3- المجموعة الثالثة: الشعراء الموسيضيون

يندرج تحت هذا العنوان الشعراء الذين ظهروا في العصر العلويء وعرفوا بإقبالهم على نظ القصائد والموشحات يهدف تلحينها وإنشادها : وقبل أن تحاول التعرف على مولام الشهراوترى أن سيغترضن أهم الأسبانب والظروف التي شجعت على خلق هذه الظاهرة والتي تنحصر فيما يلي:

-١‏ كانت المقدمات وكثير من الصنائع من الموسيقى الأندلسية معزوفات

1 10

تدوين الموسيقا الاند لسيه

آلية تخلو من الكلام؛ وكان التوارث الشفهي وحده هو عمدة رواد الطرب في الحفاظ على ألحانها وموازينهاء وتناقلها من جيل لآخر. على أن الأحداث التي تعاقبت على المغرب منذ انحسار الحكم الإسلامي بالأندلسء واحتلال المراكز الساحلية في كل من شماله وغربه: وانفماسه في حروب ضارية مع الغزاة والمحتلين. كل ذلك قطع أسباب التناقل المستمر للتراث الموسيقي الأندلسى. وعرض النويات الأريعة والعشرين التى كانت متداولة للتلاشى 9 والتمزقفسرت اللسيان إلى كير من القدماث والصنتاكع وتخاضة التي لم يكن لها من الكلام ما يمسك ألحانها ويضبط موازينها .

وبدافع من الخوف على استمرار تيار الضياع الجارفء. أقبل بعض الشعراء على نظم القصائد والموشحات والأزجال: يركبون عليها أنغام الصنعات والتوشيات: حفظا لها من الضياع مثل ما صنع الشاعر الأديب محمد بن قاسم بن زاكور الذي نظم لتصديره البسيط من نوبة رمل الماية

متكلسة تطلعيا: صلوا يا عباد دائم على أشرف الورى والعالم الآديب الحاج حمدون ين الهاج الذي عمر توشية غريية الحسين. وغيرهما كثير.

2- ويأتي بعد ذلك ولع الشعراء المغاربة بالمولديات وقصائد المديح النبوي. وأعتقد أنه كان لانتشار بردة الشيخ البوصيري وهمزيته وسعة تداولهما بين المنشدين المادحين شأن كبير في تقوية ذلك الولع بين الشعراء فانطلقوا ينظمون القصائد المطولة, ثم تحولوا عنها إلى الموشحات والآزجال الخفيفة لسهولة تلحينها وإنشادهاء وبذلك خدموا الحركة الأدبية من جهة؛ وأثروا الخزانة الموسيقية والغنائية من جهة أخرى.

3- وكان لازدهار الحركة الموسيقية نفسها أثر كبير في تشجيع الشعراء على ارتياد مجال تأليف المقطوعات الغنائية» وإن مما زاد في تشجيعهم أن يروا طائفة من جلة العلماء تنكب في اهتمام متزايد على دراسة الموسيقى من الجانب النظري والعلمي دونما استنكاف أو شعور بالنقصء ومن ثم فإنهم لم يجدوا بدورهم ضيرا في خدمة الموسيقى الأندلسية من الوجهة العملية بما ألفوه من مقطوعات أضافت إلى جمال الألحان روعة المعاني والتصورات.

لعل

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

موضوعات الأغاني الأندلسية: يعتبر النظر في الموضوع الذي تتناوله الأغنية عموما من الجوانب الفنية الحساسة التي طال ما استوقفت الباحثين وأثارت النقاش الحاد وحركت أقلام النقاد . وإذا كان هذا الموضوع بحق من أكد القضايا التي تستأثر باهتمام الباحثين في الموسيقى المغربية المعاصرة, ومن أكثرها جلبا للنقاش وتحريكا للنقد؛ فإنها لم تكن كذلك في العصور العلوية الممتدة منن عهد التأسيس وحتى إعلان الحماية على المغرب؛ وذلك لأن المجال الموسيقي-وبخاصة منه الأندلسي-كان يعيش على نتاج أدبي قديم توارثه الحفاظ عبر الأجيال واطمأنوا إليه اطمئنان الإنسان إلى تقاليده وعوائده.

فإننا عندما نتصفح المجموعات الموسيقية التي احتضنت أشعار الأدوار والمواويل والإنشادات نجد أكثرها منسوبا إلى شعراء قدامى. في مقدمتهم مشارقة كابن الفارض وأبي نواس ومجنون ليلى وعنترة العبسي ورابعة العدوية وأندلسيون كابن باجة وابن سهل وابن عربي وأبي مدين الفوث, ومغارية كعبد الله بن محمد بن حجام الفاسي المكنى بابن الياسمين المتوفى عام 601 ه-203ام: وأبي حفص السلمي عمر بن عبد الله بن محمد الآغماتي المتوفى عام 603 ه-206ام؛ ومالك بن المرحل المتوفى عام 699ه-300ام: كما تجد أن أغلب هؤلاء الشعراء كانوا يطرقون الفزل وشكوى الحبيب وذكر المنازل والديارء ويطرقون العشق الإلهي ومدح الرسول الأعظم.

وحينما امتدت يد النسيان والضياع إلى النوبات الأندلسية-كما سبق أن أوضحت قبلا-عمد بعض شعراء العهد العلوي إلى تعمير الألحان بالكلمات؛ فنشطت حركة تأليف المنظومات وتركيبها على أنغام الآلة الأندلسية؛. على أن هؤلاء لم يخرجوا عن الموضوعات المعتادة: وأن يكونوا قد أضافوا إليها مدح الملوك والرؤساء. ومن أمثلة ذلك موشحتان لمحمد بن قاسم بن زاكور نظمهما في مدح المولى إسماعيل على ميزان صنعة موسيقية معينة. مطلع الآولى:

سق الحجوحت مها والحت سه هروق

صمصدىالدهوريعهمه ولد المخخ تار الملصطغفغى بد رال بيدور باهي |لسسسور ما فوووا سراد

12

تدوين الموسيقا الاند لسيه

وبابتت هه يحلرالئلب-ور درالنحورصمعفرالاأشر 02 ومطلع الثانية: حسدث عن سملن لاقب مصولاتا اكترفيع التحدز الأكتمحل حطساصطصطدالكعتعل تب مهل السمدس حاب بجاتجحوة افعلاي محا ال سي ل الموسيقيين. فقد ولعوا به ولعا شديداء. ونظموا فيه عشرات الموشحات والقصائد حتى أصبح وعاء الألحان الأندلسية دون منازع. فلا عجب أن نرى محمد بن قاسم بن زاكور يخاطب أهل تطوان بمناسبة زيارته لهذه اللديقة فيقول: يااووي ودي يا هلالعلا فقهلبيدرى تلب _ طل وان اسسمعوني كل معت وق الحلا يمديحالمصطفى خيررالورى سسلسسي ‏ د الأك ‏ وان ثم لا عجب أن يرثي الشاعر الوزير إدريس بن محمد بن إدريس العمراوي معاصره العالم الأديب حمدون بن الحاج بقوله من قصيدة رائعة: ومن لاممتتاح الملصطفى بمدائح عليهامنالسحرالحلال دلائل وذا اتحسيه ينيد لال السصر الحلال ديو لالخان ا لوسيقية الحميلة التي كانت تحلي قصائد المديح التي طالما نظمها حمدون بن الحاج في مدح أسلوب الأغاني الأند لسية: ويفضي بنا الحديث عن موضوعات الأغاني الأندلسية إلى النظر فى أسلوب هذه الأغانى؛ فنجد أن المقطوعات المنظومة

015

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

في العهد العلوي تكاد في أغلبها تحمل الخصائص الفنية التالية:

أ- الأسلوب المعرب: وهذه صفة تميزها قبل غيرها عن المقطوعات التي كانت تنظم لأصحاب طرب الملحون؛ حتى غدا التمييز بين النوعين في كثير من المقطوعات يرجع فيه إلى أسلوب الأغنية؛ فإن كان عاميا فهي من الملحون؛ وإن كان فصيحا فهي من الآلة الأندلسية؛ وذلك لأن أصحاب الملحون تبنوا الطبوع الأندلسية المتداولة في تلحين منظوماتهم.

ب- وحيث أن قالب التوشيح هو أكثر القوالب الشعرية انسجاما مع الأنغام وملاءمة مع الإنشاد فقد جاءت أغلب المنظومات الغنائية على شاكلته. ويكفي أن نتصفح دواوين الشعراء الموسيقيين أمثال عبد الكريم بن زاكور, ومحمد بن قاسم بن زاكور. وحمدون بن الحاج. ومحمد الحراق ومحمد البوعصامي؛ ومحمد العلميء لنجد أنهم كانوا أميل إلى النظم في التوشيح حتى جعلوا منه فنا ثابت الكيان بعد ما كان مجرد محاولات لتقليد وشاحي الأندلس.

ج-.ويتحرئ الشعراء الموسيقيون السهولة والسلاشة:وانتحاب الكلمات الخفيفة الوقع., والتعابير المناسبة للطبع والبعيدة عن الأشكالء بل إنهم يذهبون إلى أبعد من ذلك فيطاوعون اللحن على حساب مقتضيات العروض؛ ويخلون بالوزن الشعريء ويركبون العبارة العامية. ويعمدون إلى التكرار لفائدة اللحن الموسيقي وإيقاعه.

يقول البحاثة محمد داود في صدد حديثه عن ديوان الشاعر عبد الكريم بن زاكور قائد تطوان من قبل السلطان محمد الثالث. «إنه في قصائده المنظومة في البحور العادية يتساهل في الموازين وبعض القواعد. ولا يتتكب عن العيوب الشعرية مما يجل عنه فحول الشعراء. أما موشحاته- وهي كثيرة متنوعة-فإنه أقرب فيها إلى الإجادة والتفنن منه في بقية شعره الذي يقرب في بعض الأحيان من النظم العاديء وأحيانا تسمو معانيه وتلطف تشبيهاته؛ وتبدع محسناته. حتى يكون من أحسن ما صدر من نوابغ الشعراء الغزليين؛ لولا خلل في ميزانه. وتكرار في ألفاظه وعامية في عباراته©1) 1 1 1

وإننا ننزه ابن زاكور عن أن يسقط في مثل هذه الهفوات عن جهل بقواعد الشعرء ولكننا نرى أنه كان يعتمد-إن صح القول-ركوب تلك العيوب

184

تدوين الموسيقا الاند لسيه

الشعرية لأسباب فنية تقتضيها ضرورات التلحين والغناء. ولذلك فهو لا يرى ضيرا في الإخلال بالوزن أحياناء وضي اعتماد التكرار أطواراء بل إنه لا يرى ضيرا في إدراج العبارات العامية كت «رشجاقة وقصائده طالما إنه كان يضعها بقصد الغناء والإنشاد؛ فلقد أكد أبو محمد سكيرج في كتابه الأدبي الجامع الذي أسماه:

«نزهة الأخوان» والذي أرخ فيه لمدينة تطوان أن قائدها عبد الكريم بن زاكور كان عارفا بالموسيقى حافظا لأشعارها ونغماتها مقربا لأصحابهاء وإليه يرجع في شؤونها. وقد عاد البحاثة محمد داود ليؤكد بنفسه هذا الرأي؛ وذلك عندما قال: «يجمل بنا أن ننبه القارئ إلى أنه ينبغي له أن لا ينسى أن بعض ذلك الكلام نظم ليلقي في حلق الذكر ومجامع الاحتفالات بالمساجد والزواياء وبعضه أنشد ليتغنى به في مجالس اللهو والطرب».!7")

أشهر الشعراء المو سيفيين:

١‏ - محمد بن قاسم بن زاكور: شاعر أديب؛ وعالم واسع المعرفة والاطلاع ألف أكثر من كتاب في مختلف العلوم والفنون؛ وبرع في الأدب حتى أضحى بمفرده صاحب مدرسة قائمة الذات. نشاً بفاس حيث تلقى العلم عن مشايخها ورحل إلى تطوان والجزائر. فأخذ عن جلة العلماء بهما. وما زال يتحف الخزانة الآدبية بكتبه ودواوينه حتى توفي عام 120١اه-708ام.‏

وقد أسهم محمد بن زاكور في خدمة فن الموسيقى وتنشيط حركتهاء وذلك بما نظمه من موشحات وقصائد كانت تنشد على العهد الإسماعيلي وما تلاه من عهود . ومن هذه المقطوعات ما نظمه الشاعر على موازين صنعات معينة؛ كموشحته الغزلية التى مطلعها:

أوواتعساسحات قهز عسبحر اتسين

باخيكا هنزم سكس العسعتهاز واسقنيها خمرة تجلوالنفس لات تسيو سات سحن خحسبر لو

2- محمد البوعصامي: هو علم من أعلام الموسيقى المبرزين؛ وفحل من فحول العزف والغناء. عاش على العهد الإسماعيلي؛ وعاصر الشاعر محمد بن زاكور. ترجم له محمد بن الطيب العلمي في «الآنئيس المطرب» فأفاض

1 75

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

في الإشادة به وبمواهبه الفنية» وتحدث عنه صاحب «الروضة الغناء» فذكر له من موشحاته الغنائية هذه التى مطلعها: لالم ال 7 الشمس مالت للسرار أرخت سدولا من نضار تفت مسكا وعذار

وسنعود فيما بعد لنتحدث عن البوعصامي ضمن مجموعة الموسيقيين المحترفين والمعلمين بمزيد من التفصيل.

3- محمد بن الطيب العلمي: سبق أن تحدثنا عن العلمي ضمن مجموعة المؤلفين المترجمين. وقد كحت ا كان صم بان الاك الأدبية التي تلقى أصولها عن محمد بن زاكور والثقافة الموسيقية التي أخذ قواعدها عن البوعصاميء قلا عجب بعد هذا أن تكون موشحاته فتنة للناس وأن يقبل عليها الموسيقيون ليصوغوها في ألحان معبرة.

4- عبد الكريم بن عبد السلام بن زاكور: هو من رجال تطوان وأعلامها المشاهير فى القرن الثانى عشر للهجرة. ولاه السلطان محمد بن عبد الله قراو هق الديلة كه 91 كذ كم عوله هنا ننة 119 شاكان دري وأديباء برع في النظم والنثر. ترجم له أبو محمد سكيرج في «نزهة الأخوان» ووقف البحاثة محمد داود على ديوان ضخم له. يتضمنن-يعد المقدمة-مجموعة من القصائد والموشحات في مدح النبي العربي المختارء والإشادة بشهر ربيع النبوي؛ وبعض أولياء المغرب؛ في أبيات يبلغ تعدادها نحو خمسة آلاف بيت.*) وقد تحدثنا منذ قليل عن بعض الخصائص التي طبعت منظوماته الغنائية. والواقع أن المرء يقرأ أشعاره. فيحس في مطالعها ما يدعوه إلى الغناء. كقوله في شهر ربيع النبوي:

هر حبيا هلا وسبهلا

بك _ ياشهرال مواسس م ويجد في قوافيها ما يستدعي رويها امتداد النفس اللحنيء كقوله: فص لالرييع مريعالقلوب

زهها ب هالإتس والطيور

1! 06

تدوين الموسيقا الاند لسيه

يجلي صدأاًالقلب من كروب

أيام هأاآيامالئل-س-م يور

وفي معانيها ما يحرك أوتار القلوب كقوله:

وللطيورمنابر ف ياغصانها

تشدولحوتابهاترتمالوتر

و اقول

أمحا تشرق السلصسوز فسني اللتسشصيحن

وفيالرييع حف بالشياب والزهروالورد في القضيب اريمجحهايالرييع ططاب يحركالش وق فيالقلوب لنتنفغ مما له وو والرييابٍ حتى لكأن ديوانه بياقات من موشحات الأندلس في أيام سعدها وعزهاء أو سنفونية الربيع بألوانه الخضر الزاهية: تعزف ألحانها أوتار العود والرياب, وتترنم بمقاطعها أصوات الطيور والبلابل» وقد حطت على أغصان تميد من الطرب.

5- حمدون بن الحج: علم من أعلام المغرب المشاهيرء كان له باع طويل في العلوم الدينية والفنون الأدبية. وكان من ألمع شعراء العهد السليماني. وأكثر منظوماته في المدائح النبوية. توفي عام 232اه ومن موشحاته الغزلية:

وكحيل تسرةقالغعفرز

لان مص ته غخللب نل جه ضظلبي تس ذو تف انر

مصاتلعدى _ نلههبجه ذو تنايازد ح اس ناوسرا

يبيج 20

6 محمد الحراق: شيخ الطريقة الدرقاوية» تلقى تعاليمها عن مولاي العربي الدرقاوي المتوفى عام 1239 هء على أربع قواعد : ذكر ومذاكرة وعلم ومحة (اتا

وكان مولعا بالنظم في العشق الإلهي والمديح النبوي. ولقيت منظوماته

17

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

كبير إقبال من طرف المسمعين والمادحين. ويوجد بعضها ضمن ال منتخبات الموسيقية التي ينشدها أصحاب الموسيقى الأندلسية.22)

ولعل مما يدل على أن الحراق كان ينظم أشعاره بقصد الإنشاد والتلحين قوله في إحدى موشحاته:

ناوص معستحوااغحلحكيئ تحرهتبا

وتلافوابغناكم فلسي

فإن التغني بالمدائح النبوية عنده هو سبيل خلاصه من الضياع؛ وهو معني دقيق بطنه بما يوهم أنه يستجدي امال لدفع أسباب الفقر.

- هذه نخبة قليلة من الشعراء الموسيقيين الذين أعتقد أنهم كانوا أوفر عددا . وسيبقى باب البحث مفتوحا للكشف عن غيرهم ممن تغمرهم ظلمات النسيان وتطويهم دفات المخطوطات. وقد أشار الدكتور الجراري إلى بعض هؤلاء المغمورين؛ وهم:

- علي بن محمد العكاري صاحب كتاب «المناقب» فقد قال عن نفسه: (ولنا أيضا تواشيح وأزجال على القانون الموسيقي) ./02)

- أبو عبد الله محمد بن محمد مرينوء تحدث عنه العكاري في «المناقب» فقالء «كان أديبا شاعرا فصيحاء له أمداح طان كلريقة اللو سيفب لقنا

- أحمد حجي بن محمد مرينوء. ترجم له محمد بوجندار؛ فقال: «كان شاعرا وشاحا له تواشيح كثيرة في المديح النبوي وغيره على طريقة الموزون والملحون».(05)

4- المجموعة الرابعة: المعلمون والمحتر فون:

-١‏ المعلمون: انتظمت في العهد العلوي حلقات خاصة بتدريس الموسيقى وقواعدها النظرية على يد قئّة من هواتها الذين كان من بينهم عدد من رجال الأدب والعلم.

وإلى جانب الحلقات الخاصة التي كانت تقام هنا وهناك بدوافع تطوعية وبرغبة خالصة في نشر المعرفة كلما سنحت الظروف والمناسبات: فقد سهرت الدولة الحاكمة من جهتها على العناية بفن الموسيقى كعنايتها بسائر الفنون والعلوم اللأخرىء. وبرزت هذه العناية بكيفية جلية منن تولي السلطان محمد بن عبد الرحمن الذي أنشاً مدرسة المهندسين في جوار القصر

1 8

تدوين الموسيقا الاند لسيه

الملكي بفاس الجديدة.2 وحسب المجلة الآسيوية فقد ابتدأت الدراسة بها سنة 1260-1259ه-844ام على عهد المولى عبد الرحمن بن هشام:؛ ثم كانت لا تزال قائمة في عام 296اه 1879-.77)

ثم سار على نهج محمد الرابع ابنه السلطان الحسن الأول؛ قفأسس بمراكش مدرسة لتعليم الموسيقى» واستقدم للعمل بها فئّة من رواد هذا الفن بفاسء فكانوا يعلمون المكفوفين ثم اتسع نشاط المدرسة ليشمل غير المكفوفين.

وما لبثت المدرستان: المحمدية بفاس والحسنية بمراكش أن أصبحتا فيما بعد مركزين لتخريج الأطر الفنية التي تستخدمها الدولة للاشراف على المرافق الفنية وغيرها على غرار ما فعل أريعة من حكام مراكش وإحوازها حينما استقدموا محمد المطيري لتكوين جوقة موسيقية.

وإلى جانب ذلك فلقد جعل المختار بن العربي الجامعي وزير السلطان الحسن الآول من منزله الشهير بمدينة مكناس مدرسة لتعليم الموسيقى والغناء. وكان من جملة أساتذتها المتأخرين المطرب الشهير سيدي عبد السلام البريهي الذي استقدمه من فاسء ومما يذكر أن الموسيقي سيدي محمد البريهي تلقى هو نفسه تعليمه الفني بهذه المدرسة على يد والده.

ولقد أصبحت دار الجامعي بعد وفاة مؤسسها وطيلة عهد الحماية مركزا لتعليم طرب الآلة بالمجان؛ واستمر العمل بهذا النظام بعد حصول المغرب على الاستقلال: فعهد بالإشراف على إدارتها لمصلحة المحافظة على الآثار. ثم أصبحت اليوم من المصالح التابعة لوزارة الدولة المكلفة بالشؤون الثقافية.

وقد حذت بعض المدن المغربية حذو مكناس؛ فتأسست بمراكش مدرسة لتعليم الموسيقى مقرها دار السي سعيد الشهيرة وأخرى بالرباط مقرها بالوداية.

ولا ينبغي أن نغفل عن أهمية الزوايا باعتبارها مراكز لتعليم الموسيقى وتربية الذوق الفني في أوساط المريدين. فلقد قامت بأهم مدن المغرب زوايا لعبت دورا خطيرا فى الحفاظ على التراث الموسيقى عامة والأندلسى خاصة:. بل إنها بلورت الطرب الأندلسي وصبغته بصبقات محلية "

ففي مدينة فاس كثيرا ما كان المنشدون يجتمعون بزاوية القلقليين بحضرة

1] 0

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

الشيخ سيدي عبد القادر الفاسي حيث يترنمون بالأمداح النبوية والأشعار الصوفية على مذهب فاس فى الآلة الأندلسية وكذلك كان الشأن فى زاوية الخفية.

وفي تطوان عرفت زاوية الفاسيين بحي العيون نشاطا دائباء كان في بعض الأحيان يتجاوز نطاق الإنشاد الصوتي إلى نطاق العزف بالآلات: وكان من رجالها الأوائل المهدي بن الطاهر الفاسي التطواني.

كما عرفت هذه المدينة زاوية الريسونيينء: وزاوية الحراق التي نهض بالتعليم فيها الشيخ إدريس الحراق:؛ وكان من خريجيها المتأخرين الفنان محمد الآبار المتوفى سنة 1959.

وإلى جانب هذه الزوايا نذكر الزاوية الصديقية بطنجة؛ والوزانية بوزان» والشقورية بالشاونء والحراقية بالرباطء وزاوية العلميين بمكناس.

ونريد أن نستوقف القارئ قليلا لنحاول أن نتعرف وإياه على المنهج التعليمي الذي كان متبعا على العهد العلوي في تعليم مادة الموسيقى؛ فنرى أن المصادر لا تكاد تسعفنا في هذا الموضوع إلا بقليل من المعلومات لا هناك إشارات متفرقة تدلنا على مراحل تعليم الموسيقى في العهد العلوي على مختلف أطواره التاريخية: ومن بينها التعقيب الذي أثبته مصحح الكتاب الفنان محمد بن محمد الرايس المتوفى فى العقد الثالث من القرن الثالث عشر على هامش عبارة أوردها محمد بن الطيب العلمي في كتابه «الأنيس المطرب» إذ يقول: «والعادة جارية بتقديم بحر الرمل فى التعليم لقرب مأخذه وخفة مؤونته» فلقد عقب الرايس على ذلك بقوله المثبيت فى الحاشية «بل العادة الجارية في ابتداء التعليم ببحر المجتث في نفمة قدام الرصد» (28)

ونخلص من فحوى هاتين العبارتين إلى النتيجة التالية: وهي أن المنهج التربوي في العهد الإسماعيلي-وهو عهد البوعصامي الذي جاءت عيارة العلمي على لسانه-كان يقتضي أن يبدا بتعليم بحر الرمل؛ ثم أصبح بعد

ونحن نعلم أن زرياب وقق بالأندلس إلى ابتكار طريقة خاصة لتعليم الموسيقى والغناء. فقد كان أرباب هذا الفن من قبله يقتصرون على تلقين الألحان للمغني المتعلم ويطالبونه بتكرارها وإعادتها كي ترسخ في ذاكرته.

تدوين الموسيقا الاند لسيه

فلما أقبل زرياب إلى الآأندلس بنى طريقته على ثلاث مراحل:

-١‏ يقرئّ المتعلم القصيدة الشعرية: ويعلمه الإيقاع في تلاوتهاء وأن ينقر الدف ليتعرف على مواطن الإيقاع ويتعود على ضبط الحركات.

2- يلقن المتعلم الألحان في شكلها البسيط.

3- يطالبه بترجيع اللحن. وهو أثناء ذلك يدله على وسائل تحلية الأداء بإظهار العواطف وإبراز المواقف.

ودونما مغالاة في القولء. نعتقد أن طريقة زرياب التي تأخذ بمبداً التطور وتسلك التدرج بالمتعلم من البسيط إلى المركب. وتربط بين النص الشعري وبين الخيوط اللحنية ربطا وثيقا لم تستطع أن تغالب الزمن لتتجاوز الأحداث المتقلبة وتصل بكامل جزيئياتها إلى العهد العلوي: كما لم تستطع ذلك طريقة ابن باجة في تعليم قيانه الغناء. ولا طريقة تلميذه علي بن جوديء. بل ولا طرق التابعين لهؤلاء.

ولذلك عادت طريقة التلقين والترجيع لتسيطر من جديد حتى أصبح معلم الغناء يفرض أن يتحلى الطالب بالقريحة والقابلية «قلا بد فيه من القابلية والاصطحاب إذ هما شرطان في كل مكتسب» !09

ومهما تكن المصادر مجحفة في إنارة السبيل لمعرفة الطريقة التربوية التي كان معلمو المادة الموسيقية يسلكونها في تلقين دروسهم؛ فإن من المرجح أن تكون هذه الطريقة تقليدية ومتوارثة تواضع عليها أرباب هذا الفن منذ أجيال. وهي إلى ذلك تتسم بالارتجال: وترك الباب مفتوحا أمام الاجتهاد الحر والمبادزة الشخصية طالما أن الموسيقى المغريينة يما فيها الأندلسية لم تعرف في سابق عهدها ولا في حاضرها التدوين الذي يفرض بطبيعته الجنوح إلى استقرار المذهب التعليمي. ومع ذلك فقد فعلت العادة فعلها. ورسمت خطة:. لتعليم الموسيقى الأندلسية أوشكت أن تصبح طريقة قارة.

ونحن نستطيع التعرف على بعض عناصر هذه الطريقة من خلال النصوص التي سجلها الآديب والشاعر محمد بن الطيب العلمي في كتابه «الأئيس المطرب» وهي نصوص قيمة تشكل نماذج حية من الدروس النظرية والتطبيقية التي كان محمد البوعصامي يقوم بتلقينها لتلامذته بغريغة صومعة القرويين.2" وفيما يلي نثبت نماذج من تلك الدروس.

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

النمودج الأول: النغمات الثماني

قال العلمي: قال لي رعاه الله

«إن أول ما يجب الاعتناء به معرفة النغمات الثماني؛ التي عليها مدار الغناء والأئحان: وكيفية أخذها على سبيل الترتيب من الأوتار الأريعة أن تعرف أنها متفاوتة في البعد:

- فأقر بها نغمة البم. وهو الوتر المسمى بالذيل اليوم.

- وتاليها في البعد نغمة المثلث, وهو وتر الماية من غير دس عليه بالبنصر مويدك اليسرويولا بالسياية:

- وتليها نغمته أيضا مع الدس بالسبابة.

- ثم تليها نغمته مع الدس بالبنصر.

- ثم نغمة المثنى؛ وهو الرمل.

- ثم الزيرء وهو الحسين من غير دس.

- ثم نغمته أيضا مع الدس بالسبابة.

- ثم نغمته مع الدس بالبنصر.

وبذلك تتم النغمات الثماني. ولا يكاد يتخلل مراتب هذه النغمات نغمة أخرى أبعد ولا أقرب بل كل نغمة استخرجت من سائر الأوتار والآأصوات فهي راجعة إلى هذه النغمات المذكورة (01)

النمودج الثاني ترتيب النغمات الثماني

وبسيط ذلك بحروف أ ب ج د:

|- أن تجعل الألف للنغمة الأولى التي هي أقرب النفمات وأخفضها. وهي نغمة الذيل.

2- والباء للتي تليها في الانخفاضء وهي أرفع منها بيسيرء واخفض من التي فوقها بيسير. وهي نغمة الماية من غير دس.

3- والجيم للتي تليها. وهي نغمة الماية مع الدس بالسبابة.

4 والدال للتي تليهاء وهي نغمة الماية أيضا مع الدس بالبنصر.

5- والهاء للتي تليهاء وهي نغمة الرمل.

تدوين الموسيقا الاند لسيه

6- والواو للتي تليها. وهي نغمة الحسين من غير دس .

7- والزاي للتي تليهاء وهي نغمته أيضا مع الدس بالسبابة.

8- والحاء للتي تليها. وهى نغمته أيضا مع الدس بالبنصر.

وصورة ذلك وهيئته بالضرب والدس في ترتيب استخراج النغمات على مواضع حروف أ ب ج د الموضوعة على الوتر:

- فالضرب بحيث الألف والواو والباء والهاء.

- والدس بالسبابة بحيث الزاي والجيم.

- وبالبنصر بحيث الحاء والدال.

وترتيب النغمات على ترتيب الحروف ينتقل معها حيث انتقلت.

- قالوتر الذي عليه حرف واحدء ففيه إشارة إلى أنه انفرد بالضرب عن الدس. وبذلك تعلم أن الذيل ليس فيه سوى نغمة واحدة؛. وهي أخفض النغمات؛ ومثله الرمل في انفراده بنغمة واحدة. يضرب على كليهما ولا يدسن.

- وفي كل من الماية والحسين ثلاث نغمات.

- واحدة في الضرب وحده.

- واثنتان مع الدس بالسبابة أو بالبنصر.

فإذا علمت مراتب هذه النغمات وصار استحضارها عندك ضروريا وجرت يدك فيها على الأوتار من غير توقف. سهل عليك أخذ ما تريد من الوتر بأحرف أ ب ج د الثمانية.02)

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

النمودج الثالت الأبعاد الموسيقية

فبين الذيل والماية بعد طني.

وبين الماية والرمل والحسين بعد بالأربع.

وبين الرمل والحسين بعد طني. فنسبته من الرمل كنسبة الماية من الحسين.

وأما ترتيب الوتر بحسب تركيبها في محالها وترتيبها في الوضع فقد رمزوا له بأربعة حروف. وهي: دحمر:

- فالدال للذيل؛ وهو المقدم.

د والحاء للحسين. وهو موال له.

ٍِ والميم للماية: وهو الثالث.

- والراء للرمل؛ وهو رابعها.

والنظر في هذه الحروف إلى جهة ترتيبها في الوضع لا إلى عددهاء وكل حرف منها مأخوذ من أول الوتر المشار له به.(3)

هذه بعض الدروس النظرية التي كان محمد البوعصامي على العهد الإسماعيلي يلقيها على تلامذته. وهي لا شك تحمل في ثناياها مظهر التأثير الشرقي العربي الذي يبدو أن البوعصامي حمله من إقامته في مصر ٠.‏

فأما الطريقة المتبعة اليوم في التلقين التطبيقي للعزف والغناء فإنها تقوم على عنصرين رئيسيين هما التوسيد والغناء. ضبط الإيقاع وحساب الأزمنة؛ وتيسير الانتقال من السير البطيء الموسع؛

وأما الغناء فهو الفراش اللحني الذي يرافق التوسيد . وآلته الصوت بغية ترسيخ اللحن والإيقاع لدى المتعلمين.

وإذا كانت المصادر الموجودة لا تكفي لتدلنا على كيفية تدرج المراحل المتبعة فى تلقين المادة الموسيقية سواء فى الحلقات الخاصة أو بالمعاهد

54

تدوين الموسيقا الاند لسيه

الرسمية فإنها على النقيض من ذلك تسعفنا بالكثير من المعلومات التي نستطيع بفضلها أن نضع أيدينا على محتوى البرنامج الموسيقي عبر مراحله المختلفة. وفي هذا الصدد لا يفوتنا أن نسجل أن هذا البرنامج- أو الترتيبات كما يحلو للبعض أن يسميها-كانت تعتوره تغيرات متتالية مما شرحته بإسهاب في صدد الحديث عن مجموعة الموسيقيين النظريين.

المحترفون: المغنون والعاز فون : نستفتى فيه كاتبا أو شاعرا حتى ينطلق لسانه مشيدا بمزاياه ومسهبا في الحديث عن أثره في نفوس السامعين. وهو كثيرا ما يفيض في القول فيتحدث حتى عن أثره في الحيوانات التي لا تعقل.

وسيطول بنا المقام لو حاولنا تقصي أقوال الأدباء والحكماء في الغناء وتأثيره في النفس. فهذا أحمد بن عبد ريه يكرس أكثر من ثمانين صفحة من كتابه «العقد الفريد),.42© للحديث عن الغناء واختلاف الناس فيه؛ وعن الشعر مما قيل في المغنين ومجالس الغناء؛ وهو الذي يقول عن الغناء. «هو مراد السمع ومرتع النفس» وربيع القلب» ومجال الهوى, ومسلاة الكثيب» وأنيس الوحيد, وزاد الراكب» !005

ثم هذا كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني يبين اسمه عن أنه إنما

أ-الغناء: كثيرا ما أطلق العرب لفظ «الغناء» على الموسيقى بمفهومها الشامل؛ ولقد ظلت هذه الكلمة حتى في أرقى عهود الازدهار العربي أكثر دلالة على الموسيقى الآلية والغنائية معاء فإن هم أرادوا تأدية الألحان بالصوت لا بالآلة استعملوا لفظة السماع.

وقد عقد ابن خلدون في المقدمة فصلا مطولا عن الغناء ذكر فيه أنه يوقع كل صوت منها توقيعا عند قطعة؛ فيكون نغمة, ثم تؤلف تلك النغم بعضها إلى بعض على نسب متعارفة: فيلذ سماعها لأجل ذلك التناسب وما

يحدث عنه من الكيفية فى تلك الأصوات36)

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

ب- تأثير الغناء : يقول محمد الصغير اليفرني في كتابه «المسلك السهل على شرح توشيح ابن سهل» «إذا كانت الألحان يعذب بها ما هو غير مستعذب,. ويطرب عنها ما ليس بمطرب. فما بالك بما كان مستعذبا قبلها؟» ولقد «جعل الله في النفوس انفعالا غريبا بالغناء وتأثيرا عجيبا وانتعاشا للأرواح الآدمية وغيرها من الحيوانات».067

وننقل عن ابن زيدان2© أن الصالح أحمد الزاوية الدليمي المتوفى عام 6 ه «كان شيخا من أصحاب الأحوال الصادقة؛ وكانت تعتريه عند السماع هزة يخرج بها ويثب وثبان الشباب وهو مرتعش من الكبر».

أما محمد بن الطيب العلمي فهو يقول في الأنيس المطرب.!* «ومن حب أطر التداء [لمعتموق كمي الأرواج الادنية وكدرقا حتى الحيوانات الغير الناطقة». وبعد استطرادات مطولة يحكي عبرها قصصا عن تأثير الحيوانات بالسماع كالجواميس والفيلة والهزار والإبل والخيلء يعود فيقول: «فإذا كان هذا من الحيوان الذي لا يعقلء. فما بالك بابن آدم الذي هو أشرف الحيوانات الأرضية. ثم يختم العلمي حديثه بهذه الكلمات<:وللغناء في الإنسان تأثير عجيبء وموقع غريب. من تصفية الذهنء؛ واستجلاء السرورء وللحكماء كثير اعتناء بشأنه. وله قوة على دفع الأمراض وإماتة الدم».

ومما يدل على كبير شأن الغناء في المغرب أن ملوك الموحدين اتخذوه من وسائل العلاج فأدخلوه إلى المستشفيات التي أقاموها على عهدهم. وأوقفوا على المعتوهين حبوسا خاصة يعطى منها للأجواق الموسيقية التي كانت تعزف من المقطوعات ما يناسبهم.

ومما يدخل في موضوع تأثير الغناء اهتمام أرباب الموسيقى الآندلسية والدارسين لأصولها بالربط بين الطبوع وبين الطبائع البشرية الأربعة» فإن الطبوع-كما يقولون-تحرك الصفراء والبلغم والدم والسوداءء وإذا ما حاولنا أن نعبر عن هذا الارتباط بلغة عصرنا ومفاهيمها الحديثة فلن نجد أبلغ فى تحليل ذلك مما فعله الأستاذ محمد الفاسى فى محاضرته التى نشرتها بجلة شر ديا تكويت كن النويات الأخرى عشوة ميقو 1 يثرية العشاق؛ فاستعرض المعاني التي تدل عليها والعواطف النفسية التي تحركها والمواقف التي تعبر عنهاء والتصورات الخيالية التي ترسمهاء وإن يكن قد

56

تدوين الموسيقا الاند لسيه

بالغ في تحليله إلى درجة أصبحت معها النوبات الأندلسية أشبه بظواهر اجتماعية تحمل خصائص وظيفية ثابتة. وترتبط بالحياة اليومية المعاشة ارتباطا نفسيا من شأنه أن يجرد الموسيقى الأندلسية من دورها الجمالي ووظيفتها الترفيهية.

ج- شروط المغني: غير أن الآلحان الموسيقية مهما بلغت من السحر والجمال ما كان لها أن تنفذ إلى أعماق النفس وتحرك وشائجها ما لم تتهيأ لها الأداة الصالحة التي هي الصوت الحسن.

وعندما نحاول الوقوف على صفات هذا الصوت الحسن-كما يحلو لأرياب الموسيقى أن يصفوه-فإن أول ما يفاجئنا أن هؤلاء أجمعوا على التشدد في أن يتوفر المغني على مجحموفة مخ اليلارات القنية لكان انذاقة والحيعات النفسية والخلقية التي تسمو في كثير من الأحيان إلى مراتب الأدباء والعلماء. وتجعله جديرا بمجالسة الملوك والآمراء. فلا عجب بعد هذا أن تكون صناعة الغناء من الصنائع التي تدعو «إلى مخالطة الملوك الأعاظم في خلواتهم ومجالس أنسهم, فلها بذلك شرف ليس لغيرها .(41)

ومن هنا ندرك سر الإجلال الذي كان المغنون يلقونه في محافل الطرب ومجالس السمرء وندرك أيضا سر المكانة التي بلفها الموصليان ببغداد وزرياب بقرطبة. وابن باجة بسرقسطة: وابن الحمارة بسلا ومحمد البوعصامي بمكناسء بل وندرك كيف تجراً معبد على قتيبة بن مسلم والي خراسان وفاتح المدائن الخمسوالموسيقى الإسلامية يومئذ ما تزال في مهدها-فجعل يقول له: «والله لقد صغت بعدك خمسة أصوات إنها لأكثر من خمس المدائن التي فتحت20) فإن يفخر قتيبة بما فتحه من مدائن, فإن لمعبد أن يفخر بدارته التي أنشأها.

وتقف في كتاب «الآأنئيس المطرب» على ما يشترط في المغني حيث يقول: «وينبغي أن يكون المغني حسن الخلق جميل الخلقء له حلاوة: وعليه طلاوة: لطيف الإشارة. مستعذب العبارة. حافظا للملح والأخبار والنوادر والأشعار, عالما بمعاني الكلام. عارفا بما يليق بكل مقام: غير غتاب ولا نمام؛ ولا عتاب ولا لوام؛ كتوما للأسرار راغبا في الأخيار وعن الأشرارء يفرق بين المدح والغزل: والجد والهزل. جوارحه سالمة من العيوب وشمائله تميل القلوب. صنعته معجبة؛ وأحاديثه مطربة. فمن سلم من هذه المعايب,

]57

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

واجتمعت له هذه المناقب؛ كان جديرا بأن تصطفيه الملوك؛ وينتظم جوهره في تلك السلوك».(43)

ولكن عبارة العلمي في «أنيسة» تبقى-على الرغم من طول نفسها-غير كافية لتدلنا على الخصائص الفنية للصوت الجميل في إنشاد الموسيقى الأندلسية. فهو وإن كان يشترط في المغني أن تكون صنعته معجبة. إلا أنه لم يحدد مقاييس هذا الإعجاب. وبذلك ضاعت هذه الفقرة اليتيمة في لجة من الأوصاف الجسمية والمزايا المختلفة والمعارف اللغوية. وبات من الواضح ضرورة البحث عن نص آخر يسعفنا بما عساه أن يسد هذا النقص.

ويفضي بنا البحث إلى الوقوف عند فقرة أوردها الحاج إدريس بن جلون في مقدمة «كتاب الدروس الأولية في الموسيقى الأندلسية»؛ وتتضمن بعض الصفات التى يجمل بالمنشد أن يتحلى بها. وتتلخص هذه الصفات فضي النقط التالية:.

-١‏ اختيار الوضعية المناسبة أثناء الغناء. وذلك (أن يكون مستقيما في جلوسه وقيامه ساعة الأداء. غير مسترخ؛ ولا متكنْ حتى لا يمضغفط على صوته».

2- سلوك سبيل التدرج في استعمال الصوتء وذلك «أن يطلق له العنان من غير إجهاد ولا صياح:؛ وأن يبدأ غناءه بصوت منخفضء, ثم يأخذ في رفعه حسب استطاعته».

3- الاسترشاد بتوجيهات الأستاذ «عن درجة صوته؛ وأن لا يحاول في بداية عمله أن يزيد على ما يلقنه الأستاذ حتى يملك زمام القطعة التي يتعلمها».

4- التمسك بالوقار والحشمة؛ غير أن ذلك لا ينبغي أن يمنع المنشد من رسم معاني الكلمات على صفحة وجهه فيكون مبتسما في المكان الذي يعبر عن الفرح والسرورء متأآثرا في محل الألم والأسى؛ منشرحا عند وصف الطبيعة وإقبالها والتلذذ بجمالهاء منقبضا ساعة توديعها وعند ذكره الفراق والبعاد؛ وهكذا من المعاني وما تعبر عنه هذه الأنفام, .(40)

غير أن هذه الفقرة تظل-كسابقتها-قاصرة عن إظهار الخصائص الفنية للصوت الجميلء وأن تكن قد حاولت بيان طريقة الإنشاد. وأشارت إلى موضوع الطبقات الصوتية دون أن تدخل إلى صلبه.

تدوين الموسيقا الاند لسيه

ولعلنا أن نهتدي إلى شيء من الخصائص الفنية للصوت الجميل من خلال ملامستنا لما جاء في مقدمة الناشر لمجموعة الحايك./**) فإن الصوت يعتبر جميلا في أداء الموسيقى الأندلسية «إذا أثبت قدرته على الترنم بجميع نغم الصدر والحلق والرأس. ومن فقد جزءا من هذه الخصائص لا يقال فيه رخيم, ولا يعد صاحبه من المغنين المجيدين».

ويقصد بنغم الصدر والحلق والرأس أن يكون صوت المنشد قادرا على التنقل عبر الطبقات الثلاثة للصوت البشريء. من غليظة «وهو الصوت الصدري الرزين الممزوج بالفخامة والرخيم». ومتوسطة «وهو الصوت الحلقي» وحادة «وهو الصوت الرأسي الذي تبلغ نغماته غاية العلو والارتفاع».

ولسنا نتصور كيف يستطيع صوت المنشد الذكر أن ينتقل عبر هذه الطبقات الثلاث طللما أن الأصوات البشرية تختلف حسب عوامل السن والجنس ما بين غليظة وحادة ومتوسطة:. اللهم إلا أن يكون هذا من باب التكلف الذي لا تخفى معه طبيعة الصوت مهما بلغ صاحبه من الدربة والتعود على النزول أو التحليق.

والواقع أن أكثر المنشدين لطرب الآلة ميالون إلى الشدو في النغفمات. الصادحة. حتى أصبحت هذه الظاهرة من أهم ما يطبع الموسيقى الأندلسية: ويميزها عن غيرها من صنوف الغناء بالمغرب, بل ويميزها حتى عن أخويها: المالوف في تونس والغرناطي في الجزائر. حيث ظل صوت المنشد ملازما لطيقة سوقةه والحدة هن الطيقة الصدرية الغليظة أو الطبقة الحلقية الوشظى:

وإذا كان لا بد من إجراء مقارنة بين منشد الآلة ومنشدي المالوف والغرناطي؛ فإن من الحق الاعتراف للمنشد المغربي بقوة الآداء وسعة الحجم الصوتي وامتداد نفسه. ووضوح نبراته والقدرة على دفع أسباب السأم وعوامل الرتابة» بما أوتي من مهارة تجعله أقدر على التحليق في مراتب النغمات ما بين صادحة تضرب في العنان ومنخفضة تغوص في الآعماق.

د- مجالس الغناء:

بلغ من اهتمام بعض الخواص بالغناء أنهم أخذوا يعقدون له مجالس خاصة في بيوتهم؛ ويجعلون لها السرايا والمغنيات. ويستقدمون «أبرع المعلمين لتعليم الغناء للإماء. فبرعن في ذلك وصار منهن أعظم جوق للمغرب» .(44)

56

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

وقد ترك لنا أبو الربيع سليمان الحوات وصفا دقيقا ورائعا لأحد مجالس الأنس والطربء بمدينة مكناس؛ نستطيع أن نأخذ منه صورة تقريبية لما كانت عليه مجالس الغناء والشعر على عهد السلطان محمد بن عيد الله قال: «خرجت من فاس في جملة من إشراقها لزيارة ولي الله إدريس الأكبر بزرهون. فنزلنا مكناسة الزيتون: على روض البلاغة المزهر الأحفل؛ الكاتب الأديب الأنبل؛ العالم الأكبر, أبي عبد الله سكيرج الفاسي؛ وصل الله عنايته؛ فألفيناه في مجلس منادمته مع خاصته من أحبته؛ على حالة أغراني على وصفها باستطلاع مطلع أشرف منه على التخليصء فقال: لماأباحالنوىراحالفراق وقد ركبت ظهر الفيافي مضنيا تعبي يممت ريعايه للحسن معترك وفيهروض لأهلالفضل والأدب ثم قال أجزء فأجزت بقولي: وكيفلا. ودليلالحبأرشقدني والحب يرشد أحياناإلو الأدب فكان لي موقف على الحبوريه في مظهرالأنس بين اللهووالطرب حتيت فحينا ابي زيند ورتتحسهة يستعبدان قريبالهموالوصب ولابن ذكرى جس في مثالتثه أعرين في نغمة الحسين عن عجب يجيبهابمثانيالصوت مبتسما في وجه عاشقه عن بارق الشنب في منتدى كعبةالجددوى سكيرجها والعلمينسل من نجواه عن حدب ويستمر الحوات في وصف هذا المجلس المشرق فيقول: فلما وصلت إلى هنا استعادني سكيرج إنشادهاء وهو مقبل علي بمحل معه يهتز إعجابا وطربا. ثم تنحى دسته جملة؛ وأجلسني فيه بعدما كنت مشاركه في جهة منه فقط. فلما استويت أنشدني للصاحب بن عباد : قلو كان من بعد النبيئين

600

تدوين الموسيقا الاند لسيه

معجز لكنت على صدق النبي دليلا ثم اجتليت عن يساري بدر تلك الهالة أبا زيد المزداري: وهو يقول: كأن البرق يلمع من أدبك. والشمس تطلع من غرة طربكء وكأنى المعنى. عنده أنشدته مغالطاء فقلت: والشمس تطلع لكن من محياكا فاحكم بماشتئت فيناغيرمكترث بقتلأنفسنافالحسن ولاكا واللهءياعايدالرحمن مانظرت عيني يعهكناسةالزيتونالاكا

أود عست سرغرامبيته خلدى

ثم قال الحوات: فنشط للمدح وارتاح: وناولني مترعات الأقداح: وبقي لا يلتفت إلا إلي. ولا يقبل بحديثه إلا علي. غير أني بين حياة وحين. من صوارمه المصلتة من جفون العين؛ والنفس تشتهي اقتطاف ورد الخدود, النابت حول غاب قسي الحواجب وأسل القدود. فكان ذلك والحمد لله داعية العفاف. وأية على حمد عاقبة الانصرافء إذ في العصمة ألا تجد, وإن وجدت فاتئد .

قال الحوات: فمكثنا على ذلك أياما بين تناشد الأشعارء وتجاوب الأوتار, وكؤوس حلال الشرب علينا تدورء من راحات حسان كالبدورء لم نستيقظ من سنة الأسرة إلا بعد أن مضت من الشهر عشرة.

نزلنا على أن المقام ثلاثة فطابت لنا حتى أقمنا بها عشرا ورب المنزل المذكورء وعلم الإجلال المنشورء حملته الأريحية على المبالغة في الإكرام: بالتردد علينا في كل برهة بموائد الطعام؛ مختلفة الأجناس؛ تستلذ مضغها الأضراس.ء إلى أن انفصلنا كل في وجهته سعيدء وربك الفعال لما يريدء كاتبه سليمان لطف الله به بمنه آمين».(47)

هذا هو النص المخطوط الذي أودعه الحوات كناشته المخطوطة. ولعلنا أن نخلص منه إلى استجلاء صورة دقيقة لما كانت عليه مجالس الأنس؛ والطرب على العهد العلوي؛ وأن نتعرف على أسماء بعض الفنانين المحترفين كأبي عبد الرحمن المزدراي الذي بلغ من جمال الصورة وعذوبة الرنة

١‏ ا

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

الموسيقية ما ينفي الهم والوصبء وكابن ذكرى الذي جمع بين مهارة العزف على العود حتى لكان نغمة المسيت درا اليجي وبين جودة الغناء في أداء شيق تزينه ابتسامة تشيع الرضى في نفوس المستمعين إليه. ويأتي بعد الحوات محمد بن الطيب العلمي, فيتحدث بدوره عن مجلس ضم المطرب المغربي محمد البوعصامي فيقول.0) حضرت معه يوما في مجلس لبعض الأصحاب, والأفق يطرز ثوب الرياض في فم السحابء وكان معي الصاحب الظريف. أبو العباس سيدي أحمد الشريف. فمد يده إلى العود. والعود بين انخفاض وصعود., والجو بين بروق ورعود. فاستخبر العشاق بتوشيته؛ ورفل في حلل الغناء وأرديته. وعام في خلجان الإتقان وأوديته. فقال يمدحه: تبدي كبدر في غيهب الدجى غزال رآهابنالنبيه ف حرا ونانف تاهيه فيآتي بشيء ليس فيه يجارى ثم أشار إلى أن عارض. ودع كل معارض. فقلت: بدا كهلالالآافق ليل وصاله فصيررهّاكالليل منهتهرا وغنى يعد وهو سكرن أعين فصير منهالسامعين سكارى ثم لما أن طاب بغناه مغناه. أنشد ثانيا في معناه: بي شادن مهما سرى في غيهب أرخى الحنادس أفضح الأقمارا أمحسعئ عسي المفود سنا تح كنوت] فزرى بزرياب وأتسى الدرا ومنالفغرائب والعجائب شادن يسأوق السقستفسان تمِحسسرك الأوتهازا ثم أوماً إلى أن عارضء ولا أبالي بالمعارض. فقلت: عوادتناهد اكتشوؤاه كتحاتحهة» يبغي به حطقالهوتاررا

162

تدوين الموسيقا الاند لسيه

وغدت جوارح لحظه تصطادني لا تتشي سكن السهسوق اوتحارا يرم ي بأقواسالحواجبأسهما أوماترهي حير كالاأوتارا وحتى تتم الاستفادة من هذا الفصل أرى أن أعرض في الصفحات التالية لذكر بعض أعلام الموسيقى المغربية. على العهد العلوي ممن اشتهروا بتدريس قواعدها وطرق أدائها عزفا وأداء أو عرفوا بمهارتهم في الغناء والعزف على آلات الطرب. وأسارع فاعترف منن البداية أنه لا قبل لي ولا حول بحصر هؤلاء. فلقد كانوا من الكثرة والتواجد بدرجة يشق معها استقطاب أسمائهم جميعا لو حاوتنا إلى ذلك سبيلا: تضمهم مجالس خاصة للهو والآنس آناء ومجالس للتدريس والتعليم طوراء وكان من بينهم من بلغ ذروة الإتقان وبز الأقران. ويكفي أن يوصف أحد العازفين على العود في مجلس ضم البوعصامي-وهو على ما عرفناه من سمو المكانة في العزف عليه-فيقال: أمسى يجس العود جسا محكما سور سيان وافسسي افسذازا لشد ما شحت المصادر وبخلت بأسماء المغنين والمعلمين إلا ما كان نادرا. ومن هذا النادر ما أورده أبو إسحاق إبراهيم بن محمد التادلي في كتابه «أغاني السقا في مغاني الموسيقى» فقد استعرض أسماء أساتذته وأتى بأسماء بعض تلاميذه الذين نعلم أنهم أصبحوا فيما بعد من أقطاب الموسيقى الأندلسية تعليما وأداء؛ ومن ذلك النادر أيضا بعض الأسماء التي نصادفها في المراجع التاريخية بين الحين والآخرء ممن كان الملوك والأمراء يتخذونهم معلمين للجواري والإماء. يعلمونهن العزف والغناء كالمعلم «الساوري» أمهر أرباب الصناعة الموسيقية”* والذي اتخذه محمد الرابع لإمائه معلماء وكابن نصيحة (موسيقار السلطان محمد الثالث) (50)

65

الهو امش

)١(‏ محمد المنوني. مظاهر يقظة المغرب الحديث. الجزء الأول. ص. 252. مطبعة الأمنية بالرباط الطبعة الأولى 1973.

(2) الدور الفاخر لعبد الرحمن بن زيدان ص .96-95

(3) مظاهر يقظة المغرب ص .179

(4) ص.176 خزانة الجامع الكبير بمكناس

(5) نفس المرجع ص 174

(6) نفس المرجع ص 174

(7) تحقيق الحاج هاشم الرجب العراقي ١980‏ ص .164

(8) دائرة المعارف الموسيقية ص.5ا

(9) حاشية تعريبه لدائرة المعارف الموسيقية لجول رووانيت ص .5ا

(10) مجلة عالم الفكر. مجلد 6 عدد ,١‏ 1975. ص .298

(11) أغاني عرب الأندلس ألكسيس شوطان. المجموعة الأولى. نشر دوبري-باريز.

(12) دكتور عباس الجراريء موشحات مغربية. مطبعة دار النشر المغربية إبريل ١973‏ ص. 7

(13) طبعة حجرية بخزانة الجامع الكبير بمكناس من ص .168 إلى ١83‏ وبعض من صفحة (14) الروض الأريض ص ١12.‏ . مخ في حوزة الأستاذ عبد الله كنون-مشاهير رجال المغرب. (15) الروض الأآريض ص .85!

(16) تاريخ تطوان الجزء الثالث ص ١106.‏ و107

(17) نفس المرجع ص 107

(18) الروض الأريض. ص. 84-83.

(19) تاريخ تطوان الجزء الثالث. ص. 106-104

(20) الديوان ص 78-77

(21) الدكتور عباس الجراري. القصيدة ص 64١‏

(22) المنتخبات الموسيقية. إدريس الإدريسى طبعة ١935 /١1353‏ ص. 40-37-30-28-10-7. (23) موشحات مغربية ص: 136

(24) نفس المرجع ص .136

(25) الاغتباط الجزء الأول ص. ١2‏

(26) الإتحاف الجزء الثالث ص.367

(27) المجلد العاشر ص.52! الكتابات العربية بفاس-وانظر (المعجم التاريخي) ص 63 (28) ص: 175.

(29) فتح الأنوار في بيان ما يعين على مدح النبي المختار للحاج محمد بن العربي الدلائي الرباطي القسم الثاني. مخطوطة بالخزانة العامة.

1 4

تدوين الموسيقا الاند لسيه

(30) السلوة ج 3- ص: 290

(31) صفحة 174

(32) نفس المرجع ص: 175-174

(33) نفس المرجع ص: 176

(34) الجزء السادس من ص: 3 إلى ص: 82. طيعة القاهرة 368اه/ 1949 (35) الجزء السادس ص 3

(36) المقدمة. الفصل الثاني والثلاثون ص: 423

(37) صفحة 2 من الملزمة السادسة

(38) الإتحاف. الجزء الثاني ص: 331

(39) صفحة 181-179

(40) العدد السابع. سنة 1962. من ص 18 إلى 24

(41)المقدمة. ص: 406

(42) العقد الفريد الجزء السادس ص: 26-25

١8١ ص:‎ )43(

(44) ص 6 مطبعة النجاح. البيضاء 1960

(45) الطبعة الحجرية بخط المرحوم زويتن ص: 6 و7

(46) الأعلام بمن حل مراكش واغمات من الأعلام. ج 7. عند ترجمة الوزير المدني بن محمد الكلاوى المتوفى عام 336اه.

(47) من كناشة للحوات كتبها بخطه. عن الإتحاف الجزء الرابع ص: 12١‏ و 122 وانظر دليل مؤرخ المغرب الأقصى رقم 2166

(48) الأنيس المطرب. ص: 173

(49) الإتحاف الجزء الثالث ص: 368

(50) اختصار تذكرة الإنطاكي للتادلي

65

مدارس الموسيقى الأندلسية

عرفت الموسيقى الأندلسية على يد معلميها وممارسي أدائها-عزفا وغناء-نشاطا كبيرا في كل من مدن فاس ومكناس والرباط ومراكش وتطوان والشاون.

وقبل أن نحاول تحديد الأسلوب الفني لهذه الموسيقى بمدن المغرب المذكورة؛ يليق بنا أن نرجع القهقرى عبر مراحل التاريخ الطويل الذي ربط المغرب بالفردوس المفقود؛ في سبيل أن نتعرف على أصناف المهاجرين الأندلسيين الذين توافدوا على المغرب فرارا من كيد الأسبان؛ ووجوه المعرفة الموسيقية التي حملوها معهم.

وعلى الرغم من وجوه الشبه القائمة بين المدارس الفنية لأقطار المغرب الثلاثة؛ والتي إن دلت على قنيء: فإنها قدل على ونحدة الأفدل::فإن هذه المدارس تختلف عن بعضها اختلافات لا يشق إداركها على من أوتى حظا ولو قليلا من التذوق الوسرقتي»

ولقد فسر الدارسون المهتمون وجوه الاختلاف بين أصناف الموسيقى الأندلسية في الشمال الأفريقي بعوامل تاريخية, فلقد استقبلت تلمسان في القرن الثالث عشر للميلاد مهاجري قرطبة:

167

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

بينما استقبلت تونس مهاجري إشبيلية» على حين استقبلت فاس مهاجري بلنسية؛ ومن جهة أخرى كانت غرناطة بدورها تستقبل لدى وقوع هذه الهجرات جموعا قليلة من المهاجرين مثلها مثل الأقطار المغربية الثلاثة, ومن ثم فخلا عجب أن تصبح هذه المدينة ملتقى لسائر أصناف الموسيقى التي عرفتها عواصم الآندلس الأخرىء وأن تنشاً بها مدرسة جديدة: أسلويها 5 من الأساليب الأندلسية الثلاثة.

وعندما استقبل المغرب مهاجري غرناطة بعد سقوطها في القرن الخامس عشر-492ا1م-امتزج أسلوب المدرسة الفغرناطية بجذور الموسيقى البلنسية, وتولد عن هذا الامتزاج أسلوب جديد.

ومن هنا نستطيع تبين الأسباب التي أدت إلى ظهور المدارس الموسيقية بأقطار المغربء والتي نجملها فيما يلي: المدرسة التونسية؛ وأصلها إشبيلي؛ والمدرسة الجزائرية؛. وأصلها غرناطيء والمدرسة المغربية وهي متأثرة بالمدرسة البلنسية في كادى: الكوبة اقش تاكلب السوديةة ف تطوان وشفشاون.

ولقد حافظت المدرسة المغربية دون الجزائرية والتونسية على أصالتها ولم يعتورها ما أعتور جارتيها من عوامل التأثير العثماني. ويرى الأستاذ بلاثين أن مدن شمال المغرب كانت أكثر حفاظا على تلك الأصالة؛ وهو يرجع هذه الظاهرة إلى الأسباب التالية:

-١‏ انتماء موسيقى الشمال إلى أصل أكثر حداثة؛ وهو يعني قرب العهد بانحدار موسيقى غرناطة في القرن الخامس عشر.

2- انعزال تطوان وشفشاون عن المدارس الموسيقية الأخرى وبخاصة مدرسة فاس البلنسية؛ بسبب الدور الثانوي الذي تحتلانه بالنسبة للعواصم المغربية الأخرى.

3- عدم تسرب المؤثرات الشرقية إليها والتي حملها الغزو التركي إلى الجزائر وتونس!")

وإذا كانت مدن المغرب تستقبل مهاجري الأندلس على فترات زمنية متفاوتة؛ فقد نتج عن هذا إن طبعت الموسيقى الأندلسية بمؤثرات محلية سرعان ما تحولت بعدها إلى مذاهب قفنية لها خصائصها ومميزاتهاء وإن يكن المنبع الأول قد ظل واحدا تستمد منه سائر هذه المذاهب التي يمكن

18

مدارس الموسيقى الأتدلسيه

حصرها في ثلاثة مذاهب رئيسية هي: مذهب فاس ومذهب الرباط ومذهب تطوان.

-١‏ مدرسة فاس: كانت فاس على العهد العلوي وما تزال قاعدة أساسية للموسيقى الأندلسية. وقد أكد إبراهيم التادلي في كتابه: «اختصار التذكرة الإنطاكية» إن هذا الفن لم يخرج منهاء كما شهد لأهلها باليد الطولي فيها . وهي ما تزال كذلك حتى يومنا هذا . وينتمي لمذهبها كل من مراكش ومكناس؛ وهو المذهب الذي تبناه الحايك في مجموعته. ونستطيع أن ننعت مدرسة فاس بأنها أكثر تمسكا بالتقاليد الموسيقية الأندلسية الأصيلة. ولعل ذلك واضح في حفاظها على آلة الرباب التي أصبحت تحتل الصدارة من بين الآلات التي ينتظمها الجوق الأندلسي بفاسء. وأصبح لها من المكانة ما كان للطر الذي يضبط الميزان. على حين خسف دور الرباب في جوق تطوان وعوضه البيانو. وعلى حين استعاض جوق الرباط عنه بالعود. وإن يكن هو أيضا تبنى استعمال آلة البيانو وأحله مكانة تكاد تضاهي مكانة العود.

ولقد شكل معلمو فاس ومطربوها اتجاها موسيقيا معينا ونهجوا طريقة محددة المعالم بلغت على عهد التادلي المذكور درجة قصوى من التقدم والازدهار أواخر القرن الثالث عشر وأوائل القرن الرابع عشر. ومن المرجح أن يكونوا من الرعيل الفني الأول الذين نهضوا بأعباء التعليم الموسيقي بمدرسة المهندسين التي أحدثها السلطان محمد الرابع.

ومن بين هؤلاء الأعلام:

-١‏ عبد الحق الجابري الحسناوي. استوطن فاسء وتعلم الموسيقى على يد ابن نصيحة. وقد تفوق فيها حتى أصبح آية في العزف. فضلا عن جمال صوته في السماع وفي تقطيع نفمات الأطباع. وقد أنشأ فيه سيدي حمدون بن الحاج قوله:

إنالسماع لمقلة أنسانها فيالجابري

جبرالقلوب بقوسه فأعجب لقوس جابري

2- الحاج حدو بن جلون الفاسي. هو شيخ جماعة الموسيقى بفاس. تخرج على يده نخبة من رجالها في العزف والغناء والتعليم. تلقى تعليمه عن الجابري. يقول عنه التادلي تلميذه: «كان أشيب لا أحد في وقته يعرف

(2)

ميزان الموسيقى سواه بصوته ويده. ويجلس مع صغار أرباب الموسيقى

69

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

]70

مدارس الموسيقى الأتدلسيه

فيتميز صوته لحسنه؛ وكان آية في ضرب العود, لا غير. وفي ضرب الطر الذي هو نجام الموسيقى وأساسهاء!” وقد نسب إليه أنه لحن ميزان القائم ونصف من غريبة الحسين الذي كان قد ضاع من قبل.

3- الشريف رشيد الجمل الفاسي: من ذرية الشيخ سيدي علال الجمل. أخذ علم الموسيقى من ابن جلون السالف الذكرء ولكنه فاقه جمال صوت حسبما ذكره تلميذهما التادلى: «فقد كانت له فى صوته ترنيمات إذا أرسلها أذهلت الألباب»/ وكان آية في شرب الوياني

4- الغالي الجمل الفاسى: هو شقيق رشيد الجمل. وكان يجيد العزف على آلة الكمان حسبما ذكره التادتي (©)

5- محمد الصبان الفاسي: فقيه ومؤدب. تلقى تعليمه على ابن جلون. قال عنه تلميذه التادلي: «كان يأتيني للمدرسة واذهب إليه؛ ويعلمني ما عنده؛ ولا ألذ من صوته».! وكان بارعا في عزف العود .

6- المكي محروش الفاسي. قال عنه تلميذه التادلي: (كان أعجوبة في حفظ أشعار الموسيقى وطبوعها ونغماتها وخصوصا ميزانها . لم يتقنه أحد فيما رأيت سواهء وهو آية في ضرب الطر وحده لأن صاحبه هو رئيس اموسيفي) 7 ْ

7- محمد بن محمد الإيراري الفاسي المتوفى سنة 1911-1329. كان يدرس أصول قواعد الموسيقى بظهر صومعة القرويين في فاس.9) وقد اعتبرته إحدى مجلات العراق المعاصرة مفخرة من مفاخر المغرب في مطلع القرن الحاضر.” إذ قالت: «يحق للمغرب أن يفتخر بابن تومرت الذي سجل وحدة المغرب؛ وبالقرويين حيث محمد الإيراري يدرس أصول الموسيقى لطلاب كافة أنحاء العالم في أواخر القرن الثالث عشر».

8- عبد السلام البريهي اللخوى عام ١31اه.‏ تلقى تعليمه عن الحاج حدو بن جلون. وهو بحق وارث سر المدرسة الفاسية وناشر أصولها التي ما تزال حتى يومنا قائمة حية. ومن أبرز تلاميذه: ابنه محمد البريهيء والفقيه المطيريء. والسيد محمد دادىء والحاج عثمان التازي.

9- محمد بن محمد الرايس الفاسى: ولد أواسط القرن الثانى عشر. «كان رحمه الله بارعا في علوم الأدهه عازها بالنغم.... ا

وكان له صوت حسن: ريما يدعى للانشاد عند بعض الكبراء».'" وقد

17

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

قام الرايس-بإعانة معاصره محمد بن الغالي العراقي-بتصحيح كتاب «الأنيس المطرب» لمحمد بن الطيب العلمي؛ ووضع على حاشية ترجمته للفنان محمد البوعصامي تعليقات وتعقيبات لا تخلو من أهمية فنية لها مدلولاتها التاريخية..

وقد أدركته الوفاة بفاس في العقد الثاني من القرن الثالث عشر.

0- السيد محمد البريهي؛ ولد بفاس سنة 850ام وتلقى تعليمه الموسيقي على يد والده. ففدا من فطاحل المطربين وكبار الموسيقيين. يحفظ غير قليل من التراث الأندلسى ويتقن أدواره ومستعملاته. وكان من أمهر العازفين على الريات حي قيل ملا يوجوبوالدق يشالمن يضاهية فى صتاعة الريانيج "١١!‏ وكد لعب محمد البرييى :دور تارؤا فى قونية مكار اكرات الأندلسي والتعريف به ومن أجل تحقيق مراميه أسس جوقا ضم نخبة من الشباب. ولقنهم أصول هذا الفن إلى أن أدركته الوفاة عام 1945. وبذلك جمع إلى معرقته بالموسيقى الآندلسية إحساسا قويا بمسؤولية رعايتها واستمرارهاء فكان فناناء وكان معلما وما يزال جوقه حتى اليوم قائما تحت رتاسة الحاج عبد الكريم الرايس الذي يعتبر أحد أبرز تلامذته وأكثرهم تمسكا بأسلوبه الذي تطبعه الأصالة والمحافظة.

أما هواة الموسيقى الأندلسية بفاس فهم أكبر من أن يحصى لهم عدد وأوسع من أن تشملهم محاولة حصر. على أن مما ينبغي الإشارة إليه أن كثيرا من هواة الطرب الأندلسي كانوا من جلة العلماء وخيرة الأدباء؛ وكان حضورهم حلقات الطرب مما يذكي حماس ممارسيها ويقوي من إقبالهم عليها والدأب في تطويرها . وخير مثال على هؤلاء عبد السلام بن الطائع بوغالب الحسني الإدريسي الفاسي المتوفى عام 290اه. فلقد كان مقصد الفنانين ومرجعههم في طبوع الموسيقى الأندلسية وألحانهاء ولو أنه لم يتعاط عزف آلاتها. وحسبي أن أشير فيما يلي إلى بعض هواة فاس على منبيل المقال لا الحضر:

- أحمد بن محمد بن عبد القادر الفاسيء. غالم ا مشارك عاش في القرن الثاني عشر للهجرة وتوفي سنة 164 اه/ا175م.750ام ترجم له مؤلف كتاب «عناية أولى المجد» فذكر أنه لا يكاد أحد يحسن الطبوع على كثرتها مثله. وقيل أن محمد بن الحسين الحايك التطواني أخذ عنه أشعار الآلة, /2")

172

مدارس الموسيقى الأتدلسيه

ويعتبر الفاسي هذا بحق أحد مجددي الموسيقى الأندلسية: فقد نسب إليه تخصيص طبع رمل الماية لإنشاد أشعار المديح النبوي. وبذلك هيا لهذا الفن الغنائي الذي يعرف اليوم بغناء المسمعين أسباب النهوض ليصبح قنا مستقلا بذاته له خصائصه وله رجاله الملتخصصون فيه.

وتقديرا للجهود الحميدة التي بذلها الفاسي في مضمار الموسيقى الأندلسية عموماء وإقرار دعائم فن السماع خاصة؛ فلقد عمد المسمعون بعد وفاته إلى إحياء ذكرى المولد النبوي في ضريحه حيث يجتمعون في الصباح الباكر من يوم العيد «وينشدون كل موازين رمل الماية اعترافا منهم بفضله. وقد استمرت هذه السنة إلى أوائل هذا القرن؛ ثم وقف العمل بها بعد وفاة كيار المسمعين... (3)

- علي بن محمد بن عبد الواحد الزجلي ثم الفاسي المتوفى عام 265اه/ 9مم. كان يجيد الضرب على العود. ومجمل القول. فقد بلغ النشاط الموسيقي في مدينة فاس مستوى قنيا مرموقا وراج سوق الموسيقى بها رواجا واسعاء واستطاعت موجتها أن تتخطى جدران المدارس النظامية لتدخل بعض البيوت؛ على غرار ما نعرفه في الشاون وتطوان: وبذلك برزت إلى الوجود أسر فاسية عنيت بالموسيقى وحملت خدمها على تعلمهاء وكان من بينها أسر التازي وبنيس وابن جلون والصقلي والمقري.

وقبل أن نودع مدرسة فاس أرى من المناسب فيما يلي أن أعرض لذكر بعض الفنانين الذين استقروا بمدينة مكناس اعتبارا لكون هذه المدينة تنتمي إلى المذهب الموسيقي الفاسي.

وأول هؤلاء في العصر العلوي الأول أبو عبد الله محمد البوعصامي.

وكان يعيش أيام السلطان المولى إسماعيل (1139-1056) وقد خصه محمد بن الطيب العلمي في كتابه «الأنيس المطرب» بترجمة مطولة: أشار فيها إلى رحلته إلى الشرق حيث درس الموسيقى بالقاهرة على يد أساتذتها الأفذاذ. وحيث بلغ من سعة العلم والتفوق في الموسيقى ما جعله-على حد تعبير العلمي-ينسي ذكر الموصلي ومخارق. وبعد عودته إلى المغرب مكث بفاس مدة؛ ثم تحول إلى مكناس؛ وتصدر بها للتدريس وأحدث التعديلات الفنية وتلا الدروس النظرية.

وكان عازفا ماهرا على آلة العود. كما كان مغنيا حسن الأداء. وقد قدم

|]

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

خدمات جلى في مضمار الموسيقى الأندلسية. ذلك أنه أحدث بعض التعديلات فيها حيث أضاف للطبوع الثلاثة والعشرين التي كانت معروفة على عهده طبع الصيكة الذي أظهره واستعمله لأول مرة إلى جانب النغمات المتداولة. وبذلك رفع عدد الطبوع إلى خمسة وعشرين.

وجملة القول؛ فلقد كان البوعصامي أحد نوابغ الموسيقى في العهد الإسماعيلي: اجتمع له من العلم الواسع بقواعدها وطبوعها ما أهله لاعتلاء كراسي التدريس بمكناسء وتوفر له من جودة الإنشاد ومهارة العزف على العود ما جعله قبلة المحترفين والهواة وهالة مجالس الأدب والطرب.

- وبعد البوعصامي بسنوات قليلة» ظهر على مسرح الموسيقى الآندلسية بمكناس علم آخر من أعلامها الأفذاذ وهو الشبلي المكناسي الذي لم تسعفنا المراجع التاريخية بمعلومات كافية عن حياته؛ على أنه يبدو من الواضح أنه عاش في النصف الأول من القرن الثاني عشر للهجرة حيث ثبت أن المهدي بن طاهر الفاسي التطواني المتوفى سنة 178اهه. تتلمذ عليه في علم الموسيقى.7' ومهما يكن من أمر فمن المؤكد أن الشبلي كان أديبا وفقيهاء وإنه أتقن علم الموسيقى وعرف الطبوع الأربعة والعشرين التي استعملت على عهده. وأجاد العزف على الرباب والعود .0" وبذلك غدا مقصد الراغبين في تعلم الموسيقى الأندلسية.

هذان علمان من بين أعلام الموسيقى الأندلسية الذين لا مراء في أنهم تواجدوا بوفرة في مكناس على العهد العلوي الأول؛ وهي يومئذ عاصمة المغرب ومققر السلطان ومحط رجال العلم والآدب والفن. ونستطيع أن نعتبرها حدا فاصلا بين العصر الذهبي للموسيقى الفرناطية الحديثة وبين عصر التراجع واختصار المعارف تي محال الموسيقى الأندلسية:

ومن المتأخرين الذين حذقوا الموسيقى الأندلسية وخبروها العالم الجليل الطاهر بن الهادي بن العناية المتوفى بمكناس عام 306اه.ء فقد كان يهوى الطرب ويجيد التوقيع على العود .!14)

وقد بث بعض شعره خطرات من معارفه الموسيقية. فمن ذلك قوله من مطلع قصيدة يمدح بها بعض أصدقائه:

وغنتبألحانتريحالشلجي من

شجاه ورنت إذرنت بفناالرصد

174

مدارس الموسيقى الأتدلسيه

2- مدرسة تطوان: وكانت لها فروع في مدن الشمالء. وبخاصة مدينة شفشاون التي كانت حرية بمنافسة تطوان لولا أن هذه أصبحت قاعدة للمنطقة الشمالية في مغرب الحماية. ويبدو أن سوق الموسيقى كانت نافقة واسعة النفاذ بتطوان حتى إنه قل أن يخلو بيت ممن يحسنها ويتقن أداءها غناء أو عزفا. وكأننا بالعواصم الموسيقية الأوربية على العهد الكلاسيكي والروماني حينما كانت الموسيقى من أكد ما تحفل به البيوت وتعني به الأسرء يحمل الفتى والفتاة كلاهما على تعلمهاء ثم حل بأوريا ما أنساها ذلك التقليد الجميل: وانقطعت بها ظاهرة «موسيقى الصالونات» أو كادت. وكذلك حل بتطوان وأرجاتها من هول الحروب الاستعمارية وتصعيد حركة المقاومة ما شغل القوم عن هذا التقليد المتوارث؛ فانحسر ظل الموسيقى الأندلسية وضاق أفق ممارستها بعد رحابة. وإلى ذلك يلمح البحاثة المغربي الكبير الأستاذ محمد داود حين يقول في معرض حديثه عن طابع المدرسة التطوانية: «ورحم الله زمانا كانت فيه تطوان ممتازة من بين مدن المغرب بإجادة أهلها-رجالا ونساء-للموسيقى الأندلسية».17)

وفي موضع آخر من كتابه يتحدث البحاثة داود في كلمات تحرقها الحسرة واللوعة عن بستان العدوة بتطوان-وهو المعروف اليوم بالفرسة-وما كان يشهد في مطلع القرن الرابع عشر للهجرة من نزه وحفلات؛. حتى أصبح قبلة الفنانين ومنتدى الهاوين» فيقول: «فكم أقام فيه هؤلاء السادة الأبرار من نزه وحفلات: وكم طربوا وأطريوا فيه بالموسيقى الأندلسية وبالأصوات الحسان وحلو النغمات... . وكم جمعوا فيه بين رجال الدين وأقطاب الشريعة وأهل الفضل والصلاح ورجال العلوم والفنون والآداب»!19)

أما مدينة شفشاون فقد كانت-كأختها تطوان-مركزا مرموقاء وبخاصة في القرن الثاني عشر للهجرة. ولعلنا أن ندرك شيئًا من إشعاعها الفني من خلال قصيدة نظمها الآديب الشاعر أبو حفص عمر الحراق وزير السلطان المولى إسماعيل في التشوق إلى شفشاون مسقط رأسه إذ يقول منها:

شفشاون يا شفاءالئنفس من نصب

ومن عنا وثفاءالوروح من وصب حياك من لميزل يحيى وأحياربى

رييت فيهارهيناللهووالطرب

]715

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

ثم لعلنا أن نكشف دور أبناء هذه المدينة في الحفاظ على أصالة الموسيقى الأندلسية وحسن إنشادهم لصنائعها من خلال قصيدة لعالم فاس سيدي عبد القادر الفاسي ضمنها صورة بلاغية بديعية زيادة في الإشادة وتأكيدا للمدح بما يشبه الذم إذ يقول:

ما شأنهم غير صوت.

ويحفظ التاريخ إلى اليوم أسماء بعض الأسر التطوانية التي ظلت حتى عهد غير بعيد محافظة على الطرب الأندلسي تعني بحفظه وإنشاده. وتتوارثه أبا عن جد كعائلات ابن عبد اللطيفء. والشودري؛ والبنخوت؛ وابن إدريس: والغازي. وقد ذهبت هذه الأخيرة إلى أبعد من ذلك عندما أنشأت معملا خاصا بصنع آلات الطرب كالعود والرباب والقانون.!”') وضي وسعنا أن نتحدث عن خصائص مدرسة تطوان من خلال ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: مرحلة الإعداد. امتدت حتى منتصف القرن الثالث عشر للهجرة: وقد اعتمدت فيها تطوان على أساتذة المدرسة الفاسية. ويمثلها بكيفية بارزة المهدي بن الطاهر الفاسي التطواني المتوفى عام ١78‏ اه/ 4 م. فلقد نشاً بالقصر الكبير؛ ثم رحل إلى فاس حيث «تفئن في العلوم حتى كان يشار إليه بين الأقران».0 وفي مكناس تلقى علم الموسيقى على الشبلي المكناسي؛ ثم ما عتم أن أصبح ملما بأصولهاء وعارفا لطبوعها الآربعة والعشرين التي سادت على عهده؛ وماهرا في العزف على العود والرباب!' ويحدثنا المؤرخ التطوانى أبو محمد السكيرج في كتابه «نزهة الآخوان» عن نشاط المهدي بن الطاهر في مجال العزف على العود؛ فيذكر إنه «كان يوما في زاوية الفاسيين بتطوان-وهو يومئن في أيام شبابه الأولى- وقد أخذ العود وأخذ في إصلاح أوتاره للعزف عليه؛ فدخل عليه والده وقال له:«يا ولدي ما لهذا ولدتك وربيتك. وإني لا أرضى لك بغير العلم»!02) ويبدو أن هذه الحادثة لم تكن لتصد الفتى الفنان عن ممارسة العزف. فلقد ظل يمارس الموسيقى وينشرها ويشيعها من حوله في أرجاء تطوان. وما نحسب إلا أنه حظي بمجالسة أمير تطوان وأديبها السيد عبد الكريم بن عبد السلام بن زاكور الذي ولي قيادتها ما بين سنتي ١171‏ و 79ااه ثم ما نحسب إلا إنه كان له في مجالسه صوت غناء مسموع ورنات عزف على العود والرياب.

كما

مدارس الموسيقى الأتدلسيه

فيها حلقات موسيقية أشبه ما تكون بموسيقى الصالونات التي عرفتها العواصم الأوربية. وقد كانت تنظم في بيت السيد عبد السلام بن علي ريون الحستى خلال النصف الثاني من القرن الثالث عشر للهجرة. ولم يكن هد الرحل مجر هاو يفقم بينه م بوبه رسكني «ولكنه كان صسوهي] مصلحا . أطلق الناس عليه-لوجاهته-لقب «السيد». وكان عارفا بالموسيقى وخبيرا بالحانها وموازينها. ٠‏ وقد وفق إلى التفراع الات موسيتية عجيبة الشكل من بينها «السلاكة» أو «د«محسن النغم». (23) ولعلها أن تكون عودا من وتر واحد في أعلاه صفر إذا نقر فيه أبكى الحاضرين.22 وسرعان ما تحولت مجالس ابن ريسون إلى حلقات منتظمة لتعليم الموسيقى غناء وعزفاء وتخرجت منها نخبة من العازفين والمنشدين أمثال الفنان «الحاج عبد الكريم بنونة الذي كان يعزف على الآلات كلها وكان ممتازا في البيانو, والعازف على الكمنجة المشهور السيد العربي الخمار وغيرهما من هواة الموسيقى الممتا؟ ٠‏ (25) زين».

المرحلة الثالثة؛ زاوية الحراق. بدأت هذه الزاوية عملها كمركز لتعليم الموسيقى الأندلسية على يد الشيخ إدريس الحراق في أوائل القرن الرابع مكتملة الخصائص والسمات. تخرج منها آرياب الصناعة الموسيقية الذين تخرت يهم تظواونوما دزالونافيك من امرحم معن الآبار التوهى هام 59]| م قلقد كان آية قئ جمال الصوت وحلاوة النيرات وسعة العارضة. وكان عازفا بالآلات الموسيقية. وخاصة منها الدربكة7 والطر. وهو إلى ذلك ذو مقدرة فائقة على لشن لسن ينض الأناشيد «الوطي كمشناهمنة

هع

177

(*) الدربكة: آلة ايقاعية (طبلة) المحرر

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

ويفضي بنا الحديث عن الزاوية الحراقية بتطوان إلى ذكر الزاوية الشقورية التي أسسها بالشاون مولاي علي شقور العلمي. فلقد اشتهر هذا الصوفي الورع أواخر القرن الثالث عشر أيام حكم السلطان الحسن الأول؛ واتخذ من بيته في الشاون ملتقى لهواة الموسيقى الأندلسية؛ ثم سرعان ما تحول إلى زاوية تقام فيها الأذكار وتنشد الأمداح على طبوع الموسيقى الأندلسية وبمصاحبة الآلات الوترية والإيقاعية المتداولة فى عزفها .

وعلى غرار الزاوية الحراقية بتطوان أضحت الزاوية الشقورية بالشاون- وما تزال-مركزا ممتازا لتخريج الفنانين المقتدرين كان من المعهم العربي الزابدي عازف العود والرباب» ومحمد بن الصادق عازف الربابء والهاشمى الفيلالي اخديم والعربي الحضري عازفا الكمان» ومحمد المفريج وعيد السلام الورياشي اللذان برعا في حفظ كناش الحايك وتعليم صنائعه.

ومجمل القول. فلقد كانت مدرسة تطوان-وما تزال-سباقة إلى إدخال بوضوح في أن جوقها الأندلسي تبنى منذ أواخر القرن الثالث عشر آلة البيانو منذ أن لمع في العزف عليها السيد عبد الكريم بنونة» وأصبح هذا العمل تقليدا فنيا متوارثا ما يزال قائما حتى اليوم؛ كما أصبحت هذه الآلة تحتل الصدارة من بين الآلات الموسيقية الأخرىء بل إنها تقوم من جوق تطوان مقام الرباب من جوق فاس. وتماديا في سبل التطوير والتجديد لجأت مدرسة تطوان مرة أخرى وقبل غيرها إلى إدخال الأصوات النسائية ضمن المجموعة الصوتية. وبذلك أضفت على الألحان الأندلسية حلة من الروعة والبهاء. وفتحت إمكانيات تعبيرية جديدة فى مجال الأداء الصوتى. ولعل مما تنفرد به تطوان وجاراتها مدن الشمالء من بين المدن المغربية اللأخرى أن تكون بها زوايا تقام بها الصلوات في أوقاتهاء فإذا انصرف المصلون إلى قضاء أغراضهم وحاجاتهم عادت لتستقبل الموسيقيين والمنشدين الذين لا يجدون في أن تصدح آلاتهم بالأنفغام أو ترتفع عقيرتهم بالغناء ضيرا ولا مساسا بحرمة الزاوية. وليس من المبالغة في شيء أن تعتبر هذه الزوايا مراكز لتعليم الموسيقى الأندلسية حسب مناهج مدرسة تطوان؛ تخرج منها كثير من الفنانين الذين كانت مدن الشمالء وما تزال؛ تزخر بهم وتفخر. ومن هذه الزوايا-بالإضافة إلى الزاوية الحراقية والزاوية الشقورية

178

مدارس الموسيقى الأتدلسيه

اللتين سبق ذكرهما-الزاوية الريسونية بتطوانء والزاوية الصديقية بطنجة؛ والزاوية الوزانية بوزان.

3- مدرسة الرباط: ينتمى مذهب الرباط فى الأصل إلى المدرسة الفاسية. ويرجع تاريخ نقل أصولها وبثها في الأوساط الموسيقية بالرباط إلى السنوات الأخيرة من القرن الهجري السابق؛ حينما عاد العالم سيدي إبراهيم التادلي الرباطي المتوفى عام ١31اه‏ إلى الرباط بعد أن استكمل تعليمه الموسيقي بفاس على يد شيوخ الآلة الأندلسية وإعلامها ممن سبقت الإشارة إليهم. يأخذون عنه قواعدها وطبوعها ويتلقون أساليب العزف وطرق الغناء على لهب الفاسى .

ويطلعنا التادلى فى كتابيه «أغانى السقا» و «اختصار التذكرة الإنطاكية» على أسماء بعض تلامذته بالرباط ممن أصبح لهم-فيما بعد-شأن كبير في الموسيقى الأندلسية؛ وأسهموا بحظ وافر في تعليمها ونشرها على طريقة شيوخ فاس. ومن هؤلاء:

-١‏ محمد الرطل الرباطي: هو أديب وفقيه؛ له مشاركة في عدة فنون؛ وكان طبيبا ومعدلا . عرف بحبه للموسيقىء فأقبل على تعلمها وانخرط في سلك طلابها وتلقى أصولها وطبوعها عن إبراهيم التادلي الذي علمه- نظرفة خاصةعسيظ رصين الذيل 9 وكان حسيق العزك هلى:اترمات» حيك الغثاء بصوته.

2- الحاج قاسم بن عسيلة الرباطي: هو فنان ماهرء كان بارعا في العزف على القانون 27)

3- الشريف سيدي المكي الفجيجي الرباطي: وهو ذو صوت رخيم كأخيه محمد الذي كان يحسن ضرب العود" وإلى جانب هؤلاء الذين تتلمذوا على التادلي: عرفت الرباط فنانين آخرين كان لهم-بلا ريب-واسع الأثر ضفي تركيز أصول المدرسة الفاسية. ومن بينهم:

-١‏ سيدي عمر الجعيدي: ولد بفاس عام 295اه» ونشاً بها حيث تلقى تعليمه الموسيقي على يد السيد عبد السلام البريهي: وباشر العزف على أكثر من آلة موسيقية من بينها الكمنجة التي تعلم التوقيع عليها على يد العازفين الشهيرين السيد سعيد والمعلم منصور. وقد طارت شهرته الفنية

170

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

في الآفاق فكان أن استقدمه السلطان مولاي عبد العزيز إلى قصره بالعاصمة؛ وهناك لازم الجوق الأندلسي الذي أحدثه السلطان وراح يلقن أصول الآلة الأندلسية كلمات وعزفا. وبذلك نستطيع اعتباره امتدادا للمدرسة الفاسية بالرياط.

ونظرا لما بلغه الجعيدي المرحوم من مكانة رفيعة في الموسيقى الأندلسية فقد أهلته خبرته الواسعة هذه ليكون أحد أعضاء الوفد المغربي الذي شارك في المؤتمر الموسيقي العربي الأول المنعقد بالقاهرة عام 1932 . ومن الأعمال الفنية المنسوبة إليه والتي تدخل في نطاق إصلاح الموسيقى الأندلسية ترتيب وتنسيق أنغام المشالية الكبرى. وقد توفي عام 1952 .

2- السيد أحمد المحجوب زنيبار الرباطي: هو من مواليد الرباط عام 3اه. تعلم الموسيقى منن شبابه» وأتقن العزف على كثير من الآلات: وخاصة الكمنجة التي تعلم التوقيع عليها على يد الفنان السيد سعيد. ويبدو أنه مكث بفاس قترة من الزمن لازم خلالها بعض أساتذة الفن الموسيقي كالمعلم البريهي والمعلم إدريس بن جلون.

وقد بدأت مدرسة الرباط الفتية تؤّتي أكلها في نهاية النصف الأول من القرن الهجري الحالي. وظهر ذلك بصورة جلية في انكباب عميد الطرب الغرناطي بهذه المدينة الفنان محمد بن الحاج أحمد الدكالي الفرجي المعروف ب«أمبيركو» على طبع كناش الحايك سنة 354اه. وبذلك ساهم مساهمة فعالة في التعريف ببعض النوبات؛: وإن يكن قد اقتصر في عمله على جانب عرض الأشعار.

وهكذا أنجبت مدرسة الرباط مجموعة من الفنانينء ولمع من بينهم عازفون على الكمان والرباب أمثال المعلم سعيد والمعلم منصورء وعبد السلام الخياطي الرفاعي المتوفى عام |36اهء ومحمد البارودي المتوفى عام 950ام: وأحمد زنيبرء والمنشد محمد شويكة؛ والمنشد ضارب الطار الحاج عبد السلام بنيوسف. وقد كان هذان الآخيران ممن ضمتهم البعثة الموسيقية الموفدة إلى القاهرة سنة 1932.

وآن لنا أن نقرر-بعد هذا -أن العقد السادس من قرننا الهجري قد شكل نقطة تحول فناني الرباط من الفن الفرناطي ذي الأصل الجزائري إلى «الآلة» الأندلسية المغربية ذات النزعة الفاسية.

مدارس الموسيقى الأتدلسيه

ومهما يكن من أمرء فإن مدرسة الرباط تبدو-على النقيض من مدرستي فاس وتطوان-حديثة تفتقر إلى الأصالة. فنحن إذا استثتينا جوق الخمسة والخمسين الذي أنشأته الدولة» العلوية منذ عهدها الأول؛ وجوق الآلة الأندلسية الذي أحدته جلالة محمد الخامس بقصره-وكلاهما كان تابعا لركاب السلطان؛ يستقر معه حيثما حل وارتحل-شق علينا أن نضع أيدينا على أية محاولة جادة لتأسيس جوق أندلسي فاسي.النزعة بمدينة الرباط فيما قبل الخمسينات؛ وذلك على الرغم من توفر هذه المدينة على العناصر التي كانت تحمل أصول المدرسة الفاسية؛ وهذا واقع لا يفسره إلا سعة انتشار المذهب الغرناطي القديم وتغلفله في أوساط الرباط: فحتى سنة 3ه/35وام كان الجوق القائم بالرباط جوقا غرناطياء وهو الذي مثل القطاع الموسيقي المغربي في معرض باريز للفنون الشعبية الذي أقيم بحديقة الحيوانات تحت شعار «القرية المغربية». وكان من بين أعضائه: السادة محمد بن صالح حامل الطرء وأحمد الشافعي عازف العود. ومصطفى المعروفي عازف الرياب. والحسين سباطة عازف الكمان ومنشد الجوق آنذاك..

ومن ثم نستطيع أن نؤكد أن الفنان مولاي أحمد الوكيلي الذي تلقى الموسيقى بفاس على يد سيدي محمد البريهي والفقيه المطيري هو أول من وفق إلى تأسيس جوق للآلة الآندلسية المغربية بالرباط. حيث عمل بمساعدة المسؤولين عن القطاع الإذاعي على استقطاب العناصر الصالحة من الرباط وسلا وكان من ضمنهم بعض أعضاء الجوق الغرناطي المتلاشي.

ومنذ أن تأسس جوق الرباط للطرب الآندلسي في أكتوبر سنة 952ام وهو يعمل على السير في درب التجديد الفنيء اقتداء بجوق تطوان: فتبنى آلة البيانو وبعض آلات النفخ النحاسية: واتخذ الفتيات اللواتي ينشدن إلى جانب الرجال.

خاتمة: ولعلنا-بعد هذا العرض الوجيز-نستطيع أن نخلص إلى النتيجة التالية. وهي أن مدرستي تطوان والرباط كانتا (وما تزالان) أميل إلى تبني الآلات الموسيقية الحديثة. على حين ظلت مدرسة فاس وحدها متشبثة بآلة الرباب. وإن مما يؤكد النزعة التجديدية في كل من تطوان والرباط أن يعمد جوقاهما إلى إدخال العنصر النسوي ضمن المجموعة الصوتية التي

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

تنهض بدور الإنشادء على حين يظل جوق المرحوم البريهي الذي يرأسه الفنان الحاج عبد الكريم الرايس بفاس حريصا كل الحرص على أن يبقى الرجال-والرجال وحدهم-عمدة الغناء والإنشاد.

ولذك جا يفلس جقرح تدريمنة الرحاظ: إلى متها خط ارك سان الأداء الموسيقي عزفا وغناء أن يكون الفنان مولاي أحمد الوكيلي الذي رأس جوق الرباط سنة 1953 قد أقام من قبل بطنجة زهاء عشرة أعوام, وقضى حقبة من الزمن يعمل ضمن جوق تطوانء يلقنه أصول المدرسة الفاسية من جهة؛ ويأخذ من أعلامها من جهة أخرى بعض الصنائع حسب الطريقة التطوانية, نحتى إذا :انتغل إلن الوياظ وعهد إليه يركاسة حرق الإذاعة الوطنية انعكست على نشاطه الفني مظاهر التجديد الذي عرفته مدن امال المخرفى»

الهو امش

)١(‏ نوبة الأصبهان-أركاد يودي لاريا بلاثين 1956 دار الطباعة المغربية. تطوان ص: ١6‏ من المقدمة (2) كشف الحجاب للقاضي أحمد سكيرج. طبعة مصر. ص: 274- 277

(3) أغاني السقا. آخر الباب السابع

(4) اختصار التذكرة الإنطاكية

(5) نفس المرجع

(6) نفس المرجع

(7) نفس المرجع

(8) مجلة المغرب عدد جمادي الأولى ١35اه‏ سبتمبر 1932 م ص: 23

(9) مجلة الآعلام عدد 2 ربيع الثاني 384اه

(10) الأعلام للمراكشي. ج7- ص: 132- 33]

.1972 صدر الطبعة الحجرية لمجموعة الحايك بخط الفنان أحمد زويتن. نشر مكتبة الرشاد‎ )١١( محمد الفاسي. الموسيقى المسماة أندلسية. مجلة تطوان عدد 7 ص:25‎ )12(

(13) نفس المرجع

(14) نزهة الأخوان لأبي محمد عبد السلام السكيرج التطواني بواسطة كتاب «تاريخ تطوان» (15) نفس المرجع

(16) الإتحاف. الجزء الثالث ص:104

(17) تاريخ تطوان. المجلد الرابع ص: 407

(18) نفس المرجع الجزء الأول ص: 162 و163

(19) الطيب بنونه. مجلة الفنون. سنة 2 عدد 5 و6 فبراير ومارس ١975‏ ص: 23!

(20) نفس المرجع ص 69

(21) نفس المرجع ص: 68

(22) تاريخ تطوان لمحمد داود . الجزء الثالث ص: 68

(23) مجلة تطوان سنة 2 عدد 5 و6 فبراير ومارس 1975

(24) أغاني السقا للتادلي عند الخاتمة-وفيات الأعيان. مطبعة بولاق. الجزء الثاني ص: 102 (25) مجلة تطوان ث3 غود 5 و6 فبراير ومارس 1975

(26) أغاني السقا الباب السابع

(27) نفس المرجع ص: 77

(28) نفس المرجع. الباب السابع

الوجه الاخر للموسيقى الأندلسية: الطرب الغرناطي

وقفت الموسيقى الأندلسية الجزائرية المعروفة بالطرب الفرناطي إلى جانب موسيقى «الآلة» تفرض نفسها في أوساط الهواة والمحترفين, وعرفت نوعا من النفوذ والانتشار بلغ في بعض المدن المغربية درجة لا يستهان بها. وخاصة مدينة وجدة على الحدود الجزائرية: ومدينة الرباط المطلة على المحيط الأطلسي.

وعندما نتساءل عن أسباب تواجد هذا الفن على أرض المغرب يوافينا البحث بأسباب كثيرة نذكر من بينها:

-١‏ إن المغرب كان منذ عهد الاحتلال العثماني للجزائر ملاذا يلجا إليه الجزائريون بحثا عن الحرية؛ وخلاصا من الظلم والطغيان. وقد زاد في تشجيع هؤلاء على الهجرة إلى بلادنا ما كان يلقاه أدباؤهم وفنانوهم خاصة من تكريم سلاطين الدولة العلوية. وما من ريب في أن هؤلاء المهاجرين نقلوا معهم ألوان الطرب الجزائري. واستطاعوا نشرها بين الهواة بل تعليمها لكثير من محترفي الموسيقى بالمغرب. طالما آن المغارية جبلوا بطبعهم على تشجيع

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

الفنون المستوردة وخاصة من البلدان العربية المجاورة. وهكذا لم يمض من الوقت غير يسير حتى ظهر من بين المغاربة من أصبح يجيد الطرب الغرناطي إنشادا وعزفا.

2- ولقد استمر توافد الجزائريين على المغرب أثر الاحتلال الفرنسي لبلادهم. واستمرت معه عملية نقل تراثهم الموسيقي. مما زاد في ترسيخ هذا اللون الموسيقي ببلادنا وساعد على نشره في كثير من المدن والأقاليم. وعلى سبيل المثال أذكر المطرب الجزائري الشهير ب «العنقا» الذي لقيت أغانيه ببلادنا رواجا واسعاء والمرحوم محمد بن قدور بن غبريط الذي قدم من تلمسان إلى الرباطء حيث أصبح من أنشط العناصر التي تحتضنها الأجواق المغربية. فكان يلقن زملاءه ألوان الطرب الجزائريء ويتلقى عنهم في ذات الوقت الصنائع الأندلسية وطريقة إنشادها وعزفها. وقد أهلته خبرته وسعة ثقافته الموسيقية ليكون ضمن أعضاء الوفد المغربي الذي شارك في المؤتمر الأول للموسيقى العربية بالقاهرة عام 1932 إلى جانب أقطاب «الآلة الأندلسية» وعمداتها آنذاك: الفقيه المطيري وعمر الجعيدي والمعلم «مبيركو»' ثم لما كانت سنة 1939 عقد بفاس أول مؤتمر للموسيقى المغربية.

ورأى المشرفون أن يستدعوا له مطربي تونس والجزائرء فشاركت الأولى بفرقة للمالوف. وساهمت الثانية بفرقتين للطرب الغرناطيء: إحداهما من الجزائر العاصمة؛ والأخرى من تلمسان:؛ ولم يكن حضور فرقتين جزائريتين محض صدقة: ولكنه كان رغبة في إشراك لونين من ألوان الطرب الغرناطي؛ وإن شئت فقل مدرستين. لكل منهما خصائص فنية قائمة بذاتهاء مما يؤكد إلمام المشرفين على المؤتمر بالموسيقى الغرناطية الجزائرية وباختلاف مناهجها.

3- وقبل هذا وذاكء كان المغرب قبلة الأندلسيين المطرودين من أسبانيا في مطلع القرن السابع عشر للميلادء ولقد استوطن أغلب هؤلاء المدجنين مدينة الرباط؛ فأحدثوا بها الدور والقصورء وبثوا فيها عاداتهم ١‏ وتقاليدهم, ونشروا في ربوعها الموسيقى الغرناطية المتأخرة؛ الآمر الذي جعلها بحق قبلة فناني الجزائر المهاجرين إلى بلادنا منذ عهد الاحتلال العثماني.

.1932 الرحلة الفنية إلى الديار المصرية. ألكسيس شوطان-تعريب عبد الكريم بوعلو الرياط‎ )١(

نا

الوجه الآخر للموسيقا الأندلسيه

وقد ظل المذهب الغرناطي منتشرا بالرباط ومتغلفلا في أوساط فنانيها حتى العقد الرابع من القرن العشرين: وكانت الأجواق القائمة بها غرناطية النزعة؛ برز فيها غنانون كثيرون من بينهم المعلم «مبيركو» وابن غبريط, وأحمد بناني: وآخرون كان منهم من انخرط في الجوق الوطني للموسيقى الأندلسية.

غرناطى وجدة: يبدو أن المذهب الغرناطي القائم بمدينة وجدة تسرب إليها من تلمسان: وذلك لأنه لم يثبت تاريخيا تواجد عناصر أندلسية هاجرت مباشرة إلى وجدة اللهم إلا أن تكون مجازا عبرته وهي في طريقها إلى تلمسان.

ودليل آخر على التسرب المذكور يكمن في توافق أسلوب الطرب الغرناطي في كل من وجدة وتلمسان ونضرومة:؛ وهي كلها تقع بالقرب من الحدود الفاصلة بين البلدين» وهو توافق تقف في مواجهته الأساليب المتواجدة ضي المدن الجزائرية الوسطى كالجزائر العاصمة نفسها والشرقية كمدينة قسنطينة. وتتجلى الفوارق بين الأسلوبين في عدة جوانب تمس موضوع القصيدة وأسلوبهاء والمواويل والتهاليل؛ و بينتها اللحنية والإيقاعية وطريقة أدائها عزفا وإنشاداء وغالبا ما يقوم غرناطي وجدة على الصورة التالية:

-١‏ مقدمة آلية تعزف على العود.

2- موال يؤديه المنشدء. ويصاحبه العزف على العود.

3- أداء القصيدة. وفيه تشترك الآلات الموسيقية؛ بينما تتجاوب المجموعة مع صوت المنشد المنفرد.

وبعدء فلعلنا خلال هذا البحث في موضوع الموسيقى الأندلسية على العهد العلوي أن نكون قد وفينا الجانب التاريخي بعض الحقء؛ وأن نكون قد وفقنا في مواكبة النهج الذي ركبناه منذ البداية. حينما التزمنا بترتيب الفنانين المغاربة ضمن مجموعات أريع. هي مجموعة النظريين. ومجموعة المترجمين» ومجموعة الشعراء. ومجموعة المحترفين والمعلمين» ومع ذلك فمن باب الاعتراف بالواقع أن نقر بأننا أغفلنا ذكر أكثر من فنان وأكثر من مبدع؛ ذلك لأننا لم نطمع أبدا في الإحاطة والشمولء وإنما كان حسبنا أن ننفض غبار الإهمال عن جانب من جوانب تراتنا الوطني. وعذرنا في هذا التقصير ندرة المراجع وتشعب مناحي الموضوع المطروح.

167

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

طرب الملحون:

رأينا كيف نشطت حركة تطور أوزان الملحون منذ أن استحدثت الصروف في أواخر العهد السعديء ورأينا أيضا كيف جاءت أعمال المصمودي ومن بعده لتكون امتدادا لما حققه المغراوي هذاء. وخلصنا من ذلك إلى تقرير أن العهد السعدي كان عهد ابتكار وإبداع في مجال الإيقاعات والأوزان: في حين ظلت الأنفام تستمد طبيعتها من الموسيقى الأندلسية.

تلك كانت مرحلة من مراحل تطور أوزان الملحون؛ على أنه ما إن أطل عهد العلويين حتى ظهر على مسرح الأحداث ما شكل حلقة جديدة من حلقات تطوره. ونعني بهذا ظهور الزجل الصوفي من جهة؛ ووفود بعض زجالي الجزائر إلى المغرب من جهة أخرى. فقد ظهرت خلال هذه الفترة من تاريخ المغرب أعمال فنية لا تخلو من روعة. سجلها بعض متصوفي الزجل المغربي. كان من بينهم محمد ابن عبد الكريم بن يجيش التازي صاحب التوشيحات والقصائد والمقطعات الرائقة. والذي كان لا يفارق السماع ساعة واحدة©. وأحمد بن علال الشرابلي المراكشي الذي كانت أزجاله تنشد بعد وفاته في موسم يقام سنويا في ليالي رجب الفرد.

أما الظاهرة الثانية. ونعني بها توافد زجالي الجزائر على المغرب من ظلم الحكم العثماني: فقد كانت هي أيضا فرصة أخرى من فرص التعامل الفني بين المغرب وبين الأقطار المجاورة له. وما من شك في أنه كان لهؤلاء الزجالين دور كبير في حمل بعض خصائص الموسيقى الجزائرية إلى بلادنا وبخاصة منها الطبوع الأندلسية الغرناطية التي لقيت نوعا من الإقبال في بعض الأوساط المغريية بكل من الرياط والمدن الشرقية.

وتأتي بعد هذه المرحلة فترات أخرى عرف فيها الملحون طفرات متعاقبة نحو الازدهار انطلاقا من القرن الثاني عشر وحتى أوائل القرن الحالي. ويتعاقب على مشيخة هذا الفن إعلام كبار كالجيلالي امتيردء والحاج محمد النجار. ومحمد بن سليمان» وسيدي عبد القادر العلمي. ومحمد الحراق: وأحمد الكندوزء ومولاي علي بن أحمد شقور الحسني العلمي.

ويقف من وراء النهضة سلاطين الدولة العلوية» وخاصة سيدي محمد بن عبد الله الذي شهد المغرب على عهده مظاهر يقظة شاملة في الثقافة

(2) الزجل في المغرب-القصيدة-دكتور عباس الجراري. ص: 599

الوجه الآخر للموسيقا الأندلسيه

والفن كان حظ الملحون منها غير يسير. والسلطان محمد بن عبد الرحمن الذي كان بدوره من شعراء الزجل!2: والسلطان الحسن الأول الذي طالما كان يستضيف في قصره فرق الملحون ويغدق على أعضائها من عطاته. والمولى عبد الحفيظ الذي كان إلى جانب علمه الواسع من أبرع شعراء الزجل في عهده؛ ولقد ضاعف من نشاط الملحون على العهد العلوي ما كان يلقاه زجالو الجزائر من حفاوة سلاطين هذه الدولة وهي حفاوة كان من آثارها الإيجابية بلا ريب خلق جو من المنافسة الحميدة بين زجالي الجزائر وزجالي المغرب. وللتدليل على النهضة الموسيقية التي عرفها طرب الملحون في العصور العلوية يكفي أن نشير إلى الظواهر الأربع التالية:

أولا-.عرفت قصائد الملحون الغنائية من إقبال الرواة والمنشدين ما أذكى قرائح النظام فنشطوا في النظم؛ وانتشر الولع بطرب الملحون وكثر إنشاده فى البيوت الخاصة على غرار ما كان يفعله محمد ين سليمان فى النصف الأول من القرن الثالث عشر. وانعقدت في الزوايا حلقات الإنشاد كزاوية سيدي قدور العلمي بمكناس (265-1154اه) والزاوية الحراقية بالرباط, والزاوية الشقورية بالشاون؛ وهي كلها كانت مراكز لإنشاد ما نظمه مؤسسوها من قصائد وتوشيحات وأوراد حفظا لها من الضياع. وما تزال طوائف حمادشة حتى اليوم تردد قصائد أحمد الكندوز المعروفة باسم «الدراع» والتي لها في دنيا الغناء مكانة مرموقة.

ثانيا-ولما كان يلقاه زجالو الجزائر من عناية سلاطين الدولة العلوية وتقدير شيوخ الزجل المغربي؛ وترحيب هواة طرب الملحون فلقد نشطت حركة هجرتهم إلى المغرب. وخاصة بعد الاحتلال الفرنسي الذي خلف الاحتلال التركي؛ وبالتالي نشطت معها الحركة الفنية فاتسع مجال التبادل الموسيقي الذي سرعان ما ظهرت نتائجه بوفادة كبار الزجالين والمطربين الجزائريين أيام السلطان مولاي عبد الحفيظ في مطلع القرن العشرين؛ كان من بينهم الحاج محمد العنقاء وقاضا الكصابء وعبد الكريم دليء والمنور التلمسانيء ومولاي الجلالي الزيانى. وقد أدى هذا إلى تعانق الفنين المغربي والجزائري وانطباع كليهما بسمات الآخر. وما تزال أصداء (4) الزجل في المغرب-القصيدة-ص: 669 (3) نفس المرجع. ص: 610

إننا!

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

الموسيقى الجزائرية تتردد في أوساطنا من خلال الألحان الحزينة المتمادية, كما لا تزال أغنية «الحمام اللي والفتو مسي عليا» للمطرب العنقا تقوم خير شاهد على ولى المغاربة بغرناطي الجزائر.

تالثا: اكتملت الصورة الفنية لقصيدة الملحون. وأصبحت تتكون من العناصر التالية:

-١‏ السرابة؛ وهي عبارة عن مقدمة تؤدى على طرق مختلفة ومتنوعة ما بين سرعة الوزن وبطئه. وحدة اللحن وانخفاضه وقوة الأداء وليونته.

2- الموال» وهو عبارة عن بيتين من النظم المعرب غالباء يرتجل المنشد عليهما ألحانا موسيقية غير أنه لا ينحرف عن المقام الموسيقي الأصلي.

3- الحربة؛ وهي لازمة القصيدة التي ترددها المجموعة للفصل بين أجزائها.

4- الأجزاء. وقد بلغ من مهارة بعضهم أن جعلوا لكل جزء مقدمة ذات فقسمين: العروبي والناعورة.

5- الدرديكة. وهي خاتمة القصيدة التي يجنح فيها المنشدون إلى الأداء السريع والموقع.

ويظهر أن أزجال سيدي عبد القادر العلمي كانت تعتبر بمثابة نماذج ناجحة للأغنية المغربية في مجال طرب الملحون: ولعل ذلك ما حمل «سونيك» على تش رإحداها فى كتابه «اغاتي المغرب العربية» وكذلك عمل فيشير هي تأليفه «مجموعة الأغاني الخرمية: عفد نشر له أربع قصائد. وما تزال عالقة بذاكرة أبناء الجيل السابق ألحان أغنية كانت بحق من أوائل ما نشرته الإذاعة المغربية وهي أغنية «المحبوب» التي ليست إلا إحدى قصائد العلمي والتي يقول في لازمتها:

كيف أيواسى للاكيف أيواسى

أكيف أيواسى اللي فرق محبوبو وبقي بلا عقل!*)

رابعا-خطا زجالو العهد العلوي خطوات جديدة في مجال تطوير بناء القصيدة, وذلك بفضل ما أحدثوه من ابتكارات تتعلق بالوزن وبالهيكل العام للقصيدة.

وأبرز هذه الابتكارات ما يلي:

(5) نفس المرجع ص: 636

]00

الوجه الآخر للموسيقا الأندلسيه

- اتخن الجيلالي امتيرد الذي عاش على عهد السلطان سيدي بن عبد الله «السرابة». ولعله أن يكون قد استوحى نظمها واهتدى إلى صورتها النهائية من مقدمات القصائد التي عرفت من قبل على العهد السعدي. وقد أراد بإحداتئها ضبط الإيقاع الذي اختاره لوزن القصيدة. وبذلك فهي تتحد مع أجزاء القصيدة في الوزن؛ غير أنها تختلف عنها في طريقة الإنشاد. وقد تطورت السرابة بعد وفاته حتى أصبحت بمثابة الحركة الأولى لقصيدة الملحون.

- كما ابتدع الجيلالي امتيرد وزنا جديدا للمثنى يظهر فيه صدر البيت أطول من عجزه. ثم تناول محمد بن علي العمراني المتوفى عام 237 اه هذا الوزن بشيء من التطوير فحوله إلى مثلث. وأحسب أن ذلك كله كان من دواعي التلحين الموسيقيء لآأن طول الشطر يساعد على امتداد النفس

الموسيقي.

10

الموسيقى والطقوس الملكبة على حهد العلويين

حرث العادة أن قواكي الوسعيقى مراسيه السلطان في تحركاته وأسفاره وحروبه؛ وفي حفلاته العاكلية واحتغالاتة بالمتاسبات الوطنية والدينية. وكتيراما كانت الفرق اللوسيقية تحتل المراتب الأول من بين الكوكبات التي تتقدم الموكب الملكي الرسمي.

ركان انركف انلك فو ندل يه العام كن ردن قبيلة حف به أعيانهاء والتأمت من حول «محلته» الفوق الوسيعية الملكلورية بأتواتها الخظفة. وتعاقبت على مرأى ومسمع منه جموع المنشدين والذاكرين والمغنين وفرق العازفين والراقصين. وخرى امتراض كل «اللدنكى حر مس بالإتسلان والترحيب مليء بالبهجة والسرور. ولقد كانت الأعياد الدينية من أعظم المناسبات التي تصدح فيها الموسيقى بحضرة ملوك الدولة. وتقام لها المهرجانات التي قد تستغرق أسبوعا كاملا.

وللتدليل على أهمية الدور الذي كانت تلعبه الموسيقى في المراسيم السلطانية فسنكتفي فيما يلى تقل ها أورده كووهذا الصدده الورع الكبيير

عبد الرحمن بن زيدان لدى ترجمته للسلطان

|]05

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

العظيم الموكى الخسق الأول :11

-١‏ كان من عادة الحسن الأول أنه خصص لكل من أنشطته المتنوعة يوما بآكمله. وجعل للموسيقى خير أيام الأسبوع؛ وهو يوم الجمعة حيث قرنها بمراسيم صلاة الجمعة. وعادته في ذلك أن يقف الطبال المعروف بالكومي بمزاميره بباب قصره قبل بزوغ الشمس من صباح الجمعة؛ فيضرب إلى أن تطلع الشمسء ثم تعقبه الموسيقى بألحانها العربية الشجية؛ وتدوم نحو ساعة؛ وفي الساعة الحادية عشرة يصطف الموسيقيون في طريق الموكب نحو المسجد, فإذا أدرك باب المسجد صدخ الموسيقيون بما يكون فألا حسنا كقولهم:

لك الهنا والسرور دائم يا أيها الطالع السعيد

وهي ميزان «البسيط» وصنعة من «قدام الحجاز المشرقي». فإذا قفضى السلطان الصلاة قفل راجعا على نغمات أصحاب الموسيقى وإيقاع أصحاب الكومي على طبولهم وهم ينفخون في مزاميرهم. ثم يدخل قصره. فإذا كان السلطان بمكناس العاصمة جلس وزير الحرب لاستعراض العسكر حذاء الباشا بياب منصور العلج. والموسيقى أمامه تصدح بألحانها. وبعد نهاية الاستعراض تنفض حفلة الجمعة»/0)

2- في ليلة المولد النبوي يحضر المنشدون ذوو الأصوات الحسنة من سائر مدن الإيالة الشريفة ومراسيها فإذا دخل السلطان المجلس استدعى المنشدين وأجلسهم أمامه؛ ويتناول مجموعا مزخرفا مشتملا على البردة والهمزية وغيرهما من الأمداح النبوية: فينشد المنشدون. البردة والهمزية وغيرهما من الأمداح النبوية بأطيب نغمة وأحسن تخليل.

فإذا حان وقوفه على قول البوصيري: الأمان الأمان؛: نهض السلطان وتوقف المنشدون عن الإنشاد. حتى إذا حان وقت الفجر من الليلة التالية عاد المنشدون وابتدأوا من حيث انتهوا إلى أن يختموا الهمزية والبردة. ثم يقرأون «بانت سعاد» ثم يسردون ما تيسر من مختار القصائد المولدية التي قدمت لجلالة السلطان من فحول شعرائه بمناسبة تلك الليلة».(3)

(1) إتحاف إعلام الناس. ابن زيدان. الجزء الثاني. ص: 517- 542- 2

(2) إتحاف أعلام الناس. ابن زيدان. الجزء الثاني. ص: 517- 519 (3) نفس المرجع. ص:52- 522

1 4

الموسيقا والطقوس الملكيه على عهد العلويين

3- «ضفي طريق السلطان إلى المصلى عندما يبلغ باب البلد الذي يخرج منه لبطحاء المصلى يجد الوزراء وأعيان الدولة. فقيحييهم ويحيونه. ثم تصدح الموسيقى بألحانها المطربة ونغماتها المرقصة9.2)

4- «وعند استقبال السلطان للقبائل تختم المراسيم بضرب المدافع؛ ثم تصدح الموسيقى والطبول والمزامير والولاول؛ ثم ينقلب السلطان في موكبه إلى القصن.(6)

5- «عند ركوب السلطان للألعاب الرياضية؛ وبمجرد ما يبلغ باب القصر تصدح الموسيقى بألحانها العربية إلى أن يصل إلى أول الصفوفء. وكان كلما سابق حيته المدافع من الأبراج بأربع طلقات والموسيقى

6- «عند دخول ممثلي الدول من السفر تخرج العسكر وتصطف على جانبي الطريق التي يكون مرور السفير بهاء مع الموسيقى السلطانية».7)

7- «عند تهوض السلطان من «المحلة» يقع الأعلام ليلا بالرحيل لولاة الأمن وعند الفجر يسمع طيال (الكومي) الخاص بالسلطان الذي هو علامة الرحيل ©

8- «عند سير السلطان في السفر يتقدم أمامه بعض رجال القبيلة التي يسير بأرضهاء وبعد ذلك يبدأ الموكب الرسميء فيكون على رأسه فرقة من الطبجية؛ ثم يأتي دور الموسيقى. ومن العوائد المقررة في سائر أسفار السلطان إتيان الطبالين بطبولهم ومزاميرهم: والموسيقىء والمغنين أصحاب الملحون كل يوم يعد صلاة العشاء لباب الفسطاط السلطائنى فيضرب كل من المذكورين برهة من الزمنء ثم يعقبه الآخرء ويدوم ذلك مدة من الزمان؛ ثم ينصرفون. وأما باقي أصحاب ال محلة وفرقها فكل يعمل على شكلته: فمن تال؛ ومن ذاكر. ومن متبتل؛ء ومن مغنء. ومنء ومنء إلى انشقاق الفجر أو ما يقرب منه. كما أن العادة جارية بضرب الطبول والمزامير والموسيقى

(4) نفس المرجع. ص: 523 (5) نفس المرجع. ص: 524 (6) نفس المرجع. ص: |53 (7) نفس المرجع. ص: 533 (8) نفس المرجع. ص: 536

05

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

الساعة».(©

9- «بمناسبة شعبانة تقام في العشر الأواخر من شهر شعبان حفلة كبرى لمدة سبعة أيام آخرها تمام شعبان بأحد أجنة المخزن. ويكون المطربون من بين المدعوين؛ فيطربون مناوبة من الصباح إلى العشي».9')

(9) نفس المرجع. ص: 537- 538 (10) نفس المرجع. ص: 542

06

موفف ذتها المغرب من الصسماع

اشتد جدل الفقهاء حول السماع(' في المغرب منذ أن استتبت دعائم المذهب المالكي في ربوعه. وزاد هذا الجدل حدة منن أواخر الدولة الموحدية عندما ارتفعت الدعوة إلى اعتناق المالكية من جديد»: فقد نشطت حركة التأليف في هذا الموضوع, وانطلقت أصوات العلماء المعارضين تنادي بتحريم السماع وتندد بممارسيه سواء كانوا مغنين أو عازفين. ووسط زحام المعارضين كانت ترتفع بين الحين والآخر أصوات معتدلة تتفاوت درجات اعتدالها وتساهلها في الحكم على السماع.

ولا بد هنا من الإشارة إلى أن كثيرا من هؤلاء المتساهلين وأولئك المعارضين كانوا ينطلقون من واقع التأثر بنظريات فقهاء المالكية وحتى غير المالكية في الآندلس وتونس والمشرق الإسلامي؛ ومن هؤلاء أبو عبد الله محمد بن يوسف المواق إمام غرناطة في المالكية المتوفى عام 897: وأبو إسحاق الشاطبي إبراهيم بن موسى الغرناطي 0) صاحب كتاب «إنكار السماع». وعبد الغني النابلسي (1640م-731ام) مؤلف كتاب «إيضاح

107

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

الدلالات في جواز سماع الآلات». وأبو بكر عبد الله بن أبي الدنيا (823م- 4م) مؤلف رسالة «ذم الملاهي»: والإمام ابن تيمية صاحب الفتاوى؛ والإمام أبو حامد الغزالي صاحب «إحياء علوم الدين»» وأبو الفتوح الطوسي مؤلف كتاب «بوارق السماع» وعبد اللطيف البغدادي (1162م-231ام) مؤلف «كتاب السماع». وتاج الدين السرخدي صاحب «تشنيف الأسماع»» وأبو بكر بن العربي المعافري (543-468): ومعاصره أحمد بن محمد الإشبيلي مؤلف «كتاب السماع وأحكامة». ش

وقد وقف فقهاء المغرب-تحت تأثير هؤلاء وغيرهم-مواقف متباينة ما بين مدافع عنه لا يرى في ممارسته جنحة ولا نكوصا عن الدين ما لم يخرج عن الحد الشرعي المعقول؛ وآخر متردد لا يكاد مستفتيه ينتهي إلى رأي حاسم وآخر معتدل يضع حدودا بينة بين ما هو حلال وما هو حرام؛ وآخر رافض متشدد مغال.

وقبل التعرف على آراء بعض فقهاء المغرب في الموضوع نعرض فيما يلي ملخص نظريات علماء الإسلام من خلال ما أورده أبو على حسن ابن مسعود اليوسي (1040ه-102١1)‏ في بعض رسائله!2)

يقول اليوسي عن الحضرة (أو الموسيقى الطرقية): «أكثر الفقهاء ينكره؛ وأكثر الصوفية يرخص فيه». ويقول أيضا : «وحاصل الأمر أن السماع منهل مورود قديما وحديثاء ولكنه قد يصفو-وذلك لآهله-فيستريحون به من الأثقال ويستفيدون به نفائس الأحوال».(©

ويقول عن الغناء المجرد عن الآلات: «هو على الجواز في أصله لأنه يرجع إلى الإنشاد ... وإنما التفصيل فيه حسب مورده: فما كان وعظيا ... فجائز مطلقا.... وما كان رقيقا يذكر الفراق والمحبة والشوق... فهو يصلح لأهل الذوق من المريدين المتخلصين عن أسر أنفسهم والعازفين الكمل دون من سواهم,؛ وما كان نسيبا صريحا يذكر القدود والخدود فلا ينبغي أن يتعاطى؛ وأن كان أهل الذوق الكاملون لا حرج عليهم فيه».4)

ويقول عن الغناء المصحوب بالآلات الموسيقية: أما بالآلات كالدف والشبابة فقد حكى فيه عن بعض السلف التوسعة؛ والجمهور يكرهونه؛ وهو الحق. وذلك أن أكثر السماع ولا سيما في زماننا هذا لهو ولعبء ولذا قال بعض المشايخ: «إن السماع في زماننا لا يقول به المسلم, ولا يقتدي

1١08

موقف فقهاء المغرب من السماع

بشيخ يقول به. فمتى كان أشبه بصورة سماع السلف المجرد كان أقرب إلى الجواز. ومتى أخرج إلى الآلات كان لهوا محضا وباطلا واضحاء.9©)

ولعل من أبرز الأصوات المعتدلة وأسبقها إلى طرح مشكلة السماع على ميدان الفتوى بالمغرب صوت محمد بن الدراج السبتي المتوفى سنة 693 صاحب كتاب «الإمتاع والانتفاع في مسألة سماع السماع» الذي وضعه برسم الخليفة يوسف بن عبد الحق المريني.

فقد طرح هذا الفقيه موضوع إعطاء الآجرة على السماع. واستعرض وجوه الرأي لدى الفقهاء. فجعلهم ثلاث طبقات:

- طبقة أقرت بأن من السماع ما حكم فيه بالحل؛ وهى مع ذلك تصر على تحريم الأجرة على مثله بدعوى الإجماع.

- وطبقة ذهبت إلى القول بتحريم السماع مهما كان نوعه.

- وطبقة غالت في التشديد فأنكرت الشعر رأسا.

ولم يخف ابن الدراج عن القارئٌ أنه كان من وراء الطائفة الثالثة دوافع ذاتية مصلحية حملتها على التشدد في الرأي؛ ذلك أنها كانت تنفس على الموسيقيين ما نالوه من حظوة في المجالس. وهى في دعواها كانت تتستر في زي زائف من التنسك وتتعلق «بضروب من الحيل صادرة عن حسادة في سويداء قلوبهم مستكينة». وإذ ينكر ابن الدراج على هؤلاء موقفهم هذاء فإنه لا يتردد في وصم فرقتهم بأنها «غلب عليها جمود البلادة» وإنها مشر الثلاثة». ثم هو لا يتردد في دحض مزاعمهم والكشف عن «عوراء سوء فهمهم... قصد إفادة القارئٌ السامع: وإظهارا للحق بحسام دليله القاطع». وغيرة من إطلاق شرذمتهم ألسنتها بالضلال: وطمعا في كسب (ما وعد الله به من عظيم الأجر على الجهاد).

ثم عاد ابن الدراج ليدلي برأيه الخاص. وملخصه: الإجازة فيما أجيز من السماع, والمنع بما حكم فيه بالامتناع لقول الفقهاء: كل ما أبيح شرعا فالأجر عليه مباح. وبيان ذلك أن الأجرة تجوز شرعا في الغناء المباح, كإعلان النكاح بالدفء فإن كان ممنوعا كفناء المرأة التي لا يحل النظر إليها أو للتي تخشى الفتنة في سماعها فهو حرام بالإجماع.

ومن هنا يبدو ابن الدراج وقد اتخذ موقفا مرنا من السماع؛ متأثرا فيما يبدو بنظريات أبي بكر بن العربي المعافري ومعاصره أحمد بن محمد

إنغدا

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

الإشبيلي.

وضي مطلع القرن الرابع عشر للهجرة وقف بمدينة فاس فقيهها ومفتيها المهدي الوزاني صاحب المعيار الجديد ليضع السماع «المحرم» في إطار محدودء وهو ما كان معه شراب مسكر أو أدى إلى محرم بوجه من الوجوه, ولذلك فهو يرى أن «الآلات المطربة بجميع أنواعها ليست حرمتها من حيث ذاتها وصورها المخصوصة:, ولا من حيث ما يصدر عنها من الأصوات المطربة... بل حرمتها لاقتران اللهو بها ولكونها ملاهي.!/ والوزاني هنا يتبنى رأي عبد الغني النابلسي الدمشقي في رسالته «إيضاح الدلالات في جواز سماع الآلات» حيث يقول: «لا معنى لحرمة صوتها (أي الآلات) الخارج عنها لذاته شرعا ولا عقلا ولا عادة: وإنما الحرمة... إذا كان لهوا عن ذكر الله وعن فروضه وواجباته إذ الشرع لا يحرم إلا ما أوجب ضررا».!* وبناء على ذلك. فلا محل لتحريم الآلات المطربة تحريما عينياء ما دامت الألحان المنبعثة منها لا تحرك في نفوس السامعين رغبة في ارتكاب المعصية.

وعلى النقيض من ابن الدراج والوزاني حمل فقهاء آخرون لواء المعارضة الشديدة بدافع من محاربة المنكر والنهي عنه. وعلى سبيل المثال لا الحصرء نذكر محمد الفتحي المراكشي الموقت الذي ذهب في شرحه لقول ابن عاشر في منظومته: يكف سمعه عن المآثم؛ إلى إعلان أن «الملاهي الملهية كالعود وجميع ذوات الأوتار حرام في الأعراس وغيرها»." كما نذكر أحمد الوتشريسي المتوطى سنة 914 ه صاحب المعيار المعرب إذ يقول؛ دومتهاناي المنكرات-متخذ الملاهي وأنواع الغناء المحرمات والآلات والمزامير صناعة وحرفة؛ ويتكسبون بها ويستأجرون عليها عند السرور والحزنء مثل الزفانين والمغنين وسائر ما لا يحل. فهم أعوان للشياطين في تحريك النفوس لكل شر" كما نذكر أبا عبد الله محمد بن محمد العبدرى الفاسي المشهور بابن الحاج المتوفى بالقاهرة عام #ذوف: فد آلف ككايا ظار ذكره ف الأمصار هو كتاب «المدخل» وعقد فيه فصلا خاصا بالسماع. وهو كما وصفه ابن فربحون «كتاب حفيل جمع فيه علما غزيراء والاهتمام بالوقوف عليه متعين؛ ويجب على من ليس له في العلم قدم راسخ أن يهتم بالوقوف عليه». أما موضوع الفصل الخاص بالسماع فهو الإنكار على ما أحدثه الناس من الأهواء التي تميل إليها النفس من البدع والغناء بالآلات المحرمة

موقف فقهاء المغرب من السماع

كالعود والظتيون عتن.عمل المولن الشريف»:

وهناك كتب أخرى انحصر اهتمام مؤلفيها بمعارضة الغناء وآلات الطرب. وكرسوا صفحاتها للرد على من احترفوه واتخذوه صناعة وبابا من أبواب الكسب. ومن هذه الكتب «إنكار البدع وما عليه أصحابها من الاجتماع على الرقض والطبول والتفخ في المزامير»: لأبي العبامن احمد بن محمد المرئيسي المتوفى سنة 277اه/ 860ام. وهو يقع في عدة كراريس. ويوجد بالخزانة العامة.(11)

ومها يدخل في إطار المعارضة تحت شعار الآمر با معروف والنهي عن المنكر ما جاء هي الرسالة الشهيرة التي وبجهها السلطان المولى سليمان قم شتوان ولات اللرسيقي ]11 إلى أزياتالماواقف حفن وينداكييا الخطاب بلهجة لا تخلو من عبارات الزجر والتأنيب إلى «أولياء الشيطان» من أهل البدع والأهواء الذين تسموا بالفقراء وأحدثوا في الدين ما يستوجب نار جهنم وفيها يقول+ (طهروا من دنس البدع إيمائكم:... .واعلموا أن الله... صرح بذم اللهو... كل ذلك بدعة شنيعة؛ وفعله فظيعة. ووصمة وضيعة: وسنة مخالفة لأحكام الشريعة... زينه الشيطان لأوليائه فوقتوا له أوقاتاء... وتصدى له أهل البدع من عيساوة وجيلالة؛. وغيرهم من ذوي البدع والضلالة... ؛ فلا تميلوا بالناس يمينا وشمالاء فليس في دين الله ولا فيما شرع نبي الله أن يتقرب إلى الله بغناء ولا شطح, .(13)

وقد ختم | المولى سليمان رسالته بتوصية العلماء أن يتجنبوا حضور مجالس الغناء ولو في مناسبات الأفراح وأن يمنعوا عامة الناس منها كذلك.

وقد بهذا مذو هؤلاء الققهاء التشددين غالم جليل من خيرة علماء العصر العلوي هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن المدني بن علي بن عبد الله كنون. ويهمنا أن نتعرف على رأي هذا العالم في الموسيقى والغناء من خلال كتابه المحفوظ بخزانة الجامع الكبير بمدينة مكناس تحت رقم 774 والمعنون كما يلي: (كتاب الزجر والأقماع بزواجر الشرع المطاع؛ لمن كان يؤمن بالله ورسوله ويوم الاجتماع؛ عن آلات اللهو والسماع».

شخصية المؤلف7) هو محمد بن المدني كنون. ولد بفاسء ونشاً بهاء وتلقى تعليمه على يد جلة من علماتها حتى أصبح مرجعا يشار إليه بالبنان؛ ويستشار في تحقيق مقاصد العلوم الشرعية. وكان فقيها محدثا نحويا

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

لغويا معقوليا مشاركا محققاء له مواقف صارمة في مواجهة المنكر والأمر بالمعروف. غير هياب ولا وجلء لا يخشى في الله لومة لاثم. سجن مرة لتمسكه بقول فسقء؛ فاعتصب الطلبة حتى أطلق سراحه. وكان لحديثه سحر على النفوسء ولا هابه جلال ووقار لا ينقص منه نحول جسمه. وقد عرف بشدته على أصحاب الطرق الصوفية؛ فأنكر عليهم ما ابتدعوه من عوائدء واقترفوه من دعاوى: واتسمت مواقفه معهم بالغلظة والشدة. غير أنه كان يجنح إلى التطرف في بعض المسائل.

ولم تكن صرامته في أهله وذويه أقل منها في غيرهم: فلقد كان مهيبا في بيته. يقاطع حفلات أسرته إن هو رأى فيها ما يتنافى وطباعه. وكان أعظم ما ينضبه أن يحضرها منشد أو مطرب. وتوفي رحمه الله عام 2اه.

تبويب الكتاب-يتضمن الكتاب 37 ملزمة: وبهامشه كتاب له هو«الدرر المستئيرة بشرح حديث لا عدوى ولا طيرة». ومجموع صفحاته 294.

وقد رتب المؤلف الكتاب على مقدمة وثلاثة فصول:

المقدمة: ذكر فيها سبب إقدامه على وضع الكتاب فقال: «لما رأيت كثيرا ممن يحتسب للعلم والفضل يحضر آلات اللهو التي هي من شأن ذوي الفسق والجهلء؛ أما جهلا وهمعاء وأما لبسا للحق بالباطل خفة وسفهاء أردت أن أجمع من ذلك ما وقفت عليه من الأحاديث وكلام الأئمة».

الفصل الأول: في بيان حقيقة السماع وحكمه.

الفصل الثاني: في ذكر الآيات والأحاديث والآثار.

الفصل الثالث: في ذكر كلام الآئمة من الصوفية والمحدثين.

أهم أفكار الكتاب: بعد أن عرف المؤلف حقيقة السماع-أو نكتته كما سماها-مستمدا تعريفه من أقوال بعض الأئمة بما يتلاءم ورأيه المعارض؛ بين أنواعه ودرجاته؛ ثم خلص إلى حكمة معتمدا قول صاحب الفتوحات المكية «الذي عليه الإجماع ما كان على الإيقاع الإلهي قلا تنحصر في النغمات المعهودة في العرف, فإن ذلك الجهل الصرف» وبعد استعراض آراء العلماء التي تترنح بين إباحة وتحريم أورد حكم الشيح فضل الدين؛ وفحواه أن السماع ثلاثة أقسام:

قسم محرم؛ وهو الاستماع من أرباب الاهوية المحرمة من عشاق النسوان

موقف فقهاء المغرب من السماع

والقيان واستماعهم بالآلات المحرمات: ويستوي في ذلك السامع والمستمع. وقسم ثان واجبء وهو استماع من إذا سمعوا ذكر الله أو شيئًا من جماله طارت قلوبهم إليه. وقسم ثالث مباح. وهو ما لم ترد فيه آية تحرمه ولا حديث صحيح. وعلى كل فالسماع الحق عند المؤلف حقيقة ربانية ولطيفة روحانية تسري عن السميع المستمع إلى الأسرار. وهو خطاب روحاني يجده المستمع في النغمة الطيبة والقول الحسن وصوت الطير وصرير الباب وصفيق الريح.(5")

ويبدو أن موقف العلامة كنون من الموسيقى بوجه عام نابع من تصرف بعض الطوائف المتصوقفة الذين اتخذوا الغناء والرقص ذريعة لحصول الوجد والتجرد. ومن ثم فهو حين يتعرض لهما بالنهي فإنما من حيث كونهما اتخذا أداة للعبادة في غير المحل المناسب. معتمدا قول السهر وردي «التصوف كله جدء فلا تخلطوه بشيء من الهزل»» ومقارنا بين موقف الذكر والتخشع لدى الرسل والأنبياء والفضلاء والأولياء وبين شطحات المتصوفين ورقصاتهم إذ يعيد كلام القرطبي في تفسيره: «أين هذا من ضرب الأرض بالإقدام والرقص بالأكمام وخاصة في هذه الأزمان عند سماع الأصوات الحسان من المرد والتسوان. هيهات: بيتهما واللة ما مين السماء والأرئتى 19)

أما الغناء كظاهرة موسيقية مجردة عن المصاحبة الآلية: فيبدو الفقيه كنون إزاءه متحفظا لا يذهب إلى تحريمه والنهى عنه؛ ولكنه فى ذات الوقت لا يشجع عليه؛. شريطة أن ينبني فق بالأشعار خوات كنات الشرهية من غير آلة مطربة لا كف ولا غيره ولا تأنق نغمات كالأناشيد والخبب والحداء وتخوذلك مما تقرب نفماته وتسهل الحائه من غير أن يكون عادة ودين نا 17

وأما العزف على الآلات فموقفه منه بالتحريم. فإن قيل له في الدف الذي ورد في الحديث؛ اعترض بكلام ابن أبي حمزة: وهو «إن ذلك (التحليل) كان أول الإسلام؛ وشأنه كشأن الخمر والربا والفخار التي لم تحرم إلا فيما بعد». ويقول مالك في المدونة «أكره الدفاف والمعازف في العرس» ويقول صاحب روح البيان»وأما الدف والشبابة-وإن كان في مذهب الشافعي فيهما فسحة-فالأولى تركهما والأخذ بالحوط والخروج من الخلاف». وأخيرا بقول صاحب عوارف المعارف «لا خلاف في حرمة سماع الأوتار والمزامير وسائر الآلات». ويفهم من كلام المؤلف أنه يسوي هنا بين العزف المجرد

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

والعزف المضحوب بالدناء 19)

وننتقل من هنا إلى رأيه في الأمداح النبوية وحلقات المنشدين-وهي ظاهرة كانت واسعة الانتشار على عهده-فنجده في هذا الصدد يورد نصين نلمس من مضمونهما أنه لا يعارض هذا النوع من الموسيقى المغربية:

أولهما-مضمنه أن الشيخ أبا المحاسن الفاسي كان يحيي في بيته ليلة المولد النبوي. فيحضر عنده المنشدون ينشدون أشعار الشيخ الششتري ويحكمون صنعة تلحينها دون آلة؛ ويحكمون طرق تلحين الميلاديات المعربة الموزونة والملحونة على عادة أهل فاس.

وثانيهما-إن أبا المحاسن هذا كان يرى أن المولد أعظم أفراح المسلمين وأعيادهم التي للسماع فيها أصل من الشرع اصيل.7')

على أن السماع إذا لم يكن حراما لذاته؛ فكثيرا ما يعرض ما يقتضي تحريمه.!*" من ذلك ما أنكره ابن الحاج في «المدخل» مما أحدثه بعض الناس من الغناء بالآلات كالعود والطنبور عند عمل المولد الشريف20, ومنه أيضا ما يفعله أصحاب الملاهي في العود ونحوه من ابتدائهم في الموازين بثناء على الله تعالى وأمداح نبوية وختمهم بأدعية وصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم.!22 وقد تحدث المؤلف في الفصل الثالث عن تأجير المطربين والمغنين فأورد حكم القاضي أحمد الونشريسي صاحب المعيار الذي أفتى بوجوب البحث والكشف عمن يشهد ذلك ويرتسم به والقبض على من وجد منهم.

كما لفت النظر إلى ظاهرة تأثر الناس في زمانه بالموسيقى الأجنبية, نتيجة مخالطة النصارىء وهو تأثر زاد في حدته-حسب رأي المؤلف-ما كان عليه العامة آنذاك من قلة العلم والتعليم ومن ثم تسرب التغني بالألحان «مع أن السماع المعروف عند العرب هو رفع الصوت بالشعر ليس إلا (23)

هذه أهم الآراء التي أمكننا استخلاصها من كتاب «الزجر والأقماع عن الات اللهو والسماع» للعلامة محمد كنون, وهي آراء كانت لها في الأوساط العلمية انعكاسات إيجابية وأخرى سلبية؛ لا مراء في أنها حركت الأقلام ألهبت جذوة البحث؛ فانطلقت أصوات تعارض وأخرى تؤيد . ولعل من أشد الكتب المعارضة الكتاب المرسوم ب«الدر المكنون في الرد على العلامة كنون» الذي ألفه أبو حامد العربي بن عبد القادر المشرفي الحسني المتوفى سنة

204

موقف فقهاء المغرب من السماع

3اه/895ام: وفيه انتصر لأصحاب الطرق ورد على المخالف ردا لا يخلو من الشدة التي تخرج بالكتاب أحيانا عن الحد الشرعي.24)

وقناكان ممق حارطن العلامة كتون آيضا جشفرين إدويس العفاني المتوفى سنة 1324ه/905ام في كتابه «مواهب الإرب المبرئة من الجرب ضُ السماع وآلات الطرب»!20 الذي تناوله بالتلخيص معاصره أحمد بن محمد بن الخياط المتوفى سنة 343اه/ 924ام. وهو كتاب سلك فيه مؤلفه مسلك الإقناع العلمي بعيدا عن منهج التجريح الذي ركبه من قبله أبو حامد المشرفي الذي كان ينطلقفيما يبدو-من نزوعه إلى معارضة علماء فاس والتنقيص منهم.

بقي أن نشير إلى أن هذه الآراء وغيرها مما يتضمنه كتاب «الزجر والأقماع» ليست في الأصل لصاحب الكتابء بل هي لغيره من أعلام فقهاء الإسلام وأئمته. كاد ينقلها بنصوصها الكاملة عن كتاب «المدخل» للعلامة ابن الحاج المتوفى بالقاهرة عام 336ام: باستثناء عبارات قصيرة النفس كان يضيفها للإيضاح أحيانا. ولقد غالى في النقل غلوا كثيرا حف انطبع كتابه بسمات شرقية تعكسها بجلاء أسماء المراجع والإعلام» وتوارد أسماء آلات موسيقية كالطقطقة والشقشقة والطنجهارات. ومصطلحات موسيقية شرقية كالخبب والحداء والنشيد؛ وهى أسماء ومصطلحات نقلها عن «المدخل» الذي نعلم أ “سا هيه ألقه بالعاهرة في القرن السابع للهجرة (24)

ومع ذلك فإن هذه الآراء بلا شك تعكسء بجلاء أكثرء موقف كنون من أرباب السماع والطرب وهو موقف فقيه. وقف من ممارسي السماع موقف ابن الحاج المعارض المتشددء في حين وقف غيره من هؤلاء موقف المتساهلين أمثال اكياق1” والمدق الوؤات. !0

ليهو امش

)١(‏ كانت كلمة السماع تطلق على سائر وجوه النشاط الموسيقيء بما فيه العزف والغناء والتأليف. (2) رسائل أبي علي الحسن بن مسعود اليوسي. جمع وتحقيق فاطمة خليل القبلي.

(3) الجزء الثانى ص: 430

() الجزء الثانى ص: 434- 435

(5) الجزء الثاني ص:435

(6) الرسالة المسماة بالنصيحة الكلامية لأولي الألباب بإباحة السماع الخالي عن الارتياب. من حاشيته على شرح عبارة للمرشد المعين. ص: |35- 352 ط. حجرية

(7) نفس المرجع

(8) نقلا عن نفس المرجع

(9) شرح الحبل المتين. ص: 70 ط 1958.

(10) المعيار المعرب. ج: 2- ص: 498. نشر وزارة الأوقاف. المغرب 1401- ا198

)1١(‏ مجموع مخطوط رقم 963 في 32 ص

(12) الإتحاف لابن زيدان ج:5 ص:465- 470

(13) دليل مؤرخ المغرب الأقصى-ابن سودة. رقم 2066

(14) ملخصة عن كتاب النبوغ المغريبي للأستاذ عبد الله كنون. الجزء الأول ص: 297- 299

(15) الملزمة الأولى

(16) الملزمة الثالثة

(17) الملزمة السادسة

(18) الملزمة الثامنة

(19) الملزمة الثانية عشرة

(20) الملزمة الخامسة عشرة

(21) نهاية الفصل الثاني

(22) الفصل الثالث الملزمة السادسة

(23) الملزمة الرابعة من الفصل الأول

(24) دليل مؤرخي المغرب الأقصى رقم 21١١‏

(25) معجم سركيس ص: 40

(26)أنظر الفصول: في السماع وكيفيته. ص :95- الكلام على الدف والرقص. ص !12 الكلام على الغناء. ص: 123. الجزء الثالث. الطبعة الأولى 1960 .

(27) محمد بن يوسف أبو عبد الله المواق توفي عام 897. فقيه مالكي. عالم غرناطة وأمامها. عرف بتساهله في أمر السماع.

(28) أنظر رسالته الثانية على هامش حاشيته على شرح عبارة للمرشد المعين ص: ه 35.

200

مصادر الكتاب

الكتب العر بسية:

- ابن الحاج (إبراهيم بن عبد الله النميري): فيض العباب وإفاضة مداح الآداب من الحركة السعيدة إلى قسنطينة والزاب. مخ الخزانة الملكية رقم 3267.

- ابن إبراهيم؛ العباس السملالي المراكشي: الأعلام بمن حل بمراكش واغمات من الأعلام

- المطبعة الملكية. الرباط 1974 . ج 7,5,4,3,2.

- ابن أبي زرع: الذخيرة السنية.

- د. أبو الوفا الغنيمي التفتزني: ابن سبعين وفلسفته الصوفية.

- أحمد تيمور بك: الموسيقى والغناء عند العرب. دار الاتحاد للطباعة والنشر. القاهرة. الطبعة الأولى 1963.

- إدريس الإدريسي: المنتخبات الموسيقية طبعة 1353/ 1935.

- الأرموي صفي الدين بن عبد المومن: كتاب الأدوار. شرح وتحقيق الحاج هاشم الرجب. العراق 0.

- شكيب (أرسلان): حاضر العالم الإسلامي. الجزء الأول.

- أنور الرفاعي: الإنسان العزيى والحضارة. ذا الفكر:

#ابق يطوظة محمد اترجلة

- طبعة باريز. الجزء الثاني والرابع.

- بوجندار محمد: الاغتباط بتراجم أعلام الرباط. الجزء الأول. مخطوط المكتبة العامة رقم 7 .

- التادلي إبراهيم: التذكار لما في التذكرة من الطب مع الاختصار.. , . . أغاني السقا ومغاني الموسيقى أو الإرتقا إلى علم الموسيقى الخزانة العامة رقم 109 د.

- التجيبي أبو القاسم: البرنامج. مخ الأسكوريال رقم 142.

- الجراري عباس: الزجل في المغرب. القصيدة

- مطبعة الأمنية. الرباط مارس 1970.

..-موشحات مغربية مطبعة دار النشر المغربية. أبريل 1973.

- ابن جلون. الحاج إدريس: كتاب الدروس الأولية في فن الموسيقى الأندلسية. طبعة 1960 .

- ابن الحاج: المدخل. الجزء الثالث. الطبعة الأولى مصر1960.

- الحايك. محمد بن الحسين: طبعة مصورة. سنة 1972 عن نسخة بخط الفنان المرحوم أحمد زويتن. مكتبة الرشاد.

- الحجري. محمد المهدي: حياة الوزان الفاسي وآثاره. المطبعة الاقتصادية بالرباط 1354/ 1935. - حجي محمد: الحركة الفكرية بالمغرب في عهد السعديين ج الأول.

- ابن الحاج حمدون: الديوان.

207

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

- حسن حسني عبد الوهاب: ورقات الحضارة العربية بأغريقيا التونسية ج الثاني.

- ابن الخطيب لسان الدين: روضة الشريف بالحب الشريف. تحقيق د. محمد الكتانى دار الثقافة. البيضاء الجزء الأول.

- ابن خلدون. عبد الرحمن: المقدمة-مطبعة المكتبة التجارية-مصر.

٠ -‏ .: التعريف بابن خلدون. تصحيح محمد بن تاويت الطنجي.

- ابن خلكان: وفيات الأعيان-مطبعة بولاق. الجزء الثاني.

- داود . محمد : تاريخ تطوان. ج١,‏ 3, 4- 1379/ 1959. معهد مولاي الحسن.

- الدلائي الحاج محمد بن العربي: فتح الأنوار في بيان ما يعين على مدح النبي المختار مخطوط الخزانة العامة 3285د.

- ابن زاكور. محمد بن قاسم: الروض الأريض في بديع التوشيح ومنتقى القريضدديوان.

- ابن زيدان. عبد الرحمن: إتحاف أعلام الناس بأخبار حاضرة مكناس. ج١,‏ 2, 3, 4, 5.

- » »»: الدرر الفاخرة.

- عبد الحي الكتاني: السلوة ج 3.

- الكتبي ابن شكر: فوات الوفيات ج| .

- كنون. محمد بن المدني: كتاب الزجر والأقماع بزواجر الشرع المطاع... عن آلات اللهو والسماع. مخطوط بمكتبة الجامع الكبير بمكناس. رقم 774.

- كنون. عبد الله: النبوغ المغربي. الطبعة الثانية.

- . .: مشاهير رجال المغرب.

- مجهول: رسالة في الطباخ والطبوع والأصول. قاموس الموسيقى العربية د. حسين علي محفوظ ط. 1975. المكتبة الوطنية بمدريد . رقم 5307.

- مجهول: الروضة الغناء فى أصول الغناء. الخزانة العامة بالرباط عدد 192.

- مجهول: مجموعة أشعار موسيقية أنذلسية في المذيد النبوي الخزانة العامة |1031 د.

- محمد الفتحي المراكشي الموقت: شرح الحبل المتين.

- ابن منصور. عبد الوهاب: قبائل المغرب-المطبعة الملكية 1388/ 1968.

- المنوني. محمد : الآداب والعلوم والفنون على عهد الموحدين. معهد مولاي الحسن. تطوان 1950 . - ؛. ؛: مظاهر يقظة المغرب الحديث. الجزء الأول. مطبعة الأمنية الرباط. الطبعة الأولى 1973. - مصطفى محمود : مغامرات فى الصحراء. دار العودة بيروت.

: المقري: نفح الطيب. طبعة مصر 949اج1, 2, 4 المطبعة الأزهرية بمصر 1302.

- الناصري. أحمد : كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى. طبعة مصر. طبعة دار الكتاب 5,2

- الصادق الزرقي: الأغاني التونسية. الدار التونسية للنشر. 1967.

- ابن الصباغ الجدامي: ديوان. مخطوط الخزانة الملكية. رقم 109 .

- ابن عبد ريه. أحمد: العقد الفريد. الجزء الخامس طبعة القاهرة 1368/ 1949

- ابن عبد الله عبد العزيز: الموسوعة المغربية. ج١.‏

- ابن ععذارى المراكشي: البيان المغرب-طبعة تطوان. الجزء الثالث.

- العزفي أبو العباس أحمد: كتاب الدر المنظم في مولد النبي المعظم. جا, 3 ط معهد مولاي الحسن.

مصادر الكتاب

- العلمي. محمد بن الطيب: الأنيس المطرب فيمن لقيه مؤلفه من أدباء المغرب طبعة حجرية.

- عياض القاضى: بغية الرائد.

- 0 ءء: ترتيب المدارك. ج 4.

- ابن غازي المكناسي. محمد : الروض الهتون في أخبار مكناسة الزيتون. مطبعة الأمنية 1952 . - غريط. محمد : فواصل الجمان في أنباء وزراء وكتاب الزمان. المطبعة الجديدة بفاس الطبعة الأولى 1346.

- الفشتالي. عبد العزيز: مناهل الصفا في أخبار الملوك الشرفا. النص المختصر حققه الأستاذ عبد الله كنون. وأيضا من تحقيق الدكتور كريم.

- الفيرو زابادي: القاموس المحيط جا .-القلقشندي. أبو العباس: صبح الأعشى. المؤسسة المصرية العامة. الجزء الخامس.

- سركيس: معجم سركيس. ج3.

- سكيرج. أحمد: كشف الحجاب. طبعة مصر.

- سميح الزين: ابن رشد.

- ابن سهيل: المغرب في حلي المغرب

- تحقيق د . شوقي ضيف طبعة دار المعارف مصر 1953.

- ابن سودة. عبد السلام: دليل مؤرخ المغرب الأقصى

- دار الكتاب. جزآن 1965.

- الششتري أبو الحسن علي: ديوان الششتري. تحقيق د . علي سامي النشار.

- الهبطي محمد بن عبد الله: منظومة «الآلفية السنية في تنبيه العامة والخاصة...»مخ في ملك الأستاذ محمد المنوني.

- المهدي الوزاني: حاشية على عبارة للمرشد المعين. ط حجرية.

١‏ اليشردون متحمت الصغير: نزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي.

.1324 ؛»: المسك السهل في شرح توشيح ابن سهل. طبعة‎ ٠:

اليفرني. محمد الصغير: مختصر الإحاطة في أخبار غرناطة.

- اليوسي أبو علي الحسن بن مسعود : رسائل اليوسي. جمع وتحقيق فاطمة خليل القبلي. ج 2

المصادر الأجنبية :

-١‏ المعرية

- هانز. هولفريتز: اليمن من الباب الخلفي. تعريب خيري حماد.

- ر.ج. ولز: معالم تاريخ الإنسانية تعريب عبد العزيز جاويد . القاهرة المجلد الثالث الطبعة الأولى 50

- ه. ج. فارمر: تاريخ الموسيقى العربية تعريب حسين نصار مكتب مصر.

المجلات:

- البحث العلمى: العدد ١4‏ وا السنة 1969.

- تطوان: العدد 3 و4. السنة 1958/ 1959.

- .: العدد 7 السنة 1962.

200

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

:.: العدد 9 السنة 1964.

: العدد 5- و6 السنة 1975.

- الثقافة المغربية: العدد 4 السنة |1971.

دعوة الحق: العدد 7. السنة .١2‏ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب. - المجال: الصحافة والنشر بوكالة الإعلام الأمريكية. العدد |6 السنة1975 - مجلة الأعلام: العراق. العدد 2. ربيع الثاني 384اه

- المجلة الآسيوية: المجلد العاشر

- مجلة الكتاب المصرية: أكتوبر 1949.

- مجلة المغرب: عدد جماد الآولى |ا35اه سبتمير 1932.

- مجلة المستمع العربي: عدد نوفمبر 1966. الإذاعة العربية بلندن

- مجلة الهلال:العدد 28. السنة 1919.

- المناهل: وزارة الشؤون الثقافية بالمغرب.العدد 5 السنة3, 1960/ 1976. المعرفة وزارة الثقافة والإرشاد القومي. سوريا العدد ١2‏ شباط 1963

- المستمع العربي: الإذاعة البريطانية. العدد 17. السنة ١0‏ , 1950.

- عالم الفكر: الكويت المجلد 6. العدد .١‏ السنة 1975.

- الفنون: وزارة الشؤون الثقافية بالمغرب. العدد 7 و8 السنة الأولى 1974. : وزارة الشؤون الثقافية العدد 5- و6 السنة الثانية 1975 .

ب -المصادر غير العر ببيعة : ''خظ خخ وعل1سه ه17 5ع[ أء دعل تستيع11 د5ع.آ قناه50 عصتدء1120 عااعباعع1اعاه1 عزلا هآ :صنامياعطعمع8 .ىح .8 :1/1 1974 .60 18/120104 وأمصعلدعناعءو8 فنصدم815 عتطوضخ وععأه تاطزظ تزمه0 11 - 1[ .نلاكخ] عستدعمة]/8 عناوادد81 12 عل كنام001 :ستتامط0 .خخ - 6 1313امات1' .مقطها15 8]20112 عصاعه لوط وعنتتواعء12 .خى - 2 ع1 تتع1 .قع151221ائط كط زو0م تمك عل 5تجا00 :تولم] "0 .17 - 7 03706 عوط تمقا5] “1 عل كتتاعوطاه وعاععز5 وعن] تعتاتنة0 8.15 - 1.1 .81010 نل عناوتظة *1 عل عقاماكنآ1 :معتلنة .ى.0 - لإتطتسقطن) .8 ممناع نمضن عع1 .عدان تاطتامء؟ 15 :ممنواط - 2 عل لمممتكداظ وععاه 1اتطئط 12 مع وعاسعاكلع وعطاوعخ 5مأتمءوعصد]/8 105 عل معملهنهة0) :180165 0 .1 - صنام لمك عملدصعرء لخ عل دمناع 20 .ع2 عناوتختاحط 15 عل عتتزمأعتط-عناوتاكتاحط 15 عل عتلعمماء تإعصظ تأعصهنا0] .[- 7 عتاتتهم عترع1 75 1.1 عمنه]ة عل عتاماولط تعوممتع1 .11 -

ألات موسيقية مغربية

مدخل إلى تاريخ الموسيقا المغربيه

سويسني

' د ع قي : 6 لكلو ١‏ تحني طبيلات ا

214

أجوال

تار يجاس

المؤلف في سطور:

عبد العزيز العريي بن عبد الجليل

من أهل فاس, من أعماله:

عمل أستاذ اللغة العربية بالتعليم الثانوي ومندوب وزارة الشؤون الثقافية بمكناس ومدير المعهد الموسيقي بمكناس.

ومن مؤّلفاته:

كتاب التربية الموسيقية لمعلمي المدارس الابتدائية. كما نشر عددا من المغالات في عدد هن المجلات العربية: وشارك في المؤثمر العربى الكامسن للموسيقى العربية الذي انعقد في المغرب 977

ب

ال سلام والشعر تأليف:

ذ: سامى مك العاتئ

217